الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » دمشق عروس الشرق

عدد الابيات : 194

طباعة

أَتَيْنَا بِالْمَلَاحِمِ سَاطِعِينَا

وَأَهْدَيْنَا الْمَدَى صَرْحًا مَكِينَا

هُنَا شَامُ الْبَهَاءِ لَنَا حَكَايَا

تُسَافِرُ فِي الْمَدَى فَخْرًا أَمِينَا

دِمَشْقُ الْمَجْدِ كَمْ خَطَّتْ حُرُوفًا

تُبَارِكُ فِي الْكَتَائِبِ صَارِمِينَا

هِيَ الشَّامُ الَّتِي سَادَتْ رُؤَاهَا

وَجَاءَتْ بِالْهُدَى تُهْدِي الْقَرِينَا

إِلَيْهَا الْأَرْضُ تَنْظُرُ فِي خُشُوعٍ

كَأَنَّ الْمَجْدَ مِنْ كَفِّ الْيَمِينَا

هِيَ الْأُمُّ الَّتِي حَمَلَتْ تُرَاثًا

وَصَاغَتْ لِلْمَلَاحِمِ مُرْتَقِينَا

تَمُدُّ إِلَى الْحَضَارَاتِ انْطِلَاقًا

وَتُبْقِي الْمَجْدَ فِي سَفَرٍ مَكِينَا

بَنَتْ صَرْحَ الْمَعَارِفِ فِي شُمُوخٍ

فَكَانَتْ لِلْعُلُومِ جُذُورَ دِينَا

عَلَى أَطْلَالِهَا سَارَتْ قَوَافِلُ

تُدَوِّنُ مَجْدَهَا حَرْفًا مُبِينَا

بِدِمَشْقٍ حُبِكَتْ آيُ الْقَصَائِدِ

وَكَانَتْ لِلْعُرُوبَةِ مَوْطِنِينَا

رُبَى بَرَدَى الَّتِي نَطَقَتْ بَيَانًا

وَكَانَتْ فِي الْمَدَى صَوْتَ الدَّفِينَا

هُنَا الْمَهْدُ الَّذِي أَهْدَى الْبَرَايَا

عُلُومًا أَرَّخَتْ حِقَبًا ثَمِينَا

لَهَا الْفَارُوقُ أَهْدَى نَصْرَ دِينٍ

وَخَطَّ بِهَا الْمُرَابِطُ قَلْبَ حَصِيَّنَا

وَفِيهَا الْعَابِدُونَ أَضَاءَ دَرْبًا

وَأَرْسَوْا فِي الْيَقِينِ لَنَا سَفِينَا

هِيَ الشَّامُ الَّتِي عَبَرَتْ دُهُورًا

تُعَلِّمُ فِي الْمَدَى مَعْنَى الْيَقِينَا

مَآذِنُهَا تُنَاجِي كُلَّ طَيْفٍ

وَتُبْصِرُ فِي جَلَالَتِهَا السَّمِينَا

هِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي سَارَتْ ضِيَاءً

وَأَشْرَقَتِ الْمَدَى نُورًا مَكِينَا

وَفِي سَاحَاتِهَا سَادَتْ عُصُورٌ

تُزَيِّنُ مَاضِيَ الدُّنْيَا الثَّمِينَا

عَلَى أَعْتَابِهَا صَلَّى الْمَدَى يَوْمًا

وَدَانَتْ لِلْحَضَارَةِ مُسْتَكِينَا

تَدَاعَتْ لِلثَّقَافَاتِ اعْتِرَافًا

بِأَنَّكِ لِلْمَفَاخِرِ أَوْلِينَا

إِذَا ذُكِرَ الْفُرَاتُ أَتَى نِدَاهُ

يُشِيدُ بِأَنَّ شَامِنَّا أوَلينَا

كَتَبْنَا فَوْقَ أَسْمَائِكِ وُجُودًا

لِتَبْقَى فِي الْحَضَارَاتِ الْجَبِينَا

وَفِيهَا النُّورُ أَنْشَأَ أَلْفَ بَيْتٍ

وَأَهْدَى لِلْحَضَارَةِ مَا رَمَيْنَا

بَنَتْ لِلشِّعْرِ قَصْرًا مِنْ ضِيَاءٍ

وَأَلْبَسَتْهُ تِيجَانًا ثَمِينَا

وَفِي سَاحَاتِهَا حُكْمُ الْعَدَالَةِ

وَفَوْقَ تُرَابِهَا الْحَقُّ اسْتَكِينَا

هُنَا شَامُ الْيَقِينِ لِكُلِّ حُلْمٍ

تُؤَلِّفُ مِنْ شَذَى الْحَرْفِ قَوَافِينَا

إِذَا ضَاقَتْ بِنَا الدُّنْيَا أَضَاءَتْ

جَمَالَ اللَّهِ فِي أُفُقٍ تَبِينَا

هِيَ الْحَاضِنَةُ الَّتِي رَفَعَتْ لِوَاءً

عَظِيمًا فِي الزَّمَانِ وَ الْمَيَادِينَا

هُنَا الْأَوَّلُونَ خَطُّوا خَطَّ فَخْرٍ

وَأَهْدَوْا لِلزَّمَانِ بِهَا الْأَمِينَا

تَمُدُّ الْحُضْنَ لِلْأَيْتَامِ حُبًّا

وَتُبْقِي فِي الدُّرُوبِ لَهُمْ سُكِينَا

تَعَلَّمْنَا مِنَ الشَّامِ الْوَفَاءَ

وَأَهْدَتْنَا الصُّدُورَ مُحَبِّبِينَا

رَسَائِلُهَا إِلَى الْدُّنْيَا سَلَامٌ

وَآيَاتُ الْإِخَاءِ بِهَا رَسِينَا

دِمَشْقُ، وَمِنْكِ تُبْدَّا الْحَضَارَاتُ

وَيُشْرِقُ فَجْرُهَا مِنْ قَاسِيُونا

الشَّامُ بَوَّابَةُ الْقِيَمِ الْعُلا فِيْنَا  

وَمِنْكِ شَعَّ النُّورُ رِفْدًا لِلْمُقْتَرِينَا

إِلَيْكِ الْأَحْرُفُ انْحَنَتِ اعْتِرَافًا

بِأَنَّكِ لِلْعُلَا رَمْزُ الَحقَ الْمُبِينَا

أَيَا شَامَ الْقِيَمِ، سَلِي الْمَدَى عَنْ

يَدَيْكِ إِذَا بَنَتْ صُرُوحَ الْأَمِينَا

فَأَنْتِ فِي الْمَكَارِمِ أُمُّ قَوْمٍ

وَفِيكِ تَجَلَّتِ الْأَرْوَاحُ حِينَا

وَكُلُّ رُبَى الْخِلَافَةِ قَدْ تَرَامَتْ

إِلَيْكِ تُنَاشِدُ الْحُرَّ الْرَصِينَا 

تُقَدِّمِينَ الْقِيَمَ الْحُمْرَ دُسْتُورًا

تُعَلِّمُ كُلَّ ظَالِمٍ الْيَقِينَا

هِيَ الشَّامُ الَّتِي أَمْسَتْ مِثَالًا

تُجَدِّدُ مِنْ رُؤَاهَا الْعَالَمِينَا

تَمُدُّ يَدَ الْحَضَارَاتِ افْتِخَارًا

وَتَبْنِي فَوْقَ أَطْلَالِ السِّنِينَا

بَنَتْ فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ شُعَاعًا

يَرَاهُ الْمُبْدِعُونَ مُبْهِرِينَا

وَفِي حَاضِرِهَا جِيلٌ فَتِيٌّ

يَرَى بِالْعِلْمِ نَهْجًا مُنْصِفِينَا

يَغُوصُ بُحُورَ إِبْدَاعٍ عَمِيقٍ

لِيَحْيَا فِي الْمَعَالِي رَائِدِينَا

هُنَا الْإِنْسَانُ يَسْمُو فَوْقَ ظُلْمٍ

وَيُزْهِرُ بِالْكَرَامَةِ مُوقِنِينَا

تَظَلُّ حَضَارَةً أَبَدًا تُنَادِي

وَتَبْقَى لِلْكَرَامَةِ مُلْهَمِينَا

لَنَا الشَّامُ الَّتِي عَزَّتْ وَصَارَتْ

نِبْرَاسًا فِي الْفَضَاءَاتِ السَّمِينَا

هِيَ الْأُمُّ الَّتِي تَحْنُو بِأَخْلَاقٍ

وَتُنْصِفُ كُلَّ مَظْلُومٍ حَزِينَا

أَيَا شَامُ النُّهَى، لَكِ فِي رُؤَانَا

كِتَابٌ مِنْ قُلُوبِ الْعَاشِقِينَا

نَرَاكِ غَدًا نَمُوذَجَ كُلِّ عَصْرٍ

يَقُودُ الْعَالَمِينَ إِلَى الْمُبِينَا

تُحَرِّكُ نَبْضَ أُمَمٍ نَحْوَ مَجْدٍ

وَتَزْرَعُ فِي الدُّنَا فِكْرًا خَفِينَا

دِمَشْقُ، الْحَرْفُ يُزْهِرُ فِي رُبَاهَا

كَأَنَّ الْعِلْمَ مِنْهَا قَدْ بَدِينَا

إِذَا نَطَقَتْ سَمَاءُ الشَّامِ قَوْلًا

سَمِعْتَ الرَّعْدَ يُجْرِي الصَّامِتِينَا

تَجَمَّعَتِ الْحَضَارَاتُ افْتِخَارًا

بِأَنَّ الشَّامَ أُمٌّ، الثُرَيَا والرُوْضَيْنَا

فَمِنْهَا سَالَ دَمْعُ الْخُلْدِ شِعْرًا

وَصَارَ الْكَوْنُ فِي سِحْرٍ رَهِينَا

عَلَى جُدْرَانِهَا كُتِبَتْ حَكَايَا

تُعَلِّمُنَا التَّحَدِّي مُقْبِلِينَا

هِيَ الشَّامُ الَّتِي صَاغَتْ نِدَاءً

إِلَى الدُّنْيَا: سَنَبْقَى خَالِدِينَا

هُنَا الْعِلْمُ الَّذِي جَابَ الْبَوَادِي

وَجَاءَ لِيُطْعِمَ الْعَقْلَ الْيَقِينَا

هُنَا الْأَرْضُ الَّتِي وَلَدَتْ كُتُبًا

فَصَارَتْ لِلْوَرَى نَهْرًا مَعِينَا

تَرَى الْأَخْلَاقَ فِي أُفُقِ الْمَعَالِي

وَتَرْفَعُ رَايَةَ الْحَقِّ الْمُبِينَا

إِذَا مَا الْفَجْرُ أَقْبَلَ مُسْتَبِينَا

أَتَى وَالْعَدْلُ يَسْقِي الْعَابِرِينَا

بَنَتْ فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ مِثَالًا

وَأَصْبَحَتِ الشُّعُوبُ لَهَا سَجِينَا

حَمَيْنَا الشَّامَ مِنْ ظُلْمٍ قَدِيمٍ

وَسَطَّرْنَا الْجَلَالَ مُؤَرِّخِينَا

بِأَيِّ ذَرِيعَةٍ قُصِفَتْ رُبُوعٌ

وَصَارَ الْحَجْرُ يُبْكِي الطَّيِّبِينَا؟

بِأَيِّ ذَرِيعَةٍ دُكَّتْ مَآذِنْ

وَصَارَ اللَّهْوُ عُنْوَانَ الْخَائِنينَا؟

دِمَشْقُ، وَكُلُّ سُورِيٍّ جَرِيحٍ

هُوَى الْأَوْطَانِ نُبْقِيهِ رَهِينَا

إِذَا الْجَلَّادُ طَاشَ، فَلَا أَمَانٌ

وَلَا عَهْدٌ يُقَامُ لِظَالِمِينَا

أَلَا قُلْ لِلْمُدَجَّجِ بِالْخَرَابِ

سَنَغْدُو فَوْقَ أَنْقَاضِكَ بَانِينَا

أَتُرْهِبُنَا الْقَذَائِفُ؟ قَدْ نَسَجْنَا

رُبَى الْعَلْيَاءِ مِنْ خَلْقٍ دِرِينَا

فَهَذَا الْغَاصِبُ الْمَأْفُونُ عَارٌ

سَيُمْحَى، وَالْمَصِيرُ لَهُ سَجِينَا

أَلَا يَا أَيُّهَا الطُّغْيَانُ صَبْرًا

فَإِنَّا فِي الْوَغَى حُرًّا مَكِينَا

تَعَالَوْا يَا طُغَاةُ، فَهَذِي الشَّامُ

تُغَنِّي بَأْسَنَا، وَلَظَى وَحِينَا

أَتَحْسَبُ يَا غَبِيَّ الْحُكْمِ أَنَّا

سَنَتْرُكُ أَرْضَنَا طُعْمًا مُهِينَا؟

رَصَاصُكَ فَوْقَ أَطْفَالٍ شَظَايَا

تَفِرُّ غَدًا كَأَحْلَامِ الْمَاجِنِينَا

وَسَوْفَ تَرَى دُمُوعَكَ حِينَ تَنْهَارُ

وَتُسْقَى مِنْ دِمَاءِ الْخَاسِرِينَا

أَلَا يَا أَيُّهَا الْجَلَّادُ، مَهْلًا

غَدًا تُمْحَى وَتُلْعَنُ المُجْرِمِيْنَا

أَتَدْرِي أَنَّ صَرْخَاتِ الصِّغَارِ

تُشَيِّدُ فِي الأَمْجَادِ ثَابِتِينَا؟

وَأَنَّ الْأُمَّ، مِفْتَاحُ الْمَآسِي

تَذُودُ عَنِ الْحِمَى قَلْبًا رَزِينَا؟

رَصَاصُكَ يُصِيبُ الْيَوْمَ ظِلًّا

وَغَدًا نَغْدُو الْجِبَالَ وَلَا تَلِينَا

إِذَا أَرْدَاكَ بُغْضُكَ فِي جَحِيمٍ

سَنُصْلِيهِ عَلَى رَأْسِ الوَاشِينَا

كَأَنَّ الطَّيْرَ تُخْبِرُ كُلَّ فَجْرٍ

بِأَنَّ اللَّهَ خَصَّكَ بِالْخِزِينَا

سَنَصْمُدُ فَوْقَ أَشْلَاءِ الْجِرَاحِ

كَمَا الْجُلْمُودُ يَرْفُضُ أَنْ يَلِينَا

إِذَا عَزَمَ الْأُبَاةُ فَلَا انْكِسَارٌ

وَلَا اسْتَسْلَمْنَا فِي يَوْمٍ حَزِينَا

وَكَمْ مِنْ طَاغِيَةٍ زَالَتْ يَدَاهُ

وَصَارَ الْعَرْشُ مِزَقًا لِلحَنِينَا

هُنَا التَّارِيخُ يَسْمَعُ صَوْتَ شَعْبٍ

كَأَنَّ صَدَى الْجِبَالِ بِهِ رَوَاسِينَا

إِذَا اشْتَدَّتْ عَلَيْنَا نَازِلَاتٌ

قَلَبْنَاهَا هُدًى لِلنَّائِمِينَا

غَدَوْنَا وَالْمَلَاحِمُ فِي يَدَيْنَا

كَأَنَّا الْقَدَرُ، يَقْصِمُ الْجَفِينَا

وَكُلُّ دِمَائِنَا أَضْحَتْ لِوَاءً

يُرَاوِدُ حُلْمَ أَجْيَالٍ أَمِينَا

سَنَرْوِي لِلْمَلَاحِمِ كَيْفَ كُنَّا

نَفِي بِالْعَهْدِ فِي وَقْتِ الْعَرِينَا

تَعَلَّمْنَا الثَّبَاتَ عَلَى الرَّزَايَا

وَصُغْنَا مِنْ دِمَاءِ الْحُرِّ دِينَا

هِتَافُ الْحُرِّ فِي الْآفَاقِ نَارٌ

تُذِيبُ جِبَالَ طَاغِيَةٍ رَهِينَا

بَنَيْنَا فِي الْقُلُوبِ قُصُورَ عَزٍّ

وَسَيْفُ الْحَقِّ يَثْنِي الْمُعْتَدِينَا

نُعَانِقُ فِي اللَّيَالِي حُلْمَ شَعْبٍ

إِذَا مَلَّتْ قُيُودًا، لَنْ تَدِينَا

دِمَاؤُكِ يَا شَآمُ لَنَا سَبِيلٌ

سَنَصْنَعُ مِنْ عَذَابِكِ فَاتِحِينَا

دِمَاؤُكِ يَا شَآمُ لَنَا شُمُوعٌ

تُضِيءُ عَلَى الْمَدَى دَرْبَ العَاشِقِينَا

هُنَا دِجْلَةُ الْفِدَاءِ، وَهَذِي الشَّامُ

لِلنَّصْرِ تُغَنِّي المَيَّادِيْنَا

لَنَا التَّارِيخُ، يَشْهَدُ فِي ثَبَاتٍ

بِأَنَّا الْغَالِبُونَ، وَإِنْ بُلِينَا

صَبَرْنَا كَيْ تُرَاقَ رُؤُوسُ بَاغٍ

صُنْعِنَا فِي الْعُلَا عَزْمًا مَكِينَا

تُرَاكَ نَسِيتَ أَنَّا حِينَ نَفْنَى

نَعُودُ عَلَى حُطَامِكَ فَاتِحِينَا

فَهَذَا النَّصْرُ دَيْدَنُنَا أَبَدًّا

وَهَذِي الشَّامُ، تَعْرِفُ أهَالِيْنَا

هُنَا أَرْضُ الْكَرَامَةِ، حَيْثُ لَمَّا

سَقَيْنَاهَا دِمَاءَ الْخَالِدِيَنَا

وَهَذَا الْمَجْدُ يُنْسَجُ مِنْ رُؤَانَا

كَمَا طَوَّقْنَا بِالْحَقِّ الْجَبِينَا

عَلَى أَسْوَارِهَا سُطِرْنَ ذِكْرَى

كِرَامٍ شَيَّدُوا مَجْدًا أَمِينَا

غَدًا تَجْثُو الْعُرُوشُ عَلَى رَمَادٍ

وَيُكْسَرُ حِقْدُهُمْ جُبْنًا رَهِينَا

أَلَا فَانْظُرْ! دِمَشْقُ غَدًا سَتَأْتِي

كَطَلْعَةِ عَابِدٍ نَوْرًا هَادِيْنَا

سَيَغْسِلُ قَاسِيُونُ دُمُوعَ أَهْلِي

وَيَزْرَعُ فَوْقَ جُرْحِهِمُ الْيَاسَمِينَا

وَنَفْدِي شَامَنَا مِثْلَ الْوَصَايَا

وَمَا خُنَّا الرَّجَاءَ وَلَا انْحَنَيْنَا

غَدًا تُبْنَى الْمَآذِنُ مِنْ جَدِيدٍ

وَتَرْجِعُ فِي السَّمَاءِ لَهَا الْحَنِينَا

سَيَنْثُرُ طِفْلُنَا فَوْقَ الضِّفَافِ

حُرُوفَ الْمَجْدِ، قُرْآنًا مُبِينَا

هُنَا الشَّامُ الَّتِي نَهَضَتْ كَطَوْدٍ

تُضِيءُ بِنُورِهَا دَرْبَ الهُّوَينَا

غَدًا تُزْهِرُ عَلَى سُورِ الْمَعَالِي

زُهُورٌ، تَسْبِقُ الْحُلْمَ الْمُبِينَا

سَنَكْتُبُ بِالدِّمَاءِ غَدًا سَلَامًا

وَيُبْنَى بِالْعَزِيمَةِ مَا رَمَيْنَا

إِذَا طَاغُوتُ هَذَا الْعَصْرِ أَفْنَى

حُرُوفَ الْحَقِّ، كُنَّا النَّاسِخِينَا

وَكُنَّا فِي الْحُرُوبِ يَرَاعَ صِدْقٍ

وَفِي السِّلْمِ الْبِنَاءَ الْمُُؤْمِنِينَا

لَنَا إِرْثُ الْحَضَارَاتِ الْعَتِيدُ

وَعِزٌّ يُشْعِلُ الدُّنْيَا حَنِينَا

تُرَى، هَلْ بَعْدَ كُلِّ الْجَوْرِ تُنْسَى

دِمَاءٌ أَنْبَتَتْ وَرْدًا جَنِينَا؟

سَنُفْلِتُ مِنْ قُيُودِ اللَّيْلِ حَتْمًا

وَنَصْنَعُ صُبْحَ شَامِكِ رَاغِمِينَا

لِأَنَّ الشَّامَ آيَةُ كُلِّ حُلْمٍ

وَآيَةُ عِزِّنَا عَبْرَ السِّنِينَا

غَدًا تُشْرِقُ سَمَاءُ الْمَجْدِ حُبًّا

وَيُولَدُ مِنْ دِمَاهَا الْعَابِرِينَا

سَيُزْهِرُ قَاسِيُونُ غَدًا حَيَاةً

تُظَلِّلُ بِالْأَمَانِ النَّابِتِينَا

وَتَنْبَعِثُ الْحَضَارَاتُ افْتِخَارًا

بِأَنَّ الشَّامَ تَرْعَاهَا الْيَدِينَا

إِذَا صَاحَتْ رِيَاحُ الظُّلْمِ يَوْمًا

فَإِنَّ شُمُوخَهَا يَبْقَى أَمِينَا

تَمُدُّ الْجِسْرَ بَيْنَ الْأَمْسِ فَخْرًا

وَبَيْنَ غَدٍ بِهِ تُحْيِي الْمَتِينَا

إِذَا سَادَتْ دُرُوبُ الْخَوْفِ حَوْلًا

تَرَى أَبْنَاءَهَا عَنْهَا حُمِينَا

تُنَادِي الْعَالَمِينَ غَدًا بِبُشْرَى:

"هُنَا نُورُ الْحَضَارَاتِ الْيَقِينَا"

عَلَى أَكْتَافِهَا شُبَّانُ فَجْرٍ

يَرُومُونَ السَّمَا قَصْدًا مُبِينَا

يَصُوغُونَ الْغَدَ الْمَأْمُولَ حُبًّا

لِتَبْقَى فِي الْمَعَارِفِ رَافِدِينَا

هُنَا الشَّامُ الَّتِي مَا زَالَ حُلْمًا

يُعَلِّمُ كَيْفَ نَبْقَى صَامِدِينَا

إِذَا التَّارِيخُ خَطَّ رُؤَاهُ مَجْدًا

فَسَوْفَ يَرَاهُ شَامَكِ مُسَطِّرِينَا

هِيَ الشَّامُ الَّتِي عَلَّمَتْ شُعُوبًا

بِأَنَّ النُّورَ يَنْبَعُ مِنْ جَبِينَا

تُضِيءُ دُرُوبَهَا أَمَلًا يُرِينَا

بِأَنَّ الْعَدْلَ يَسْكُنُ الْمُخْلِصِينَا

هُنَا الشَّامُ الَّتِي زُرِعَتْ بِقَلْبٍ

تَفِيضُ لَهُ الْحُرُوفُ قَوَّاقِينَا

وَغَدًا تُشْرِقُ الشَّامُ مِنْ جَدِيدٍ

وَيَصْدَحُ فِي الْمَدَى صَوْتُ الْيَقِينَا

كَأَنَّ الْمَجْدَ أَهْدَابٌ تَلَاقَتْ

فَصَاغَتْ فِي الْعُلَا وَجْهًا أَمِينَا

تَعُودُ كَمَا بَدَتْ شَمْسَ الْحَضَارَة

تَرُومُ الْخَيْرَ نَهْجًا العَارِفِينَا

تَشُقُّ الدَّرْبَ فِي دُنْيَا الْمَعَالِي

وَتَرْفَعُ رَايَةَ الْعَدْلِ الثَّمِينَا

عَلَى جُدْرَانِهَا تَارِيخُ عَزْمٍ

تُظَلِّلُهُ الْمَلَاحِمُ وَالْأَنِينَا

تُحْيِي فِي الْغَدِ الْإِنْسَانَ عَدْلًا

وَتُنْصِفُ مَنْ أَتَاهَا طَالِبِيْنَا

وَفِي سَاحَاتِهَا صَوْتُ الْبِنَاءِ

يُبَارِكُ كُلَّ رُكْنٍ مُؤْمِنِينَّا

هُنَا أَرْضُ الْعُرُوبَةِ تُنْبِتُ حُلْمًا

بِأَنَّ الْحَقَّ مَا زَالَ سَجِيْنَا

سَتَسْرِي قَاسِيُونُ كَنَجْمِ فَجْرٍ

يُضِيءُ مَآذِنَ الدُّنْيَا حَنِينَا

وَتُشْرِقُ كُلُّ أَسْوَاقِ الْخُزَامَى

حَيَاةً تُسْكِنُ الْأُفُقَ السَّكِينَا

سَيَجْلِسُ كُلُّ أَطْفَالِ السَّلَامِ

عَلَى أَرْصِفَةِ دِمَشْقَ مُكَرَّمِينَا

سَيَرْوِي النَّهْرُ تَارِيخًا جَدِيدًا

يُرَدِّدُهُ الْجَدَاوِلُ وَالْعَابِرِينَا

سَتَلْتَقِي الْحَضَارَاتُ افْتِخَارًا

عَلَى أَعْتَابِهَا، قَلْبًا رَدِينَا

وَإِنْ سَأَلُوا عَنِ الْغَدِ مَنْ تُرَاهُ؟

فَقُلْ: شَامُ الْبَهَاءِ تُضِيءُ دِينَا

تَمُدُّ يَدًا لِتُعْلِيَ كُلَّ شَعْبٍ

تُعَلِّمُهُ الْأَمَانَ مُبْدِعِينَا

وَتَبْقَى شَامُنَا لِلْأَرْضِ نَجْمًا

يُرَاقِبُهُ الْمُحِبُّ مُتَيَّمِينَا

فَإِذَا بِالسَّيْفِ يَبْرُقُ فِي أَكُفٍّ

كَأَنَّ الشَّمْسَ قَدْ سَكَنَتْ يَدِينَا

نُطَارِدُ كُلَّ طَاغِيَةٍ فَخُورٍ

سَعَى بِالْأَرْضِ يُشْعِلُ حِقْدًا دَفِينَا

نَجُوبُ اللَّيْلَ فِي صَفٍّ كَثِيفٍ

كَأَنَّ السَّيْلَ يَعْصِفُ بِالْحُصِينَا

تُقَارِعُنَا السَّمَاءُ بِكُلِّ بَرْقٍ

فَنَرْمِيهَا عَزَائِمَنَا سَفِينَا

وَنَفْنَى دُونَ شَامِ الْعِزِّ فَخْرًا

وَقَدْ نَبْنِي بِدَمْعِ الْجُرْحِ دِينَا

أَلَسْنَا فِي الْقِتَالِ إِذَا صَدَعْنَا

تُهَابُ عُرُوشُهُمْ أَيْنَ الْتَقَيْنَا؟

سُيُوفُ الْحَقِّ تَنْهَشُ كُلَّ بَاغٍ

وَتُغْمَدُ فِي رِقَابِ الْمُعْتَدِينَا

وَفِي سَاحَاتِنَا نَارٌ تُضِيءُ

ظَلَامَ اللَّيْلِ، تَقْتَحِمُ الْكَمِينَا

نُقَارِعُ دُجَّةَ الطُّغْيَانِ حَتَّى

تَخِرَّ جِبَالُهُمْ خَوْفًا عَلَيْنَا

تَكَسَّرَتِ السَّلَاسِلُ يَوْمَ قُمْنَا

وَهَدَّتْ صَرْخَةُ الْأَحْرَارِ طِينَا

رَأَيْنَا الظُّلْمَ يَسْقُطُ فِي عُيُونٍ

غَدَتْ تَخْشَى اللِّقَاءَ بِنَا هُزِينَا

تُرَفْرِفُ رَايَةُ الْأَحْرَارِ فَخْرًا

وَيُشْرِقُ نَجْمُهَا شَوْقًا دَفِينَا

نُعِيدُ لِدَرْبِ شَامِ الْمَجْدِ حُسْنًا

وَقَدْ نَبْنِي صُرُوحًا خَالِدِينَا

وَنَرْسُمُ فَوْقَ قَاسِيُونَ عَهْدًا

بِأَنَّ الْحُرَّ لَا يُبْنَى سَجِينَا

وَتَعْلُو ضِفَّةُ الْأَوْطَانِ صَرْحًا

يُظِلُّ الْعَدْلَ وَالْحَقَّ الْمُبِينَا

أَلَا فَانْظُرْ إِلَى الْأُفُقِ انْتِصَارًا

تُطَوِّقُهُ الْجُمُوعُ مُهَلِّلِينَا

هُنَا الْأَبْطَالُ فِي سَاحِ الْفِدَاءِ

كَأَنَّ الْأَرْضَ تَرْتَجِفُ خائِفِينَا

عَلَى مَيْدَانِهِمْ رَكَعَتْ جَبَابِرُ

وَغَابَ سُيُوفُهُمْ عَمَّنْ رَامِينَا

تَكَسَّرَتِ الْقِلَاعُ بِحَدِّ بَأْسٍ

أَبَى إِلَّا الرَّدَى لِلْمُعْتَدِينَا

فَمِنْ دَمِنَا سَقَيْنَا الْأَرْضَ حَتَّى

غَدَتْ خَضْرَاءَ تُزْهِرُ طَلْعَ دِينَا

وَفِي قَاسِيُونَ أَنْشَأْنَا سَلَامًا

غَدًا تُنَبِّي بِهِ الْأَرْضُ الْقَرَينَا

هُنَا "بَرَدَى" يُعِيدُ لَحْنَ فَخْرٍ

يُحَدِّثُ عَنْ صُمُودِ الْأَوَّلِينَا

دِمَشْقُ، وَأَنْتِ تَاجُ النَّصْرِ بَهْرًا

تُطَوِّقُ الْمَجْدَ عَرْشًا فَاتِحِينَّا

رَأَيْنَا فِيكِ آيَاتِ التَّعَالِي

تُخَالِطُ كُلَّ أَرْجَاءِ الْيَقِينَا

تَعُودُ كَمَا عُهِدْتِ مَنَارَةً تُعْ

لِي عَلِيَّاؤُهَا نُورًا هَادِينَا

تُعِيدُ الْأُمَّةُ سِيرَتَهَا عَظِيمًا

وَتَبْنِي فِي الْهُدَى مَجْدًا أَمِينَا

يَرَى الْأَعْدَاءُ فِي الرَّايَاتِ طَوْدًا

وَفِي أَفْعَالِنَا خَيْرَ الْمُبِينَا

"أُمَوِيُّ الْقَصْرِ" يَشْهَدُ كَيْفَ جِئْنَا

وَصَرْحُ الْعَدْلِ يَشْهَدُ صَادِقِينَا

دِمَشْقُ، وَأَنْتِ حَاضِرَةُ الْمَعَالِي

مُعَلِّمَةُ الْأَنَامِ، وَهَادِينَا

غَدًا أَبْنَاؤُكِ يُهْدُونَ نُورًا

كَأَقْصَى الْكَوْنِ يَهْدِي السَّائِلِينَا

وَهَلْ كَالشَّامِ رَمْزًا فِي الْبَرَايَا؟

إِذَا ذُكِرَ الْعُلَا، كُنَّا الْمُهِينَا

فَمِنْكِ إِلَى الْمُدَى يَمْضِي صَدَاكِ

كَأَنَّ الشَّمْسَ تَغْفُو فِي حِمَينَا

دِمَشْقُ، وَيَاسَمِينُ الْمَجْدِ عِطْرٌ

يُعَلِّمُنَا الْحَيَاةَ مُوَحِّدِينَا

زَرَعْنَا فِي ثَرَاكِ الْمَجْدَ حَتَّى

غَدَا عَرْشَ الزَّمَانِ مُسْلِمِينَّا

كَأَنَّ الْيَاسَمِينَ خَطَا بَيَانًا

يُخَلِّدُ فِي السُّطُورِ الْأَوَّلِينَا

نَهَضْنَا مِنْ رَمَادِ الْقَهْرِ صَرْحًا

فَأَبْصَرْنَا الْعُصُورَ مُحْنِيِينَا

تُعَلِّمُ أُمَّةَ الْأَزْمَانِ عَدْلًا

وَتَبْنِي فِي سَمَاءِ الْحَقِّ دِينَا

هُنَا التَّارِيخُ يَسْكُنُ كُلَّ حَرْفٍ

فَمِنْ أُمِّ الْكِتَابِ شَرِبْنَا رُوينَا

غَدًا تُشْرِقُ السُّهُولُ بِفَضْلِ زَرْعٍ

غَرَسْنَاهُ دَمًا حَتَّى الْيَقِينَا

سَنُبْنِي فِي الْقِلَاعِ عُلُومَ عَصْرٍ

تَمُدُّ الْحُضْنَ نُورًا لِلْمُضِلِّينَا

شَوَامِخُ مِثْلُ قَاسِيُونَ نَسْمُو

وَنَبْلُغُ فِي الْفَضَاءِ الْمُشْرِقِينَا

وَأَجْيَالٌ عَلَى آثَارِنَا تَمْضِي

وَتَحْمِلُ رَايَةَ الْعِزِّ الْمَكِينَا

كَأَنَّ الشَّامَ فِي الْأَكْوَانِ قَلْبٌ

تُنَبِّضُ كُلَّ أَحْلَامِ الْبَشَارِينَا

فَيَا شَامَ الْبُطُولَةِ، قُولِي فَخْرًا

أُعِيدُ قُدُسِيَ الْأَمْسِ السَّكِينَا

دِمَشْقُ، إِلَيْكِ تَخُطُّ الْأَرْضُ حُبًّا

وَتَحْسُبُكِ الْمَلَائِكُ خَالِدِينَا

أَيَا مَجْدًا نَعِيشُ بِهِ طَوِيلًا

لَكِ الْعُمْرُ الْمُخَلَّدُ فِي أَرَاضِينَا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

1393

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة