أَأَبْكِيكِ يَا ذَاتَ الْجَمَالِ الْمُنَوَّرِ؟
وَفِيكِ اجْتَمَعْنَ الشَّمْسُ وَالرِّيحُ وَالذَّرَرِ؟
وَفِيكِ احْتَوَتْ نَارُ الشُّعُورِ سُكُونَهَا
كَأَنَّكِ لَيْلٌ رَاقِصٌ بَيْنَ الْفُؤَادِ أَشْرُرِ
وَفِيكِ امْتِزَاجُ الصِّدْقِ بِالْحُلْمِ وَالنُّهَى
وَحِسٌّ رَقِيقٌ كَالنَّدَى فَوْقَ زَهْرَرِ
أَرَاكِ وَفِيكِ الْأُمُّ، بَلْ فَوْقَ وَصْفِهَا
تُرَبِّينَ قَلْبَ الْعَاشِقِينَ عَلَى الْحَذَرِ
تُحِبِّينَ صِدْقَ الْقَوْلِ، لَا زَيْفَ خَادِعًا
وَلَا كَذِبَ خَلْقٍ يُتْقِنُ الزُّورَ وَالضَّرَرِ
تُرَاعِينَ حُسْنَ الْقَوْلِ، وَالْحِرْصِ حِينَمَا
يُدَارُ حَدِيثُ الْوُدِّ فِي نُبْلٍ مُعْتَبَرِ
وَمَا كُنْتِ بِالْآمِرَةِ الْقَاسِيَةِ الَّتِي
تُحِبُّ اصْطِفَافَ الْقَهْرِ فِي صَفِّ مَأْمُورِ
وَلَكِنَّكِ الْأَنْسَامُ، إِنْ هَمَسَتْ بَدَتْ
كَزَهْرِ الرُّبَى، أَوْ كَارْتِجَافِ الْقَطَرْقَرِ
وَفَاءٌ كَأَنَّ الْقَلْبَ أَوْدَعْتِ فِيهِ مِن
أَحْبَابِكِ الْأَوْفِيَاءِ بَعْضَ الْجَوَاهِرِ
وَفِيكِ اتِّسَاعُ الْأَرْضِ لِلْحُبِّ كُلِّهِ
وَلَكِنْ عَلَى شَرْطِ السِّنَا لَا التَّذَرُّرِ
تَسَامُحُ رُوحٍ فِيكِ لَمْ تَعْرِفِ الْأَذَى
وَلَمْ تُشْعِلَنْ نَارَ الْجَفَى أَوْ تَسَعَّرِ
إِذَا مَا خَدَعْتِ الْقَلْبَ نَفْسٌ كَذُوبَةٌ
تَرَكْتِ الدُّرُوبَ بِلَا نَحِيبٍ أَوْ ضَجَرِ
فَأَنْتِ مِنَ السُّحْبِ الرَّحِيمَةِ إِنْ بَكَتْ
وَمِنْ صَمْتِ عَاصِفِهَا الْجَلِيلِ إِذَا انْفَجَرِ
وَمَا كُلُّ حُبٍّ فِي الزَّمَانِ يُسَرُّنَا
فَبَعْضُ الْهَوَى أَضْغَاثُ حُلْمٍ عَلَى حَجَرِ
وَلَكِنَّكِ الْحُلْمُ الَّذِي مَا تَخَلَّى
إِذَا عَزَّ فِي لَيْلِ التَّمَنِّي الْمُنْتَظَرِ
تُحِبِّينَ دُنْيَا النَّاسِ، وَالصِّدْقَ كُلَّهُ
وَتُبْغِضُ نَفْسُكِ كُلَّ زَيْفٍ مُتَسَتِّرِ
وَتَشْعُرُ أَرْوَاحُ الَّذِينَ أَحَبُّوكِ أَنْ
لَهُمْ فِي فُؤَادِكِ مَوْطِنًا غَيْرَ مُنْكَرِ
فَفِيكِ مِنَ الْإِنْسِ الْمَلَاكِ قَرِينُهُ
إِذَا سَارَ حُلْمٌ، قَالَ: أَنْتِ مِنَ الْقَمَرِ
وَمَا بَيْنَ ضَعْفِ الطُّهْرِ، وَالْعَطْفِ وَالنَّدَى
قُوَّةٌ بِهَا قَدْ تُذْعِنُ الشُّمُّخُ الْكِبَرِ
فَأَنْتِ بِمِيزَانِ السَّمَاءِ قَصِيدَةٌ
عَلَى نَفَسِ الْفِرْدَوْسِ تُتْلَى وَتُفْتَخَرِ
1553
قصيدة