الديوان » العصر الايوبي » ابن الفارض » ما بين معترك الأحداق والمهج

عدد الابيات : 44

طباعة

ما بَيْنَ مُعْتَركِ الأحداقِ والمُهَجِ

أنا القَتِيلُ بلا إثمٍ ولا حَرَجِ

ودّعتُ قبل الهوى روحي لما نَظَرْتَ

عينايَ مِنْ حُسْنِ ذاك المنظرِ البَهجِ

للَّهِ أجفانُ عَينٍ فيكَ ساهِرةٍ

شوقاً إليكَ وقلبٌ بالغَرامِ شَجِ

وأضلُعٌ نَحِلَتْ كادتْ تُقَوِّمُها

من الجوى كبِدي الحرّا من العِوَجِ

وأدمُعٌ هَمَلَتْ لولا التنفّس مِن

نارِ الهَوى لم أكدْ أنجو من اللُّجَجِ

وحَبّذَا فيكَ أسْقامٌ خَفيتَ بها

عنّي تقومُ بها عند الهوى حُجَجي

أصبَحتُ فيكَ كما أمسيَتُ مكْتَئِباً

ولم أقُلْ جَزَعاً يا أزمَةُ انفَرجي

أهْفُو إلى كلّ قَلْبٍ بالغرام لهُ

شُغْلٌ وكُلِّ لسانٍ بالهوى لَهِجِ

وكُلِّ سَمعٍ عن اللاحي به صَمَمٌ

وكلِّ جَفنٍ إلى الإِغفاء لم يَعُجِ

لا كانَ وَجْدٌ بِه الآماقُ جامدةٌ

ولا غرامٌ به الأشواقُ لم تَهِجِ

عذّب بما شئتَ غيرَ البُعدِ عنكَ تجدْ

أوفى محِبّ بما يُرضيكَ مُبْتَهجِ

وخُذْ بقيّةَ ما أبقَيتَ من رمَقٍ

لا خيرَ في الحبّ إن أبقى على المُهجِ

مَن لي بإتلاف روحي في هوَى رَشَإٍ

حُلْوِ الشمائل بالأرواحِ مُمتَزِجِ

مَن ماتَ فيه غَراماً عاشَ مُرْتَقِياً

ما بينَ أهلِ الهوَى في أرفع الدّرَجِ

مُحَجَّبٌ لو سَرى في مِثلِ طُرَّتِهِ

أغنَتْهُ غُرّتُهُ الغَرّا عن السُّرُجِ

وإن ضَلِلْتُ بلَيْلٍ من ذوائِبهِ

أهدى لعيني الهدى صُبحٌ من البَلجِ

وإن تنَفّس قال المِسْكُ مُعْترفاً

لعارفي طِيبِه مِن نَشْرِهِ أَرَجي

أعوامُ إقبالِهِ كاليَّومِ في قِصَرٍ

ويومُ إعراضِه في الطّول كالحِججِ

فإن نأى سائراً يا مُهجَتي ارتحلي

وإن دَنا زائراً يا مُقلتي ابتهِجي

قُل للّذي لامني فيه وعنّفَني

دعني وشأني وعُد عن نُصْحك السمِجِ

فاللّوْمُ لؤمٌ ولم يُمْدَحْ بِهِ أحَدٌ

وهل رأيتَ مُحِبّاً بالغرام هُجي

يا ساكِنَ القلبِ لا تنظُرْ إلى سكَني

وارْبَحْ فؤادك واحذَرْ فتنةَ الدّعجِ

يا صاحبي وأنا البَرّ الرّؤوفُ وقد

بذَلْتُ نُصْحِي بذاكَ الحيّ لا تَعُجِ

فيه خَلَعْتُ عِذَاري واطّرَحْتُ بِهِ

قَبولَ نُسْكيَ والمقبولَ من حِججي

وابيَضّ وجهُ غَرامي في محَبّتِهِ

واسْوَدّ وجْهُ ملامي فيه بالحُجَجِ

تبارَكَ اللَّهُ ما أحلى شمائلَهُ

فكمْ أماتَتْ وأحْيَتْ فيه من مُهَجِ

يهوي لذِكْرِ اسمه مَنْ لَجّ في عَذَلِي

سَمعي وإن كان عَذلي فيه لم يَلِجِ

وأرحَمُ البرْقَ في مَسراهُ مُنْتَسِباً

لثَغْرِهِ وهوَ مُسْتَحيٍ من الفلَجِ

تراهُ إن غابَ عنّي كُلُّ جارحةٍ

في كلّ مَعنى لطيفٍ رائقٍ بَهجِ

في نغْمَةِ العودِ والنّايِ الرّخيم إذا

تَألّقا بينَ ألحانٍ من الهَزَجِ

وفي مَسَارحِ غِزْلاَنِ الخمائلِ في

بَرْدِ الأصائلِ والإِصباحِ في البلَجِ

وفي مَساقط أنْداء الغَمامِ على

بِساط نَوْر من الأَزهارِ مُنْتَسِجِ

وفي مساحِب أذيالِ النّسيم إذا

أهْدى إليّ سُحَيْراً أطيَبَ الأرَجِ

وفي التِثاميَ ثَغْرَ الكاسِ مُرْتَشِفَاً

ريقَ المُدامة في مُسْتَنْزَهٍ فَرِجِ

لم أدرِ ما غُرْبَةُ الأوطان وهو معي

وخاطري أين كنّا غيرُ مُنْزَعِجِ

فالدّارُ داري وحُبّي حاضرٌ ومتى

بدا فمُنْعَرَجُ الجرعاء مُنْعَرَجي

ليَهْنَ رَكْبٌ سَرَوا ليلاً وأنتَ بهم

بسَيرِهم في صباحٍ منكَ مُنْبَلِجِ

فلْيَصْنَع الرّكْبُ ما شاؤوا بأنفسهِم

هم أهلُ بدرٍ فلا يخشونَ من حرَجِ

بحَقّ عِصيانيَ اللّاحي عليك وما

بأضلُعي طاعةً للوَجْدِ من وهَجِ

انْظُر إلى كبِدٍ ذابت عليكَ جَوىً

ومُقْلَةٍ من نجيعِ الدّمع في لُجَجِ

وارحَمْ تَعَثُّرَ آمالي ومُرْتَجَعي

إلى خِداعِ تَمَنّي الوَعْدِ بالفرَجِ

واعْطِفْ على ذُلّ أطماعي بهَلْ وعسى

وامنُنْ عليّ بشرْح الصدر من حرَجِ

أهلاً بما لم أكُنْ أهْلاً لمَوقِعِه

قَوْلِ المُبَشِّرِ بعد اليأس بالفرَجِ

لكَ البِشارةُ فاخْلَعْ ما عليكَ فقد

ذُكِرْتَ ثَمّ على ما فيكَ مِنْ عِوَجِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


أعوامُ إقبالِهِ كاليَّومِ في قِصَرٍ

السنين في وجوده وحضرته تمضي بسرعة كأنها أيام وذلك لما تحمل من الفرح والسعادة

تم اضافة هذه المساهمة من العضو علي فراس


أعوامُ إقبالِهِ كاليَّومِ في قِصَرٍ

السنين في وجوده وحضرته تمضي بسرعة كأنها أيام وذلك لما تحمل من الفرح والسعادة

تم اضافة هذه المساهمة من العضو علي فراس


فإن نأى سائراً يا مُهجَتي ارتحلي

نأى:أبتعد المهجة:الروح يقول:فَإن رحل ذلك الحبيب ارحلي يا روحي فلا معنى لحياتي بدونه

تم اضافة هذه المساهمة من العضو علي فراس


وإن دَنا زائراً يا مُقلتي ابتهِجي

دنا:اقترب وأقبل مُقلة:عين

تم اضافة هذه المساهمة من العضو علي فراس


لَهِجِ

لَهِجَ بالشيء : أولع به

تم اضافة هذه المساهمة من العضو ديما


الجوى

الحرقة ، شدة الوجد ، الهوى الباطن، الحزن

تم اضافة هذه المساهمة من العضو زَينب


معلومات عن ابن الفارض

avatar

ابن الفارض حساب موثق

العصر الايوبي

poet-bin-alfard@

80

قصيدة

18

الاقتباسات

1017

متابعين

عمر بن علي بن مرشد بن علي الحموي الأصل، المصري المولد والدار والوفاة، أبو حفص وأبو القاسم، شرف الدين ابن الفارض. أشعر المتصوفين. يلقب بسلطان العاشقين. في شعره فلسفة تتصل ...

المزيد عن ابن الفارض

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة