الديوان » العصر العثماني » ابن زاكور » لي الله قلبي كم يذوب من الذكرى

عدد الابيات : 58

طباعة

لِيَ اللهُ قَلْبِي كَمْ يَذُوبُ مِنَ الذِّكْرَى

وَكَمْ كَبِدِي تُفْرَى وَكَمْ عَبْرَتِي تُذْرَى

حَنِينِي لِمَنْ شَطَّ عَنِّي مَزَارُهُمْ

أَتَاحَ لِي الأَشْجَانَ مِنْ حَيْثُ لاَ يُدْرَى

فَيَا دَارَنَا الْغَرَّا عَلَى الرَّبْوَةِ الْخَضْرَا

لَدَى الصَّدَفَيْنِ الْمُشْرِفَيْنِ عَلَى الْحَمْرَا

سَقَاكِ رَذَاذُ الْغَيْثِ مِنْ بَعْدِ وَبْلهِ

وَزَادَكِ إِلْمَامُ الصَّبَا بَهْجَةً أُخْرَى

وَحَيَّتْكِ أَنْفَاسُ الأَزَاهِرِ مَوْهِناً

وَبَثَّتْ لَكِ الأَرْوَاحُ منْ طِيبِهَا نَشْرَا

ذَكَرْتُ بِمَغْنَاكِ الْكَرِيمِ مَعَاهِداً

مُنَضَّرَةً أَذْكَتْ لَظَى كَبِدِي الْحَرَّا

لَيَالِيَ خِدْنِي كُلُّ يَمْؤُودَ أَغْيَدٍ

تَجَلَّى عَلَى أَطْوَاقِهِ وَجْهُهُ بَدْرَا

يَبِيتُ يُعَاطِينِي سُلاَفَ رَحِيقِهِ

فَأَكْرِمْ بِهِ بَدْراً وَأَعْظِمْ بِهِ خَمْرَا

إذِالدَّهْرُ دَهْرٌ وَالزَّمَانُ مُسَاعِدٌ

وَنُورُ الصِّبَا غَضٌّ سَقَاهُ الْحَيَا نَوْرَا

وَلِلَّهِ لَيْلٌ فِي رُبَاكِ سَهِرْتُهُ

عَلَى ضِفَّتَيْ نَهْرٍ بِشِنِّيلَ قَدْ أَزْرَى

كََسَاهُ ضِيَاءُ الْبَدْرِ لاَمَةَ فِضَّةٍ

وَفَتَّتْ ذُبَالُ الشَّمْعِ فيِ مَتْنِهِ تِبْرَا

فَشَبِّهْ بِهِ نَهْرَ الْمَجَرَّةِ حَلَّهُ

عُطَارِدُ وَالْجَوْزَاءُ وَالْقُطْبُ وَالشِّعْرَى

أَدَرْنَا عَلَيْهِ الرَّاحَ رَاحَ مَسَرَّةٍ

وَقَدْ مَدَّ جَيْشُ اللَّيْلِ أَلْوِيَةً سُمْرَا

وَأَرْخَى عَلَى ضَوْءِ النَّهَارِ سُتُورَهُ

وَبَاتَتْ نُجُومُ الأُفْقِ تَزْجُرُهُ زَجْرَا

إِلَى أَنْ بَدَا الإِصْبَاحُ يَضْرِبُ فِي الدُّجَى

بِنَصْلِ حُسَامِ الْفَجْرِ صَاحَتْ بِهِ ذُعْرَا

وَمَرَّتْ عَلَى آثَارِهِ وَهْوَ هَارِبٌ

وَقَدْ أَفْرَتْ أَفْرَاسُهَا خَلْفَهُ أَفْرَا

كَأَنَّ الدَّرَارِي الشُّهْبَ فِي كَبِدِ السَّمَا

قَوَارِيرُ بَلُّورٍ عَلَى لُجَّةٍ خَضْرَا

كَأَنَّ سُهَيْلاً إِذْ تَأَلَّقَ مُفْرَداً

صَرِيعُ هَوىً قَدْ نَالَ مِنْ حُبِّهِ هَجْرَا

يُرِيدُ الثُّرَيَّا وَالْبِعَادُ يَعُوقُهُ

وَهَيْهَاتَأَمَّا الصَّبْرُ عَنْهَا فَلاَ صَبْرَا

وقَدْ رَقَّتِ الشِّعْرَى الْعَبُورُ لِحَالِهِ

وَحَنَّتْ لَهْ كَيْمَا تَشُدُّ لَهُ أَزْرَا

وَقَدْ عَبَرَتْ نَهْرَ الْمَجَرَّةِ نَحْوَهُ

وَلَمْ تَسْتَطِعْ عَبْراً شَقِيقَتُهَا الأُخْرَى

لِذَلِكَ مَا تُولِي أَنِيناً وََزَفْرَةً

وَتُرْسِلُ مِنْ أَجْفَانِهَا عَبْرَةً عَبْرَا

تُرِيدُ أَخَاهَا إِذْ أَضَرَّ بِهِ النَّوَى

وَقَدْ عَاقَهَا الْعَيُّوقُ عَنْ قََصْدِهَا قَسْرَا

كَأَنَّ ضِيَاءَ الْبَدْرِ وَالشُّهْبِ حَوْلَهُ

سَنَا شَيْخِنَا ابْنِ الَْحَاجِ فِي حَلْقَةِ الإِقْرَا

يَكَادُ يُرِيبُ الْجَاهِلِينَ شُعَاعُهُ

إِذَا لَمَحُوا أَنْوَارَهُ فِي الدُّجَى تَتْرَى

يَقُولُونَ جَهْلاً إِذْ أَضَاءَ مَعَالِماً

أَبَدْرٌ بَدَا أَمْ بَارِقٌ قَدْ سَرَى مَسْرَى

بَلَى إِنَّهُ نُورُ الْهُدَى لاَحَ فِي الدُّجَى

دُجَى الْوَهْمِ فَانْزَاحَتْ دَيَاجِيرُهُ تُفْرَى

فَيَا وَهْمُ مَا أَدْجَاكَ فِي أَعْيُنِ الْوَرَى

وَيَا نُورُ مَا أَجْلَى سُطُوعَكَ إِذْ أَوْرَى

تَجَلَّتْ بِهِ حُورُ الْعُلومِ عَرائِساً

فَشاهَدَها مَنْ كانَ لاَ يُبْصِرُ الْبَدْرَا

إِمامٌ حَباهُ اللهُ حِلْماً وَسُؤْدَداً

وخَوَّلَهُ عِلْماً وَأَعْظِمْ بِهِ فَخْرَا

إِذَا اسْتَصْعَبَتْ غُرُّ المَعانِي لمعْشَرٍ

وَقَدْ وَجَمُوا قَالَتْ طَلاَقَتُهُ بُشْرَى

ورَوَّضَهَا حَتَّى تَذَلَّلَ صَعْبُهَا

وَخَاطَبَهَا سِرّاً فَدَانَتْ لهُ جَهْرَا

هُمَامٌ تَرَدَّى بِالصِّيَانَةِ وَالتُّقَى

لَهُ خُلُقٌ زَفَّتْ لَهُ الْحَمْدَ وَالشُّكْرَا

صَبورٌ علَى هُجْرِ الأُلَى سَاءَ طَبْعُهُمْ

صَفوحٌ على ذِي هَفْوةٍ أوْجَبتْ نَغْرَا

مُصِيخٌ لِمَنْ أَبْدَى إِلَيْهِ مَعَاذِراً

حَلِيمٌ علَى الْجُهَّالِ يُبْدِي لَهُمْ بِشْرَا

تَأْبَّى عَنِ الأَقْذَارِ لاَ مُتَهَوْلِعاً

حَوَى هِمَماً مَا نَالَ أَيْسَرَهَا كِسْرَى

فَلَوْ بُلَغَاءُ الْعَصْرِ عَدُّوا خِصالَهُ

لَمَا بَلَغُوا مِنْهَا وَلَوْ كَثُرُوا عُشْرَا

فَأَنَّى لِمَغْمُورِ الْحَشَا وَهْوَ وَاحِدٌ

يُحِيطُ بِهَا نَظْماً وَيُودِعُهَا شِعْرَا

وَهَبْنِي امْرَأَ الْقَيْسِ بْنِ حُجْرٍوَخَالَهُ

أَأَقْدِرُ أَنْ أُحْصِي الْكَوَاكِبَ وَالْقَطْرَا

بِعَيْشِكَ أَنْصِتْ لِي فَقَدْ بَرَّحَ الْجَوَى

بِقَلْبِي وَأَذْكَى الْوَجْدُ فِي كَبِدِي جَمْرَا

أَعِنْدَكَ أَنِّي قَدْ بُلِيتُ بِمَعْشَرٍ

يَوَدُّونَنِي جَهْراً وَيُؤْذُونَنِي سِرّاً

عَلَى أَنَّنِي لاَ دَرَّ لِلَّهِ دَرُّهُمْ

أَبَحْتُهُمْ مِنِّي الْأَضَالِعَ وَالصَّدْرَا

يَوَدُّونَ إِخْفَائِي وَهَيْهَاتَ إِنَّمَا

أَنَا الْكَوْكَبُ الْوَهَّاجُ فِي اللَّيْلَةِ الْغَرَّا

فَلَوْلاَ سَمَاءُ الْحِلْمِتَهْوَي نُجُومُهَا

لَأَوْلَيْتُهُمْ مِنْ مِقْوَلِي الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى

وَجَنَّدْتُ مِنْ فِكْرِي إِلَيْهِمْ كََتَائِباً

تَؤُزُّهُمْ أَزّاً وَتَنْظُرُهُمْ شَزْرَا

وتُصْمِيهُمُ حَيْثُ اسْتَقَلٌّوا سهامُها

فَلاَ يَجِدُونَ الدَّهْرَ فِي حَرْبِهَا نَصْرَا

وَلَكِْن نَهَتْنِي هِمَّةٌ أَدَبِيَّةٌ

سَمَتْ لِلْعُلاَ لاَ تَرْتَضِي أَبَداً غَدْرَا

فَلاَ زِلْتَ تَرْقَى فِي سَمَاءِ مَعَارِفٍ

وَنُورُكَ يَبْدُو فِي غَيْهَبِهَا فَجْرَا

وَمِنِّي سَلاَمُ اللهِ مَا لاَحَ بَارِقٌ

عَلَيْكَ أَبَا الْعَبَّاسِ حَمَّلْتُهُ عِطْرَا

وَأُهْدِي صَلاَةَ اللهِ مَا هَبَّتِ الصَّبَا

إِلَى خَاتِمِ الْأَرْسَالِ أَعْلَقِهِمْ خَطْرَا

مُحَمَّدٍ أَزْكَى الْعَالَمِينَ وَآلِهِ

وَأَصْحَابِهِ مَنْ أَشْبَهُوا أَنْجُماً زُهْرَا

صَلاةً يَصوغُ الكَوْنُ مِنْ نََفَحَاتِهَا

تُبَارِي شَذَا الْعِطْرَيْنِ دَارِينَ وَالشَِّحْرَا

يُظَلِّلُنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ظِلُّهَا

وَتُلْبِسُنِي مِنْ نَسْجِهَا حُلَلاً خُضْرَا

وَهَاكَ عَرُوساً مِنْ بُنِيَّاتِ خَاطِرِي

تُطَاوِلُ خَوْداً أُلْبِسَتْ حُلَلاً حُمْرَا

شَرِيفَةَ قَْدْرٍ لَمْ أَجِدْ كفءاً لَهَا

سِوَاكَ أَبَا الْعَبَّاسِ فَاهْنَأْ بِهَا بِكْرَا

رَشُوفاً أَنُوفاً عَذْبَةَ الْقَوْلِ غَادَةً

مُعَطَّرَةً أَرْحُو الْقَبُولَ لَهَا مَهْرَا

فَلَا تَنْتَقِدْهَا بِالْمَلاَمِ فَإِنَّنِي

أُحَمِّلُهَا بَيْتاً يَكُونُ لَهَا عُذْرَا

فَإِنَّ الذِي يُهْدِي إِلَى مِصْقَعٍ شِعْراً

نَظِيرُ الذِي يُهْدِي إِلَى طَيْبَةٍ تَمْرَا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن زاكور

avatar

ابن زاكور حساب موثق

العصر العثماني

poet-abn-zakur@

415

قصيدة

3

الاقتباسات

29

متابعين

حمد بن قاسم بن محمد بن الواحد بن زاكور الفاسي أبو عبد الله، (1075 هـ - 1120 هـ / 1664 - 1708م). أديب فاس في عصره، مولده ووفاته فيها. له ديوان ...

المزيد عن ابن زاكور

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة