الديوان » العصر الايوبي » فتيان الشاغوري » بكت معنا العلياء إذ فقدت معنا

عدد الابيات : 33

طباعة

بَكَت مَعناً العَلياءُ إِذ فَقَدَت مَعنا

وَلَم يَبقَ لَفظٌ لِلقَوافي وَلا مَعنى

وَغارَت نُجومُ المَكرُماتِ وَكُوِّرَت

هُنالِكَ شَمسُ المَجدِ كاسِفَةً حُزنا

مَضى اللَسِنُ المِنطيقُ في كُلِّ مَحفَلٍ

وَأُخرِسَ مَن أَلفاظُهُ تُفحِمُ اللُّسنا

رَعَت بَعدَهُ في الحَيِّ فُصلانُ دورِهِ

وَزالَ هَديرُ المُقرَمِ الصارِعِ القِرنا

وَآضَت لَهُ الأَيّامُ سوداً كَأَنَّها

سُرىً أَصبَحَ التَأويبُ فيها سُرىً وَهُنا

حَوالِكُ أَلوانٍ كَوالِحُ أَوجُهٍ

فَلَسنا نَرى فيهِنَّ حُسناً وَلا حَسنا

فَيا قَبرَهُ كَم حُزتَ مَجداً وَسُؤدَداً

وَكَم لَوعَةً مِنهُ وَحُزناً بِكَ الحُزنا

وَيا قَبرَهُ وارَيتَ مِنهُ أَنامِلاً

إِذا المُزنُ ضَنَّت بِالحَيا كانَتِ المُزنا

مَفاتِحُ أَرزاقٍ سَحائِبُ أَنعُمٍ

تَسُحُّ عَلى الأَقصى مِنَ الخَلقِ وَالأَدنى

وَكانَ إِذا وافاهُ عافٍ وَخائِفٌ

أَصابَ المُنى عافوهُ وَالخائِفُ الأَمنا

وَأَنّى وَقَد ذُقنا مَرارَةَ فَقدِهِ

نَزورُ دِياراً ما نُحِبُّ لَها مَغنى

يَميناً لَقَد بَزَّ الزَمانُ حُجولَهُ

وَغُرَّتَهُ مِن بَعدِهِ وَاليَدَ اليُمنى

وَدِدتُ بِأَن لَم يخلق اللَهُ لي وَقَد

نَعاهُ لِيَ الناعونَ عَيناً وَلا أُذنا

فَكَم جَرَحوا قَلباً وَكَم حَرَّقوا حَشاً

بِنَعيِهِمُ معناً وَكَم أَقرَحوا جَفنا

قَليلٌ لَنا شَقُّ الجُيوبِ تَأَسُّفاً

وَإِسبالُ دَمعٍ بَعضُهُ يَحمِلُ السُفنا

فَقَد كانَتِ الدُنيا تُجامِلُني بِهِ

وَتَرفَعُني مِنهُ إِلى المَنزِلِ الأَسنى

إِذا كانَتِ الأَقدارُ خَصمي فَأَينَ مَن

يَرُدُّ إِذا اِستَصرَختُ أَنيابَها الحُجنا

أَفي كُلِّ يَومٍ لِلخُطوبِ إِغارَةٌ

عَلَيَّ بِمَن لا يَسأَمُ الضَربَ وَالطَعنا

أَظُنُّ فُؤادي لِلهُمومِ قَرارَةً

فَقَد عَمَّ مِنهُ سَيلُها السَهلَ وَالحَزنا

وَقَد ماتَ سَعدُ الدَولَةِ بنُ مُحَسِّنٍ

فَأَنّى أَرى في الناسِ مِثلاً لَهُ أَنّى

مَضى مِن يَميني صارِمٌ كانَ ماضِياً

وَغَيثٌ سَكوبٌ كانَ يوسِعُني هَتنا

عَزيزٌ عَلَينا يا أَبا الجودِ أَنَّنا

حَيَينا وَقَد غالَتكَ أَيدي الرَّدى مِنّا

وَما كُنتَ إِلّا حِصنَ قَومِكَ باذِخاً

فَبَعدَكَ لا يَلقَونَ إِن ظُلِموا حِصنا

وَكُنتَ لَهُم جاهاً وَرُكناً مُؤَثَّلاً

فَقَد عَدِموا مِن بَعدِكَ الجاهَ وَالرُكنا

تَمَنّى رِجالٌ أَن تَموتَ لِيَشرُفوا

وَهَيهاتَ لاقَوا بَعدَكَ الذُلَّ وَالوَهنا

لَكَ الباقِياتُ الصالِحاتُ لَدى الوَرى

فَإِن تَفنَ في الدُنيا فَذِكرُكَ لا يَفنى

سَتَذكُرُ أَقوامٌ مَقامَكَ فيهِمُ

فَدَأبُهُمُ مِن بَعد أَن يَقرَعوا السِّنا

وَقَد كانَ بَطنُ الأَرضِ يَحسُدُ ظَهرَها

فَمُذ مِتّ أَمسى ظَهرُها يَحسُدُ البَطنا

فَيا عاشِقَ الدُّنيا النَجاءَ فَإِنَّها

إِذا سالَمَت غارَت وَأَظهَرَتِ الضِغنا

إِذا ما رَأَيتَ القَومَ أَودى كِبارُهُم

فَلَيسَ يُقيمُ اللَهُ يَوماً لَهُم وَزنا

وَلَو رَدَّ عَنهُ المَوتَ بَأسٌ لَأَزهَقَت

شِفارُ المَواضي أَنفُساً وَالقَنا اللُدنا

وَطارَت إِلى يَومِ الكَريهَةِ فِتنَةٌ

تَقاعَسُ عَنها الأُسدُ ناكِصَةً جُبنا

وَلَكِنَّهُ المَوتُ الَّذي لا يُرَدُّ إِن

أَرادَ مَغاراً في الأَنامِ وَلا يُثنى

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن فتيان الشاغوري

avatar

فتيان الشاغوري حساب موثق

العصر الايوبي

poet-alshaghouri@

392

قصيدة

1

الاقتباسات

18

متابعين

فتيان بن علي الأسدي. مؤدب، شاعر. من أهل دمشق، نسبته إلى (الشاغور) من أحيائها. مولده في بانياس، ووفاته في دمشق. اتصل بالملوك ومدحهم وعلم أولادهم. له (ديوان شعر - خ) قال ...

المزيد عن فتيان الشاغوري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة