الديوان » العصر العثماني » جميل صدقي الزهاوي » البحر يغلى كان البحر بركان

عدد الابيات : 43

طباعة

البحر يغلى كان البحر بركان

تثيره تحت فيض الماء نيران

والليل داج سوى مصباح هادية

له على ظلمات الليل سلطان

تمزق البحر من هوجاء عاصفة

كقلب ثكلى لها في الليل ارنان

وراعت العين امواج قد اصطخبت

كأنهن عفاريت وجنان

في شكل مرتفع منها ومنخفض

كأنما هي كثبان ووهدان

وكان في ساحل الدأماء منتصباً

شخص تبين في عينيه اشجان

يرنو مليا الى فلك تقاذفه

في اللج امواجه والفلك هيمان

وبعد ما حالت الامواج بينهما

كأنما تلكم الامواج جدران

سمعته قائلا ويلي ومديداً

كما يشير إلى الاخطار لهفان

قد مزقته سيوف الموج مرهفة

حتى هوى فطواه اللج يختان

وكان قبل تواريه يصارعه

ثم اختفى وذويه ثم ما بانوا

الفلك يحوي عزيزاً لي فوا حزني

ان بت حبل رجائي فيه فقدان

لا ينبغي ان يكون البحر قاتله

ان كان للبحر ذي الامواج وجدان

ان كان ما كنت منه قبل في وجل

فسوف تنهش مني القلب احزان

أفي استطاعة من اهوى مصارعة

للموج ام هو من جراه عيان

ام ضمه البحر في احضان لجته

ام ليس للبحر مثل الام احضان

وبعد ذلك ناداه يسائله

فلم يجبه سوى الامواج انسان

فقال بل قد ثوى في لجه غرقا

واللج قبر له والموج اكفان

يا بحر خذني الى من انت آخذه

فانني لألى لقياه ظمآن

فان هلكت فمالي عنه منصرف

وان بقيت فمالي عنه سلوان

ثم ارتمى باندفاع لامرد له

في البحر يقحم فيه وهو اسوان

ان الحبيب لذي اودى الخضم به

هو القريض ومن يهواه جبران

والبحر ليس سوى الشرق الذي اضطربت

اموره والرياح الهوج اضغان

قد مات جبران مجهودا بمهجره

ولا تموت على جبران اشجان

لبنان ثكلى جثت تبكي ابن تلعتها

وشاركتها اسى مصر وبغدان

جبران فارقها روحا مرفرفة

وعاد يصبو اليها وهو جثمان

جبران يحضنه قبر كمشفقة

والقبر تحضنه كالام لبنان

قد شيعته رجال الحكم قاطبة

وشيعته نواقيس ورهبان

في قبره حكمة روعاء صامتة

وفوقه من صنوف الزهر الوان

وفوقه عبرات غير راقئة

يسقينه ثم روح ثم ريحان

ما كان جبران الا بلبلا غرداً

له على دوحه الفينان الحان

اذا ترنم يشدو فوق منبره

اصغت اليه من الآفاق آذان

اقرأه في دولة التجديد منفردا

حيث اسمه لكتاب الشعر عنوان

ان خط سطراً فان السطر مكتبة

او قال بيتا فان البيت ديوان

كم حكمة بعد ان فاه الحكيم بها

سارت بها في فجاج الارض ركبان

كانت لجبران ثورات مباركة

على القديم الذي يحيا وعصيان

اما القديم فنضناض لشرته

كأنه عندما يلقاك ثعبان

له الخلود بآثار له انتشرت

فيها جمال كضوء الصبح فتان

المرء اقدر من فوق التراب مشى

وان اكبر ما في المرء ايمان

الله عون للبنان وقد ثكلت

مما تكابده في الثكل لبنان

من ذا يجرعني كأسا مبردة

فانني من همومي اليوم حران

ان كان في الخسر لي ربح كما زعموا

فكل امر سوى الخسران خسران

ما من مجيب وقد ناديت ملء فمي

أليس في الحي كل الحي يقظان

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جميل صدقي الزهاوي

avatar

جميل صدقي الزهاوي حساب موثق

العصر العثماني

poet-jamil-sidqi-al-zahawi@

373

قصيدة

2

الاقتباسات

122

متابعين

جميل صدقي بن محمد فيضي ابن المنلا أحمد بابان، الزهاوي. شاعر، ينحو منحى الفلاسفة، من طلائع نهضة الأدب العربي في العصر الحاضر. مولده ووفاته ببغداد. كان أبوه مفتيها. وبيته بيت ...

المزيد عن جميل صدقي الزهاوي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة