الديوان » العصر الأندلسي » الأرجاني » شاق الحمام إليك لما ناحا

عدد الابيات : 90

طباعة

شاقَ الحَمَامُ إليك لمّا ناحا

صَباً تَذكَّر إلْفَهُ فارتاحا

ليتَ الحَمامَ أتَمَّ لي إحسانه

فأعارني أيضاً إليه جَناحا

يا نازِحاً لم يَنقَطعْ ذِكْرِي له

لو أنّ ذاك يُقربُ النُزّاحا

أَتَظُنُّ أنّي صابِرٌ وجوانحي

مَمْلوءةٌ للبُعْدِ منك جِراحا

شَوقي إليك على البِعادِ قدِ اغتدَى

بَرَحاً لوَ أنّي أستطيعُ بَراحا

قَسَماً لقد كتَم اللّسانُ هواكُمُ

لكنَّ دمعي بالسّرائر باحا

عَزَّ العزاءُ عليَّ لمّا أنْ جَلا

يومَ الرّحيلِ معَ الصّباح صَباحا

وعلى الجيادِ مُعارِضينَ فوارسٌ

فوق الكَوائبِ عارِضينَ رِماحا

لو قاتَلوا بَدَلَ الظُّبَى بلِحاظِها

كانوا إذنْ أمضى الأنامِ سِلاحا

ومُرنَّحُ الأعطافِ تَحسَبُ صُدْغَه

ليلاً وتَحسَبُ خَدَّه مِصْباحا

صَلِفٌ له سلطانُ حُسْنٍ قاهرٌ

يأبَى إذا مَلَك الفَتىإسجاحا

بِتْنا نَدِيمَيْ خَلْوةٍ في عِفّةٍ

مُتَساقِيَيْنِ ولا زجاجةَ راحا

راحاً تَعاطاها السُّقاةُ نفوسَها

منّا ولم تُمْدد إليها راحا

للهِ أحبابٌ تأوَّبَ طَيْفُهم

ليُزيحَ عن عَيني الكرَى فأزاحا

غدَروا ففي الأسماع ما مَلَحوا وإن

سَفَروا فكانوا في العُيونِ مِلاحا

فكأنّما داعٍ دعا فأجَبْتُ ال

لازالَ أفعالُ الحسانِ قِباحا

كم كان من عُسْرٍ ومِن يُسرٍ

فما ألفِيتُ مِجْزاعاً ولا مِفراحا

خاطَبْتُ كلَّ مَعاشرٍ بلُغاتهم

زَمناً مُخاطبةَ الصّدَى مَن صاحا

ومنَعْتُ نفسي قولَ كلِّ بديعةٍ

عِطْفُ الكريم لها يُهَزُّ مِراحا

أضحىَ لعِجْلِ اللُّؤْمِ كُلٌ عابداً

جَهْلاً فألقَى شِعْريَ الألواحا

حتى صدَرْتُ إليك يا صدْرَ الورى

بمَطالبي العُلْيا بك استِنْجاحا

ورأيتُ مَمدوحاً كما رَضِيَ العُلا

فَرضيِتُ أن أُسْمَى له مَدّاحا

تُفْدَى الصدورُ لصدْرِ دَهرٍ لم يَزلْ

طَلِباً إلى فُضَلائه مُرْتاحا

في القُرْبِ مُرتاحاً إذا لاقاهُمُ

وعلى البِعادِ إليهمُ مُلْتاحا

من أصبحَ الإسلامُ وهْو لبيتهِ

ركْنٌ عُلاه أعيَتِ المُساحا

ولمَسْحِه كَفَّ الثريّا عُمْرَها

بَقِيَتْ كذا مَبْسوطةً إلحاحا

أقضَى قُضاةٍ في الممالكِ كُلِّها

مِمَّن غَدا يَبْغي العلا أو راحا

يّقْظانُ صاغَ اللهُ ثاقِبَ فَهْمِه

لُطْفاً لقُفْلِ غُيوبهِ مِفْتاحا

ما قِسْتُ عِلْمَ بني الزّمان بِعِلْمِه

مَن قائِسٌ بغُطامِطٍ ضَحْضاحا

وَرِثَ الأئمَةَ كابراً عن كابرٍ

ولوِرْثِه جَعَلَ العُلا الارجاحا

مَطرَوا هُمُ ومضوا كراماً في الورى

فثَوى غديراً بَعْدَهم طفَّاحا

حسُنتْ وطابَتْ في الورى أخبارُه

وأصَحَّها راوي العُلا إصحاحا

وكأنّ دُرًّا فاه راوى مَدْحِه

لمّا رَوى وكأنّ مِسْكا فاحا

مَلِكٌ سَرى العلماءُ تحت لوائه

فغَدا حريمُ بني الضَّلال مُباحا

قد سَخَّر الأرواحَ خالِقُها له

إن لم يكُنْ قد سَخّر الأرواحا

وإذا أشارَ بعَقْدِ مَوْعدِ مَجْلسٍ

شَوْقاً إليه تُعاوِدُ الأشباحا

أمّا المُلوكُ فلَثْمُ ما هو واطِيءٌ

شَوْقاً إليه يَطْمحَونَ طِماحا

تَمْتارُ من آرائه راياتُهم

نَصْراً مُتاحاً للِعدا مُجْتاحا

ويَروْنَ إن فَسَدَ الزّمانُ وأهلُه

للدين والدّنيا بهِ اسِتصْلاحا

إنّ المعاليَ كُنَّ سَرْحاً رائعاً

ألفاهُ عصْرُك عازِباً فأراحا

وحديثُ مَجْدٍ بالقديم وصَلْتَه

إذ كانَ حُبُّك للزّمانِ لِقاحا

أسلافُنا البيِضُ اليَمانونَ الأُلَى

كانوا وكان نداهم فضَّاحا

وإذا وقوا شح النفوس بمالهم

كانوا بأعراضٍ كَرُمْنَ شِحاحا

وغدَتْ فوارسُ للفوارسِ فيِهمُ

أبداً تُعوَّدُ للصِفاحِ صِفاحا

سَبقوا بنَصْرِ الدينِ دينِ مُحمَّدٍ

حتّى انجَلَى ليلُ الهُدى إصباحا

وشَرعْتَ أنت اليومَ نَصْراً مِثْله

فأزالَ عادِيةَ العِدا وأزاحا

فَعَلتْ فُصولُك فوق فِعْلِ نُصولِهم

لمّا أطارَ جَماجِماً وأطاحا

وأتىَ جِدالُك ما أتَوا بجِلادِهم

حتّى أسالَ دِماءهم وأساحا

ففَداكَ مِن رَيْبِ الحوادثِ حاسدٌ

يغدو إلى ما نِلْتَه طَمّاحا

عاوٍ يَقومُ على أناملِ رِجْلِه

لتنَال منه الكَفُّ نَجْماً لاحا

يَرجو سِواكَ وقد طَلَعْتَ لعَيْنهِ

قَسَماً لقد خُلِقَ الجَهولُ وَقاحا

في جَنْبِ شَمْسِ صُحىً يُقلِّبُ عَيْنَه

أعمىَ لِيَطْلُبَ بالسُّها استِصْباحا

ألسانَ أُمةِ أحمدٍ أنتَ الّذي

أوضَحْتَ مِلّةَ أحمدٍ لَمّاحا

لمّا رأوكَ منَ السّماحِ غمامةً

رَكِبوُا إليك من المَطِيِّ رِياحا

فمتى تَنالُ العَيْنُ منّي قُرّةً

بلِقاءِ شَمْسِ المُلْكِ منكَ كِفاحا

ومتى أُقَرِّطُ دُرَّ لفظِك مِسْمَعي

ويَزيدُ قُرْبُك روحِيَ اسْترواحا

قد كان خُوزِستانُ عُطْلاً عِطْفُها

حتّى كساها اللهُ منكَ وِشاحا

لا تَحقِرَنَّ قَضاءها من خِطَة

نُصْحاً لعَمْرُ أبي عُلاكَ صُراحا

فَهي المُعسْكرُ للمُهلّبِ جَدكم

أيامَ جرَّ جُيوشُه الأرْماحا

فَنفَى الخوارجَ عنْوةً عن أرضِها

نَفْياً أقامَ عليِهمُ النُّوّاحا

فاتْبَعْ كذلكَ في الممالِك إثْرَهُ

تَعْقُبْ فَساداً عَمَّهنّ صَلاحا

لو أرى المُهَّنى في البسيطةِ أمْةٌ

وُلِّيتُها فَتهادَتِ الأفراحا

وتَجِلُّ أنت عن الهَناءِ بمِثْلِها

شَرَفاً لكَ اللهُ الكريم أتاحا

أبكارُ مَدْحي كلّما استأمَرْتُها

تأبَى لكُفْوءٍ غيرِكَ الإنكاحا

فأصِخْ لها من مِدحةٍ حاآتُها

وحياضُ جُودِكَ رَوَّتِ المُدّاحا

أخّرتُ كتُبْي كي أكونَ مُقدّماً

منّي إليك معَ الوفودِ رَداحا

حُبّاً لنَفْسي لا بنفسي أنْ أرى

منّي الغداةَ لها إليك سَراحا

قَدَمِي تَغارُ عليك من قَلَمي إذا

أصلَحْتُه لِكتابةٍ إصلاحا

ولوِ استَطَعْتُ حكَيْتُه وسبَقْتُه

مَغْدىً إليك بمَفْرِقِي ومُراحا

بل لو قَدِرت وقد عَجَزْت عن السرى

لصُروفِ دَهرٍ قد أهَدَّ جِماحا

لَجَعْلت نقطةَ باءِ بسمٍ ناظري

مُتشَوِّقاً لِكتابِيَ اسِتفتاحا

فعسى يَرى إنسانَ عَيْني أوّلاً

قبلَ القراءةِ وَجْهك الوَضّاحا

فأجِبْ جَوابَ مُشرَفٍ عن خِدْمتي

حَسَنِ السّوابقِ لُبسها أوضاحا

وأقَلُّ حَقّي إن طَرقْتُ فِناءكم

وأنخْتُ أنضائي إليه طِلاحا

والخَدُّ لم يّظلْلِه ليلَ شَبيبتي

واليومَ جَلّلَه المَشيبَ صَباحا

فمِنَ البياضِ إلى البياضِ خدمتكُم

خِدماً بها يوماً رجَوْتُ فَلاحا

واليومَ ذاك اليوم فاسْعَ مُبادِراً

نَصْرِي فدَهْرِي في العِنادِ أشاحا

لم يَبْقَ منّي غير سُؤْرِ حَوادثٍ

إن لم تَدَاركْه بِجُودِكَ طاحا

لِمُهَلّبٍ بكُم وأنْصارِ النّبِي

حَقٌ إذا استَوضَحْتَه استيضاحا

يَقْضى على كرمِ العناصرِ منكَ أنْ

تُهْدِي بلا سَعْيٍ إلى جَناحا

فاسَمحْ بمأمولي الذي أنا طالبٌ

يا ابنَ الأُلىَ فضَلُوا المُلوكَ سَماحا

واحْمِلْ تَدلُّلَ آمِيلكَ فقد رأوا

طُرُقَ الرّجاءِ إلى نَداكَ فِساحا

فإليَّ أُهْدِ الإقْتراحَ كرامةً

وإلى فؤادِ الحاسد الأقراحا

أرغِمْ حسوداً فيكَ يُصبحُ بالقِلَي

عُمرَ الزمانِ إناؤه رَشَاحا

لا تُرْعَينْ كلَّ امْرىءٍ مُتَنَصّحٍ

سَمْعَ المُصدِقِّ قولَهُ استِنْصاحا

وزِنِ الوَرى وَزْناً بقِسطاسِ النُّهى

وانْقُدْ رِجالَ الاسْطِناعِ رَجاحا

واقدَحْ زِنادَ الرّأيِ منكَ ولا تَكُنْ

فيما عنَى نَشْرَ الحَيا قَدّاحا

واشْرِ المحامِدَ مُغْلياً أثماَها

فلَتلْكَ أعظَمُ صفَقْةٍ أرباحا

دُمْ للعلا ما جاد صُبْحاً دِيمةٌ

وسرى بلَيْلٍ بارِقٌ وألاحا

واستَنْطَقَ الطّيرَ الرّبيعُ فأصبحَتْ

في شُكْرِه عُجْمُ الطيورِ فِصاحا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الأرجاني

avatar

الأرجاني حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-alarjani@

315

قصيدة

2

الاقتباسات

104

متابعين

أحمد بن محمد بن الحسين، أبو بكر، ناصح الدين، الأرجاني. شاعر، في شعره رقة وحكمة. ولي القضاء بتستر وعسكر مكرم وكان في صبه بالمدرسة النظامية بأصبهان. جمع ابنه بعض شعره في ...

المزيد عن الأرجاني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة