الديوان » العصر العباسي » ابو العتاهية » الرفق يبلغ ما لا يبلغ الخرق

عدد الابيات : 29

طباعة

الرِفقُ يَبلُغُ ما لا يَبلُغُ الخَرَقُ

وَقَلَّ في الناسِ مَن يَصفو لَهُ خُلُقُ

لَم يَقلَقِ المَرءُ عَن رُشدٍ فَيَترُكُهُ

إِلّا دَعاهُ إِلى ما يَكرَهُ القَلَقُ

الباطِلُ الدَهرَ يُلفى لا ضِياءَ لَهُ

وَالحَقُّ أَبلَجُ فيهِ النورُ يَأتَلِقُ

مَتى يَفيقُ حَريصٌ دائِبٌ أَبَداً

وَالحِرصُ داءٌ لَهُ تَحتَ الحَشا قَلَقُ

يَستَغنِمُ الناسُ مِن قَومٍ فَوائِدَهُم

وَإِنَّما هِيَ في أَعناقِهِم رَبَقُ

وَيَجهَدُ الناسُ في الدُنيا مُنافَسَةً

وَلَيسَ لِلناسِ شَيءٌ غَيرَ ما رُزِقوا

يا مَن بَنى القَصرَ في الدُنيا وَشَيَّدَهُ

أَسَّستَ قَصرَكَ حَيثُ السَيلُ وَالغَرَقُ

لا تَغفُلَنَّ فَإِنَّ الدارَ فانِيَةٌ

وَشُربُها غُصَصٌ وَصَفوُها رَنَقُ

وَالمَوتُ حَوضٌ كَريهٌ أَنتَ وارِدُهُ

فَاِنظُر لِنَفسِكَ قَبلَ المَوتِ يا مَئِقُ

اِسمُ العَزيزِ ذَليلٌ عِندَ ميتَتِهِ

وَاِسمُ الجَديدِ بُعَيدَ الجِدَّةِ الخَلَقُ

يَبلى الشَبابُ وَيُفني الشَيبُ نَضرَتَهُ

كَما تَساقَطُ عَن عيدانِها الوَرَقُ

ما لي أَراكَ وَما تَنفَكُّ مِن طَمَعٍ

يَمتَدُّ مِنكَ إِلَيهِ الطَرفُ وَالعُنُقُ

تَذُمُّ دُنياكَ ذَمّا ما تَبوحُ بِهِ

إِلّا وَأَنتَ لَها في ذاكَ مُعتَنِقُ

فَلَو عَقَلتُ لَأَعدَدتُ الجِهازَ لِما

بَعدَ الرَحيلِ بِها ما دامَ بي رَمَقُ

إِذا نَظَرتَ مِنَ الدُنيا إِلى صُوَرٍ

تَخَيَّلَت لَكَ مِنها فَوقَها الخِرَقُ

فَاِذكُر ثَموداً وَعاداً أَينَ أَينَ هُمُ

لَو أَنَّ قَوماً بَقوا مِن قَبلِهِم لَبَقوا

ما نَحنُ إِلّا كَرَكبٍ ضَمَّهُ سَفَرٌ

يَوماً إِلى ظِلِّ فَيءٍ ثُمَّتَ اِفتَرَقوا

وَلا يُقيمُ عَلى الأَسلافِ غابِرُهُم

كَأَنَّهُم بِهِمُ مَن بَعدَهُم لَحِقوا

ما هَبَّ أَو دَبَّ يَفنى لا بَقاءَ لَهُ

وَالبَرُّ وَالبَحرُ وَالأَقطارُ وَالأُفُقُ

نَستَوطِنُ الأَرضَ داراً لِلغُرورِ بِها

وَكُلُّنا راحِلٌ عَنها فَمُنطَلِقُ

لَقَد رَأَيتُ وَما عَيني بِراقِدَةٍ

نَبلَ الحَوادِثِ بَينَ الخَلقِ تَختَرِقُ

كَم مِن عَزيزٍ أَذَلَّ المَوتُ مَصرَعَهُ

كانَت عَلى رَأسِهِ الراياتُ تَختَفِقُ

كُلُّ اِمرِئٍ فَلَهُ رِزقٌ سَيَبلُغُهُ

وَاللَهُ يَرزُقُ لا كَيسٌ وَلا حُمُقُ

إِذا نَظَرتَ إِلى دُنياكَ مُقبِلَةً

فَلا يَغُرُّكَ تَعظيمٌ وَلا مَلَقُ

أُخَيَّ إِنّا لَنَحنُ الفائِزونَ غَداً

إِن سَلَّمَ اللَهُ مِن دارٍ لَها عَلَقُ

فَالحَمدُ لِلَّهِ حَمداً لا اِنقِطاعَ لَهُ

ما إِن يُعَظَّمُ إِلّا مَن لَهُ وَرِقُ

وَالحَمدُ لِلَّهِ حَمداً دائِماً أَبَداً

فازَ الَّذينَ إِلى ما عِندَهُ سَبَقوا

وَالحَمدُ لِلَّهِ شُكراً لا نَفادَ لَهُ

الناسُ في غَفلَةٍ عَمّا لَهُ خُلِقوا

ما أَغفَلَ الناسَ عَن يَومِ اِبتِغائِهِمُ

وَيَومِ يُلجِمُهُم في المَوقِفِ العَرَقُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابو العتاهية

avatar

ابو العتاهية حساب موثق

العصر العباسي

poet-abu-alatahyah@

759

قصيدة

22

الاقتباسات

2791

متابعين

إسماعيل بن القاسم بن سويد العيني ,العنزي (من قبيلة عنزة) بالولاء، أبو إسحاق الشهير بأبي العتاهية.(130هـ-211هـ/747م-826مم) شاعر مكثر، سريع الخاطر، في شعره إبداع. كان ينظم المئة والمئة والخمسين بيتاً في اليوم، ...

المزيد عن ابو العتاهية

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة