الديوان » العصر العباسي » البحتري » من رقبة أدع الزيارة عامدا

عدد الابيات : 53

طباعة

مِن رِقبَةٍ أَدَعُ الزِيارَةَ عامِداً

وَأَصُدُّ عَنكِ وَعَن دِيارِكِ حائِدا

حَتّى أُخالَ مِنَ الصَبابَةِ بارِئاً

خَلواً وَإِن كُنتُ المُعَنّى الواجِدا

فَكَأَنَّما كانَ الخَبابُ وَديعَةً

كَنزاً غَنيتُ بِهِ فَأَصبَحَ نافِذا

لَم أَلقِ مَقدوراً عَلى اِستِحقاقِهِ

في الحَظِّ إِمّا ناقِصاً أَو زائِدا

وَعَجِبتُ لِلمَحدودِ يُحرَمُ ناصِباً

كَلِفاً وَلِلمَجدودِ يَغنَمُ قاعِدا

وَتَفاوُتِ الأَقسامِ فيما بَينَهُم

لا يَأتَلينَ نَوازِلاً وَصَواعِدا

ما خَطبُ مَن حُرِمَ الإِرادَةَ وادِعاً

خَطبَ الَّذي حُرِمَ الإِرادَةَ جاهِدا

وَعَشائِرٍ غَمَت عَلَيكَ أُمورُهُم

لا أَصدِقاءَ فَيَرفِدوكَ وَلا عِدى

أَغشاهُمُ خُلساً فَأَذهَبُ راغِباً

تِلقاءَ حَيثُ هُمُ وَأَرجُعُ زاهِدا

قَد قُلتُ لِلراجي المَكارِمَ مُخطِئاً

إِذ كانَ يَكتَسِبُ المَلاوِمَ عامِدا

لا تُلحِقَنَّ إِلى الإِساءَةِ أُختَها

شَرُّ الإِساءَةِ أَن تُسيءَ مُعاوِدا

وَاِرفَع يَدَيكَ إِلى السَماحَةِ مُفضِلا

إِنَّ العُلا في القَومِ لِلأَعلى يَدا

شَروى أَبي الصَقرِ الَّذي مَدَّت لَهُ

شَيبانُ في الحَسَناتِ أَبعَدَها مَدى

وَيَسُرُّني أَن لَيسَ يَكرُمُ شيمَةً

مِن مَعشِرٍ مَن لَيسَ يَكرَمُ والِدا

وَالفاضِلاتُ ضَرائِباً وَخَلائِقاً

لِلفاضِلينَ مَناسِباً وَمَحاتِدا

وَمَتى سَأَلتَ عَنِ اِمرِئٍ أَخلاقَهُ

صَدَقَت عَلَيهِ أَدِلَّةً وَشَواهِدا

وَلِيَ الوِزارَةَ مُبقِياً في أُمَّةٍ

قَد كانَ شارَفَ هُلكُها أَن يَأفِدا

يَئِسَت مِنَ الإِنصافِ حَتّى وَهَّمَت

بِاليَأسِ أَنَّ اللَهَ تارِكُها سُدى

يَسرونَ مِن بَغدادَ خَلفَ قِبابِهِ

يَغشَونَ آثاراً لَها وَمَعابِدا

لَولا تَكاثُرُهُنَّ في عَرَصاتِها

لَصُبِغنَ نَوراً أَو بُنينَ مَساجِدا

أَرضاهُ مَوفوداً إِلَيهِ وَحَسبُهُ

بي حينَ أَتبَعتُ القَوافي وافِدا

شُكراً لِأَنعُمِهِ الجِسامِ وَلَم تَضِع

نِعَمٌ مَلَأنَ لَهُ البِلادَ مَحامِدا

كَيفَ التَأَخُّرُ عَنهُ وَهوَ بِطَولِهِ

لَيسَ الوَحيدَ يَداً وَلَستُ الجاحِدا

توليكَ صَدرَ اليَومِ قاصِيَةَ الغِنى

بِمَواهِبٍ قَد كُنَّ أَمسِ مَواعِدا

سَومَ السَحائِبِ ما بَدَأنَ بَوارِقاً

في عارِضٍ إِلّا ثَنَينَ رَواعِدا

وَمَتى رَجَعتَ إِلَيهِ شاكِرَ نَيلِهِ

رَجَعَت مَصادِرُ ما أَنالُ مَوارِدا

يُذكي عَزائِمَ لَو عُنينَ بِسَبكِهِ

لَسَبَكنَ هَضبَ شَرَورَيَينِ الجامِدا

إِنَّ المَناكِبِ لَيسَ تَعرِفُ أَيِّداً

مِنها وَلَم تُجشِمهُ عِبئاً آيِدا

أَغرى الخُيولَ بِأَصبَهانَ فَلا تَسَل

عَن رَأيِهِ وَالجَيشَ حينَ تَسانَدا

وَكَأَنَّما الصَفّارُ كانَ بِفارِسٍ

فِرعَونَ مِصرٍ إِذ أَضَلَّ وَما هَدى

أَتبَعتَهُ العِجلِيَّ ثُمَّ رَفَدتَهُ

بِالكَوتَكينَ مُكاتِفاً وَمُعاضِدا

فَالخَوفُ مِن خَلفِ العُلَيجِ وَدونَهُ

مِن موبِقاتِ الحَربِ أَوحاها رَدى

تَدبيرُ أَغلَبَ ما يَنَهنِهُ غالِباً

لِمُشايِحيهِ مُبادِياً وَمُكايِدا

صَغُرَت مَقاديرُ الرِجالِ وَقارَبوا

في السَعيِ حَتّى ما تَرى لَكَ حاسِدا

لَو نافَسوكَ لَخالَسوكَ مِنَ النَدى

ما يُصلِحونَ بِهِ الزَمانَ الفاسِدا

قَعَدوا وَأَينَ قِيامُ مَن قَد طُلنَهُ

شُرُفاتُ ما تَبني ذُراً وَقَواعِدا

لَم تَخلُ مِن فِئَةٍ تَحُفُّكَ رَغبَةً

وَخَلائِقٍ يُبرِزنَ شَخصَكَ فارِدا

وَأَحَقُّ ما عَجِبتُ مِنهُ ضَرورَةٌ

تُغري المَقودَ بِأَن يُطيعَ القائِدا

تَأبى الأُلوفُ عَلى الأُلوفِ تُرى لَها

تَبَعاً وَتَتَّبِعُ الأُلوفُ الواحِدا

وَلَقَد بَرَعتَ عَلى المُلوكِ مَحَلَّةً

عُلواً وَأَفنِيَةً يَرُقنَ الرائِدا

وَمَدَدتَ تَطَّلِبُ الَّذي لَم يَطلُبوا

كَفّاً تُناوِلُكَ السَماءَ وَساعِدا

أَسهَدتَ لَيلَ عَواذِلٍ لَولا اللُهى

تُصفي كَرائِمُها لَبِتنَ هَواجِدا

يَشفينَ مِنكَ الغَيظَ دونَ مَعاشِرٍ

يُسقَونَ بِالذَمِّ الزُلالَ البارِدا

وَإِذا وَسَمنَكَ وَالبَخيلَ بِنَبزَةٍ

كُنتَ المَضَلَّلَ وَالبَخيلُ الراشِدا

وَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ هَمَّكَ يَعتَلي

في صاعِدٍ حَتّى تُنَفِّذَ صاعِدا

بِالنَصرِ يَمتَثِلُ المُعادُ المُبتَدا

وَالمالُ يَتَّبِعُ الطَريفُ التالِدا

مَجدٌ وَمااِنفَكَّ الزَمانُ مُوَكِّلا

بِالمَجدِ يُلحِقُهُ الأَغَرَّ الماجِدا

هَذي نَوافِلُكَ الَّتي خُوِّلتَها

رَجَعَت غَرائِبُها إِلَيكَ قَصائِدا

تُعطيكَ شُهرَتُها النُجومَ طَوالِعاً

وَتُريكَ أَنفُسُها الجِبالَ خَوالِدا

مُتَعَسِّفاتٍ ماتَزالُ رُواتُها

تَأبى عَلَيها أَن تَسيرَ قَواصِدا

وَهيَ القَوافي ما تَقِرُّ ثَوابِتاً

لِمُمَدَّحٍ حَتّى تَعيرَ شَوارِدا

عِلَلٌ لِإِتواءِ الذَخائِرِ كُلَّما

جُلِيَت عَلى مَلِكٍ أَباحَ التالِدا

وَالبَحرُ لَولا أَن تُسَيَّرَ سُفنُهُ

بِالريحِ مابَرِحَت عَلَيهِ رَواكِدا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن البحتري

avatar

البحتري حساب موثق

العصر العباسي

poet-albohtry@

931

قصيدة

59

الاقتباسات

2083

متابعين

الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي, أبو عبادة البحتري شاعر كبير، يقال لشعره (سلاسل الذهب). وهو أحد الثلاثة الذين كانوا أشعر أبناء عصرهم: المتنبي، وأبو تمام، والبحتري. قيل لأبي العلاء ...

المزيد عن البحتري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة