الديوان » العصر العباسي » ابن الرومي » وقف الهوى بك بعد طول وجيفه

عدد الابيات : 80

طباعة

وقف الهوى بك بعد طول وجيفِهِ

وأفاق من يلحاك من تعنيفِهِ

ولقد يروقك بارتجاج نبيله

قمر النساء وباهتزاز قضيفِهِ

قَبحَ الهوى ملكُ السماء فلم يزل

دَيناً يدين قويه لضعيفه

ولحا الصِّبا بعد المشيب فإنه

شأوٌ يريك الحرَّ خلفَ وصيفه

يا جارتي أودى بياضُ مُسرَّحي

وبريقه بسواده ورفيفه

والشيب ضيف لايزال موكّلا

بمعقَّةٍ ومساءةٍ لمُضيفه

وأرى قوامي لج في تقويسه

ولقد يلج اللين في تعطيفه

إن يحمني بيض المشيب وشيبه

مرعاي من بيض الشباب وهيفه

أو يقرني دهري مذيقَ حليبه

فلقد قراني من وَريَّ سديفه

ومُنعَّمٍ كالماء يشفي ذا الصدى

كشفائه ويشفُّ مثل شفيفه

ممن له حسن الرحيق وطيبه

ومراحُ شاربِه ومشيُ تريفه

تلقى جنى التفاح في وجناته

وترى جنى العنّاب في تطريفه

متَّعتُ منه مسامعي ومراشفي

بنثير لؤلؤِهِ وماء رصيفه

رويت سامعتي من ترجيعه

بيتَيْ زيادٍ في سقوط نصيفه

وطفقت أرشف ريقه عن ثغره

حتى شفيت جوى الهوى برشيفه

فالآن بدل صحوه من لهوه

لاه وطول عزوفه بعزيفه

أنَّى لذي شيب نسيمُ نسيمه

أنى له التتريف من تنزيفه

نسخ الزمان سخافة بحصافة

فأتى حصيف الرأي دون سخيفه

وطوى المشيب تغزلي بتجملي

فطوى لذيد تمتعي بعفيفه

ما زال مرتاد الزمان مطوِّفاً

حتى أصاب الرشد في تطويفه

عفَّى بإسماعيل في شيبانه

ما كان من حَجَّاجه وثقيفه

لبس الزمانُ من الوزير وعهده

برداً تحار العين من تفويفه

ناهيك من حسن الرواء جميله

عفِّ المغيب لدى الخلاء نظيفه

أو ليس تطريف الزمان بمثله

ما شئت أو ما شاء من تطريفه

خُصَّ الوزير ببيت مجد زاده

بيديه تشريفاً على تشريفه

لو لم يُسقَّف بالسماء بناؤه

عجزت ظلال المزن عن تسقيفه

يا حاسباً حسب الوزير وحقُّهُ

أن يعجز الحساب عن تنصيفه

أنى تروم يداك إحصاء الحصى

ويداه دائبتان في تضعيفه

لم يخل دهر فيه إسماعيله

من أمن خائفه وخوف مخيفه

منجاةُ هاربه محل طريده

منهاة طالبه غياث لهيفه

قدر يبور المترفون بسيفه

بحر يلوذ المعتفون بِسِيفه

وهب الزمان له فضائل نفسه

ورجاله فحكاه في تصريفه

لا حزم قشعَمِهِ تراه يفوته

في النائبات ولا شذى غطريفه

وكأنما إشراقه وسماحه

إغداق مشتاه وصحو مصيفه

وترى له نعماً كجوِّ ربيعه

وكروضه وكطيِّبات خريفه

بسطت يداه العدل في سلطانه

حتى استوى بدنيِّه وشريفه

جُزِي الوزير عن الرعية صالحاً

بنواله والرفق في تثقيفه

يعد العقوبة فهي في تأخيرِهِ

ويرى المثوبة فهي من تسليفه

يا سائلي عن جوده بجزيله

ورضاه من شكر امرئ بطفيفه

أضحى حليفاً للسماح ولم يكن

ليراه ربك غادراً بحليفه

نغدو بمدح فيه أيسرُ حقِّه

فنحوز كل تليده وطريفه

واسوأتي والله من تطفيفه

إذ لا تخاف هناك من تطفيفه

نمتاحه والجور في توظيفنا

ويسوسنا والعدل في توظيفه

متطول نشتط في تكليفنا

أبداً ولا يشتط في تكليفه

أمواله وقف على تثقيلنا

وثناؤنا وقف على تخفيفه

وبه نحوك الشعر فيه لأننا

تبع لمفتقر الفعال مَقِيفه

يبني العلا ونقول فيه فإنما

تأليفنا يُحذى على تأليفه

عجباً له أنى يثيب معاشراً

يتعلمون الشعر من توقيفه

كم جاد فيه من مديح لم يجد

عن نحت شاعره ولا تحذيفه

غيث نعيش بصوبه ونرى العدى

ضعفين تحت لهيبه ورجيفه

متبادرين قصيفه بوميضه

متناذرين حريقه بقصيفه

ليث تراعى الوحش حول حريمه

وترى الأسود مجانبات غريفه

متبادراتِ دليفِه بزئيره

متناذرات وثوبه بدليفه

كم قد نجا منه الرفيق وما نجا

منه العنيف بلفِّه ولفيفه

كالريح والزرعُ استكان لمرِّها

وعتت فلم تقدر على تقصيفه

وتماتن الجزع الأبيُّ مهزُّه

فأتت عليه ولم تُرَع بحفيفه

ملك تضمن لي بلوغ محبتي

عند اعتلال الدهر أو تخويفه

فإذا رهبت أقلني في ربعه

وإذا رغبت أحلني في ريفه

ما قلت فيه كأنَّ إلا أعوزت

أشباهه فعجزت عن تكييفه

لكنني استفرغت في تشبيهه

جهد المطيق وحدت عن تحريفه

فأريت معناه العقول كما يُرى

معنى كلام المرء في تصحيفه

ولواصف في جملة من وصفه

شغلٌ لعمر أبيك عن تصنيفه

يا من إذا ناديته بصفاته

دون اسمه بالغت في تعريفه

كم ظلِّ يأسٍ مطبق كشَّفته

عند اعتقاد اليأس من تكشيفه

بك طِيف تدبيرٌ يكيِّف لطفه

سداً صلاح الناس في تكييفه

يبني الكثيف من اللطيف وإنما

تكثيف ذي التحصين من تلطيفه

متخصّراً قلماً نحيفاً جسمه

في وزن ضخم الشأن غير نحيفه

لله أي مصدَّرٍ ومردَّفٍ

يهتز بين ثقيله وخفيفه

ناهيك من صدر ومن تسنينه

ناهيك من ردف ومن تسنيفه

كُسِي المهابة كلها بغنائه

في كل نازل مضلعٍ ومُطيفه

فترى السنان يلوح في تصديره

وترى الحسام يلوح في ترديفه

وظليمِ أسفارٍ إذا افترش الفلا

بارى الظليم فزفَّ مثل زفيفه

كلَّفتُه حملي إليك فخفَّ بي

وابتاع خطوته بقرب أليفه

يممت وجهك أهتدي بنجومه

عند احتشاد الليل في تسجيفه

وصدرت عما قال فيك مجرِّبٌ

لا عن مقالة عائفٍ ومعيفه

ومؤمَّل أغنيته ومؤمِّلٍ

رجَّى غناك لججت في تسويفه

لم تأل في تقديم مالك غائظاً

لمسابق لم تأل في تخليفه

فاسلم وكن أبداً أمام عنانه

سبقاً وكن عُمراً وراء رديفه

وأما وأشراف الرجال أليَّةً

من مخلص يغنيك عن تحليفه

ليُشنِّفنَّهُمُ بمدحك صائغٌ

لا تكبر الآذان عن تشنيفه

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن الرومي

avatar

ابن الرومي حساب موثق

العصر العباسي

poet-abn-rumi@

2020

قصيدة

17

الاقتباسات

1826

متابعين

علي ابن العباس بن جريج، أو جورجيس، الرومي، أبو الحسن. شاعر كبير، من طبقة بشار والمتنبي. روميّ الأصل، كان جده من موالي بني العباس. ولد ونشأ ببغداد، ومات فيها مسموماً، ...

المزيد عن ابن الرومي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة