الديوان » العصر المملوكي » مالك بن المرحل » شهد الإله وأنت يا أرض اشهدي

عدد الابيات : 46

طباعة

شهدَ الإلهُ وأنت يا أرضُ اشهدي

أنّا أجبنا صرخةَ المستنجدِ

لما دعَا الداعي وردّد صوته

قمنا لنصرته ولم نتردّدِ

نسري له بأسنّةٍ قد جُرّدت

من عضبها والصبحُ لم يتجرّدِ

والشهبُ فوق التُرب أسرع نقلة

منها وفوق السُحب نحو المقصدِ

لولا الأسنةُ والسنابكُ مادرى

أحدٌ بسيل خيولنا في الفرقدِ

حتى إذا باحتْ بنا شمسُ الضُحى

للعينِ غبْنا في العيانِ الأربدِ

والخيلُ تشكونا ولا ذنب سوى

أنا نروحُ بها وأنا نغتدِي

لو أنّها علمتْ بنا في قصدنا

كانتْ تطير بنا ولم تترددِ

اللهُ يعلمُ أننا لم نعتقدْ

إلا الجهادَ ونصرَ دين محمدِ

ثم اعترضنا البحرُ وهو كأنه

مَلكُ تقدّم بالجيوش لمرصدِ

فترامتْ الخيلُ العطاشُ لورده

هيهات ما الماء الأجاج بموردِ

يا خيلُ إنَّ وراءنا ماءً روى

ومشارباً ومزارعاً لم تحصدِ

وأحبّةً بين العدا قد أصبحوا

يتوقعون الموتَ إن لم تنجدِ

من مطلع العبرات إلا أنه

تجري دموعُ جفونه لمقيّدِ

ومفجّع لا يستلذُ بمطعمٍ

ومُروّع لا يستقرُ بمرقدِ

إخواننا في ديننا وودادنا

ولهم مزيدُ تحبّب وتودّدِ

نسري بأجنحة البُزاة إلى العدا

مثلَ الحمام الحائماتِ الورّدِ

واستقبلتْ بحر الزقاق بعصبةٍ

نفذت عزائمها ولم تتعددِ

فاستبشروا في أفقهم بطلوعنا

كالشمسِ يومَ طلوعها للأسعدِ

حتى بعثنا القومَ في أوطانهم

إن الحوادث لا تجيءُ بموعدِ

ثم التقينا بالذين استصرخوا

منّا بكلِّ مؤيّد ومسدّدِ

حتى إذا جئنا وجاءوا نحونا

ودنا المزارُ وقيل للبُعد ابعدِ

وازورَّ جانبُهم وشدّوا بعدما

بسطوا لنا الآمالَ بسطَ ممهّدِ

أو ما رأوا أنا تركنا أرضنا

ولنا بها ملكٌ رضيُّ المحتدِ

وأطاعنا قومٌ كثيرٌ أسرعوا

فمزوّد منهم وغيرُ مزوّدِ

أترونَ إن عادوا إلى أوطانهم

يبقى لكم في الأرضِ موضعُ مسجدِ

أم تحسبون بوارقاً نشأتْ لكم

أمثالنا في جوّكم لم تُعهدِ

برماحكم نفحتْ وعنها أُمطرت

بل كانَ منّا ذا وإن لم نشهدِ

إنا أردنا إن رعبنا قومنا

فيكم فيرجعُ من مضى بتزيّدِ

حتى ترونَ بلادكم معمورةً

ويكونَ يومكُم يقصّرُ عَنْ غدِ

فاليومَ قد أوحشتمونا وحشةً

إن لم تمدّ حبالها فكأنْ قدِ

يا ليت شعري ما بدا منا لكمْ

حتى ابتديتمْ بالمكانِ الأبعدِ

تاللّه لولا ودُّنا فيكم ومَا

أدراكَ من ودِّ قديم مقلدِ

ومخافُنا أن يستطيل عدوكم

ويثورَ بعدَ تذلّل وتعبّدِ

لخرجتُ من هذا البلاءِ بمن معي

وتركتُها لكمُ ولمْ أتعهدِ

أو ما علمتمْ أننا أيدٍ لكم

دونَ العدا واللهُ خيرُ مؤيدِ

لولا رجالٌ من مرينٍ رفّعوا

منكم لكنْتم بالحضيض الأوهدِ

لولا رجالٌ من مرينٍ قاتلوا

عنكم لكنتم كالنساءِ الخرّدِ

عهدي بجندكم الذين إذا رأوا

عِلجاً تولّوا كالنعام الشرّدِ

يتشبّهون بكلِّ أغلفَ كامن

في زيِّهم وكلامهم في المشهدِ

وطعامِهم وخلالِهم وشرابِهم

ومناكرٍ يأتونها وسطَ الندي

وتنقُّص العلماءِ والفضلاءِ والأ

عيانِ من أهل التقى والسؤددِ

كيفَ الهُدى لهم ومن لا يقتدي

بنبيّه وإمامه لم يهتدِ

هذا عتابٌ ليسَ فيه قطيعةٌ

إن الوداد كعهده لم ينفدِ

فاتوا بعزكم إلى ما عندنا

في حقكم ولتسمعوا من مرشدِ

ثم السلامُ عليكم من والدٍ

يدعو ابنه دعوى مُحبِّ مُسعِدِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن مالك بن المرحل

avatar

مالك بن المرحل حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Malik-ibn-al-Murahhal@

162

قصيدة

36

متابعين

مالك بن عبد الرحمن بن فرج ابن الأزرق، أبو الحكم، المعروف بابن المرحل. أديب، من الشعراء. من أهل مالقة، ولد بها، وسكن سبتة. وولي القضاء بجهات غرناطة وغيرها. من موالي بني ...

المزيد عن مالك بن المرحل

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة