الديوان » لبنان » سليمان البستاني » لما بدت غزالة الصباح

عدد الابيات : 543

طباعة

لَمّا بَدَت غَزالَةُ الصَباحِ

تَنهَضُ من مَرقَدِها الفَيّاحِ

وَغادَرَت طيثونَ ذا الوَجهِ الوَضي

حَتّى على الجِنَّةِ وَالناسِ تُضي

سَيَّرَ زَفسُ فِتنَةَ الوَبالِ

بِيَدِها مَعالِمُ القِتالِ

فَاِنتَصَبَت مُنتَصَفَ الأُسطولِ في

مَركَبِ أوذيسَ الكبيرِ المُشرِفِ

لِتَبلُغَ الفَزعَةُ كُلَّ العَسكَرِ

حَتّى أَخيلَ وأَياسَ الأَكبَرِ

إِذا خَيَّما وَرَبَطا القِلاسا

في الجانِبَينِ شِدَّةً وَباسا

فَدَمدَمَت تَدوي دَوِيَّ الرَعدِ

وَشَدَّدَتهُم لِلِّقا المُشتَدِّ

فَآثَروا الحَربَ وثِقلَ المِحَنِ

عَلى المآبِ لِعَزيزِ الوَطَنِ

فَقامَ أَتريذُ بِهِم وَصاحا

بالقَومِ كَي يُقَوِّموا السِلاحا

وَشَكَّ في فولاذِهِ الأَغَرِّ

يَلبَسُ خِفَّيهِ بِبادي الأَمرِ

وَحَولَ ساقَيهِ بِقِدَّتَينِ

أَوثَقَ حالاً بِعُرى اللُجَينِ

وَلَبِسَ الدِرع البَهِيَّةَ الَّتي

أُهديها مِن قَبلِ سَيرِ الحَملَةِ

مِن مَلكِ قِبريسَ كَنِبرَ الناءي

تَذكِرَةً لِمُحكَمِ الوَلاءِ

مُذ نَبَأُ الإقلاعِ للطُروادِ

عَلى السَفينِ شاعَ في البِلادِ

مِن أَبدَعِ السُطورِ فيها إِثنا عَشَر

مِن النُضارِ شائِقاتٌ للنَظَر

وَمِن نُحاسٍ أَبيَضٍ عِرونَ مَع

عَشَرَةٍ أَسحَمِ فُولاذٍ سَطَع

وفي كِلا الجَنبينِ حَتّى العُنُقِ

ثَلاثُ حَيّاتٍ مِنَ الوَشيِ النَقي

حَكَت بِقَلبِ الغَيمِ أَقواسِ قُزَح

بِنَبَأٍ زَفسُ مِنَ السَما طَرَح

ثُمَّ عَلى كاهِلِهِ أَتريذُ قَد

أَلقى حُساماً بِشعاعِهِ اِتَّقَد

كَلباهُ والحِزامُ مِن أَبهى الذَهَب

وعِمدُهُ مِن فِضَّةٍ فيها العَجَب

وَقَلَّ تُرساً شائِقاً بَهِيَّا

يَستُرُ كُلَّ جِسمِهِ قَوِيّا

عضلَيهِ دارَت حَلَقاتٌ لامِعَه

عَشرٌ مِنَ الصُفرِ البَهِيِّ ساطِعَه

وَفيهِ عِشرونَ مِنَ الحَرابي

مشنَ النُحاسِ الأَبيَضِ اللَهّابِ

في وَسطِها حِرباءُ فولاذٍ أَغَر

يَبدو بِها الغُرغونُ رَوّاعُ النَظَر

وَحَولَهُ الهَولُ وَرَسمُ الرَعدَةِ

وَالدِرعُ شُدَّت بِحِزامِ فِضَّةِ

يَلتَفُّ في ثُعبانِ رَوعٍ أَزرَقِ

مُثَلَّثِ الرَأسِ وَحيدِ العُنُقِ

مِن ثَمَّ للمِغفَرِ أَتريذُ عَمَد

يَلبَسُهُ مِن بَعدِ هاتيكَ العُدَد

مُرَبَّعُ الرَأسِ بِعُرفٍ أَملَسِ

مِن شَعرِ خَيلٍ هاجَ فَوقَ القَونَسِ

وَقَلَّ رُمحَينِ مُثَقَّفَينِ

حَتّى أَعالي الجَوِّ ساطِعَينِ

وَالرَعدُ إِجلالا لَهُ وَشَرَفا

بَأَمرِ آثينا وهيرا قَصَفا

فَأَمَرَت فُرسانُهُ السُياسا

تَنظِمُ فُربَ الخَندَقِ الأَفراسا

وَاِندَفَعوا ما شينَ بِالسِلاحِ

بَينَ صُياحِ طَرَّةَ الصَباحِ

فَاِنتَظَمَ الأَبطالُ قُريبَ الخَندَقِ

تَجري وَراءَهُم عِجالُ الفَيلَقِ

وَزَفسُ بَينهُم أَثارَ اللَغبا

يُمطِرُ طَلّا بِدَمٍ مُخضَّبا

أَمّا بَنو الطُروادِ فَوقَ الهِضَبِ

فَاِنتَظِموا مِن حَولِ هَكطورَ الأَبي

وَحَولَ فوليذامَسَ المَعصومِ

وَآنِياسَ المُجتَبى العَظيمِ

وَحولَ فُوليبَ وآكاماسِ

فَتىً حَكى الأَربابَ آلَ الباسِ

وَالقَيِّمِ المَحمودِ آغِنورا

ثَلاثَةً مِن وُلدِ اِنطينورا

وَهَكطُرٌ في صَدرِهِم يَدورُ

في يَدِهِ مِجَنُّهُ الكَبيرُ

يَخوضُ في ساقَتِهِم فَيَأمُرُ

فَيَختَفي ثُمَّ بِصَدرٍ يَصدُرُ

كَكوكَبِ الهَولِ الذي يَستَتَرُ

في الغَيمِ حيناً ثُمَّ حيناً يَظهَرُ

يَسطَعُ بِالحَديدِ وَالفولاذِ

كَبَرقِ زَفسِ اللامِعِ الجَبّاذِ

فَعِندَ ذاكَ اِتَبَكَ الجَيشانِ

وَثارَ نَقعُ الضَربِ وَالطِعانِ

فَكُلُّهُم مِثلَ الذِئابِ اندَفَعوا

وَلَم يَكُن مِن لِلفِرارِ يَنزِعُ

تُبَتَّتُ الرُؤوسُ وَالأَجسادُ

كَسُنبُلِ يَبتَتُّهُ الحُصّادُ

وَلَم يَكُن يَشهَدُ تِلكَ المَلحَمَه

بِالبِشرِ إِلّا الفِتنَةُ المُهَدِّمَه

وَفي الأُلِمبِ سائِرُ الأَربابِ

بِشائِقِ القُصورِ بِاِحتِجابِ

وَلَومُهُم لِزَفسِ طُرّاً بادِ

لِمَيلِهِ لَنُصرَةِ الطُروادِ

لَكِنَّ زَفسَ لَيسَ بِالمُبالي

يَعتَزُّ في عَلياهُ بِاِعتِزالِ

يُحيطُ بِالطُروادِ وَالأُسطولِ

وَالحَربِ وَالقاتِلِ وَالمَقتولِ

مِنَ البُزوغِ لِاِرتِفاعِ المَشرِقِ

جُندٌ تُرَدّى وَسِهامٌ تَلتَقي

وآنَ ما الحَطّابُ يُضوى تعبا

في غابِهِ وَظَمأً وَسَغَبا

وَيَطلُبُ الراحَةَ بَعدَ الغائِلَة

مُهَيِّئاً طَعامَهُ بِالقائِلَه

تَأَلَّبَ الإِغريقُ باِشتدادِ

وَخَرَقوا كَتائِبَ الطُروادِ

في صَدرِهِم يَجري أَغامَمنونُ

تَسيرُ في يَمينهِ المَنونُ

جَندَلَ أَبيانورَ راعي الأُمَمِ

فَتِبعَهُ السائِقَ ويلوسَ الكَمي

مِن فَوقِ مَن كَبَتهِ وَثباً وَثبَب

يَلقى أغامَمنونَ مُشتَدَّ الغَضَب

لَكِنَّما أَتريذُ في الجبينِ

طَعَنَهُ بِرُمحِهِ المَتينِ

فَخَرَقَ المغفِرَ وَالعَظمَ سَحَق

وَبَدَّدَ الدِماغَ والهامَةَ دَق

عَرّاهُما فَلَبثا مَيتَينِ

لا سِترَ فَوقَ ناصِعِ الصَدرَينِ

ثُمَّ اِنثَنى يَسطو عَلى إِسوسا

مِن وُلدِ فِريامَ وَأَنطِفوسا

فَذلِكَ اِبنُ غادَةٍ خَليلَهُ

لَكِنَّ ذا مِن زَوجِهِ الحَليلَه

قَد رَكِبا مَركَبَةً فَذاكا

ساقَ وَهَذا وَلِيَ العِراكا

كِلَيهِما قِدماً أَخيلُ دَهَما

بِطَورِ إيذا يَرعَيانِ الغَنَما

بِيانِعِ الخَيزورِ أَوثَقَهُما

وَنالَ فِديَةً وَأَطلَقَهُما

وَالآنَ أَتريذُ إِسوساً قَتلا

بِطَعنةٍ في ثَديِهِ فَجَندَلا

وَأَنطفوسُ بِحُسامِهِ قَطَع

أُذُنَهُ قَطعاً فَلِلأَرضِ وَقَع

فشائِقَ الشِكَةِ مِنهُما سلب

يَذكُرُ مِن أَمرِهِما ماضي العَجَب

إِذ كان قَد رآهُما في السُفُنِ

بَأَمرِ آخيلَ بِذاكَ الزَمَنِ

وَصائِلاً مَشى كَلَيثٍ داهِمِ

خِشفَةً واهِنَةَ العَزائِمِ

يَسحَقُها بِرائِعِ الأَنيابِ في

كِناسِها سَحقاً بِلا تَكَلُّفِ

وَالأُمُّ تِلكَ الظَبيَةُ المُرتَجِفَه

لا حيلَةٌ لَها بِرَفدِ الخِشَفَه

مُرتاعَةً مُلتاعَةً تَبغي المَفَر

في الغابِ تَجري بَينَ مُلتَفِّ الشَجَر

تَلهَثُ عَيّاً وَتَسيلُ عَرَقاً

هالِعَةً مِن هَولِ ذاكَ المُلتَقى

كَذاكَ في الطُروادِ لَم يَكُن أَحَد

لِوَلَدَي فِريامَ يَبذُلُ المَدَد

وَلَّوا لَدى الأَراغِسِ الفِرارا

وَخَلفَهُم أَتريذُ بَأساً ثارا

فيسَندَراً وإيفلوخاً دَهَما

عَلى مَطا مَركَبَةٍ قَد هُزِما

مِن وُلدِ أَنطيما أَنطيماخُسٍ مَن مَنَعا

هيلانَةً لِزَوجِها أَن تُرجَعا

إَذا كانَ فاريسُ رَشاهُ وَوَهَب

مالاً وَفيراً مِن مَتاعٍ وَذَهَب

فَعِندَما لَدَيهِما مِثلَ الَسَد

لاحَ الجيادُ جَمَحَت تَحتَ العُدَد

وَاِرتَجَفَت أَنيديهِما فَوَقَفَت

أعِنَّةٌ بِها سَناءً سَطَعت

فَسَجَدا مِن فَوقِ ذاكَ المَجلِسِ

وَصَرَخا بِذِلَّةِ المُلتَمِسِ

فَأَنطِماخُ يُجزِلُ الهَدايا

إِن نَبقَ حَيَّينِ عَلى الخَلايا

وَبَكَيا تَذَلُّلاً وَصُغرا

فَلَقِيا مِنهُ الجَوابَ المُرّا

أَلَيسَ أَنطِماخُ وَالِدُكُما

بِمَجلِسِ الطُروادِ يَوماً حَكَما

بِقَتلِ أوذيسَ وَمينيلا وَقَد

جاءا رَسولَينِ وَبالكيدِ أَتَّقَذ

سَتَلقَيانِ الآنَ شَرَّ غَدرِهِ

وَطاعِناً فيسَندَراً بِصَدرِهِ

جَندَلَهُ مِن فَوقِ عَرشِ العَجَلَه

فَإيفُلوخُ بِخَفيفِ العَجَلَه

رامَ اِنهِزاماً وإِلى الأضرضِ وَثَب

لَكِن أَغامَمنونُ بالسَيفِ انتَصَب

بِضَربَةٍ عَلَيهِ بالعَزمِ اندَفَع

وَرَأسَهُ مَعض الذِراعَينِ قَطَع

دَفَعَهُ لِلأَرضِ مِثلَ الخَشَبَه

وراحَ يَجري بِعَظيمِ الكَبكَبَه

تَتبَعُهُ كَتائِبُ الأَجنادِ

حَيثُ تَكَثَّفَت سُرى الأَعادي

فَبَطَشَ الغُلمانُ بالغُلمانِ

وَفَتَكَ الفُرسانُ بالفُرسانِ

وَتَحتَ وَقعِ الخَيلِ نَقعٌ ثارا

في السَهلِ لِلجَوِّ ذَرا الغُبارا

وَثَمَّ أَتريذُ يَحُضُّ الجُندا

مُقتَضِباً مُقتَفِياً مُشتَدّا

هَبَّ عَلى الأَعداءِ مِثلَ النارِ

شَبَّت بِغابٍ غَضَّةِ الأَشجارِ

تُثيرُها الريحُ وَفي كُلِّ مَهَب

تَلهَمُ كُلَّ ما أَمامَها اِنتَصَب

أَمامَهُ الطُروادُ وَلَّوا جَزَعا

وَسَيفُهُ الرُؤوسَ قَطعاً قَطَعا

وجامِحاتُ الخَيلِ بالعِجالِ

تَضرِبُ في السَهلِ بِلا رِجالِ

تَندُبُ ما أَلَمَّ بِالفُرسانِ

تَحتَ عَجاجِ الضَربِ وَالطِعانِ

أَشهى هُمُ الآنَ إِلى العُقبانِ

مِنهُ إِلى حَلائِلِ النِسوانِ

وَزَفسُ هَكطورَ عَنِ النَقعِ حَجَب

وَعَن ضَجيجِ القَومِ في ذاكَ اللَجَب

وَعَن مَدى النِبالِ وَالنَجيعِ

وَعَن تَلاحُمٍ بِهِم فَظيعِ

وَظَلَّ أَتريذُ عَلى أَعقابِهِم

مُشَدٍِّداً يَضرِبُ في رِقابِهِم

فَدُفِعوا لِلتينِ ثُمَّ اِجتازوا

في وَسَطِ السَهلِ وَفيهِ اِنحازوا

لِقَبرِ إيلو ذَلِكَ الدَردَنُسي

يَبغونَ إِليونَ بِحَرِّ النَفسِ

وَإِثرَهُم أَتريذُ دَوماً جاري

مُلَطَّخاً بِالدَمِ وَالغُبارِ

يَصيحُ حَتّى أَبلَغَ الفُرسانا

أَبوابَ إِسكِيَّةَ ثُمَّ الزانا

فَوَقَفوا يَبغونَ جَمعَ الشَملِ

وَصَحبُهُم تَبَعثَروا في السَهلِ

مِثلَ العُجولِ ذُعِرَت فِرارا

وَاللَيثُ في اللَيلِ لَقَد أَغارا

فَأَيَّها أَصابَهُ سَحَقَهُ

مُحَطِّماً بِنابِهِ عُنُقَهُ

يَمتَصُّ لا مُكتَفِياً دِماءَهُ

يَزرَدُ لا مُشتَفِياً أَحشاءَهُ

كَذا أَغامَمنونُ أَصمى وَسَفَك

بِساقَةِ العِدى بِمَن لاقى فَتك

وَلَّوا وَمُشتَدّاً عَلَيهِم حَمَلا

بِالرُمحِ يُردي بَطَلاً فَبطلا

ما بَينَ مَصروعٍ مِنَ العِجالِ

أَهوى وَمُسلَنقٍ على الرِمالِ

وَعِندَ ما قارَبَ إِدراكَ البَلَد

وَسورِهِ الشاهِقِ في ذاكَ اللَدَد

مِن قُبَّةِ السَماءِ كَالبَرقِ انحَدَرشش

زَفسُ وَفي إيذا بِعَلياهُ اِستَقَر

صاحَ بِذاتِ أَجنُحِ النُضارِ

بِيَدِهِ عَمودُ بَرقٍ وارِ

قالَ فَطيري إيرِسُ الرَشيقَه

وَأبلِغي هَكطوراً الحقيقَه

فَطالَما أَتريذُ في صَدرِ السُرى

يَبطُشُ فيهِم فاتِكاً مُدَمِّرا

فَليَعتَزِل وَليُلقِ عِبءَ الصَدِّ

عَلى سِواهُ مِن سَراةِ الجُندِ

لَكِن إِذا بِطَعنَةٍ فاهِقَةِ

أُصيبَ أَو بِرَمية خارِقةِ

وَراحَ يَعلو سُدَّةَ العِجالِ

هَكطورَ أُولي نُصرَةَ القِتالِ

لَأُولِيَنَّهُ اِشتِدادَ البَأسِ

يَكسَحُهُم حَتّى غُروبِ الشَمسِ

لِمَوقِفِ الأُسطولِ يَسفِكُ الدِما

حَتّى يَرى قُدسَ الدُجى قَد خَيَّما

أَلفَتهُ في مَركَبَةٍ مُنتَصِبا

قالت أَيا هكطورُ خُذ مِنّي النَبا

يا عِدَّ زَفسَ زَفسُ بِالرِسالَه

أَنفَذَني فَاِستَمِعِ المَقالَه

فَطالَما أَتريذُ في صَدرِ السُرى

يَبطُشُ فيهِم فاتِكاً مُدَمِّرا

فَاِعتِزِلَن وَأَلقِ عِبءَ الصَدِّ

عَلى سِواكَ مِن سَراةِ الجُندِ

لَكِن إِذا بِطَعنَةٍ فاهِقَةِ

أُصيبَ أَو بِرَمية خارِقةِ

وَراحَ يَعلو سُدَّةَ العِجالِ

هَكطورَ أُولي نُصرَةَ القِتالِ

لَيُؤتِيَنَّكَ اِشتِدادَ البَأسِ

تَكسَحُهُم حَتّى غُنروبِ الشَمسِ

لِمَوقِفِ الأُسطولِ يَسفِكُ الدِما

حَتّى تَرى قُدسَ الدُجى قَد خَيَّما

غابَت وَهكطورُ إِلى الأَرضِ وَثَب

يَهِزُّ أَطرافَ القَنا بادي الغَضَب

يَرمَحُ في كُلِّ السُرى مُستَنهِضا

مُدَجَّجاً مُشَدِّداً مُحَرِّضا

فَاِنقَلَبوا لِساحَةِ الهَيجاءِ

مُقابِلينَ زُمَرَ الأَعداءِ

وَاِعتَصَبَ الإِغريقُ وَاِصطَفّوا فِرَق

وَاِشتَدَّتِ الحَربُ وَأَتريذ اِنطَلَق

مُبَرِّزاً عَن سائِرِ الشُجعانِ

مُرَوِّعاً في ذلِكَ المَيدانِ

وَلي فَقُلنَ يا بَناتِ الشِعرِ

مَن جاءَ يَلقاهُ بِبَدءِ الأَمرِ

ذاكَ اِبنُ أَنطينورٍ الطَويلُ

أَفيدَماسُ الباسِلُ النَبيلُ

سِبطُ لِكيسيسَ أَبي ثِيانوا

مَن شاعَ ذِكراً حُسنُها الفَتّانُ

لَدَيهِ في إِثراقَةِ الغَيمِ

وَالخِصبِ طِفلاً شَبَّ في النَعيمِ

وَعِندَما تَرَعرَعض اِستَبقاهُ

في حِجرِهِ وَبِنتَهُ أَعطاهُ

لَكِنَّهُ غادَرَها في الأَثر

مُذ شاعَ عَن حَربِ الأَراغِسِ الخَبَر

أَتى لِفَرقوتَ بِثِنتَي عَشَرَه

سَفينَةً يُنزِلُ فيها عَسكرَه

مِن ثَمَّ إِليونَ أَتاها بَرّا

فَذا الذي أَتىريذَ رامَ كِبرا

تَقابَلا حتّى دَنا التَلاقي

فَزَجَّهُ أَتريذُ بِالمزراقِ

فَصَرَّحَ الزُجُّ وَفي الحالِ اِنثَنى

أَفيدَماسُ وَبِعُنفٍ طَعَنا

أَصابَ تَحتَ الدِرعِ بِالحِزامِ

فَدَفَعَ العامِلَ بِاِحتِدامِ

وَظَلَّ لا يُفلِتُهُ مِن يَدِهِ

مُعتَمِداً على قُوى عَضُدِهِ

في عُروَةِ اللُجينِ بالوَسطِ اِستَوى

وكالرَصاصِ اللَدنِ في الحالِ التَوى

فَعِندَ ذا أَتريذُ كاللَيثِ وَثَب

وَذلِكَ الرامِحَ بالرُمحِ اجتَذَب

وَاِجتَرَّهُ مِنهُ وَبالسَيفِ قَطَع

عُنُقَهُ فَغائِرَ الطَرفِ وَقَع

يَهجَعُ مَصوعاً هُجوعَ الأَبَدِ

بِذَبِّهِ عَن قَومِهِ والبَلَدِ

وا وَيحَهُ عَن عِرسِهِ الفَتِيَّةِ

في البُعدِ قَد أُميتَ شَرَّ ميتَةِ

نَأى وَما إِن كادَ وَهوَ ناءي

مُبتَدِئاً بِمئَةٍ مِنَ البَقَر

وَبِحِماهُ العَنزُ وَالغَنيمُ لَم

يُحصِها عَدٌّ وَلا تَقويمُ

خَيَّرَها مِنها بِأَلفِ رَأسِ

وَالآنَ أَتريذُ الشَديدُ البَأسِ

جَندَلَهُ مُجَرِّداً مِن شِكَّتِه

يَرجِعُ فيها لِسَرايا حَملَتِه

فَالخَطبُ لاحَ لأَخينَ الأَكبَرِ

قاونٍ الفَتّاكِ وَالهشَمِ السَري

فَذابَ بَثّاً وَأَساً عَلَيهِ

وَاِسوَدَّ نُورُ الشَمسِ في عَينَيهِ

فَاِنسابَ لا يَراهُ أَتريذُ حِذا

صَفحَتِهِ وَالرُمحَ فيهِ أَنفَذا

فخَرَقَ الزُجُّ الحَديدُ الحَدِّ

مُؤَخَّرَ الساعِدِ تَحتَ الزَندِ

وَصاحَ يَدعو صَحبَهُ إِلَيهِ

مُجتَذِباً أَخاهُ مِن رِجلَيهِ

وَفَوقَهُ قَد أَسبَلَ المِجَنّا

يَدفَعث ضَرباً وَيَقيهِ طَعنا

فَاِرتاعَ أَتريذُ وَلَكِن ما اِرتَدَع

ثُمَّ عَلى قاونَ بالعَزمِ اِندَفَع

طَعَنَهُ بِالعامِلِ الرَواعِ

طَعنَةَ مِقدامٍ طَويلِ الباعِ

عَلى أَخيهِ خَرَّ مِيِّتاً فَضَرَب

عُنُقَهُ بِالسَيفِ وَالرَأسِ اِقتَضَب

وَهكَذا فَالأَخوانِ اِنحَدَرا

لِدارِ آذِيسَ بِحُكمٍ قُدِّرا

وَظَلَّ أَتريذُ الوَغى يُباري

بِاللاسَيفِ وَالعامِلِ وَالحِجارِ

يَخوضُ ما بَينَ الأَعادي صائِلا

وَدَمُهُ السَخينُ يَجري سائِلا

حَتّى إِذا ما ذلِكَ السَيلُ اِنقَطَع

وَيَبِسَ الجُرحُ تَوَلّاهُ الوَجَع

وَاِختَرَقَت قُواهُ آلامٌ وَلا

آلامُ سَهمٍ خارِقٍ قَد أُرسِلا

تَرمي بِهِ بَناتُ هيرا الظُلَّمُ

أَلأَلِثِيّاتُ الَّتي لا تَرحَمُ

يَنفَذُ بِالأَعرضِ وَالإِماضِ

وَيَصدَعُ المَرأَةَ بِالمَخاضِ

بِشِدَّةِ البَثِّ اِعتَلى مُلتاعا

وَقالَ لِلتَبعِ اِبتَغِ الأِشراعا

وصاحَ بِالصَوتِ الجَهورِ العالي

يا صَحبُ يا قُيولُ أَبطالي

عَلَيكُمُ الآنَ بِإِبعادِ العِدى

عَن مَوقِفِ الأُسطولِ وَالفَوزُ بَدا

فَإِنَّ زَفسَ قَد أَبى إِصداري

بِصَدرِكُم لآخِرِ النَهارِ

فَطارَت الخَيلُ بِسَوطِ السائِقِ

تَجري وَأَتريذُ بِقَلبٍ خافِقِ

صَدورُهُنَّ قَد كُسينَ زَبَدا

وَنَقعُ وَقعِهِنَّ لِلجَوِّ اِغتَدى

وَمُذ رأى هَكطورُ أَتريذَ التَوى

فَصَوتُهُ كَالرَعدِ بِالقَومِ دَوي

يا آلَ دَردانوسَ وَالطُروادا

وَيا بَني ليقية الأَمجادا

إيهِ فَأَنتُم قادَةُ الهَيجاءِ

وَسادَةُ الإيقاعِ وَالإِبلاءِ

أَبسَلُ مَن في القَومِ طُرّاً غَرَبا

وَزَفسُ لي نَصراً مُبيناً وَهَبا

شُدّوا عَلى الإِغريقِ بِالعِجالِ

وَاِدَّخِروا مَجداً بِلا زَوالِ

فَهاجَتِ النُفوسُ بِالجَحافِلِ

هِياجَها في أَنفُسِ الخَياطِلِ

يُثيرُها صاحِبها هِياجاً

في إِثرِ خِرنَوصٍ وَلَيثٍ فاجا

وَهَكَذا هُكطورُ عِدُّ آرِسِ

أَثارَ طُرواداً عَلى الأَراغِسِ

وَهوَ بِصَدرِ جَيشِهِ يَثورُ

بِشِدَّةِ البَأسِ بِهِم يَسيرُ

كَأَنَّهُ الإِعصارُ مِن فَوقُ اِندَفَق

وَفي عُبابِ البَحرِ قَلبَ اليَمِّ شَق

فَياتُرى مَن أَوَّرلاً وَآخِرا

أَبادَ مُذ زَفسُ تَوَلّى ناصِرا

أَوَّلُهُم كانَ الفَتى آسيُّسُ

فَعَفطَنوسٌ وَكَذا أُوفيتَسُ

فَاِبنُ قِليطيسَ زُلُفسُ أُورُسُ

وَآغِلاوسٌ وَأُوفِلطِيُّسُ

وَهيفُنُوِّيسُ وإِيسِمنُ السَري

وَكُلُّهُم مِن زُعماءِ العَسكَرِ

لَكِنَّما قَتلاهُ بَينَ الجُندِ

فَتِلكَ لا تُحصى بِحَصرِ العَدِّ

هَبَّ بِهِم وَلا هُبوبَ العاصِفَه

تُثيرُها أَنواءُ ريحٍ قاصِفَه

فَتَدفَعُ الدَبورُ غَيماً رَكَما

نوطوسُ في السَحابِ لَمّا هَجَما

فَتَفلِقُ اليَمَّ وَتَنشُرُ الزَبَد

كَما رُؤوسَ القَومِ هَكطورُ حَصَد

فَاِتَدَّ وَقعُ الخَطبِ وَالأضمرُ اِنجَلى

وَكادَتِ الإِغريقُ تُضوى فَشَلا

فَصاحَ أوذيسُ ذيوميذُ عَلا

مَ بَأسُنا وَلّى بِرُزءٍ ثَقُلا

لَئِن يَفُز أَعدائُنا بِالسُفُنِ

وا خَزيَةَ العارِ وَثِقلَ المِحَنِ

هِيِّ فَكُرَّنَّ مَعي قالَ وكَما

يَهولُني العَدُوُّ مَها اِزدَحَما

لَكِنَّنا هَيهاتَ أَن نُؤتى الظَفَر

فَإِنَّما الطُروادَ زَفسُ قَد نَصَر

كَرَّ وَثَمبريسَ في الثَديِ رَمى

فَخَرَّ لِلأَرضِ وَأوذِس هَجَما

وَتَبِعَهُ مُليونَ أَيضاً قَتَلا

وَغادَراهُما عَلى تِلكَ الفَلا

لا يَشهدانِ الكَرَّ وَالنِزالا

وَاِنثَنَيا عَلى تِلكَ الفَلا

لا يَشهَدانِ الكَرَّ وَالنِزالا

وَاِنثَنَيا مِن بَعدِ ذا وِصالا

نَظيرَ خِرنَوصَينِ كاسِرَينِ

عَلى كِلابِ الصَيدِ مُرتَدَّينِ

فَأَعملا بَينَ الأَعادي الأَسَلا

وَاِهتَزَّتِ الإِغريقُ طُرّاً جَذَلا

ثُمَّةَ عُنقَ فارِسَينِ ضَربا

وَاِستَلَبا مَركَبَةً قَد رَكِبا

مِن وُلدِ ميروفوسَ مِن فَرقوتِ

أَبسَلِ مَن في القَومِ مِن رُتوتِ

قَد عَصَيا أَباهُما العَرّافا

وَاِتَّبَعا إِلى الوَغى الأَحلافا

ساقَهُما داعي الردى فَأَقبَلا

عَلى ذيوميذَ الفَتى فَجُندِلا

أَخمَدَ أَنفاسَهُما وَراحا

مِن بَعدِ ذا يَستَلِبُ السِلاحا

وَأوذِسٌ جَندَلَ هُوفيداما

وَهيفَريخاً يَصطَلي اِحتِداما

وَزَفسُ في إيذَةَ بِالمِرصادِ

فَوازَنَ القُوّاتِ في الأَعادي

فَاِصطَدَمَ الأَبطالُ مِن كُلِّ الفِرَق

وَزُمَرَ العِدى ذيوميذُ اِختَرَق

وَغَسطَروفَ بنَ فيونٍ جَرَحا

بِرُمحِهِ في حُقِّهِ فَاِنطَرَحا

قَد خاضَ مُغتَرّاً سُرى الطلائِعِ

بِرِجلِهِ بَخوضُ في المعامِعِ

وَالخَيلُ وَالسائِقُ في الساقَةِ قَد

ظَلَّت وَعَنهُ اِنقَطَعَت عُرى المَدد

هُناكَ هَكطورُ رَأى وَاِنصَدَعا

وَصاحَ في الأَبطالِ ثُمَّ اِندَفَعا

وَاِندَفَعَت مِن خَلفِهِ كُلُّ السُرى

حَتّى ذيوميذُ الهُمامُ ذُعِرا

قالَ أَرى هَكطورَ رَوّاعَ المَلا

يا أودِسٌ فَوراً عَلَينا أَقبَلا

قِف نَدفَعَنَّهُ وَبالعَزمِ وَقَف

مُسَدِّداً وَنَحوَ راسِهِ قَذَف

فَفَوقَ رَأسِ البَيضَةِ الرُمحُ وَقَح

لَكِنَّما الفُولاذُ فولاذاً دَفَع

وَالقَونَسُ المُثَلَّثُ الأَطرافِ

عَن رَأسِهِ رَدَّ السِنانَ الجافي

ذَلِكَ مِن فيبوسَ فَضلٌ أَعظَمُ

فَهوَ بِذا المِغفَرِ قِدماً مُنعِمُ

وَاِرتَدَّ هَكطورُ وَبالجَمعِ اِختَلَط

وَفَوقَ رُكبَتَيهِ للأَرضِ سَقَط

لِيَدِهِ مُستَنِداً حَيثُ التَوى

وَأَظلَمَت عَيناهُ مُنهَدَّ القُوى

وَرَيثَما هَبَّ ذيوميذُ وَشَب

يَطلُبُ رُمحَهُ وَفي الأَرضِ نَشَب

أَفاقَ هَكطورُ بِالفَورِ اِعتَلى

وَساقَ بَينَ الجَمعِ يَأبى الأَجَلا

فَصاحَ ذوميذُ وَبِالقَناةِ

جَرى أَأَيضاً فُزتَ بِالنَجاةِ

يا كَلبُ كادَ عامِلي يُصميكا

لَو لَم يُبادِر فيبُسٌ يقيكا

لَستَ تضؤُمُّ الحَربَ عَفواً أَبَدا

إِلّا بِهِ مُستَرفِداً مُستَنجِدا

لَكِنَّني سَوفَ أُلَقّيكَ الرَدى

إِن تُؤتِني الأَربابُ يَوماً مَدَدا

قَد فاتَكَ الفَوتُ فَرُح والآنا

سَأَبتَغي سِواكَ أَيّاً كانا

وَلِاِستِلابِ اِبنِ فِيونٍ عَكَفا

فَجَرَّدَ اللأَمَةَ ثُمَّ اِنعَطَفا

مُقتَلِعاً مِغفَرَهُ ثُمَّ المِجَن

إِذا بِإِسكَندَرَ خُلسَةً كَمَن

فَأَتكَأَ القَوسَ عَلى العَمودِ

في قَبرِءِ يَلو الشَيخِ فَخرِ الصيدِ

وَأَرسَلَ السَهمَ فَشَقَّ القَدَما

وَغاصَ في الأَرضِ بِسَيّالِ الدِما

وَزََوجُ هيلانَةً مِن حَيثُ وَلَج

في ذَلِكَ الكَمينِ في الحالِ خَرَج

مُقَهقِهاً مُبتَهِجاً مُفتَخِرا

لَم أُخطِئِ المَرمى وَسَهمي صَدَرا

يا حَبَّذا لو غاصَ في أَحشاكا

لِيَأمَنَ الطُروادُ مِن مَلقا كا

أَنتَ الذي كُلُّهُمُ مِنكَ اِرتَعَد

كَرِعدَةِ الماعِزِ مِن بَطشِ الأَسَد

أَمّا ذِيُوِميذُ فَجاشَ وَاِنثَنى

قالَ وَما غَرَّكَ يا وَجهَ الخَنا

سَدَّدتَ مُغتَرّاً بِذي القَوسِ أَلا

ما جِئتَني وَجهاً لِوَجهٍ مُقبِلا

حَتّى تَرى يا أَخسأَ النُبّالِ

أَنَّكَ لا تُعَدُّ في الرِجالِ

وَأَنَّها لَن تَدفَعَن عَنكَ الأَسا

وَإِنَّما حامِلُها زيرُنِسا

أَنالَكَ السُرُّ بِإِدراكِ القَدَم

مِنّي وَهَل يَذعَرُ ذا أَهلَ الهِمَم

ما ضَرَّ سَهمُ خاسِئٍ رِعديدِ

يَهلَعُ كَالأَوغادِ أَو كَالغيدِ

وَأَينَ أَنتَ مِن مَرامي أَسَلي

يُنفِذنَ مُذ يَصدُرنَ سَهمَ الأَجَلِ

أَزواجُ مَن خَرَّمنَهُم أَيامى

وَوُلدُهُم في بُؤسِهِم يَتامى

وَدَمُهُم يَسرَبُ وَالأَجسادُ

يُبيدُها في أَرضِها الفَسادُ

وَحولَهُم طَيرُ الفَلا تَحومُ

مِن بَعدِ أَزواجٍ بِهِم تَهيمُ

وَاِنقَضَّ أوذيسُ يَقيهِ فَجلَس

يُخرِجُ ذاكَ السَهمَ مِن حَيثُ أِحَبَس

فَاِشتَدَّتِ الآِمُ فيهِ فَاِعتَلا

وَقالَ لِلسائِقِ عُد بي عَجَلا

فَباتَ أوذيسُ كَذا مُنفَرِدا

لَيسَ لَهُ مَن يَبتَغيهِ عَضُدا

مُذ شَمَلَ الرُعبُ قُلوبَ الأَرغُسِ

فَنَفسَهُ ناجى بِحَرِّ النَفَسِ

وَيلاهُ ما الحيلَةُ إِن أَنهَزِمِ

فَالعارُ كُلُّ العارِ بَينَ الأُمَمِ

وَإِن تَرَرَصتُ وَزَفسُ الأَعظَمُ

بَدَّدَ قَومي فَمَصيري أَشأَمُ

لا كُنتَ يا هاجِسُ دَعني هَل تُرى

غَيرُ الجَبانِ النِكسِ وَلّى مُدبِرا

وَلَيسَ لِلباسِلِ أَن يُبالي

أَصابَ أَم أُصيبَ في النِزالِ

وَبَينَما يَجولُ ذا بِفِكرِهِ

مُكتَئِباً مُفَكِّراً بِأَمرِهِ

إِذا بِدُرّاعِ العِدى تَجمهَروا

وَبَيهَهُم أُسَّ بَلاهُم حَصَروا

كَفِتيَةٍ بِزُمرَةِ الكِلابِ

تَقنِصُ خِرنَوصاً بِبَطنِ الغابِ

فَيَبرُزُ الوَحشُ وَيَصلى غَضَبا

وَيَشحَذُ النابَ وَيَبدو مُرعِبا

يَصِرُّ بِالأَسنانِ وَالقُنّاصُ قَد

داروا عَلَيهِ وَهوَ بِالغَيظِ اِتَّقَد

فَماهُمُ يَخشَونَ مِنهُ الدَركا

وَهوَ بِمَن أَصابض مِنهُم فَتَكا

وَهَكَذا أوذيسُ بِالرُمحِ وَثَب

وَذِيُّفيتَ بَينَ كِنفَيهِ ضَرَب

ثُمَّ ثوونَ وَأَنوَ قَتَلا

فَجاءَهُ خَرسيدَمٌ مُشتَعِلا

فَهَبَّ مِن مَركَبَةٍ يَبغيهِ

وَأُوذِسٌ في الحالِ يَلتَقيهِ

رَماهُ تَحتَ التُرسِ في سُرَّتِهِ

فَخَرَّ مَصروعاً عَلى راحَتِهِ

ثُمَّ اِنثَنى وَاِبنَ هِفاسٍ طَعَنا

خَرُبسَ يُلقيهِ صَريعاً مُثخَنا

فَاِنقَضَّ صوقوسُ أَخوهُ الأَيهَمُ

وَصاحَ يضدوي يا أُذيسُ القَيِّمُ

يا زُبدَةَ الإِقدامِ وَالدَهاءِ

فَاليَومَ تُبلي أَيَّما إِبلاءِ

إِمّا حِمامُ وَلَدَي هِفاسِ

وَالسَلبُ وَالفَخارُ بَينَ الناسِ

هذا وَإِمّا مِن قَناتِيَ الرَدى

ثُمَّ أَتاهُ طاعِناً مُسَدِّدا

فَنافِذُ السِنانِ في التُرسِ مَرَق واللَح

مَ تَحتَ الدِرعِ بِالخَصرِ اِختَرَق

لَكِن أَبَت فَالاسُ بِالخَفاءِ

نُفوذَهُ لِداخِلِ الأَحشاءِ

وَلَم يَفُت أوذيسَ أَنَّ الجُرحا

ما كانَ قَتّالاً لِذا تَنَحّى

وَصاحَ في صوقوسَ يا هَذا الشَقي

شَرَّ بِلىً مِنِّيَ سَوفَ تَلتَقي

أَلجأتَني حيناً إِلى تَركِ اللِقا

لَكِن بِكَ الحَتفُ البَهيمُ أَحدَقا

وَبِصِقَيلِ عامِلي إِن تُقتَلِ

لآذِسَ النَفسُ تَدُم وَالفَخرُ لي

فَاِرتاعَ صوقوسُ وَقَد رامَ الهَرَب

مُوَلِّياً لَكِنَّ أوذيسَ وَثَب

وَرُمحُهُ ما بَينَ كِتفَيهِ وَلَج

وَمِن شِعابِ الصَدرِ في الحالِ خَرَج

فَخَرَّ في صَلصَلَةِ الحَديدِ

وَأوذِسٌ مُرتَفِعُ الهَديدِ

صوقوسُ ما أَنجَتكَ هَبّاتُ المَفَر

فَالمَوتُ أَعدى مِنكَ جَرياً وَأَشَر

وَيَحَكَ لَم يُتَح لِوالِدَيكا

أَن يُغمِضا يَومَ الرَدي عَينَكا

خَلَوتَ لِلطَيرِ فَظُفرٌ يَنشَبٌ

وَالأَجنُحُ الغَضَّةُ ضَرباً تَضرِبُ

لَكِنَّني إِن مُتُّ فَالإِغريقُ

غَصَّ بِهِم في مَأتَمي الطَريقُ

وَاِجتَرَّ مِن مِجَنِّهِ وَالشاكِلَه

سِنانَ صوقوسَ بِتِلكَ الغائِلَه

فَجَرتِ الدِماءُ وَاِشتَدَّ الأَلَم

وَحَولَهُ جَيشُ العِدى طُرّاً هَجَم

فَلِاِشتِدادِ الخَطبِ عادَ القَهقَري

وصاحَ يَدوي صَوتُهُ حَتّى السُرى

دَعا ثَلاثاً يَطلُبُ الغِياثا

وَعى مَنيلا صَوتَهُ ثَلاثاً

مالَ إِلى رَفيقِهِ أَياسِ قالَ

أَيا أَياسُ رَبَّ الباسِ

صَوتُ اُذيسَ أُذُني حالاً طَرَق

كَأَنَّما أُحرِجَ ما بَينَ الفِرَق

وَشَدَّدَت أَزمَتَها عَلَيهِ

هَيِّ نُبادِر عَجَلاً إِلَيهِ

أَخافُ مَهما صالَ يُضوى مُفرَدا

فَنَرِثُ الأَحزانَ عَنهُ سَرمَدا

وَسارَ أَوَّلاً مَنيلا وَتَلا

أَياسُ كَالأَربابِ أَبناءِ العُلى

فَأَلفَيا أوذيسَ وَالطُروادُ قضد

تَكَأكَأوا عَلَيهِ عَدّاً وَعُدَد

كَأَنَّهُم مِن حَولِهِ ثَعالِبُ

عَلى الجِبالِ إِيَّلاً تُراقِبُ

في الإِيَّلِ القَنّاصُ سَهماً أَنشَبا

لَكِنَّهُ ما نالَ مِنهُ الأَرَبا

فَغابَ عَن مَرآهُ وَالثَعالي

مِن حَولِهِ تَجري عَلى التَوالي

تَرومُ فَتكاً وَهوَ لا يُرامُ

يَجري وَلا يَلويهِ الاِزدِحامُ

فَطالَما تَجري بِهِ قَوائِمُهُ

لا تَلتَوي لِجُرحِهِ عَزائِمُه

لَكِن إِذا ما الدَمُ في الجُروحِ بَرَد

وَعَن خَفيفِ لَجَريِ بِالعَيِّ قَعَد

فازَت بِهِ في الطَودِ فَوقَ الغابِ

إِذا بِلَيثٍ فاتِكٍ قَضّابِ

يَذعَرُها ذُعراً فَتَلوي هَرَبا

وَهوَ بِهِ يَخلو مَنالاً طيبا

كَذا أُذيسُ وَهوَ ما بَينَ العِدى

عَن نَفسِهِ يَدفَعُ بِالرُمحِ الرَدى

بادَرَ آياسُ بِذَيّاكَ المِجَن

كَالبُرجِ يَحميهِ وَقَد كانَ وَهَن

فَفَرَّتِ الطَروادُ في كُلِّ مَفَر

ثُمَّ مَنيلا لِذِراعِهِ اِبتَدَر

وَاِجتَرَّهُ مِن بَينِ تِلكَ القَتَلَه

وَتِبعُهُ أَدنى إِلَيهِ العَجَلَه

وَصالَ آياسُ وَدورِقلِ قَتَل

نَغلُ لِفريامَ وَفَندوقوسَ فَل

ثُمَّ لِسَندَراً وَفيراسَ رَمى

كَذاكَ فيلَرتَ يُفَجِّر الدِما

كَالسَيلِ مِن شُمِّ الجِبالِ اِندَفَقا

تَمطُرُهُ أَنواءُ زَفسٍ غَدَقا

يَفيضُ للسَهلِ زُعاباً يَندَفِع

وَالأَرزَ وَالمَلولَ عُنفاً يَقتَلِع

وَلِعُبابِ البَحرِ يَدفَعُ الزَبَد

كَما أَياسُ اِشتَدَّ فيهم وَاِتَّقَد

طَغا بِذاكَ السَهلِ كَالزُعابِ

يَبتَتُّ ظَهرَ الرَكبِ وَالرُكّابِ

وَهَكطُرٌ في ثَغرِ إِسكامَندَرِ

يَصولُ في صَدرِ الجَناحِ الأَيسَرِ

وَقَد عَلا لَدَيهِ وَسطَ الفَيلَقِ

وَلا يَرى نَكالَ هَذي الفِرَقِ

وَقَد عَلا لضدَيهِ صَوتُ اللَغَبِ

حَولَ إِذومِنٍ وَنَسطورَ الأَبي

وَهوَ بِمَركَبَتِهِ مُحتَدِمُ

كَتائِبَ الفِتيانِ حَطماً يَحطِمُ

لَكِنَّما جَيشُهُما ما بَرِحا

يَدفَعُ حَتّى ما خَوونُ جُرِحا

قَد كانَ كَاللَيثِ يَصولُ وَإِذا

في كِتفِهِ اليَمينِ سَهمٌ أُنفِذا

مُثَلَّثُ الأَطرافِ لِلإِسكَندَرِ

زَوجِ هِلانَةَ الجَميلِ الشَعرِ

َقفَومُ أَرغوسَ أولوا الإِقدامِ

خافوا اِنقِلابَ مَوقِفِ الصِدامِ

فَيَفتُكُ العِدى بِذَيّاكَ البَطَل

فَصاحَ إيذومينُ بادِيَ الوَجَل

نَسطورُ يا ذا المَجدِ وَالجَلالِ

هَيِّ فَهُبَّنَّ عَلى العِجالِ

وَسِر وَسوقَنَّ إِلى الأُسطولِ

بِما خَوونَ الماجِدِ النَبيلِ

هَذا النِطاسِيُّ الذي يَستَخرِجُ

سَهماً بِكَرّاتِ الصِدامِ يولَجُ

وَفَوقَهُ يَذُرُّ بَلسَمُ الشِفا

بِجَحفَلٍ يُقاسُ إِن تَأَلَّفا

فَهَبَّ نَسطورُ وَما إِن كَذَّبا

وَبِاِبنِ أَسقَليبَ حالاً ذَهَبا

وَساطَ وَالجِيادُ كَالطَيرِ سَعَت

تَتوقُ لِلرُجوعِ مِن حَيثُ أَتَت

وَقِبرِيونُ تِبعُ هُكطورَ عَرَف

مُنقَلَبَ الطُروادِ في ذاكَ الطَرَف

أَبصَرَهُم مِن فَوقِ عَرشِ العَجَلَه

إِزاءَ هَكطورَ لِذا أَوعَزَلَه

نَحنُ هُنا في طَرَفِ المُعَسكَرِ

نَفتُكُ فَتكَ الباسِلِ المُدَمِّرِ

وَثَمَّ آياسُ المَنايا نَشَرا

وَالخَيلَ وَالفُرسانَ ذُعراً ذَعَرا

نَعَم فَذا مِجَنُّهُ الكَبيرُ

مِن حَولِ كِنفَيهِ أَرى يَدورُ

فَقُم نَسُق لِمأذِقِ الهَيجاءِ

حَيثُ عَلَت عَجاجَةُ الأَعداءِ

هُناكَ حَيثُ اِصطَدَمَ الشُجعانُ

تَلاحَمَ المُشاةُ وَالقُرسانُ

وَشَدَّدَ السَوطَ عَلى الجِيادِ

فَاِندَفَعَت لِساحَةِ الجِلادِ

تَخَبِطُ بِالقَتلى وَبِاليَلامِقِ

عَلى نَجيعٍ مِن خُطاها دافِقِ

حَتّى جَناحاص سُدَّةٍ المَركَبَةٍ

وَقَوسُها مِن تَحتِ تِلكَ السُدَّةِ

تَخَضَّبَت دَماً بِنَقعٍ فائِرِ

مِن دَورِ دولابٍ وَوَقعِ حافِرِ

وَهَكطُرُ لِلفَتكِ يَصلى نارا

فغارَ ما بَينَ العِدى وَثارا

يَطعَنُ فيهِم قاتِلاً مُجَندِلا

حَتّى سَراياهُم جَميعاً بَلبَلا

وَظَلَّ كَرّاتِ الوَغى يُجاري

بِالسَيفِ وَالعامِلِ وَالحِجارِ

وَهوَ عَلى ذَيّالِكَ البَأسِ أَبى

لِقاءَ آياسَ لِذا تَنكَّبا

خَشيَةَ أَن يُغاظَ زَفسُ إِن بَرَز

لِفارِسٍ أَبسَلَ مِنهُ وَأَعَز

لَكِنَّ زَفسَ في المَقامِ الأَرفَعِ

رَوَّعَ آياسَ بِهَولِ المَصرَعِ

فَدَهشاً أَطرَقَ وَالجَوبَ عَلى

كاهِلِهِ أَلقى وَعاد وَجِلا

بِطَرفِهِ جَيشَ العِدى يُباري

يَخطو ةوَيَنثَني كَوحشٍ ضاري

وَخُطوَةً فَخُطوَةً يَلوي القَدَم

كَأَنَّهُ الضَيغَمُ في اللَيلِ هَجَم

وَالناسُ وَالكِلابُ في الأَسحارِ

تَحرُسُ حَولَ عُنَّةِ الأَبقارِ

تَسهَرُ كُلَّ اللَيلِ كَي لا يَرتَعا

بِشَحمِها وَلَحمِها وَيَرجِعا

يَنقَضُّ مَدفوعاً بِفَرطِ السَغَبِ

لَكِن يَفوتُهُ نَوالُ الأَرَبِ

يَصُدُّهُ وَبلٌ مِنَ النِبالِ

وَلَهِبِ المَقابِسِ المُنهالِ

حَتّى إِذا ما الفَجرُ لاحَ أَحجَما

مُكتَئِباً مُرتَعِداً مُحتَدِما

وَهَكَذا أَياسُ مُلتاعاً نَأى

عَن ساحَةِ القِتالِ وَالعَودَ اِرتَأى

وَهوَ يَصُدُّهُم بِجَوبٍ أَكبَرِ

أَلبِسَ سَبعَةً جُلودَ بَقَرِ

يُحجدِمُ حيناً ثُمَّ يَهجُمُ

بِبَأسِهِ المُعتادِ ثُمَّ يُهزَمُ

وَصَدَّهُم في كُلِّ ذاكَ الزَمَنِ

صَدّاً ذَريعاً عَن بُلوغِ السُفُنِ

يَحجِزُ مُشتَدّاً عَلى الأَعادي

بَينَ الأَخائِيَينَ وَالطُروادِ

وَصَيِّبُ النَيازِكِ القَتّالَه

عَلَيهِ مِن أَيدي العِدى مُنهالَه

فَبَعضُها عَن شِدَّةِ العَزمِ حُذِف

يَغُلُّ غَلّاً وَعَلى التُرسِ يَقِف

وَبَعضُها عَنهُ مَنالاً قَصَّرا

مُرتَكِزاً يَغوصُ في قَلبِ الثَرى

وَلَم يَكَد يَراهُ أوريفيلُ

حَتّى اِنبَرى لِرَفدِهِ يَصولُ

أَتاهُ لا يَعبَأُ بِالسِهامِ

تَنهالُ فَوقَهُ كَوَبلٍ هامِ

وَأَرسَلَ المِزراقِ مِن حَيثُ اِنطَلَق

وَآفِمونَ القَرمَ في العُنفِ اِختَرَق

كَبِدَهُ مَزَّقَ ثُمَّ راحا

يَسلُبُهُ الشِكَّةَ وَالسِلاحا

فَاِنتَهَزَ الفُرصَةَ فاريسُ وَقَد

أُشغِلَ أوريفيلُ في تِلكَ العُدَد

في حُقِّهِ أَنفَذَ سَهماً فضاِنكَسَر

نَضيُّهُ وَالدَمُ بِالجُروحِ اِنفَجَر

لِصَحبِهِ التَوى بِبَرّاحِ الأَلَم

يَأبى الرَدى وَصاحَ يُنهِضُ الهِمَم

يا نُخبَةَ الأَبطالِ جُندَ الباسِ

قِفوا اِدفَعوا الحِمامَ عَن أَياسِ

وَحَولَهُ تَأَلَّبوا فَخَشيَتي

يُصميهِ وَبلٌ مِن سِهامٍ صُبَّتِ

وَمُذ لِذلِكَ النِداءِ اِنصَدَعوا

حَولَ أُريفيلَ الجريحَ اِجتَمَعوا

وَدونَ أَيدٍ جُلنَ بِالعَوامِلِ

يَلامِقٌ أَلصِقنَ بِالكَواهِلِ

وَاِنضَمَّ آياسُ إِلَيهِم وَاِنقَلَب

وَاِشتَدَّ وَقعُ الحَربِ وَالطَعنُ اِنتَشَب

وَكانَ آخيلُ عَلى البُعدِ رَقَب

وَفي مُؤَخَّرِ السَفينَةِ اِنتَصَب

يَشهَدُ ما قَد حَلَّ بِالأَبطالِ

مشن قَومِهِ مِن مِحَن القِتالِ

أَبصَرَ نَسطورَ الحَكيمَ اِنطَلَقا

عَلى الجِيادِ السابِحاتِ عَرَقا

مَع ما خَوونَ يَنهَبُ الطَريقا

فَعَرَفَ السائِقَ وَالرَفيقا

صاحَ بِفَطرُقلَ فَمِن خَيمَتِهِ

لَبّى وَهَذا مُبتَدا مِحنَتِهِ

كَآرِسٍ مِن بابِهِ صاحَ وَما

رُمتَ اِبنَ فيلامِنِ نِداءي لِلحِما

قالَ أَخيلُ يا أَوَدَّ الخَلقِ لي

قَد بَلَغَ الإِغريقُ أَقصى الفَشَلِ

عَلى دَنِيِّ رُكبَتَيَّ صُغرا

سَيَنحَنونَ سائِللاينَ عُذرا

والآنَ نَسطورَ اِقصُدَنَّ مُسرِعا

وَاِسأَلهُ مَع أَيِّ جريحٍ رَجَعا

ما إِن نَظَرتُ وَجهَهُ لَكِنَّهُ

أَشبَهَ ما خَوونَ طِبقاً مَتنَهُ

قَد مَرَّتِ الجِيادُ مِن أَمامي

طائِرَةً لِمَضرِبِ الخِيامِ

وَلَم يَكَد يُتِمُّ حَتّى كَرّا

فَطرُقلُ يَعدوا وَيُلَبّي الأَمرا

وَنَسطُرٌ وَما خَوونُ وَصَلا

خَيمَةَ نَسطُرٍ بِها تَرَجَّلا

وَتابِعُ الشَيخِ أُريميدونُ حَل

جِيادَهُ وَذَهَبا بِلا مَهَل

يُنَشِّفانِ العَرَقَ السَيّالا

عَلى نَسيمِ البَحرِ ثُمَّ مالا

لِخَيمَةِ الشَيخِ وَفيما جَلَسا

وَهيكَميذا بِنتُ أُرسينُوِّسا

تِلكَ الرِبحَلةُ البَديعَةُ الشَعَر

لِنَسطُرِ كانَت نَصيباً مُدَّخَر

أُهدِيَها جَزاءَ رَأيٍ أَصوَبا

لَمّا أَخيلُ تيندوسَ خَرَّبا

قامَت لِإِعدادِ الشَرابِ عامِدَه

لَدَيهِما تَنصِبُ أَبهى مائِدَه

جَميلَةَ مَصقولَةَ القَوائِمِ

زَرقاءَها تَنبِذُ لَومَ اللائِمِ

مِن ثَمَّ أَلقَت فَوقَها دَسيعَه

مُؤَلَّقٌ نُحاسُها بَديعَه

وَمَزَجَت فيها عَلى الفَورِ البَصَل

وَخالِصَ الدَقيقِ مَع صافي العَسَل

وَوَضَعَت إِزاءَها كَوكباً أَغَر

كانَ لَدى نَسطورَ مِن قَبلِ السَفَر

وَهوَ عَلى قائِمَتَيهِ اِنتَصَبا

وَبِمَساميرِ النُضارِ التَهَبا

وَفَوقَ كُلِّ مِن عُراهُ الأَربعِ

طَيرُ حَمامٍ مِن نُضارٍ أَلمَعِ

وَذَلِكَ الكَوبُ إِذا ما يَطفَحُ

هَيهاتَ غَيرُ نَسطُرٍ يُزَحزِحُ

لَكِنَّما ذَيّالكَ الشَيخُ الصَفِي

يَحمِلُهُ حَملاً بِلا تَكَلُّفِ

وَراحَتِ الصَبِيَّةُ السَبِيَّه

بِحُسنِها كالرَبَّةِ السَنِيَّه

تَصُبُّ فيهِ خَمرَ إِفرَمنا عَلى

ماءٍ وَفَوقَهُ تَفُتُّ عَجَلا

بِمِبرَدِ النُحاسِ جُبنَ السَخلِ

وَتَقتُلُ المَزيجَ خَيرَ قَتلِ

وَفَوقَهُ ذَرَّت دَقيقاً صافي

ثُمَّ دَعَتهُما لِلإِرتِشافِ

إِذا بِفَطرُقلَ كَرَبٍّ ظَهَرا

في البابِ فَالشَيخُ رأى وَاِبتَدَرا

وَقامَ عَن سُدَّتِهِ الوَقّادَه

بِيَدِهِ يَأخُذُ حُكمَ العادَه

ثُمَّ دَعاهُ لِلجلوسِ فَأبى

وَقالَ يا مُريدَ زَفسَ الأَنجَبا

عَفوا فَلَستُ بِمُلَبّي الأَمرِ

فَشَأنَ آخيلَ نَظيري تَدري

قَد يَصطَلي عَفواً بسورَةِ الغَضَب

وَيُتهِمُ البَريءَ عَن غَيرِ سَبَب

سَيَّرَني أَسأَلُ مِنكَ الخَبَرا

بِأَيِّ مَجرحٍ أَتَيتَ مُدبِرا

سَأَقفِلبَنَّ راجِعاً ذا الحينا

مُذ قَد عَرَفتُ الشَهمَ ما خَؤونا

فقالَ نَسطورُ وَأَينَ يَلقى

أَخيلُ بِالإِغريقِ هَذا الرِفقا

أَما رَأ أَنَّ فَناهُم بادِ

وَاِشتَمَلوا بِحُلَّةِ الحِدادِ

وَخَيرُ مَن فيهِم فَفي الأَشراعِ

بَينَ جريحٍ وَطَريحٍ ناعي

فَذا أَبو البَأسِ ذِيوميذُ البِطَل

أَلَّمَهُ السَهمُ وَبِالرَغمِ قَفَل

وَذاكَ أوذيسُ وَأَتريذُ خَرَق

جِسمَهُما العامِلُ وَالدَمُ اِندَفَق

وَهاكَ وريفيلَ بِالعُنفِ اِنكَسَر

بِفَخذِهِ نَبلٌ بِهِ الجُرحُ اِنفَجَر

وَها هُنا تَرى الكَمِيَّ الباسِلا

بِهِ جَريحاً جشتُ تَوّاً قافِلا

لَكِنَّ آخيلَ عَلى شِدَّتِهِ

لَيسَ يُبالي بِبَني لُحمَتِهِ

أَمُتَقاعِساً يَظَلُّ حَتّى

يَبتَتَّنا سَيفُ الأَعادي بَتّا

وَتَلهَبُ النيرانُ بِالأُسطولِ

تُبيدُها بِالجُندِ وَالقُيولِ

وا أَسَفا الشَبابُ وَلّى وَمَضى

وَالبَأسُ وَالإِقدامُ عَنّي أَعرَضا

وفاتَني الإِبلاءُ والإيقاعُ

كما اِستَطالَت قَبلُ مِنّي الباعُ

يَومَ الإِلِيّونَ على صُوارِنا

سَطَوا فَأَجَّجنا لَظى أُوارِنا

صُلنا عَلَيهم وَاِغتَنَمنا البَقَرا

فجاءَنا إيتومِنٌ مُستَعِرا

إِبنُ هِفيروخَ الذي قد كانا

يَحكُمُ في أَليذَةَ السُكّانا

فَنالَ مِنّي طَعنَةً نالَ الرَدى

بِها وَوَلّى القَومُ طُرّاً شُرَّدا

وَخَلَتِ الأَنعامُ في السَهلِ لَنا

خَمسونَ سِرباً ماعِزاً مُسَمَّنا

وَمِثلُها مِن أَحسَنِ الأُبقورِ

وَمِثلُها مِن أَسمَةِ الخِنزيرِ

وَمِثلَ ذا الغَنيمَ سُقنا في الغَلَس

وَمِئَةً أَيضاً وَخَمسينَ فَرَس

شَقراءُ طُرّاً تُرضِعُ الأَمهارا

سُقنا لِفيلوسَ نَؤُمُّ الدارا

كُنتُ فَتىً وَاِهتَزَّ نيلاً طَرَبا

أَبي لَعَودي غانِماً مُكتَسِبا

وَصاحَتِ الدُعاةُ في مَن طَلَبا

مِن ذِمَّةِ الأَعداءِ مالاً سُلِبا

فَاِحتَشَدوا وَاِقتَسَموا القَليلا

وَذاكَ نَذرٌ مِن كَثيرٍ نيلا

حَيثُ الإِفِيّونَ عَلى قِلَّتِنا

صالوا بِفيلوسَ عَلى جُملَتِنا

وَقَبلَ ذا بِأَحؤُلِ قَد صالا

هِرَقلُ فينا يَذبضحُ الأَبطالا

وَمِن بَني نيلا وَكانوا اِثنَي عَشَر

سِوايَ لَم يَبقَ لَدَيهِ اِبنُ ذَكَر

فَزادَنا العَدُوُّ غَدراً وَاِعتَسَف

وَبِأَساليبِ اللداداتِ قَذَف

وَفي اِقتِسامِ الكَسبِ نيلا أَفرَزا

قَطيعِ أَبقارٍ لَهُ وَأَحرَزا

سِربَ شِياهٍ بِرُعاتِها الَّتي

أَبقى لَه تَرعى ثَلاثمِئَةِ

قَذِمَّةُ الأضعداءِ كانَت مُثقَلَه

لَهُ بَدينٍ رامَ أَن يُحَصِّلَه

إِذا كانَ قَد أَرسَلَ لِلسِباقِ

أَربَعَةً مِن أَكرَمِ العِتاقِ

يا مُلُ أَن يَفوزَ بِالرِهانِ

بِقِدرِهِم وَنَدَبِ الفُرسانِ

لَكِنَّ مَولى الناسِ أَفغِياسا

مُعتَسِفاً قضد حَبَسَ الأَفراسا

كَذَلِكَ المَركَبَةَ الغَرّاءَ

وَاللاسائِقُ المُستاءُ فَذّاً جاءَ

لِذاكَ نيلا اِغتَمَّ وَالوَفرَ اِدَّخَر

وَوَزَّعَ الباقي بِعَدلٍ وَأَمَر

بِأَن نُضَحّي لِبَني الأَربابِ

شُكراً عَلى اَطايِبِ الأَسلابِ

وَثالِثَ الأَيّامِ فاجأَنا العِدى

بِخَيلِهِم لا يُحصَرونَ عَددا

وَالمُليُنانِ قائِدا الفُرسانِ

غِرّان للطِعانِ جاهِلانِ

وَفي ثُغرِ أَلفِيا في طَرَفِ

فيلوسَ قامَت فَوقَ تَلٍّ مُشرِفِ

بَلدَةُ إِثريونَ حاصَروها

يَبغونَ بِالعَنوَةِ أَن يُفنوها

وَفي الدَياجي اِنحَدَرَت أَثينا

وَهُم بِذاكَ السَهلِ يَضرِبونا

وَنَبَّهَتنا لِلوَبالِ المُحدِقِ

فَهَمَّ بِالهِمَّةِ كُلُّ الفَيلَقِ

وَخالَني نيلاً صَبِيّاً غِرّاً

وَخافَ أَن أَكُرَّ فيمَن كَرّا

فَخَيلِيَ الجِيادَ أَخفى وَحَظَر

عُليَّ اَن أَجري عَلى ذاكَ الأَثَر

فَراجِلاً بِعَونِها سِرتُ وَلي

كانَ لَدى الفُرسانِ أَسمى مَنزِلِ

سِرنا إِلى حَيثُ لَدى آرينِسا

يَصُبُّ نَهرٌ قَد دَعَوا مينيساً

لِلفَجرِ ظَلّض تَرقُبُ الخَيّاله

تَعقُبها كَتائِبُ الرَجّالَه

ثُمَّ تَكَتَّبنا وَعِندَ الظُهرِ

طُرّاً نَزَلنا فَوقَ قُدسِ الثَغرِ

مِن ثَمَّ أَعدَدنا الضَحياي الغُرّا

لِزَفسَ نَستَمِدُّ مِنهُ النَصرا

وأَلثِسُ النَهرُ لَهُ أَذكَينا

عِجلاً كَذا بِآخَرٍ ضَحَّينا

لِفوسِذٍ وَعَجلَةٌ تَبيعَه

لِرَبَّةِ الحِكمَةِ وَالشَفيعَه

ثُمَّ تَناوَلنا الطَعامَ وَرَقَد

كُلٌّ مُدَجَّجاً عَلى ذاكَ الجَدَد

وَحالَما بَراحِ مِن خِبائِها

لِلأَرضِ أَرسَلَت سَنا ضيائِها

بِزَفسَ لُذنا وَأَثينا وَمَضى

لِلحَربِ جَيشُنا عَلى ذاكَ الفَضا

أَمّا الإِفِيّونَ فَحولَ البَلَدِ

تَأَلَّبوا بِعَدَدٍ وَعُدَدِ

فَتحاً يَرومونَ وَلَكِن نَظَروا

شِدَّةَ آريسَ بِنا وَذُعِروا

فَأَوَّلُ الفُرسانِ مَطعوناً وَقَع

بِنَصلِ رُمحي عِندَما نَحوي اِندَفَع

مُليوسُ وَهوَ صُهرُ أَفغِياسِ

وَبَعلُ آغاميذَةِ الإيناسِ

مَن كُنةَ نَبتِ الأَرضِ طُرّاً سَبَرَت

وَلِلعَقاقيرِ جَميعاً خَبَرَت

جَندَلتُهُ فَخَرَّ مِن مَركَبَتِه

وَواثِباً عَلَوتُ في مَنَصَّتِه

وَصُلتُ صَدرَ الجَيشِ وَالأَعداءُ

وَلّوا وَفيهِم عَلَتِ الضَوضاءُ

راعَهُمُ أَنَّ زَعيمَ العَجَلِ

وَأَبسَلَ الأَبطالِ بِالحَتفِ بُلي

وَفيهِم هَبَبتُ كَالإِعصارِ

أَذبَحُ كُلَّ سارحٍ وَسارٍ

وَفَوقَ خَمسينَ مِنَ العِجالِ

بِمِئَةٍ مِن أَمنَعِ الأَبطالِ

فتَكتُ طاعِناً وَأَولَيتُ الرَدى

وَمِنهُمُ اِغتَنَمتُ تِلكَ العُدَدا

وَكُدتُ أولي وَلَدي أَكتورا

وَمُليناً بِعامِلي الثُبورا

لَكِنَّما جَدُّهُما فوسيذُ في

مُكَثَّفِ الضَبابِ فيهما خَفي

وَلَم نَزَل نَكسَأُهُم في السَهلِ

وَنَصرُ زَفسٍ فَوقَنا يَستَعلي

نَذبَحُهُم وَنَسلُبُ السِلاحا

وَالخَيلُ فينا تَنهَبُ البِطاحا

حَتّى وَطِئنا أَرضَ بفُراسا النَعَم

وَصَخر أولينيسَ ذلك الأَشَم

وعندَ تَلِّ آلِسٍ أَثينا

بَدَت لِعَودٍ عاجِلٍ تَدعونا

عُدنا وَلَكِن بعدَما بِمَخفَقي

حَتفاً لَقي آخِرث جُندِيٍّ بَقي

وَفي مآبِنا الأَخائِيّونا

شُكراً وَحَمداً كُلُّهُم يُسدونا

لِزَفسَ في الأَربابِ أبناءِ العُلى

وَلِلفَتى نَسطورَ ما بَينَ المَلا

فذاكَ شَأني كانَ يَومَ المِحَنِ

إِن لَم يَكُن كالحِلمِ ماضي الزمَنِ

لكِن أَخيلُ لَيسَ بِالشَقيقِ

وَسَوفَ يَبكي نَكبَةُ الإِغريقِ

فَاِذكُر مِنِتيوسَ وَما قالَ لَكا

في إِفثِيا الفَيحاءِ مُذ أَرسَلَكا

أَلَم أَكُن وَأوذِسٌ في القَصرِ

نَسمَعُ ما تَسمَعُهُ مِن أَمرِ

يَومَ ذَهَبنا نَحشِدُ العُمّالا

بَينَ الأَخائيينَ وَالأَبطالا

ودارُ فيلا كُنتَ مَع أبيكا

فيها وَآخيلُ الفَتى يَليكا

وَالشَيخُ فيلا في فَناءِ الدارِ

مُؤَجَّجٌ فيها لَهيبَ النارِ

يَحرِقُ أَفخاذاً مِنَ الثيرانِ

لِزَفسِ يَستَرضيهِ بِالقُربانِ

وَفَوقَها يُريقُ مِن كَأسِ الذَهَب

مُدامَةً سَوداءَ مِن صافي العِنَب

وَأَنتُمُ اللُحومَ تَقطَعونا

مِن مَدخَلِ البابِ نَظَرتمونا

فَقامَ آخيلُ وَفي أَيدينا

أَمسَكَ راحِباً بِنا يَدعونا

وَإِذ قَضَينا مشن شرابٍ ضافي

وَخَيرِ زادٍ حَقَّ لِلأَضيافِ

إِلَيكُما وَجَّهتُ قَولي عَلَنا

فَرُمتُما اللَحاقَ في الحالِ بِنا

فَقالَ فيلا لِأَخيلَ يا اِبني

بَرِّز عَلى الأَقرانِ يَومَ الطَعنِ

ثُمَّ مِنتيوسُ تَلا يَقولُ

رَفيقُكَ الباسِلُ ذا أَخيلُ

فاقَكَ بَأساً نَسباً وَقَدرا

وَزِدتَهُ عُمراً وَزِدتَ خُبرا

فَاِنصَحهُ خَيراً وَلَهُ كُن مُرشِدا

يُطِعِ لِماتُريهِ مِن سُبلِ الهُدى

فَذاكَ أَمرُ الشَيخِ لَكِنّي أَرى

أَنَّكَ قَد نَسيتَ أَمراً أَمَرا

بَلِّغ أَخيلَ قَبلَ إِدراكِ الدَرَك

قَولي عَساهُ مُصغِياً يَذعَنُ لَكَ

فَرُبَّ رَبٍّ مالَ لِلتَرَفُّقِ

وَالخَيرُ في نُصحِ الرَفيقِ المُشفِقِ

وَإِن يَكُن يَخشى حُلولَ البُؤسِ

بِوَحيِ ثيتيسَ لَهُ عَن زَفسِ

فَبِكَ فَليَبعَث مَع المَرامِدَه

عَسى بِكُم لَنا تَتِمُّ الفائِدَه

وَأَلبَس سِلاحَهُ عَسى الطُروادُ

يَروعُهُم لِذَلِكَ الجِلادُ

إِن نَظَروهُ فيكَ وَالإِغريقُ

يَبدو لَهُم لِلراحَةِ الطَريقُ

جَيشُكَ إِذ مَلَّ مِنَ القُعودِ

يَبطُشُ في جَيشِ العِدى المَجهودِ

بِذا تَقي السَفينَ وَالخَيمَ وَعَن

عاتِقِنا تَدرَأُ أَثقالَ المِحَنِ

لِذاكَ فَطرُقلُ أَساً تَقَطَّرا

وَكَرَّ يَبتَغي أَخيلَ مُخبِرا

وَإِذ لِأَشراعِ أُذيسَ عَرَضا

حَيثُ أَقامَ القَومُ ديوانَ القَضا

حَيثُ أَحَلّوا مَجلِسَ الأَعيانِ

وَنَصَبوا مَذابِحَ القُربانِ

بَدا أُريفيلُ لَدَيهِ عارِجا

مِن ساحَةِ الحَربِ جَريحاً عارِجا

يَرشَحُ مِن جَبينِهِ سَيلُ عَرَق

وَالسَهمُ بادٍ عَضَلَ الحُقِّ اختَرَق

وَالدَمُ أَسوَداً سَخيناً يَجري

لَكِنَّهُ مُعتَصِمٌ بِالصَبرِ

فَرَقَّ فَطرُقلُ لِذاكَ المَنظَرِ

وَقالَ مُلتاعاً لِهَولِ المَخبَرِ

وا أَسَفا يا زُبدَةَ الأَغارِقِ

أَتُهلِكَنَّكُم ظُبى المَخافِقِ

عَن دارِكُم نائينَ وَالأَصحابِ

لِتَذهَبوا مَطاعِمَ الكِلابِ

قُل لي أُريفيلُ أَفي الإِغريقِ

بِقَيَّةٌ لِعِبرِ ذا المَضيقِ

أَم ثَقُلَت وَطأَةُ هَكطورَ فَلا

مَرَدَّ لِلخَزي الوَبيلِ فَشَلا

قالَ فَبَل قَد قُضِيَ الأَمرُ وَلا

مَناصَ وَاِنظُر تَلقَ خَيرَ النُبَلا

بَينَ جَريحٍ وَطَريحٍ غادي

وَقُوَّةُ الطُروادِ في اِزدِيادِ

هَيِّ أَغِثني وَاِصحَبَنّي لِلخِيَم

وَأَخرِجِ السَهمَ يَزُل عَنّي الأَلَم

وَالجُرحَ فَاِغسِلهُ بِماءٍ فاتِرِ

وَاِسكُب عَلَيهِ بَلسَمَ القَناطِرِ

سِرٌّ حَفِظتَ عَن أَخيلَ وَهوَ عَن

أُستاذِهِ خَيرونَ في ماضي الزَمَن

أَمّا طَبيبانا فَفوذاليرُ

ما بَينَ دُرّاعِ العِدى مَحصورُ

وَما خَوونُ ذاكَ بادي العَطَبِ

في حاجَةٍ أَضحى إِلى التَطَبُّبِ

فَقالَ فَطرُقلُ سَرى الوَبالُ

وَيلاهُ ما الحيلَةُ وَالمآلُ

فها أَنا أَمضي إِلى أَخيلِ

أُبلِغُ قَولَ نَسطُرَ النَبيلِ

لكِن أَراني عَنكَ غَيرَ ناءِ

وَأَنتَ تَحتَ الأَزمَةِ اللأواءِ

وَمِن ذِراعَيهِ بِلُطفٍ حَمَلَه

وَلِخيامِهِ سَليماً أَوصَلَه

وَمُذ لَدى الأَتباع في القُربِ ظَهَر

مَدّوا لَهُ الفِراشَ مِن جَلدِ البَقَر

أَلقاهُ فَطرُقلُ عَلَيهِ وَقَطَع

بِالسَيفِ نَصلَ السَهمِ مِن حَيثُ وَقَع

وَغَسَلَ الجُرحَ وَعِرقاً مُرّاً

بِيضدِهِ فَتَّ وَحالاً ذَرّا

فالتَأَمَ الجُرحُ وَأوقِفَ الدَمُ

وَأورفيلُ زالَ عَنهُ الأَلَمُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن سليمان البستاني

avatar

سليمان البستاني حساب موثق

لبنان

poet-Suleyman-al-Boustani@

139

قصيدة

77

متابعين

سليمان بن خطار بن سلوم البستاني. كاتب وزير، من رجال الأدب والسياسة، ولد في بكشتين (من قرى لبنان) وتعلم في بيروت. وانتقل إلى البصرة وبغداد فأقام ثماني سنين، ورحل إلى ...

المزيد عن سليمان البستاني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة