الديوان » لبنان » سليمان البستاني » قوم الأغارق قد لهوا بجريحهم

عدد الابيات : 54

طباعة

قَومُ الأَغارِقِ قد لَهَوا بِجَرِيحهِم

وَعَلَيهِمِ زَحَفَت قُوى الأَعداءِ

فَتَقَنَّعُوا بِسِلاحِهِم وتَقَدَّموا

مُستَلئِمينَ لِساحةِ الهيجاءِ

أَفلا رَأَيتَ مَلِيكَهُم قد هَبَّ لا

مُتَقَاعِداً بِتَقَاعُسِ الجُبَناءِ

بَل سارَ يَبرَحُ مَتَنَ مَركَبَةٍ زَهَت

بِنَحاسِها لِموَاقِعِ الإِجراءِ

أَلقى أَزمَّة ضابِحاتِ جِيَادِها

لاُرِيمِذُونٍ نُخبَةِ الأُمَناءِ

وإِلَيهِ أَوعَزَ أَن يَظَلَّ بِقُربهِ

لِيلِيهِ حِينَ مَشَقَّةٍ وعَياءِ

ومَضى عَلى قدَمَيهِ يُنفِذُ أَمرَهُ

بِمواقِفِ النُّبَلاءِ والأُمرَاءِ

بالحَزمِ يًثبِتُ عَزمَ كلِّ كَتِيبةٍ

نَهضت بِبأسٍ ثابتٍ وبَلاء

يا أَيُّها الإِغرِيقُ لا تَتَرَدَّدُوا

بُرجُ النِّفاقِ عِمادُهُ تَتَهَدَّمُ

أَعدَاؤُنا نَقَضُوا العِهَادَ خِيانَةً

وَعنِ الخِيانةِ إِنَّ زَفسَ لَيَنقِمُ

وَلَسَوفَ تَفَترِسُ الطُّيورُ لُحومَهُم

وجميعُ أَنقاضِ البلادِ تُقَصَّمُ

وَلسَوفَ تُحرِزُ فُلكُنا أَزوَاجَهُم

وَبَنِيهِمِ ودِيَارُهُم تَتَرَدَّمُ

ويَمِيلُ بالتَّعنِيفِ مُحتَدِماً على

مَن ذَلَّ تَحتض الأَزمَةِ الَّلاواءِ

يا أَيُّها الجُندُ الأُولى زَعَمُوا البَلا

وَتَذلَّلُوا بِقوىً غَدَت تَتَفَصَّمُ

أَفَلا خَجِلتُم مُذ وَجِلتُم رِعدَةً

كالإٍيَّلِ الواهي يُراعُ ويُرغمُ

وإِذا تَمَلَّكَهُ العَياءُ بِجَرِيهِ

البَرِّ يَلبَثُ جازِعاً يَتَهَضَّمُ

حتَّى مَ يُقعِدُكُم تَبَاطؤُكُم فَهَل

رُمتُم لِفُلكِكُم العِدى تَتقَدَّمُ

وَعَلَيكُمُ تَنقَضُّ في جُرُفٍ طَغَا

لِيُمَدَّ مِن زَفسٍ إِلَيكُم مِعصَمُ

خاضَ الصُّفُوفَ يَجُوبُ في دُفَّاعِها

لِحِما بَني إِقرِيطشَ النُّجَباءِ

أَلفاهُمُ بِدُرُوعِهِم وإِذُو مِنٌ

يَشتَدُّ كالخِرنَوصِ في البيداءِ

ساقَ الطَّلِيعةَ يَستَجِيشُ مُخَلِّفاً

مِريُونَ عِندَ السَّاقَةِ الجَأواءِ

فَاهتَزَّ مِن طَرَبٍ لِشدَّةِ بَأسِهِ

وَعَلَيهِ قامَ يُفِيضُ خَيرَ ثَناءِ

حُيِّيتَ مِن بَطَلٍ أُجِلُّ مُعَظِّماً

يَومَ الوَحى وبِكُلِّ ما يَتَجَشَّمُ

وإِذا الولائِمُ أُولِمَت وغَدَت على ال

زُّعَماءِ أَقداحُ التَّفَاخُرِ تُقسَمُ

فَلِسَهمهِم حَدٌّ وَسَهمُكَ طَافِحٌ

وكذَاكَ سَهمِي لا يُحَدُّ ويُحسَمُ

تَتَناوَلُ الأَقداحَ مَهما شِئتَها

حَتَّى تَطِيبَ وأَنتَ عَنها تُجحِم

زَحفاً تَعَوَّدتَ الفَخارَ سَجِيَّةً

أَبَداً وأَنتَ الفَائِزُ المُتَحَكِّمُ

فَأَجابَ يا أَترِيذُ سَوفَ أَبَرُّبا ل

عَهد القَدِيمِ وسابِقِ الإِيماءِ

وأَنا ظَهِيرُكَ فادعُوَنَّ إِلى الوَغى

لِتَشُبَّ حَالاً سائِرُ النُّصَراءِ

آلى العُداةُ فأَخلَفُوا فَليَجرَعُوا

مَضَضاً جَزاءَ الخُلفِ بالإِيلاءِ

جَذَلاً مَضى أَترِيذُ مُندَفِعاً على

هبِّ النِسيمِ لِسائِرِ الزُّعَماءِ

أَلفى الايَاسَينِ الَّلذَينِ تَدَجَّجا

وَهُنا المُشاةُ كغَيمَةٍ سَوداءِ

دَلَفُوا بِجَحفَلِ فِتيَةٍ فَتَّاكَةٍ

بِمَنَاصلٍ وعَوَاملٍ صَمَّاءِ

كغَمامَةٍ قَارِيَّةِ سَبَحَت عَلى

وَجهِ البِحارِ بِشدَّةِ الأَنوَاءِ

فَتَلوحُ للرَّاعي فَيَخفُقُ سائِقاً

سِربَ الشِّياهِ لأَكهُفِ الظَّلماءِ

فارتاحَ أَترِيذٌ وَقالَ مُخَاطِباً

لَهُما بِحَرِّ الهَولِ والأَرزاءِ

إِيهٍ زَعِيمَي رَهطِ دُرَّاعِ الحَديِ

دِ فإنَّ مِثلَكُما يَكُرُّ ويُقدِمُ

حسبي بِنَفِسكُما تُثِيرُ الوَغى

هِمَمَ الجُنُودِ بِهمةٍ تَتَجَهَّمُ

لَو آهِ زَفسُ وآلُهُ مَنُّوا وما

احكَمتُما كُلُّ الكتَائِبِ أَحكَمُوا

لَتَهدَّمَت إِليُونُ تَحتَ ذِراعِنا

عَجَلاً وشُمُّ عِمادِها تَتَحَطَّمُ

ثُمَّ انثَنى لِسِوَاهُمُ فَبَدا لَهُ

بِذَوِيهِ نَسطُرُ أَفصَحُ الخُطَباءِ

قَد قامَ يَنظِمُ جَيشَهُ مُستَنهِضاً

وهُنا بِيَاسٌ نُخبَةُ الصُّلحاءِ

والملكُ هِيمُونٌ خُرُومِيسُ أَلَس

تَرُ فِيلَغُونُ وسائِرُ النجداءِ

جَعَلَ الطَّلِيعَةَ خَيلَهُ وعِجالَهُ

ومُشَاتُهُ في سَاقَةٍ شَهباءِ

والقَلبَ أَودَعَ كُلَّ نِكسٍ واهِنٍ

عافَ الِّلقاءِ لِيَلتَجي لِلقاءِ

وبدا يَحَثُّهُمُ لِكلِّ كرِيهةٍ

والصبرِ في السرَّاءِ والضرَّاءِ

لا تَقحَمُوا بِعِجالِكُم وتَبَدَّدُوا

مُستَهدِفِينَ لغَارَةٍ شَعوَاءِ

وَحذَارِ تَغتَرُّونَ في بَأسٍ لَكُم

ومَهارَةٍ في الحَثِّ والإعداءِ

بِكَتائِبِ الأَعداءِ تَنفَرِدُونَ أو

أَن تنكُصُوا بِجَبانَةٍ لِوَراءِ

فَبِذا يَهُونُ على العَدُوِّ نَكَالُكُم

وبِذاك أَعظَمُ شِدَّةٍ وعَناءِ

وَبِأَيكُم كَبَتِ الجِيادُ وقد لَجَا

لِسواهُ مِنكُم مُبِلاً لِنَجاءِ

بالرُّمحِ فَليَلقَ العُدَاةَ فَإِنَّما

هَذا يَقيناً أَصوَبُ الآراءِ

أَسلافُنا هَدَمُوا كَذا بِدَهَائِهِمِ

أَسوارَ مَدِينَةٍ شَمَّاءِ

طَرِبَ المَلِيكُ لِحَزمِ نَسطُورَ الذي

خُبِرَت مَخَابِرُهُ بِطُولِ بَقاءِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن سليمان البستاني

avatar

سليمان البستاني حساب موثق

لبنان

poet-Suleyman-al-Boustani@

139

قصيدة

78

متابعين

سليمان بن خطار بن سلوم البستاني. كاتب وزير، من رجال الأدب والسياسة، ولد في بكشتين (من قرى لبنان) وتعلم في بيروت. وانتقل إلى البصرة وبغداد فأقام ثماني سنين، ورحل إلى ...

المزيد عن سليمان البستاني

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة