الديوان » العصر الأندلسي » ابن شهيد » منازلهم تبكى إليك عفاءها

عدد الابيات : 27

طباعة

مَنازِلُهُمْ تَبْكِى إليكَ عَفاءَها

سَقَتْهَا الثُّرَيّا بالغَريِّ نِحاءَهَا

أَلَثَّتْ علَيْهَا المُعْصِراتُ بقَطْرِهَا

وجَرَّتْ بها هُوجُ الرِّيَاحِ مُلاءَهَا

حَبَسْتُ بها عَدْواً زِمَامَ مَطِيَّتِى

فَحَلَّتْ بها عَيْنِي عليَّ وِكاءَهَا

رَأَتْ شُدُنَ الآرامِ في زَمَنِ الهَوى

ولم تَرَ لَيْلى فهي تَسْفَحُ ماءَهَا

خَلِيلَىَّ عُوجا بارَكَ اللَّهُ فيكما

بدارتِها الأُولى نُحَيِّ فِناءَهَا

ولا تَمْنَعانِي أَنْ أَجُودَ بأَدْمُعٍ

حَوَاها الجَوى لمّا نَظَرْتُ جِواءَهَا

فأُقْسِمُ ما شِمْتُ الغَدَاةَ وَقُودَها

وَقد شِمْتُ ما رابَ الحِمى وأَساءَهَا

مَيادِينُ أَفْرَاسِ الصِّبا ومَراتِعٌ

رَتَعْتُ بها حتَّى أَلِفْتُ ظِباءَهَا

فلم أَرَ أَسْرَاباً كأَسْرَابِهَا الدُّمَى

ولا ذِئْبَ مِثْلي قد رَعَى ثَمَّ شاءَهَا

وَلا كضَلالٍ كانَ أَهْدَى لِصَبْوتِي

لَيَالِيَ يَهْدِيني الغَرامُ خِباءَهَا

وما هاجَ هَذا الشَّوْقَ إلَّا حَمائِمٌ

بَكَيْتُ لها لمّا سَمِعْتُ بُكَاءَهَا

تَغَنَّ فلا يَبْعُدْ بذِي الأَيْكِ عاشِقٌ

بَكى بَيْنَ لَيْلى فَاسْتَحَثَّ غِنَاءَهَا

عَجِبْتُ لنَفْسِي كَيْفَ مُلِّكَها الهَوَى

وكَيْفَ اسْتَفَزَّ الغانِيَاتُ إِبَاءَهَا

أَنا البَحْرُ لا يَسْتَوْهِنُ الخَطْبُ طاقَتى

وتَأْبَى الحِسانُ أَنْ أُطِيقَ لِقَاءَهَا

تَيَمَّمَ قَصْدِي النَّائِباتُ فرَدَّها

فتًى لم يُشَجِّعُ حِينَ حَانَ رِيَاءَهَا

إِذَا طَرَقَتْهُ الحادِثَاتُ أَعارَهَا

شَبا فِكَرَاتٍ قد أَطالَ مَضَاءَهَا

أَما وأَبى الأَعْدَاءُ ما دَفَعَتْهُمُ

يَدٌ سَبَقَتْهُمْ يَتَّقُونَ عَدَاءَهَا

جَزَاهُم بما حازُوا مِن الجَهْلِ حِلْمُهُ

كَرِيمٌ إِذَا راءَ المَكَارمَ جاءَهَا

ولَوْ أَنَّنِى أَنْحَتْ عليّ أَكَارِمٌ

تَرَضَّيْتُ بالعِرْضِ الكَرِيمِ جَزَاءَهَا

وَلَكِنَّ جِرْذَانَ الثُّغُورِ رَمَيْنَنِي

فأَكْرَمْتُ نَفْسِى أَن تُرِيقَ دِماءَهَا

إِلَيْكَ أَبا مَرْوَانَ أَلْقَيتُ رابِياً

بِحاجَة نَفْسٍ ما حَرَبْتُ خَزَاءَهَا

هَزَزْتُكَ في نَصْرِي ضُحًى فكأَنَّنِي

هَزَزْتُ وقَدْ جِئْتُ الجبَالَ حِرَاءَهَا

نَقَضْتُ عُرَى عَزْمِ الزَّمَانِ وإِن عَتا

بعَزْمَةِ نَفْس لا أُريدُ بَقَاءَهَا

وكَم لكَ مِن يَوْمٍ وَقَفْتَ بظِلِّهِ

وقد نَازَلَتْنَا الحادثَاتُ إِزاءَهَا

ومِن مَوْقِفٍ ضَنْكٍ زَحَمْتَ به العِدى

وقَد نَفَضَتْ فيهِ العُقَابُ رِداءَهَا

وَكَم أُمّة أَنْجَدْتَها وكأَنَّهَا

يَرابِيعُ سَدَّتْ خِيفةً قُصَعاءَهَا

ومِن خُطْبَة في كَبّة الصَّكِّ فَيْصَلٍ

حَسَمْتَ بها أَهْواءَهَا ومِراءَهَا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن شهيد

avatar

ابن شهيد حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-Ibn-al-Shahid@

84

قصيدة

97

متابعين

عبد الملك بن أحمد بن عبد الملك بن شهيد القرطبي، أبو مروان. وزير، من أعلام الأندلس ومؤرخيها وندماء ملوكها. ولد ومات بقرطبة. له (تاريخ) كبير يزيد على مئة جزء، بدأه ...

المزيد عن ابن شهيد

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة