الديوان » العصر الأندلسي » ابن فركون » بعيشكما دعا ذكر العشيه

بعَيشِكُما دَعا ذِكْرَ العشيَّهْ
وحُثّا في رُبوعِهمُ المطيَّهْ
وإن لمْ تَنزلا تِلْكَ الثّنيَّهْ
قِفا نَفَساً على نَفْسٍ شَجيَّهْ
يُعيدُ حياتَها رجْعُ التّحيَّهْ
أبُعْداً والفؤادُ لهُمْ مكانُ
أراهُمْ نصْبَ عينيَ حيثُ كانُوا
فمُذْ بانوا الصّبابةَ قد أبانوا
على أثَر الرّكائِبِ يوْمَ بانُوا
يَحينُ الحَيْنُ أو تدْنو المنيَّهْ
أحاديثُ الصّبابةِ عنهُ شاعَتْ
وبعْدَ الكتْمِ في الآفاقِ ذاعَتْ
وآمِنُ قلبِهِ بالخَفْقِ راعَتْ
فوا أسَفا لنَفْسٍ منهُ ضاعَتْ
يَقِلُّ لها فِدىً لها كُلُّ البريَّهْ
مَشوقٌ دمْعُهُ يُبْدي الخَفايا
ثَناهُ للهَوَى حُسْنُ الثّنايا
فها هوَ لم يدَعْ منهُ بَقايا
صريعٌ بيْنَ أخْفافِ المَطايا
بَعيدُ الرُّشْدِ لا يَخْشى تقيَّهْ
يهيمُ بحُسْنِهِمْ كلَفاً ووُدّا
فينثُرُ جفْنُهُ للدّمْعِ عَقْدا
مُحِبٌّ لا يزالُ يَهيمُ وجْدا
يُردّدُ زفْرةً كالجَمْرِ وقْدا
ويُرْسِلُ عَبْرَةً تحْكي ركيَّهْ
لقلْبي عندَما رحَلوا وَجيبُ
أُنادِيهِمْ وما منْهُمْ مُجيبُ
أرى دهْري لهُ شانٌ عَجيبُ
فداعِي اليأسِ للدّعْوَى قَريبُ
وآمالُ الرّجاءِ غدَتْ قصيَّهْ
فَما للقَلْبِ بعْدَهُمُ سُلُوُّ
وليسَ منَ الغَرامِ لهُ خُلُوُّ
فَيا بُعْدَ المَزارِ ألا دُنُوُّ
ويا طِرْفَ الصُّدودِ ألا كُبُوُّ
ويا سَيْفَ الفِراقِ ألا بَقيَّهْ
ألا يا مَكْنِساً لِظباءِ إنْسِ
حويتَ من المَحاسِن كُلّ جِنْسِ
ويا أُفْقاً لبَهْجةِ كُلِّ شمْسِ
ويا مَغْنى السّرورِ وكُلّ أُنْسِ
عُهودُكَ عندَنا أبَداً وفيَّهْ
لقد أبدَيْتُها حِكَماً وحُكْما
بوصْفِكَ دائِماً نثْراً ونظْما
أطَلْتُ ولمْ أقصِّرْ فيهِ لمّا
رمانِي الدّهْرُ عن كثَبٍ فأصْمى
فؤاداً ما لَهُ بِسواكَ نيَّهْ
أيَبْعُدُ شخْصُها والفِكْرُ يُدْني
وتَبرأُ ساحَتي والوَجْدُ يُضْني
وكُنتُ أظنُّ أنّ الصّبْرَ يُغْني
فؤاداً غَرّهُ منْكَ التّمنّي
ونَفْساً فيكَ إنْ عُذِلتْ أبِيَّهْ
فكمْ للدّمْعِ من دُرٍّ نَضيدِ
على ما مرّ منْ عهْدٍ حَميدِ
وكمْ بهواكَ من قلبٍ عَميدِ
وكمْ وعْدٍ نقَضْتَ وكمْ وَعيدِ
تقاضتْهُ العُيونُ البابِليَّهْ
فيا بَدرَ الدُجى حُسْناً وحَدّا
ويا غُصْنَ النقَى ليناً وقَدّا
أأقرُبُ لوعةً فَتزيدُ بُعْدا
وأُظْهِرُ رغبَةً وتَزيدُ صَدّا
فَيا للهِ منْ هَذي القضيَّهْ
بَنو الأمْلاكِ ما بلَغوا مناطِي
لهُمْ فخْرٌ إذا لَثَموا بِساطي
فمالَكَ كاسَ وصْلِكَ لا تُعاطي
كأنّي لمْ أكُنْ والدّهْرُ ساطِ
مَهيبَ الأمْرِ محْمودَ السّجيَّهْ
إذا أبْدى العبوسَ أراهُ بِشْري
صَباحاً للرّكائِبِ حينَ تَسْري
وإنّي مُذْ أطاعَ الدّهْرُ أمْري
أُقابِلُ عُسْرَهُ أبداً بِيُسْري
وآسُو جُرْحَهُ باليَزْأَنِيَّهْ
لَئِنْ كان الزّمانُ أطالَ نأيي
فَها هُوَ مُظْهِرٌ نَصْري وهَدْيي
مُطيعاً مُنْفِذاً أمْري ونهْيي
وكانتْ فلْتَةً فالَتْ برأيي
غَداة النّفْسُ بالعَلْيا حريَّهْ
هيَ الأيامُ أمْري قد أطاعَتْ
قدِ انقادَتْ إلى مُلْكي وطاعَتْ
مَعالِمَهُ أقَمْتُ وقد تداعَتْ
فراعَيْتُ الأذِمّةَ حيثُ ضاعَتْ
وآثرْتُ الوَفاءَ على الدّنيَّهْ
لقَدْ نِلتُ العُلَى وتْراً وشَفْعا
وكان الخَفْضُ للأقْدارِ رَفْعا
أزاحَ وقد قَضى للشّمْلِ جَمْعا
مُصاباً لم أعِرْهُ الدّهْرَ سَمْعا
ولمْ أقْرَعْ لهُ أسَفاً ثَنيَّهْ
فكمْ قد بتُّ فيه رَهينَ وجْدِ
أُطيلُ الفِكْرَ ذا قَلَقٍ وسُهْدِ
أراقِبُ خافِقاً من ظِلّ بَنْدِ
إلى أنْ عادَني من غيْرِ وعْدِ
خَيالٌ قدْ سَرَى للعامريَّهْ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن فركون

avatar

ابن فركون حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-Ibn-Farkoun@

190

قصيدة

82

متابعين

بو الحسين بن أحمد بن سليمان بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن هشام القرشي. شاعر، هو ابن أحمد بن فركون أحد تلاميذ ابن الخطيب ومن خاصته. وقد ...

المزيد عن ابن فركون

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة