الديوان » العصر العباسي » ابن نباتة السعدي » تأمل أيها الطرف المعار

عدد الابيات : 64

طباعة

تأَمل أَيُّها الطَّرْفُ المُعَارُ

أَعيشٌ في لحاظِكَ أَم صوارُ

وكنا قبلُ نَسأَلُ أَنْ نراها

عليها من نواظرنا نَغَارُ

مَدىً لو لم نَذُذْ بالبعْدِ عَنهُ

لذَادَتْ عنه أَدمُعنا الغِزَارُ

محلُّ الحَىّ كانَ بهم ضَنيناً

فكيفَ أَقامَ بَعْدَهُمُ وسَارُوا

ألامُ اذا ذَكراتُ دِيارَ ليلى

وَهَمُّ الصَّبِّ شَوقٌ وادِّكَارُ

ومالى لا أَحِنُّ الى بِلادٍ

تَلَذُّ بها مواقِعِها القِطَارُ

وأَطلالٌ تجاورُ دارَ ليلى

سُقينَ لها فقد نَفَعَ الجِوَارُ

يزورُ خيالُها في كلِّ ليلٍ

وذلكَ لو قَنَعْتُ بهِ مَزَارُ

وقد كَمُلَتْ مَحَاسِنُها فَماذا

عسى الخَلخَالُ يَصْنَعُ والسِّوَارُ

فَضَحْنَ الدرَّ يومَ بَرَزْنَ فيهِ

وَيَفْضَحُ أَنجُمَ الليلِ النَّهَارُ

فدتْ كافي الكفاة نُهىً وَحَزْماً

جبالُ الأَرضِ طُراً والبِحَارُ

فلا مَلَكَ الوَرى ربٌّ سِوَاهُ

ودامَ له التمجُّدُ والفَخَارُ

بأَرض الرى مُمتَعِضٌ أَبيُّ

يُجيرُ على الزمانِ ولا يُجَارُ

أَغرُّ اذا رأَتُه الشمسُ صَدَّتْ

صُدُودَ الطَّرفِ عنها اذْ يَحَارُ

طويلٌ في حَمائِلهِ قُصُورٌ

رَفُولٌ في ذَلاذِلِهِ الشّمَارُ

له وسوابقُ الغاياتِ تَجرى

عليها الخارجيةُ والنّجارُ

هَمَمْنا أَنْ نُؤَمِّلَهُ فأَغنى

عن التأميل والأملِ انتظَارُ

تَقيسُ جيادُه أَرضَ الأعادى

ولولا الجُرحُ لم يكن السِّبارُ

خَطَتْ سِمْنَانَ ليس لها دَليلٌ

ولا عَلَمٌ يلوحُ ولا مَنَارُ

تُراعى الجَدْيَ غُرتُها سَنَاهُ

وضوءُ الفرقدينِ لها عِذَارُ

أَوانسُ بالدجى تنسابُ فيه

كما يَنْسَابُ في الأذنِ السِّرَارُ

طلاب لا يُنَهْنِهُهُ الأَعادى

وسعيٌ لا يُتَعْتِعُهُ العِثَارُ

فلما أَنْ رأينَ على طَميس

سَوامَ الليلِ يطردُه النَّهَارُ

تنكبنَ الخَبارَ منافِقَاتٍ

شَبا الصَّوَّان ينشدُها الغُبَارُ

ولما هُزَّتِ الأَقدامُ فيها

وأُطلقتِ الأَعِنَّةُ والغِوَارُ

خلطنَ المَعْجَ من مَرحٍ بذُعْرٍ

كما قطعت حبائِلَها النُّوَارُ

تُناط بها التمائمُ في طُلاها

ويُغلى السومُ فيها والخِطارُ

جَفَا ربُّ العِراق لها كَراه

وأَوجسَ خيفةً منها نِزَارُ

تَوَهَّمَ أَنَّ قَسْطَلَها دُخَانٌ

وأَنَّ وثوبَها فيهِ شَرَارُ

وما ضرَّ الكواكبَ حينَ تَبدو

لعينِك أَنَّها فيها صِغَارُ

ونصرٌ شَكَّ فيها اذْ رآها

على آثارها الرَّهْجُ المُثَارُ

يناجزُ بالطعان وليس يدري

بأن الكرَّ أَوَّلُه فِرَارُ

فَلِم طُبِعَتْ مضاربُ كلِّ نصلٍ

تَراه العينُ ماءً وهو نَارُ

أَفاق يَعَضُّ من ندم يديهِ

وآفةُ لذةِ الخَمرِ الخُمَارُ

وكانَ اذا حُميا الكأسِ دارتْ

وَدَبَّتْ في مفاصِلهِ العُقَارُ

يُشاورُ في عَزائمهِ هَواهُ

وكلُّ هَوَىً عدوٌّ مُسْتَشَارُ

تجلَّتْ غَمْرَةُ اللذاتِ عنه

وليس له سِوى اللذاتِ ثَارُ

نيامٌ أَحسنوا بالدَّهْرِ ظنّاً

وبعض الظنَّ ضَعفٌ واغترَارُ

تَناسَوا والأناةُ لهم دليلٌ

ذُنوباً ليسَ يَمْحُوها اعتذَارُ

وُعُوداً في المقالِ لها جَواب

تَجافى الحِلمُ عنها والوَقَارُ

ولا واللهِ ما ضطروا اليها

وغن كانَ البلاءُ لهُ اضطِرَارُ

لُسِعْتُم لسْعَةَ فَحَقَرتُموها

وساري السُّم ليس له احْتِقَارُ

ونِمْتِّمْ في المخافة عن رجالٍ

سُباتهم اذا أَمنوا غِرَارُ

هما اما ورودُ الموتِ عذباً

واما الذُّل مراً والصَغَارُ

فلا الهممُ القِصارُ عرفتموها

ولا ما تطلبُ الهِمَمُ الكَبارُ

وأَظهرَ كلَّ ما أَخفيتموه

فتىً سِرُّ العَدوِّ له جِهَارُ

مَخَشُ الكيدِ كلُّ وجارِ شَيءٍ

من الحَشَراتِ فهو له وِجَارُ

رمى أَضغانَ بعضكم ببعْضٍ

فنام الأَمنُ وانتبهَ الحذَارُ

وأَصبح قد كفاه الرأىُ حرباً

تحوم الهام فيها والنِّسَارُ

غنياً عن صُدُوْركِ يا عوالى

وعنْ سَفَهٍ بجدكِ يا شِفَارُ

وعن جيشٍ يقولُ له ظَفِرنا

فأينَ لجينُ مالِكَ والنُّضارُ

اذا فَقَدَتْكَ بأسُكَ واستُضيمَتْ

فليس بها من الضيمِ انتصَارُ

فحلمُك قبلَ ما ستمكنتَ حزْمٌ

وعفُوكَ بعدَ قَدرتِك اقتدَارُ

أَظُنُّ الدهرَ فيما قد جَنَاهُ

أَرادَ النَّفْعَ وهو بنا ضِرَارُ

فلا مستوهبٌ فنقولُ أَجدَى

بما أَعطى ولا هو مُستعَارُ

على ماذا نَعَوّلُ من مَلُولٍ

لياليه وانْ طالتْ قِصَارُ

أَوائلُه ذهولٌ واغترَارٌ

وآخرُهُ حديثٌ واعتبَارُ

تَعُودُ به حُزونُ الأَرضِ سَهْلاً

وتنضُبُ بعدَ جمتها البحارُ

أمورٌ حارتِ الأَلبابُ فيها

وغيرها على الناسِ الغُبَارُ

يقولونَ النجومُ بذاكَ تَقْضي

ويقضى اللهُ لا الفلكُ المُدَارُ

كلانا في مشيئتهِ سَواءٌ

وليس لنا من الأمرِ الخَيَارُ

فأبلغْ معشراً طلبوا عُلانا

وظنوا أَنَّ همتنا تُعَارُ

ظفِرنا من زَمانِكُمُ بعيشٍ

تساوى العُسْرُ فيه واليَسَارُ

فانَّ المرءَ ما استغنى غنيٌّ

وحاجتُه الى الشىءِ افتقَارُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن نباتة السعدي

avatar

ابن نباتة السعدي حساب موثق

العصر العباسي

poet-Ibn-Nabata-Al-Saadi@

291

قصيدة

91

متابعين

عبد العزيز بن عمر بن محمد بن نباتة التميمي السعدي، أبو نصر. من شعراء سيف الدولة ابن حمدان. طاف البلاد، ومدح الملوك، واتصل بابن العميد (في الري) ومدحه. قال أبو ...

المزيد عن ابن نباتة السعدي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة