الديوان » العصر الأندلسي » التطيلي الأعمى » جوارك من ضيم الخطوب مجير

عدد الابيات : 59

طباعة

جِوَارُكَ منْ ضَيْم الخُطُوبِ مُجيرُ

وأنتَ على صَرْفِ الزَّمانِ أمير

وَكُلُّ جَوَادٍ عن مَدَاكَ مُقَصِّرٌ

وكلُّ كبيرٍ عن نَدَاكُ صغير

وظلُّكَ فَضْفَاضُ الغَلائِلِ سَجْسجٌ

وماؤُكَ فَيَّاض الجِمامِ نمير

وروضُكَ مطلولُ الجَنابِ صَقِيلُهُ

تَضَاحكَ نُوَّارٌ وأشْرَق نور

وَأرْضُكَ أرضٌ للمكارمِ والعلا

تُناوِحُ هُضْبٌ أو تَعُبُّ بحور

وذكرُكَ لا ما دَنْدنض المسكُ حوله

بكيتَ وكيتٍ والكلامُ كثيرُ

وبشرُكَ لا لمعٌ من البرقِ شامَه

مُلِظٌّ بأَكْنافِ البيوتِ حسير

يصرِّفه مَرُّ السنين بنهضةٍ

إلى الشيءِ أيْنٌ دونَهُ وفتور

وبات عليه ليلُ غَرْثَانَ بائسٍ

يطولُ على راعيه وهو قصير

تململَ والتفَّتْ عليه غياهبٌ

تَرَى النجم فيها يَهْتَدي ويَجُور

وضافتْهُ أبكارُ الخطوب وَعُونُها

فكلٌّ لكلٍّ مُنْجدٌ وظهير

فَبَيْناهُ يَقْريها حُشَاشَةَ نَفْسِهِ

وقد كاثَرتْهُ تَنْبرِي وَتَثُور

تَنَسّمَ تلقاءَ الجنوبِ أو الصَّبا

نسيمُ الحيا تسْري به وتسير

فما راعَه إلا تَبَسُّمُ بارقٍ

كما جال فكرٌ أو أشارَ ضمير

فأتْبَعَهُ طرفاً يودُّ لو أنَّهُ

عليه دليلٌ أو إليه سَفير

فما ارتدَّ حتى جلَّلَ الأُفْقَ مارجاً

يُوهّمه أنَّ الظلامَ سعير

وهبَّتْ على اسمِ الله أما نسيمها

فَرَوْحٌ وأما نَشْرُها فنشور

وهبت إلى أن ضاق عنها مهبها

صباً في ذيول المعصرات عثور

وَهَبَّتْ فهبتْ كلُّ وطفاءَ جَوْنَةٍ

تكادُ تَفَرَّى أو تكادُ تفور

من اللائي لم ينهضنَ إلا تَدافُعَاً

تَكَدَّسُ أعجازٌ لها وصدور

دَلُوحٌ على هزِّ الرياح وأزّها

تَرَاكمَ وَدْقٌ واكفهرَّ صبير

تمرُّ بِمَلْمُومِ الهِضَابِ فما تني

ولا تنثني حتى تَراهُ يصور

كذلك حتى حَدَّثَتْهُ عنِ المنى

فأصْغَى ولو أنَّ الملامَ عسير

وحتى أرَتْهُ كلَّ بيضاءَ شَحْمَةً

ولو أنها في راحتيه قَتير

خَشُنْتَ فلم تَتْرُكْ وأنتَ مُنَازَعٌ

وَلِنْتَ ولم تأخُذْ وأنت قدير

وَوَقَرْتَ والهيجا يَجيشُ غمارها

وحتى لداء الموت أنت مبير

وأنت إذا ما الخيلُ جرَّتْ شكيمَها

وللموتِ عِيْرٌ بينها وَنَفِير

من المجد دانِ دونه مُتَعرِّضٌ

إلى الهولِ سبَّاقٌ عليه جَسُور

وأنت ابنَ زهرٍ مُنْتَهى كلِّ سُؤْدَدٍ

وإن كان منه أوَّلٌ وأخير

قريعُ إبادٍ كلما رامَ أو رمى

فليس على الأَيَّامِ منه خفير

مِنَ الموقدين النارَ في كلِّ هَضْبَةٍ

تَضَاءَلَ عنها مِنْبَرٌ وسرير

بني الحربِ مازالوا يَشِبُّونَ حولها

على أنها قبلَ الفِطَامِ تَزُور

أحَلَّتْكَ أعْلَى ذِرْوَةِ المجدِ هِمَّةٌ

لها البأسُ رِدْءٌ والسماحُ سمير

وَجُرْدٌ عناجيجٌ ذكور يَكُرُّهَا

على الموتِ مُرْدٌ مُعْلَمُونَ ذكور

وكلُّ رقيقِ الشفرتين متى يَخُضْ

إلى المجدِ بَحْرَ الموتِ وهو شَفير

كفيلٌ بأَرْوَاحِ الأَنام مُوَكَّلٌ

عليمٌ بأسرارِ الحمام خبير

حذاءَكَ منه حين يُغْمَدُ رَوْضَةٌ

ودونَكَ منه إذ يُسَلُّ غدير

له كلَّ يومٍ في أعاديك وَقْعةٌ

تحارُ مُنَاهم دونها وتَحور

أطلَّ عليهمْ بالمنايا غِراره

فهلْ علموا أنَّ الحياةَ غُرُور

أتَعْلَمُ ما أوْلَيْتَها اليومَ حِمْيرٌ

فَتَشْكُرَهُ إنَّ الكريمَ شكور

نهضتَ بعبأَيْ جِدِّها واجتهادها

تَسُرُّ ليالي مُلكها وَتَسُور

وفيتَ بِحقَّيْ نُصْحِها وَوِدَادها

تُدَبِّرُ علماً أمْرَها وتدير

دعاكَ أميرُ المؤمنين لنصرِه

بحيثُ التوَى نَصْرٌ وَخَامَ نصير

ولم تُغْنِ عَنْهُ الضُّمَّرُ القُبُّ حَوْلَهُ

تَبَارى ولا البيضُ الرِّقاقُ تُبير

ولا كلُّ لدن القدِّ أمَّا مُعَرّضٌ

فأعمى وأمَّا مُشْرَعٌ فبصير

به غُلّةٌ شَمَّاءُ عن كلِّ مَوْرِدٍ

سوى ما أباحتْ أضلعٌ ونحور

وحسبُ وليِّ العهد منكَ وعَهْدِهِ

أخٌ وأب أو صاحبٌ وأمير

تحلَّيْتُما للمُلْك تَكْتَنِفَانِهِ

أبو حَسَنٍ يُسْدي وأنت تُنير

تقولُ أعادِيهِ عليّ مُصَمِّمٌ

بِيُمْنى يَديْهِ ذو الفَقَار شهير

أبا زُهْرُ والأحْزان حولي فوادحاً

ولولاكَ لم يَخْلُصْ إليّ سرور

ويا زُهْرُ يا كلّ الحياة وبعضُهُمْ

وحاشاك نار لا أقول حرور

إليكَ تولاّني هوايَ وإنني

إليكَ وإن أغْنَيْتَني لفقير

أعِنْدَكَ أني ضِعْتُ بعدك ضَيْعَةً

تَعَلَّمَ منها الدهرُ كيفَ يَجورُ

وأنِّيَ وَلَّيْتُ العدوَّ مَقَاتلي

فأصبح يُوْمِي نَحْوَهَا وَيُشير

سأولي أبا مروانَ شُكْرِيَ كلَّهُ

وإني بِشُكْرِ الأكرمين جَدير

فماليَ قد ضاقت عليَ مسالكي

وساعات ليلي في النهار شهور

وراحتك الطُّولي إلى كلّ مَفْخرٍ

وإنْ طالَ فخرٌ أو أطالَ فخُور

إليك الهنا يا أبا العلاء قوافياً

تَضَوَّعَ منها عَنْبَرٌ وَعَبير

وَدُمْتَ على غيظِ الحَسُودِ بِغِبْطَةٍ

تجورُ على صَرْفِ الرَّدَى وتجير

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن التطيلي الأعمى

avatar

التطيلي الأعمى حساب موثق

العصر الأندلسي

poet-Al-Tutili@

111

قصيدة

102

متابعين

أحمد بن عبد الله بن هريرة القيسي أبو العباس الأعمى التطيلي. شاعر أندلسي نشأ في إشبيلية. له (ديوان شعر - ط) و (قصيدة - ط) على نسق مرثية ابن عبدون ...

المزيد عن التطيلي الأعمى

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة