الديوان » العصر المملوكي » ابن أبي حصينة » أهاج لك التبريح إيماض بارق

عدد الابيات : 61

طباعة

أَهاجَ لَكَ التَبرِيحَ إِيماضُ بارِقِ

عَلى الجَوِّ مِنهُ ساطِعٌ يَتَوَهَّجُ

يَلُوحُ يَمانِيّاً كَأَنَّ صَرِيمَهُ

سَنا النارِ أَذكاها سَيالٌ وَعَرفَجُ

بَدا مَوهِناً وَاللَيلُ بِالنُورِ أَسفَعٌ

فَضَوّاهُ حَتّى اللَيلُ أَنبَطُ أَخرُجُ

خَبا تارَةً ثُمَّ استَطارَ كَأَنَّهُ

شَواظٌ مِنَ النارِ الَّتي تَتَأَجَّجُ

فَأَلمَحتُهُ صَحبِي وَقَد مَدَّ ضَوءَهُ

كَما امتَدَّ مِن تِبرٍ شَرِيطٌ مُدرَّجُ

أَرِقتُ لَهُ حَتّى بَدا الصُبحُ طالِعاً

عَلَيهِ مِنَ الظَلماءِ ثَوبٌ مُفَرَّجُ

فَيا بَرقُ مالِي مُغرَماً بِكَ كُلَّما

رَأَيتُكَ مِن نَحوِ الحِمى تَتَبَوَّجُ

وَذاكِرَ خَودٍ فِيكَ مِنها مَشابِهٌ

سِوارٌ وَخَلخالٌ وَطَوقٌ وَدُملُجُ

فَإِنَّكَ يا بَرقَ السَماوَةِ مُونِقٌ

بَهِيٌّ وَدَعدٌ مِنكَ أَبهى وَأَبهَجُ

تَبَرَّجتَ تَيّاهاً بِحُسنِكَ في الدُجى

وَتِلكَ حَصانُ الجَيبِ لا تَتَبَرَّجُ

وَثَغركَ بَسامٌ وَلَكِنَّ ثَغرَها

خِلافَكَ مَعسُولُ الثَنايا مُفَلَّجُ

وَأَنتَ نَحيفُ الجِسمِ مالَكَ تابِعٌ

بَطِيٌّ وَلا خَصرٌ إِذا قُمتَ مُدمَجُ

لَها الفَضلُ إِلّا أَنَّني مِنكَ سالِمٌ

وَمِن أُمِّ عَمرٍو طائِشُ اللُبِّ مُزعَجُ

فَلا تَحسَبَنِّي هائِماً بِكَ إِنَّما

يَهِيمُ بِها يا بَرقُ قَلبِي وَيَلهَجُ

وَمِن أَجلِها أَحبَبتُ لَيلى لِأَنَّهُ

كَما فَرعُها وَحفُ الأَنابِيبِ أَدعَجُ

وَمِمّا شَجاني يَومَ بانَت لُبَينَةٌ

غُرابٌ بِبَينِ المالِكِيَّةِ يَشَحَجُ

وَبَطرَبُ في إِثرِ الحُمُولِ كَأَنَّهُ

عَدُوٌّ بِتَفرِيقِ الأَحِبَّةِ مُلهَجُ

رَمَتكَ عُقابُ الجَوِّ بِالحَينِ إِنَّما

نَعِيبُكَ داءٌ في الحَيازِيمِ مُولَجُ

أَمُنتَفِعٌ بِالبَينِ أَم أَنتَ شامِتٌ

إِذا زُمَّتِ الأَجمالُ أَو شُدَّ هَودَجٍ

فَما أَنتَ إِلّا بِئسَ ما اعتِيضَ مِنهُمُ

غَداةَ اِستَقَلُّوا وَالوَخِيدُ المُسَجَّجُ

وَبِالغَورِ نارٌ تَستَبِينُ كَأَنَّما

سَنا ضَوئِها مِن بَينِ جَنبَيَّ يَخلَجُ

نَظَرتُ إِلَيها نَظرَةً لَم يَكُن لَها

عَلى الحِلمِ بَعدَ الأَربَعينَ مُعَرَّجُ

وَقَد لامَني صَحبِي عَلى ما أَصابَني

مِنَ الوَجدِ إِلّا أَنَّ ذا الحُبِّ مُحرَجُ

خَلِيلَيَّ لا تَستَعتِباني فَإِنَّنِي

إِلى الحِلمِ لَو واتانِي الحِلمُ أَحوَجُ

وَيا رُبَّ غَبراءِ المَخارِمِ يَرتَعِي

بِها فَرقَدٌ وَالمَسُّ لِلمَتنِ عَوهَجُ

تَرى ثَمَرَ الخُطبانِ فِيها كَأَنَّهُ

عَلى صَفحَةِ البَيداءِ هامٌ مُدَحرَجُ

تُعادِيهِ خِيطانُ النَعامِ كَأَنَّها

إِلى مِيرَةٍ بُزلٌ تُشَدُّ وَتُحدَجُ

وَتَلقى بِها قُمصَ الأَفاعِي كَأَنَّها

حُبابُ الحُمَيّا أَزبَدَت حِينَ تُمزَجُ

يُخَلِّفُها الصِلُّ الَّذي مَلَّ لُبسَها

كَما خَلَّفَ الدِرعُ الكَمِيُّ المُدَجَّجُ

أَقُولُ لِصَحبِي وَالرِكابُ شَواحِبٌ

كَأَن رذاياها المَزادُ المُشَنَّجُ

وَقَد لاحَ لِلسّارِي هِلالٌ كَأَنَّهُ

مِنَ الفِضَّةِ البَيضاءَ مِيلٌ مُعَوَّجُ

أَلا عَرِّجُوا بالعِيسِ نَحوَ ابنِ صالِحٍ

وَمِيلُوا عَلى حُرٍّ فَمالُوا وَعَرَّجُوا

إِلى مَلِكٍ سَمحِ اليَمِينَينِ لِلنَدى

إِلَيهِ وَلِلمَعرُوفِ قَصدٌ وَمَنهَجُ

صَفا صَفوَ ماءِ المُزنِ لَم يَختَلِط بِهِ

قَذى الأَرضِ وَالتُربُ الخَبِيثُ المُمَزَّجُ

أَكُونُ مِراراً ذا هُمُومٍ كَثِيرَةٍ

وَأَنظُرُ في وَجهِ المُعِزِّ فَتُفرَجُ

فَتىً ناجِزُ المِيعادِ لا خُلفَ عِندَهُ

وَلا دُونَهُ بابٌ مِنَ الرِزقِ مُرتَجُ

إِذا زارَهُ الزُوّارُ وافَت فُرُوشُهُ

تُجَرُّ وَباراها قِراهُ المُرَوَّجُ

تَعادى بِها غُرُّ الوَلائِدِ في الدُجى

حِجالاً عَلَيهِنَّ اللِباسُ المُدَبَّجُ

تَراهُنَّ قُعساً تَحتَ سُودٍ مَواثِلٍ

يَبُوخُ عَلَيهِنَّ السَدِيفُ المُلَهوَجُ

تَعَجَّلَ لِلطُراقِ ما كانَ حاضِراً

نَضِيجاً وَلِلغُيّابِ آخَرُ يُنضَجُ

وَلَيلٍ خَبَطناهُ بِعِيسٍ تَطَوَّحَت

إِلَيهِ كَما طاحَ النَعامُ المُهَجَّجُ

إِلى أَن رَأَينا الشُهبَ في الغَربِ جُنَّحاً

وَلِلصُبحِ وَجهٌ مِثلُ وَجهِكَ أَبلَجُ

فَلَمّا أَنَخنا في ذَراكَ رِكابَنا

كَفَيتَ الفَتى المُحتاجَ ما يَتَحَوَّجُ

فَبُوُرِكتَ مِن غَيثٍ يَسِحُّ إِذا غَدا

يَشِحُّ بِنُعماهُ الجَهامُ المُزَبرَجُ

وَما وَلَدَت مِن عامِرٍ عامِرِيَّةٌ

أَشَدَّ جَناناً مِنكَ وَالخَيلُ تُسرَجُ

خِفافاً إِلى حَملِ العَوالي كَأَنَّها

إِذا ما ثَنَيناها النَخِيلُ المُهَيَّجُ

وَلا في بَني حَوّاءَ مِثلُكَ مُقدِماً

عَلى الهَولِ لا يَنبُو وَلا يَتَلجلَجُ

وَمَن مِثلُ فَخرِ المُلكِ يَملِكُ حِلمَهُ

وَيَزدادُ رَحباً صَدرُهُ حِينَ يُحرَجُ

وَلَم أَرَ مِثلَ الحَمدِ يُنشَرُ لِلفَتى

وَلا مِثلَهُ عَن فاعِلِ السُوءِ يَدرُجُ

وَفِي الفازَةِ البَيضاءِ مِن آلِ صالِحٍ

فَتىً مُولَعٌ بِالخَيرِ مُذ كانَ مُلهَجُ

مِنَ الصالِحيِّينَ الَّذينَ تَطَوَّلُوا

فَطالُوا وَجَلَّوا كُلَّ بُؤسٍ وَفَرَّجُوا

أَحاسِدَهُم نَهنَهتَ عَن طَلَبِ العُلى

وَجَدُّوا فَنالُوها وَنِمتُ وَأَدلَجُوا

إِلَيكَ فَقَد رامَ الَّذي رُمتَ مَعشَرٌ

تَرَقَّوا عَلى آثارِهِم فَتَزَلَّجُوا

أَبا صالِحٍ أَنتَ الَّذي سَيبُ كَفِّهِ

يَسِحُّ كَما سَحَّ الغَمامُ المُثَجَّجُ

لِيثبِتَ أَركانَ العَشِيرَةِ بَعدَما

تَهَدَّمَ مِنها المُشَمخِرُ المُبَرَّجُ

وَنُبتَ مَناباً عَن أَخِيكَ تَهُزُّهُ

كَشُكرِكَ في أَكفانِهِ وَهوَ مُدرَجُ

وَإِنَّكَ لِلأَقصَينَ ذُخرٌ وَعُدَّةٌ

فَكَيفَ لِذِي لَحمٍ بلَحمِكَ يُمزَجُ

عَلِيٌّ وَمَحمُودٌ سَواءٌ وَصالِحٌ

كَطِرفٍ لَهُ هادٍ وَعُرفٌ وَمَنسِجُ

فَزِدهُم جَميلاً مِن جَميلَكَ إِنَّهُم

إِذا ما عَرا خَطبٌ وَلَجَّجتَ لَجَّجُوا

وَقَد شاعَ في الآفاقِ ما أَنتَ فاعِلٌ

وَأَثنَت عَلى نُعماكَ قَيسٌ وَمَذحِجُ

فَلا ذاقَتِ الدُنيا فِراقَكَ إِنَّنِي

أَرى ساحَةَ الدُنيا بِوَجهِكَ تبهِجُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن أبي حصينة

avatar

ابن أبي حصينة حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Ibn-abi-Hussaynah@

132

قصيدة

15

متابعين

(388-457 هـ/998-1065م) الحسن بن عبد الله بن أحمد بن عبد الجبار بن أبي حصينة أبو الفتح الشامي. شاعر من الأمراء ولد ونشأ في معرة النعمان بسورية انقطع إلى دولة بني ...

المزيد عن ابن أبي حصينة

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة