الديوان » العصر المملوكي » ابن أبي حصينة » عش حقبة لا تنتهي بل تبتدي

عدد الابيات : 62

طباعة

عِش حِقبَةً لا تَنتَهِي بَل تَبتَدِي

وَتَمَلَّ بِالدُنيا وَأَبلِ وَجَدِّدِ

فَإِذا تَقَضَّت مُدَّةٌ مَعهُودَةٌ

وُصِلَت بِأَسعَد مُدَّةٍ لَم تُعهَدِ

فَتَدُومُ مَخصُوصاً بِعِزٍ سَرمَدٍ

لا يَنقَضي وَبِطُولِ عُمرٍ سَرمَدِ

رُم ما اِشتَهَيتَ تَنَل وُسُس ما تَبتَغي

تَرشُد وَحاوِل ما أَرَدتَ تُسَدَّدِ

وَالبَس هِلالَ الأُفقِ طَوقاً وَانتَطِق

شُهُبَ المَجَرَّةِ وَانتَعِل بِالفَرقَدِ

واسحَب عَلى الشِعرى العَبُورِ مَلابِساً

عَبَرَت عَلى جَسَدِ الإِمامِ الأَمجَدِ

فِيها نَسِيمُ أَبِي الأَئِمَّةِ حَيدَرٍ

وَنَسيمُ خَيرِ الأَنبِياءِ مُحَمَّدِ

وَاعقِد عَلَيكَ التاجَ وَاعلَم أَنَّهُ

بِالعِزِّ مَعقُودٌ وَإِن لَم يُعقَدِ

قَد رُصِّعَت فيهِ مَناقِبُ جَمَّة

تُغنِيهِ عَن دُرٍّ بِهِ وَزَبَرجَدِ

وَتَقَلَّدِ العَضبَ الشَبِيهَ بِغِمدِهِ

فَكَأَنَّما هُوَ مُصلَتٌ لَم يُغمدِ

كَثُرَت بِحَدَّيهِ الفُلولُ كَأَنَّهُ

مِمّا يُكَسِّرُ في الطُلى فَمُ أَدرَدِ

هُوَ مُفرَدٌ في الغِمدِ إِلّا أَنَّهُ

في الرَوعِ يُزوِجُ كُلَّ شَيءٍ مُفرَدِ

في كَفِّ أَروَعَ لَو أَشارَ بِسَيفِهِ

لَفَرى وَحدُّ السَيفِ غَيرُ مُجَرَّدِ

وَاركَب جِيادَ ابنِ النَبِيِّ طَوامِحاً

مِثلَ الصُقورش دَوالِجاً في العَسجَدِ

مِن كُلِّ مَلفُوفِ الجِيادِ مُقَلَّصٍ

كَالسِبدِ سِيدِ الرَدهَةِ المُتَمَرِّدِ

مُتَرَفِّقٍ يَمشي بِحِليَةِ سَرجِهِ

مَشيَ المُقَيَّدِ وَهوَ غَيرُ مُقَيَّدِ

وَإِذا جَرى تَحتَ العَجاجِ بِرَبِّهِ

طَبَعَ الأَهِلَّةَ في صِفاحِ الجَلمَدِ

وَوَراءَ ظَهرِكَ رايَةٌ مَرفُوعَةٌ

تَهدِي الخَمِيسَ مِنَ الضَلالِ فَيَهتَدِي

كَالغادَةِ الحَسناءِ ذاتُ ذَوائِبٍ

تَهفُو وَذاتُ تَعَطُّفٍ وَتَأَوُّدِ

في لَونِ عِرضِكَ كُلَّما خَفَقَت بِها

رِيحُ الصَبا خَفَقَت قُلُوبُ الحُسَّدِ

عَقَدَ الإِمامُ فُرُوعَها بِيَمِينِهِ

عَقداً تَكَفَّلَ بِالبَقاءِ الأَسعَدِ

وَحِيالَها بِيضُ البُنودِ كَأَنَّها

رَوضٌ يَرِفُّ عَلى القَنا المُتَأَوِّدِ

مِن مُذهَبٍ وَمُفَضَّضِ وَمُخَلَّقٍ

وَمُزَوَّقٍ وَمُعَصفَرِ وَمُوَرَّدِ

وَالبُزلُ حامِلَةُ القِبابِ كَأَنَّها

سَكرى لِكَثرَةِ ما تَرُوحُ وَتَغتَدِي

في سَبسَبٍ عَن سَبسَبٍ أَو مَجهَلٍ

عَن مَجهَلِ أَو فَدفَدٍ عَن فَدفَدِ

تَرَكَت مَحَلَّ ابنِ الرَسولِ وَأَقبَلَت

مَنصُوصَةً تَبغِي مَحَلَّ السُؤدُدِ

وَتَشَوَّفَت أَعناقُها في رَبوَتي

مِصرٍ إِلى البَلَدِ القَصِيِّ الأَبعَدِ

وَسَرَت إِلى أَن جاوَزت تَحتَ الدُجى

رَملَ العَرِيشِ وَرَملَ ذاتِ الغَرقَدِ

وَتَكَرَّهَت ماءَ الجِفارِ وَحاوَلَت

ماءً بِشَطٍّ قُويقَ عَذبَ المَوردِ

وَتَيامَنَت عَن بَحرِ صُورٍ تَبتَغي

بِالشامِ أُمَّ الناجِعينَ القُصَّدِ

وَأَتَت طَرابُلُساً تَكادُ قُلُوبُها

تَطغى مِنَ الشَوقِ المُقيِمِ المُقعِدِ

وَتَيَمَّمَت مَرَقِيَّةَ وَقَدِ اِنطَوَت

مِمّا تَجُوبُ البِيدَ طَيَّ مُجَلَّدِ

وَشَكَت بِها فَرطَ السَحابِ وَفَرطَما

بِقُلُوبِها مِن لَوعَةٍ لَم تَبرُدِ

وَنَوَت حَماةَ وَالغَمامُ يَصُدُّها

عَن قَصدِها صَدَّ الحِيامِ الوُرَّد

وَنَوَت كَفَرطابَ وَمِلءُ صُدُورِها

شَوقٌ أَحَرُّ مِن الجَحيمِ المُوقَدِ

وَتَجاوَزَت أَرضَ المَعَرَّةِ وَانتَشَت

رِيحَ الحَياةِ مِنَ السَبِيلِ الأَقصَدِ

وَبِأَرضِ سَرمِينٍ أُرِيحَت بَعدَما

شَكَتِ العَياءَ مِنَ الذَمِيلِ السَرمَدِ

وَغَدَت مُيَمِّمَةً أَجَلَّ مُيَمَّمٍ

قَدراً وَأَقرَبَ نائِلاً مِن مَوعِدِ

حَتّى أَتَت مَلِكاً ضِياءُ جَبِينِهِ

كَضِياءِ بَدرِ الحِندِسِ المُتَوَقِّدِ

فَأَحَلَّها دارَ النَعِيمِ وَفَكَّها

بَعدَ الإِياسِ مِنَ العَذابِ المُوصَدِ

رُوحِي فِدا المَلِكِ المُعَوِّدِ رُوحَهُ

بِالحِلمِ أَفضَلَ عادَةِ المُتَعَوِّدِ

إِن سِيلَ جادَ وَإِن أَصابَ خَطِيَّةً

أَغضى فَلَم يَحقِد وَلَم يَتَوَجَّدِ

وَلَدَ النِساءُ مِنَ الرِجالِ خَلائِقاً

لا يَنحَصُونَ وَمِثلُهُ لَم يُولَدِ

شَكَرُوا الإِمامَ عَلى تَواتُرِ فَضلِهِ

شُكرَ الخَمِيلَةِ لِلغَمامِ المُغتَدِي

أَمّا أَمِيرُ المُؤمِنينَ فَعالِمٌ

أَنَّ الجَميلَ إِلَيكَ غَيرُ مُفَنَّدِ

فَلتَدفَعَنَّ عَنِ البِلادِ وَأَهلِها

نُوَباً يُخافُ وَقُوعُها وَكَأَن قَدِ

وَلتُحمَدَنَّ كَما حُمِدتَ بتُبَّلٍ

وَالخَيلُ تَعثَرُ بِالقَنا المُتَقَصِّدُ

وَالشِركُ مِنكَ وَمِن شَقِيقِكَ هارِبٌ

هَرَبَ الشَحاحِ مِنَ الغَمامِ المُرعِدِ

لَولا سُيُوفُكُمُ البَواتِرُ لالتَقى

مَن بِالثُغورِ وَمِن بِبُرقَةِ مُنشِدِ

لَكِن أَبَت عَزَماتُكُمُ أَن تَنثَنِي

أَو تَنثَني رِيّانَةً كَبِدُ الصَدِي

أَسنَدتُمُ الإِسلامَ إِنَّ سُيُوفَكُم

لِمَعاقِلِ الإِسلامِ أَفضَلُ مُسنِدِ

لَولاكُمُ كانَ النَدى مُتَعَذِّرَ ال

مَلقى وَكانَ الفَضلُ مَغلُولَ اليَدِ

أَمسى أَبُو العُلوانِ فِيكُمُ أَوحَدَاً

فَسَهِرتُ فِيهِ عَلى الكَلامِ الأَوحَدِ

وَنَظَمتُ فِيهِ مِنَ القَرِيضِ شَوارِداً

أَنسَت بَني الدُنيا شَوارِدَ أَحمَدِ

قالَت مَناقِبُهُ وَقَد عَدَّدتُها

أَقصِر فَإنَّ الغَيثَ غَيرُ مُعَدَّدِ

غَمِّض جُفُونَكَ دُونَهُنَّ فَرُبَّما

أَعشى ضِياءُ الشَمسِ جَفنَ الأَرمَدِ

فَرَّغتَ مالَكَ في الجَميلِ وَلَم تَدَع

في اليَومِ ما يُعطى وَيُوهَبُ في الغَدِ

يا خَيرَ مَن وَصَلَت إِلَيهِ وَعَرَّسَت

بِفِنائِهِ خُوصُ الرِكابِ الوُخَّدِ

لَيسَ الصُعودُ إِلى العَلاءِ بِهَيِّنٍ

فَيُنالَ إِنَّ المَجدَ صَعبُ المَصعَدِ

مَن شامَ كَفَّكَ لَم يَزَل مُتَيَقِّناً

أَن الغَمامَ بِجُودِ كَفِّكَ يَقتَدِي

لَيتَ الأَوائِلَ أَبصَرُوكَ فَأَبصَروا

زَودَ الأَخِيرِ وَنَقصَ فَضلِ المُبتَدي

حَسُنَت بِكَ الدُنيا كَأَنَّكَ غُرَّةٌ

بَيضاءُ في وَجهِ الزَمانِ الأَسوَدِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن أبي حصينة

avatar

ابن أبي حصينة حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Ibn-abi-Hussaynah@

132

قصيدة

16

متابعين

(388-457 هـ/998-1065م) الحسن بن عبد الله بن أحمد بن عبد الجبار بن أبي حصينة أبو الفتح الشامي. شاعر من الأمراء ولد ونشأ في معرة النعمان بسورية انقطع إلى دولة بني ...

المزيد عن ابن أبي حصينة

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة