الديوان » العصر المملوكي » ابن أبي حصينة » قدمت سعيدا فائزا خير مقدم

عدد الابيات : 59

طباعة

قَدِمتَ سَعِيداً فائِزاً خَيرَ مَقدَمِ

وَأُبتَ حَمِيداً غانِماً كُلَّ مَغنَمِ

تُظِلُّكَ راياتُ السُعُودِ كَأَنَّها

مِنَ الطَيرِ إِلّا أَنَّها غَيرُ حُوُّمِ

إِذا سِرتَ أَخفَيتَ النَهارَ بِقَسطَلٍ

يَلُفُّكَ في جُنحٍ مِنَ اللَيلِ مُعتمِ

كَأَنَّكَ فِيهِ وَالقَنا تَزحَمُ القَنا

هِلالُ سَماءٍ طالِعٌ بَينَ أَنجُمِ

وَهَل أَنتَ إِلّا رَونَقُ الصُبحِ مُذ بَدا

غَدا كُلُّ فَجٍّ مُظلمٍ غَيرَ مُظلِمِ

وَمُذ غِبتَ غابَ الخَيرُ عَن كُلِّ مَوطِنٍ

وَغابَ الكَرى عَن كُلِّ جَفنٍ مُهَوِّمِ

وَما التَذَّ حَتّى عُدتَ خَلقٌ بِمَشرَبٍ

ولا التَذَّ حَتّى عُدتَ خَلقٌ بِمَطعَمِ

إِذا مَرَّ يَومٌ لا أَراكَ مُمَثّلاً

بِهِ كانَ مَحسُوباً بِحَولٍ مُحَرَّمِ

تَضِيقُ عَلَيَّ الأَرضُ حَتّى كَأَنَّها

إِذا غِبتَ عَن عَينَيَّ في دَورِ دِرهَمِ

فِدىً لِمَطاياكَ العُيونُ وَقَد سَرَت

ثِقالاً تُباري مَعلَماً بَعدَ مَعلَمِ

بِأَسَعدِ رَكبٍ رائِحٍ وَمُهَجِّرٍ

وَأَكرَمِ سَفرٍ ظاعِنٍ وَمُخَيِّمِ

تَمَنَّيتُ لَو أَنّي نَزَلتُ كَرامَةً

فَقَبَّلتُ مِنها كُلَّ خُفٍّ وَمَنسِمِ

وَصَيَّرتُ خَدِّي في التَنُوفَةِ مَبرَكاً

وَطِيئاً لِأَعضادِ المَطِيِّ المُحَرَّمِ

لَقَد كَرُمَت تِلكَ الرِكابُ وَرَكبُها

وَحازَت جَميلَ الذِكرِ مِن كُلِّ مُسلِمِ

تَوَلَّت وَخَلَّت قَلبَ رَحبَة مالِكٍ

لِفُرقَتِها قَلبَ الشَجِيِّ المُتَيَّمِ

وَأَضحَت مِنَ الضاحِي تَبِضُّ كَأَنَّما

قِسِيٌّ رَمَت أَكبادُها حُرَّ أَسهُمِ

مُيَمِّمَةً في كُلِّ مُمسىً وَمُصبَحٍ

مِنَ الوَطَنِ التاجِيِّ خَيرَ مُيَمَّمِ

وَلَمّا عَلَت نَشرَ الرُصافَةِ بُشِّرَت

بِعارِضِ مُزنِ باكِرِ الوَبلِ مُثجِمِ

تَباشَرَ أَهلُ الشامِ حَتّى كَأَنَّهُم

سَوامٌ أَحَسَّت بِالرَبِيعِ المُوَسَّمِ

أَغاث بِكَ اللَهُ البِلادَ وَأَهلَها

وَرَدَّكَ رَدَّ المُفضِلِ المُتَكَرِّمِ

رَأَوكَ فَضَجُّوا بِالدُعاءِ كَما دَعا

إِلى اللَهِ حُجاجُ الحَطِيمِ وَزَمزَمِ

فَبُورِكَ شَهرٌ أَنتَ فِيهِ مُسَلَّماً

وَلَكِنَّ بَيتَ المالِ غَيرُ مُسَلَّمِ

تَضاعَفَتِ الأَعيادُ فِيهِ فَقَد غَدا

لَنا عَيدُ فِطرٍ تابِعاً عِيدَ مَقدَمِ

جَزى اللَهُ خَيراً هِمَّةً لَكَ لَم تَزَل

تَضُرُّ بِأَطرافِ الوَشِيجِ المُقَوَّمِ

حَمَلت بِها الأَثقالَ في كُلِّ حادِثٍ

وَخُضتَ بِها الأَهوالَ في كُلِّ صَيلَمِ

وَما زِلتَ كَسّاباً بِها العِزَّ مُتعِباً

بِها كُلَّ يَعبُوبٍ مِنَ الخَيلِ شَيظَمِ

إِذا اشتَدَّتِ اللأواءُ نَفَّست كَربَها

بِهِمَّةِ لاوانٍ وَلا مُتَلَوِّمِ

يَزِيدُكَ مَرُّ الدَهرِ أَيداً وَقُوَّةً

كَأَنَّكَ لَم تُخلَق مِنَ اللَحمِ وَالدَمِ

أَرى الناسَ لا يَسعَونَ مَسعاكَ لِلعُلى

وَلا يَفعَلُونَ الخَيرَ فِعلَ التَكَرُّمِ

وَما يَركَبُ الأَخطارَ في كُلِّ حادِثٍ

وَيَكشِفُها غَيرُ الخَطِيرِ الغَشَمشَمِ

كَأَنتَ وَمَن يَفعَل فَعالَكَ يَتَّخِذ

جَميلاً وَمَن يَحفَظ حِفاظَكَ يَغنَمِ

خُلِقتَ كَرِيماً لا نَداكَ مُقَصِّرٌ

وَلا غَيثُكَ الهامِي عَلَينا بِمُنجِمِ

وَهَيهاتَ أَن يَعلو عُلُوَّكَ مَن سَعى

لِيَعلُو وَلَو نالَ السَماءَ بِسُلَّمِ

مَكارِمُ لا ذُو التاجِ كِسرى بنُ هُرمُزٍ

حَواها وَلا أَقيالُ عادٍ وَجُرهُمِ

وَما حاتِمٌ عِندِي بِنِدٍّ أَقِيسُهُ

إِلَيكَ وَلا كَعبٌ وَلا ابنُ مُكَدَّمِ

لِأَنَّ أَبا العُلوانِ إِن كانَ آخِراً

فَقَد حازَ شأوَ الفارِطِ المُتَقَدِّمِ

كَذا النارُ أُولاها شَرارَةُ قابِسٍ

وَآخِرُها وَهجُ السَعِيرِ المُضَرَّمِ

أُعِيذُكَ بِاللَهِ السَميعِ وِبالقَنا

تَشَعشَعَ في أَطرافِها كُلُّ لَهذَمِ

فَأَنتَ جَمالٌ كُنتَ في صَدرِ مَجلِسٍ

لَدى السَلمِ أَو في صَدرِ جَيشٍ عَرَمرَمِ

إِذا نَظَرَت عَينايَ وَجهَكَ مُقبِلاً

تَأَمَّلتُ وَجهَ الرِزقِ في وَجهِ ضَيغَمِ

أَهابُكَ حَتّى لَيسَ يَمتَدُّ ناظرِي

إِلَيكَ وَلا يَستَأنِسُ النُطقُ في فَمِي

فَوا عَجَباً أَنّي إِذا قُمتُ مُنشِداً

أَمامَكَ لَم أَحصَر وَلم أَتَلَعثَمِ

وَلَكِنَّ قَلبِي واثِقٌ بِكَ عالِمٌ

بِكُلِّ جَمِيلٍ مِنكَ غَيرِ مُعَتِّمِ

خَدَمتُكَ وَالفَودانِ سُحمٌ كَأَنَّها

حَياةُ مُعادِيكَ الشَقِيِّ المُذَمَّمِ

وَها هِيَ بِيضٌ ناصِعاتٌ كَأَنَّها

بَياضُ ثَنايا دَهرِكَ المُتَبَسِّمِ

فَلَم أَرَ أَندى مِنكَ كَفّاً بِنائِلٍ

جَسِيمٍ وَلا أَقوى عَلى حَملِ مَغرَمِ

فَتَحتَ عَلَيَّ الرِزقَ مِن كُلِّ وِجهَةٍ

وَأَنقَذتَنِي مِن كُلِّ فَجٍّ وَمَخرِمِ

وَأَغنَيتَنِي عَمَّن سِواكَ فَلَم أَبِت

بِنُعماكَ مُحتاجاً إِلى فَضلِ مَنعِمِ

وَإِن نالَنِي خَيرٌ فَمِنكَ أَساسُهُ

وَما النَبتُ إِلّا بِالغَمامِ المُدَيِّمِ

وَواأَسَفا أَنّي تَخَلَّفتُ لَم أَقُم

بِحَقٍّ وَلَم أَنشُر ثَناءً بِمَوسِم

وَلَكِن عَدانِي سُوءُ حَظّي وَعاقَنِي

عَنِ الواجِبِ المَفروضِ فَرطُ التَأَلُّمِ

وَهَل أَنتَ إِلّا الشَمسُ ما انضَرَّ نُورُها

بِصَمتِي وَلا زادَت عُلىً بِتَكَلُّمي

لَقَد عَزَّ قَومٌ وَاصَلُوكَ وَحاوَلُوا

دنُوَّكَ حَتّى مازَجُوا الدمَ بِالدَمِ

نَصَرتَهُمُ حَتّى بِرَأيِكَ فاتِحاً

لَهُم كُلَّ مُستَدٍّ مِنَ الأَمرِ مُبهَمِ

وَما خِندِفٌ إِلّا نُجُومٌ زَواهِر

تَخَيَّرتَ مِنها بَيتَ غَفرٍ وَمِرزَمِ

وَكانُوا يَرَونَ الفَخرَ قَبلَكَ غائِراً

فَفُزتَ وَفازُوا بِالفَخارِ المُتَمَّمِ

إِذا مُضَرٌ طالَت بِذِكراك أَشرَفَت

عَلى الناسِ إشرافَ الذُرى مِن يَلَملَمِ

هَنيئاً لَكَ التَوفِيقُ فابقَ مُوَفَّقاً

طَوالَ اللَيال وَاعلُ في المُلكِ واسلَمِ

فَإِن بَنِي الدُنيا وَإِنَّكَ فِيهِمُ

لَكا لغُرَّةِ البَيضاءِ في وَجهِ أَدهَمِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن أبي حصينة

avatar

ابن أبي حصينة حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Ibn-abi-Hussaynah@

132

قصيدة

16

متابعين

(388-457 هـ/998-1065م) الحسن بن عبد الله بن أحمد بن عبد الجبار بن أبي حصينة أبو الفتح الشامي. شاعر من الأمراء ولد ونشأ في معرة النعمان بسورية انقطع إلى دولة بني ...

المزيد عن ابن أبي حصينة

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة