الديوان » العصر المملوكي » ابن أبي حصينة » لو كان ينفع في الزمان عتاب

عدد الابيات : 58

طباعة

لَو كانَ يَنفَعُ في الزَمانِ عِتابُ

لَعَتَبتُهُ في الرَبعِ وَهوَ يَبابُ

عُجنا عَلَيهِ العِيسَ نَسأَل رَسمَهُ

لَو كانَ مَن سَأَلَ الطُلُولَ يَجابُ

زَمَنٌ لِأَحبابٍ نُحِبُّ دِيارَهُم

مِن أَجلِهِم فَكَأَنَّها أَحبابُ

لَمّا جَعَلنا في العُيونِ تُرابَها

لَم يَبقَ في تِلكَ الرُبوعِ تُرابُ

مِن بَعدِ ما سالَت شُعُوبُ مَدامِعٍ

سالَت لَهُنَّ مَدامِعٌ وَشِعابُ

يا رَبعُ قَبَّحَكَ الزَمانُ وَطالَما

زانَت عِراصَكَ زَينَبٌ وَرَبابُ

أَيّامَ يُلتَثَمُ التُرابُ إِذا مَشَت

في دِمنَتَيكَ كَواعِبٌ أَترابُ

مِثلُ الشُمُوسِ عَلى غَوارِبِ أَينُقٍ

يَغرُبنَ عَنكَ إِذا يَصيحُ غُرابُ

لا يُستَدامُ وَدادُهُنّ بِخُطوَةٍ

إِن لَم يَدُم لَكَ ثَروَةٌ وَشَبابُ

ذَر حُبَّهُنَّ فَإِنَّهُنَّ فَوارِكٌ

وَمَقالُهُنَّ خَديعَةٌ وَخِلابُ

وَإِذا طَلَبتَ مِنَ الزَمانِ طِلابَةً

بِالسَيفِ لَم يَعذُب عَلَيكَ طِلابُ

إِنَّ المَمالِكَ لا يَصُونُ وُجُوهَها

إِلّا طِعانٌ دُونَها وَضِرابُ

وَالعِزُّ مارَدَّ المُعِزُّ بِسَيفِهِ

مِن بَعدِ ما ذَهَبَت بِهِ الأَحقابُ

غَضِبَت قَناهُ لِقَومِهِ فَاستَرجَعَت

لَهُمُ المَمالِكَ وَالمُلوكُ غِضابُ

وَأَعادَ عِزَّ بَني كِلابٍ بَعدَما

عَرِيَت مِنَ العِزِّ الأَشَمِّ كِلابُ

شَهِدُوا بِفَضلِ أَبيهِ فَاعتَرَفَت لَهُ

بِالمَنِّ مِن فَلِّ الجُيوشِ رَقابُ

وَلَقَد تَيَقَّنَتِ العَشِيرَةُ أَنَّهُ

ظُفرٌ لَها في النائِباتِ وَناب

نامُوا وَأَسهَرَ عَينَهُ في عَزِّهِم

حَتّى بَنى قُطرَيهِ وَهوَ خَرابُ

وَعَفا عَنِ الجاني إِلَيهِ وَعَفوُهُ

عَن قُدرَةٍ مِثلُ العِقابِ عِقابُ

وَبَنى لَهُم في العِزِّ بَيتاً ما بَنى

شَبَهاً لَهُ زُفَرٌ وَلا جَوّابُ

بَيتٌ بَناهُ اللَهُ لَم يُسمَك لَهُ

عَمَدٌ وَلَم تُمدَد لَهُ أَطنابُ

فَليَشكُروا مَلِكاً بِهِ وَبِخَيلِهِ

فَخَرَت كُهُولٌ مِنهُمُ وَشَبابُ

حَمِدُوهُ إِذ عَرَفُوا سَجِيَّةَ غَيرِهِ

وَالشَهدُ يُحمَدَ حينَ يُجنى الصابُ

هَنّاهُمُ بِمَعايِشٍ لَم يَهنِهِم

فِيها طَعامٌ قَبلَهُ وَشَرابُ

وَوَفى بِما سَلَبَت قَناهُ فَرَدَّهُ

وَمَتى تُرَدُّ مِنَ القَنا أَسلابُ

لَو لَم يُطالَب بِالَّذي هُوَ آخِذٌ

أَخَذَتهُ مِن أَموالِهِ الطُلّابُ

وَإِذا الكَريمُ حَوى الجَسيمَ سَخا بِهِ

كَالبَحرِ ما لِلشَيءِ فيهِ رَبابُ

لا يَعجَبُوا مِمّا فَعَلتَ فَكُلُّ ما

تَأتي بِهِ في العالَمينَ عُجابُ

وَلَقَد عَفَفتَ عَنِ الحَريمِ وَلَم يَكُن

لَكَ باطِنٌ يَغتابُهُ المُغتابُ

وَحَجَبتَهُنَّ عَنِ العُيونِ بِغَيرَةٍ

هِيَ دُونَهُنَّ مَعَ الحِجابِ حِجابُ

وَأَنِفتَ أَن تَرضى بِهِنَّ حَلائِلاً

وَبُعُولُهُنَّ غَطارِفٌ أَنجابُ

ظَفِرَت قَناكَ بِضِعفِ ما ظَفِرُوا بِهِ

إِنَّ الكَريمَ مُظَفَّرٌ غَلّابُ

وَطَلَبتَ ثَأرَكَ فاشتَهَرتَ وَرَدَّ ما

أَخَذَت عِداكَ الصارِمُ القِرضابُ

وَلَقِيتَ في نَصبِ المَكارِمِ وَالعُلى

نَصَباً فَأَنتَ الناصِبُ النَصّابُ

وَلَقَد أَتَتكَ مِن الإِمامِ مَواهِبٌ

ضاقَت بِها الفَلَواتُ وَهِيَ رِحابُ

تَمشي بِها القُبُّ العِتاقُ وَخُنَّقٌ

مِثلُ الأَهِلَّةِ فَوقَهُنَّ قِبابُ

وَمُخَلَّقٌ شَختُ النِطاقِ خِتامُهُ

مِسكُ العَتيرَةِ وَالحَريرُ إِهابُ

سُطِرَت رِقابُ عِداكُمُ بِسُطُورِهِ

مُذ فُضَّ فَهوَ مُهَنَّدٌ وَكِتابُ

وَكَأَنَّ هالاتِ البُدورِ عَمائِمٌ

لَكُمُ وَأَنوارُ الشَموسِ ثِيابُ

لِلّهِ دَرُّكُمُ فَأَنتُم مَعشَرٌ

ما فِيكُمُ لِلعائِبِينَ مَعابُ

طُلتُم بِأَلقابِ الإِمامِ وَطُلتُم

مِن قَبلِ ذاكَ وَمالَكُم أَلقابُ

لَو لَم تَكُن أَلقابُكُم مَذكُورَةً

أَغنَتكُمُ عَن ذِكرِها الأَحسابُ

قالَ العِدا لِلشّامِ لَمّا عُدتُمُ

هَذي الأُسُودُ بِها اِحتَمى ذا الغابُ

أَبناءُ مِرداسٍ وَأَيُّ مَعاشِرٍ

جُبِلُوا عَلى طِيبِ الأُصولِ فَطابُوا

لا يَقلَقونَ إِذا تُلِمُّ مُلِمَّةٌ

وَكَأَنَّهُم في النائِباتِ هِضاب

قَومٌ إِذا حَضَروا الثَناءَ عَلَيهِمُ

في مَحفِلٍ حَضَرُوا وَهُم غُيّابُ

مِن كُلِّ مَيمُونِ النَقِيبَةِ مُسفِرٍ

عَن حُرِّ وَجهٍ حُطَّ عَنهُ نِقابُ

يَهديكَ في اللَيلِ البَهيمِ بِنُورِهِ

وَكَأَنَّما يَهديكَ مِنهُ شِهابُ

سَهلُ القِيادِ وَرُبَّما لاقَيتُهُ

صَعبَ الظُلامَةِ وَالخُطُوبُ صِعابُ

وَلَقَد بَنى مَجدُ الإِمامِ لِقَومِهِ

مَجداً تَحِيرُ لِمِثلِهِ الأَلبابُ

مَلِكٌ يَضُرُّ كَما يَسُرُّ بِرِفدِهِ

وَالدُرُّ في المُرِّ الأُجاجِ يُصابُ

ثَبتُ العَزيمَةِ لا يَطيشُ بِلُبِّهِ

جَهلٌ وَلا يَخفى عَلَيهِ صَوابُ

يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي شَهِدَت لَهُ

طَيٌّ بِكُلِّ فَضيلَةٍ وَجَناب

لا يَومَ أَسعَدُ مِنهُ يَوماً حَلَّقَت

فيهِ وَراءَكَ رايَةٌ وَعُقابُ

نَشَرَت لَها ريحُ الشِمالِ ذَوائِباً

شَتّى عَلَيهِنَّ النُضارُ مُذابُ

مَعقُودَةٌ بِالعِزِّ إِلّا أَنَّها

عَذَبٌ لِحاسِدِكُم بِهِنَّ عَذابُ

فَاسعَد بِما خُوِّلتَ وَابقَ مُخَلَّداً

ما لِلسَعادَةِ عَن ذَراكَ ذَهابُ

وَالبَس حُلى مَدحي فَلَيسَ بِعاطِلٍ

جِيدٌ لَهُ هَذا المَديحُ سِخابُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن أبي حصينة

avatar

ابن أبي حصينة حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Ibn-abi-Hussaynah@

132

قصيدة

16

متابعين

(388-457 هـ/998-1065م) الحسن بن عبد الله بن أحمد بن عبد الجبار بن أبي حصينة أبو الفتح الشامي. شاعر من الأمراء ولد ونشأ في معرة النعمان بسورية انقطع إلى دولة بني ...

المزيد عن ابن أبي حصينة

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة