قَد غَرَّدَ القمري فَوقَ الفَننْ

فَاِمسَح عَنِ الأَجفانِ كحلَ الوَسنْ

أَلقِ إِلَيهِ السّمعَ وَاِسمَع لَهُ

يَزولُ بِالتّغريدِ عَنكَ الشّجَن

وَشاهِدِ الأَزهارَ في رَوضِها

فَإِنّها الجَوهرُ غالي الثّمَن

تَحكي عُقودَ الدّرِّ مَنظومةً

في نَحرِ غَيداء بِوَجهٍ حَسَن

كَأَنّما الوردُ نُجومُ السّما

وَالنّرجِسُ الأَقمار يا ذا الفِطَن

أَو كَصُحونِ فضّةٍ فَوقَها

كُؤوسُ إِبريزٍ يُزيلُ الحَزَن

مَملوءَةً بِالخمرِ خَمرِ الهَنا

عافية الأَرواحِ ثمَّ البَدَن

وَالعَين مِنها شَرِبت أنسَها

فَدارَ سكر البشرِ فيها عَلَن

وَاِشهَد بِجنحِ اللّيل زهرَ السّما

وَضَوءها في الأَرضِ يَعلو الفَنَن

بِها تذكرُ لِبدورِ العُلى

وَأَنجمِ العَلياءِ في ذا الزّمَن

لَو نالَ بَعضَ الحُسنِ نَجم السّما

فَإِنّما بَدرُ المَعالي حَسَن

الماجِد الفَخم الرّفيع الذُّرى

مَن في ذُرى العَلياءِ عِزّاً قَطَن

الكامِلُ الشّهم وَعِزّ العُلى

عالي الجَنابِ الرّحبِ رَحب العَطَن

تَوَطّن العلياءَ بَيتاً لَه

وَلَيسَ كَالعَلياءِ يَبدو وَطَن

الحَسن الصيتِ الحَميدِ الثّنا

وَمَن بِحُسنِ الخُلق فينا اِدَّهَن

الفارِس الفَحل وَلَيث الشّرى

مُعتقلُ الرّمحِ وَفيهِ طَعَن

مَنْ رُعبُه في الحَربِ يَوم الوَغى

في قَلبِ آسادِ الشّرى قَد سَكَن

الأَريحيّ الكَرم بَحر النَّدى

مِن بَحرِ كَفّيه يَفيضُ المِنَن

لا زالَ في عِزِّ إِلَهِ السّما

يَحيا عَزيز الدّهرِ بَل لَم يُهَن

بِأَرغَدِ العَيشِ بِحُسنِ الهَنا

وَراحة البالِ بِطولِ الزّمَن

ما أَومَضَ البرقُ وَهبَّت صبا

وَما هَمى الودقُ وَما قَد هَتَن

ما الفَتحُ قَد أَنشدَ مِن نظمِهِ

قَد غَرَّدَ القمريّ فَوقَ الفَنَن