وَهَل دُموعٌ أَفاضَ النَهيُ رَيِّقَها
تُدني مِنَ البُعدِ أَو تَشفي مِنَ الكَمَدِ
فَما يَزالُ جَوىً في الصَدرِ يُضرِمُهُ
وَشكُ النَوى وَصُدودُ الأُنَّسِ الخُرُ
وَلَيسَ العُلا دُرّاعَةٌ وَرِداؤُها
وَلا جُبَّةٌ مَوشِيَّةٌ وَقَميصُها
وَإِلّا كَما اِستَنَّ الثَوابيُّ إِذ جَرَت
عَلى عادَةٍ أَثوابُهُ وَخُروصُها
وَلا بُدَّ مِن تَركِ إِحدى اِثنَتَيـ
ـنِ إِمّا الشَبابِ وَإِمّا العُمُر
وَحَسبُ أَخي النَعمى جَزاءً إِذا اِمتَطى
سَوائِرَ مِن شِعرٍ عَلى الدَهرِ خالِدِ
مَلَكتُ بِهِ وُدَّ العِدى وَأَجَدَّ لي
أَواصِرَ قُربى في الرِجالِ الأَباعِدِ
وَحُسنُ دَرارِيِّ الكَواكِبِ أَن تُرى
طَوالِعَ في داجٍ مِنَ اللَيلِ غَيهَبِ
وَلَرُبَّما عَثَرَ الجَوادُ وَشَأوُهُ
مُتَقَدِّمٌ وَنَبا الحُسامُ القاطِعُ
لَن يَظفَرَ الأَعداءُ مِنكَ بِزَلَّةٍ
وَاللَهُ دونَكَ حاجِزٌ وَمُدافِعُ
وَما تَحسُنُ الدُنيا إِذا هِيَ لَم تُعَن
بِآخِرَةٍ حَسناءَ يَبقى نَعيمُها
بَقاؤُكَ فينا نِعمَةُ اللَهِ عِندَنا
فَنَحنُ بِأَوفى شُكرِها نَستَديمُها
وَأَرى الشَبابَ عَلى غَضارَةِ حُسنِهِ
وَجَمالِهِ عَدَداً مِنَ الأَعدادِ
أَرى الشُكرَ في بَعضِ الرِجالِ أَمانَةً
تَفاضَلُ وَالمَعروفُ فيهِم وَدائِعُ
وَلَم أَرَ مِثلِ أَتبَعَ الحَمدَ أَهلَهُ
وَجازى أَخا النُعمى بِما هُوَ صانِعُ
وَهَل يَتَكافا الناسُ شَتّى خِلالُهُم
وَما تَتَكافا في اليَدَينِ الأَصابِعُ
إِذا العَينُ راحَت وَهيَ عَينٌ عَلى الجَوى
فَلَيسَ بِسِرٍّ ما تُسِرُّ الأَضالِعُ
سَأَحمِلُ نَفسي عِندَ كُلِّ مُلِمَّةٍ
عَلى مِثلِ حَدِّ السَيفِ أَخلَصَهُ الهِندُ
لِيَعلَمَ مَن هابَ السُرى خَشيَةَ الرَدى
بِأَنَّ قَضاءَ اللَهِ لَيسَ لَهُ رَدُّ
وَالناسُ ضَربانِ إِمّا مُظهِرٌ مِقَةً
يُثني بِنُعمى وَإِمّا مُضمِرٌ حَسَدا
وَلَم أَرَ أَمثالَ الرِجالِ تَفاوَتَت
إِلى الفَضلِ حَتّى عُدَّ أَلفٌ بِواحِدِ
وَما الناسُ إِلّا واجِدٍ غَيرُ مالِكٍ
لِما يَبتَغي أَو مالِكٌ غَيرُ واجِدِ
ليسَ اللسانُ على الصداقةِ شاهداً
إن القلوبَ على القلوبِ شَواهد
لا تفقدنَّ صداقةً بل كن لها
مُتفقِّداً فلكَم بَكاها الفاقد
كتبَ الموتَ على الخلقِ فكمْ
فلَّ مِنْ جَمْعٍ وأفنى منْ دُولْ
فَما كُلُّ ذي صبرٍ يطيقُ احتمالُهُ
وَلا كل ذي صَبرٍ يُثوَّبُ بالاجرِ
لَيسَ الجَمالُ بِأَثوابٍ تُزَيِّنُنا
إِنَّ الجَمالَ جَمالُ العَقلِ وَالأَدَبِ
لَيسَ اليَتيمُ الَّذي قَد ماتَ والِدُهُ
إِنَّ اليَتيمَ يَتيمُ العِلمِ وَالأَدَبِ
فَلا الدُنيا بِباقيَةٍ لِحَيٍّ
وَلا حَيّ عَلى الدُنيا بِباقِ