مَن جاوَرَ الأُسدَ لَم يَأمَن بَوائِقَها
وَلَيسَ لِلأُسدِ إِبقاءٌ عَلى الجارِ
العَيْنُ تُبْدي الذي في قَلْبِ صاحبِها
مِن الشَّناءَةِ أوْ حُبٍّ إذا كانا
إنَّ البَغيضَ لهُ عينٌ تُكَشِّفُهُ
لا تَسْتطيعُ لما في القلْبِ كِتْمانا
ليس الغنى كثير المال يخزنه
لحادث الدهر أو للوارث الشاني
إن الغنى غني النفس قانعها
موفر الحظ من زهد وإيمان
الخَيرُ خَيرٌ وَإِن طالَ الزَمانُ بِهِ
وَالشَرُّ أَخبَثُ ما أَوعَيتَ مِن زادِ
وَلَستُ أَرى السَعادَةَ جَمعَ مالٍ
وَلَكِنَّ التَقيَّ هُوَ السَعيدُ
وَتَقوى اللَهِ خَيرُ الزادِ ذُخراً
وَعِندَ اللَهِ لِلأَتقى مَزيدُ
وَساعٍ يَجمَعُ الأَموالَ جَمعاً
لِيورِثَها أَعاديهِ شَقاءَ
وَكَم ساعٍ لِيُثري لَم يَنَلهُ
وَآخَرُ ما سَعى نالَ الثَراءِ
وما خير معروف الفتى في شبابه
إذا لم يزده الشيب حين يشيبُ
وما السائل المحروبُ يَرجعُ خائباً
ولكن بخيل الأغنياء يخيبُ
وَقَد تَصدق الأَحلام وَالظن كاذِب
وَلَيسَ كَرَأيِ العَينِ مِن خَبَرٍ عندِي
وَأَجمَل شَيء فِي العُلا عَفو قادِر
عَلَى مُذنب لَم يَقتَرِف زِلة الجَحدِ
لِكُلِّ شَيءٍ إِذا ما تَمّ نُقصانُ
فَلا يُغَرَّ بِطيبِ العَيشِ إِنسانُ
هِيَ الأُمُورُ كَما شاهَدتُها دُوَلٌ
مَن سَرّهُ زَمَن ساءَتهُ أَزمانُ
وَهَذِهِ الدارُ لا تُبقي عَلى أَحَدٍ
وَلا يَدُومُ عَلى حالٍ لَها شانُ
دَعيني لِلغِنى أَسعى فَإِنّي
رَأَيتُ الناسَ شَرُّهُمُ الفَقيرُ
وَأَبعَدُهُم وَأَهوَنُهُم عَلَيهِم
وَإِن أَمسى لَهُ حَسَبٌ وَخيرُ
لا تصحب الكسلان في حاجاته
كم صالح بفساد آخر يفسدُ
عدوى البليد إلى الجليد سريعة
والجمر يوضع في الرماد فيخمدُ
وَمِنَ السَّعادةِ أَن تَموتَ وَقَد مَضى
مِن قبلكَ الحُسّادُ والأعداءُ
فَبَقاءُ مَن حُرِمَ المرادَ فناؤُه
وفناءُ من بلغ المرادَ بقاءُ
ليس التعجُّبُ من بكاكَ لفقدهِمْ
لكنْ بقاكَ مع التفرق أَعجبُ
وَلَيسَ بِنافِعٍ ذا البُخلِ مالٌ
وَلا مُزرٍ بِصاحِبِهِ السَخاءُ
وَما أَخَّرتَ مِن دُنياكَ نَقصٌ
وَإِن قَدَّمتَ كانَ لَكَ الزَكاءُ
زيادة القول تحكي النقص في العمل
ومنطق المرء قد يهديه للزلل
إن اللسان صغير جرمه وله
جرم عظيم كما قد قيل في المثل
المَرءُ يَرفَعُ نَفسُهُ وَيُهينُها
وَيَزينُها بِفَعالِهِ وَيَشينُها
فَإِذا أَهانَ المَرءُ عِندَكَ نَفسَهُ
فَاِرغَب بِنَفسِكَ أَن يُهانَ مَصونُها
شاوِرْ سِواكَ إذا نابَتْكَ نائبةٌ
يوماً وإن كنتَ من أهلِ المشوراتِ
فالعَيْنُ تَلْقى كِفاحاً ما نأى ودنا
ولا تَرى نَفْسَها إلا بمِرآة
أَلَم تَرَ أَنَّ الدَهرَ يَلعَبُ بِالفَتى
وَلا يَملِكُ الإِنسانُ دَفعَ المَقادِرِ
جَهِلتَ فَعادَيتَ العُلومَ وَأَهلَها
كَذاكَ يُعادي العِلمَ مَن هُوَ جاهِلُه
وَمَن كانَ يَهوى أَن يُرى مُتَصَدِّراً
وَيَكرَهُ لا أَدري أَصيبَت مَقاتِلُه