أَساقِيَتي كَأساً أَمَرَّ مِنَ الصَبرِ
وَمُحوِجَتي مِن صَفوِ عَيشٍ إِلى كَدَر
وَكُنتُ عَزيزاً قَبلَ أَن أَعرِفَ الهَوى
فَأَلبَسَني ثَوبَ المَذَلَّةِ وَالصَغَر
يَقُولونَ صَبراً لا سَبيلَ إِلى الصَبرِ
سَأَبكي وَأَبكي ما تَطاوَل مِن عُمري
نَرى زُهرَها في مأتمٍ كُلَّ لَيلَةٍ
يُخَمّشنَ لَهَفاً وَسطَهُ صَفحَةَ البَدرِ
يا راحِلاً وَجَميلُ الصَّبْرِ يَتْبَعُهُ
هَلْ من سبيلٍ إلى لُقْياكَ يَتَّفِقُ
ما أنصَفَتْكَ جُفوني وهيَ دامِيَةٌ
ولا وَفى لكَ قلبي وهو يحترِقُ
لم يبق لي صبر ولا سلوان
غاض السلو وفاضت الاجفان
فكأن وجدي بارق متالق
وكان دمعي عارض هتان
وإذا عَرتْك بليةٌ فاصبرْ لها
صبرَ الكريم، فإنَّه بك أعلمُ
وإذا شكوتَ إلى ابنِ آدمَ إنما
تشكو الرحيم إلى الذي لا يَرحمُ
صبرًا جميلًا على ما ناب من حدثٍ
والصبرُ ينفعُ أحيانًا إذا صبروا
الصبرُ أفضل شيءٍ تستعين به
على الزمانِ إذا ما مسَّك الضررُ
صبرتُ ومَن يصبرْ يجدْ غِبَّ صبره
ألذَّ وأحلَى مِن جنَى النَّحل في الفمِ
ومَن لا يطِبْ نفسًا، ويستبْقِ صاحبًا
ويغفرْ لأهل الودِّ يصرمْ ويصرمِ
أَتأمرني بالصبر وَالطبع أَغلب
وَتَعجَب من حالي وَحالك أَعجَب
وَتَطلب مني سلوة عَن رَبائِب
وَراهن أَرواح المحبين تطلب
اِصبِر عَلى مُرِّ الجَفا مِن مُعَلِّمٍ
فَإِنَّ رُسوبَ العِلمِ في نَفَراتِهِ
وَمَن لَم يَذُق مُرَّ التَعَلُّمِ ساعَةً
تَذَرَّعَ ذُلَّ الجَهلِ طولَ حَياتِهِ
لا صبر لا صبر على ذا البعاد
فاسلك بنا الرفق ونهج السداد
واستعمل الإنصاف إن كنت قد
حزت السويداء وحللت السواد
يا بائعَ الصَّبرِ لا تُشفِقْ على الشَّاري
فدِرهَمُ الصَّبرِ يَسوَى ألفَ دينارِ
لا شيءَ كالصَّبرِ يَشفي جُرحَ صاحِبهِ
ولا حَوَى مثلَهُ حانوتُ عَطَّارِ
عَفا واسِطٌ مِن آلِ رَضوى فَنَبتَلُ
فَمُجتَمَعُ الحُرَّينِ فَالصَبرُ أَجمَلُ
فَرابِيَةُ السَكرانِ قَفرٌ فَما بِها
لَهُم شَبَحٌ إِلّا سَلامٌ وَحَرمَلُ
تعزَّ، فإنَّ الصبر بالحرِّ أجمل
وليس على رَيب الزمان معولُ
فإن تكن الأيام فينا تبدلَّت
بنُعمَى وبُؤسَى، والحوادث تفعلُ
الصبر أولى غير أنّ الهوى
أحلاه ما لم يك فيه اصطبار
كَمْ وَلَهِي فيه وكَمْ عَبْرتي
ومُحْرَقي من غير نارٍ بنار
نال الصبور بصبره ما يرتجي
وصفت له الأوقات من بعد الكدر
فاصبر على المحن القواصد وانتظر
فرجا به تداولت دول القدر
سأصبرُ صبراً صبر أيوبَ دونَه
ولا أظهرُ الشكوى ولو مَسَّني الضرُّ
وإن قيلَ إن الصبرَ يضنى فإننى
أطيقُ الضنى في الصبر ما دام بي عُمْرُ