فَإِن تَدنُ مِنّي تَدنُ مِنكَ مَوَدَّتي
وَإِن تَنأَ عَنّي تَلقَني عَنكَ نائِيا
كِلانا غَنيٌّ عَن أَخيهِ حَياتَهُ
وَنَحنُ إِذا مِتنا أَشَدُّ تَغانِيا
وَأَرضُ اللَهِ واسِعَةٌ وَلَكِن
إِذا نَزَلَ القَضا ضاقَ الفَضاءُ
دَعِ الأَيّامَ تَغدِرُ كُلَّ حِينٍ
فَما يُغني عَنِ المَوتِ الدَواءُ
وَأَحَقُّ خَلقِ اللَهِ بِالهَمِّ اِمرُؤٌ
ذو هِمَّةٍ يُبلى بِرِزقٍ ضَيِّقِ
وَمِنَ الدَليلِ عَلى القَضاءِ وَحُكمِهِ
بُؤسُ اللَبيبِ وَطيبُ عَيشِ الأَحمَقِ
وَكُلُّ أَخٍ يَقولُ أَنا وَفِيٌّ
وَلَكِن لَيسَ يَفعَلُ ما يَقولُ
سِوى خِلٍّ لَهُ حَسَبٌ وَدينٌ
فَذاكَ لِما يَقولُ هُوَ الفَعولُ
وَاِصمُت فَإِنَّ كَلامَ المَرءِ يُهلِكُهُ
وَإِن نَطَقتَ فَإِفصاحٌ وَإِيجازُ
وَإِن عَجَزتَ عَنِ الخَيراتِ تَفعَلُها
فَلا يَكُن دونَ تَركِ الشَرِّ إِعجازُ
لا تَسقِني ماءَ الحَياةِ بِذِلَّةٍ
بَل فَاِسقِني بِالعِزِّ كَأسَ الحَنظَلِ
ماءُ الحَياةِ بِذِلَّةٍ كَجَهَنَّمٍ
وَجَهَنَّمٌ بِالعِزِّ أَطيَبُ مَنزِلِ
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وَإِذا أَتَتكَ مَذَمَّتي مِن ناقِصٍ
فَهِيَ الشَهادَةُ لي بِأَنِّيَ كامِلُ
مَن لي بِفَهمِ أُهَيلِ عَصرٍ يَدَّعي
أَن يَحسُبَ الهِندِيَّ فيهِم باقِلُ
بِذا قَضَتِ الأَيّامُ مابَينَ أَهلِها
مَصائِبُ قَومٍ عِندَ قَومٍ فَوائِدُ
وَمِن شَرَفِ الإِقدامِ أَنَّكَ فيهِمِ
عَلى القَتلِ مَوموقٌ كَأَنَّكَ شاكِدُ
لَيسَ الغَبِيُّ بِسَيِّدٍ في قَومِهِ
لَكِنَّ سَيِّدَ قَومِهِ المُتَغابي
قَد ذَلَّ شَيطانُ النِفاقِ وَأَخفَتَت
بيضُ السُيوفِ زَئيرَ أُسدِ الغابِ
وَما المالُ وَالأَهلونَ إِلّا وَديعَةٌ
وَلا بُدَّ يَوماً أَن تُرَدَّ الوَدائِعُ
وَيَمضونَ أَرسالاً وَنَخلُفُ بَعدَهُم
كَما ضَمَّ أُخرى التالِياتِ المُشايِعُ
وَكُلُّ طابِخِ سُمٍّ سَوفَ يَأكُلُهُ
وَكُلُّ حافِرِ بِئرٍ واقِعٌ فيها
لَو دامَ إيمانُها لَم تَنطَلِق سَقَرٌ
بِدورِها وَالأَفاعي في مَغانيها
لا تَطلِبَنَّ مَحَبَّةً مِن جاهِلٍ
المَرءُ لَيسَ يُحَبُّ حَتّى يُفهَما
وَاِرفُق بِأَبناءِ الغَباءِ كَأَنَّهُم
مَرضى فَإِنَّ الجَهلَ شَيءٌ كَالعَمى
لَقَد زِدتُ بِالأَيّامِ وَالناسِ خِبرَةً
وَجَرَّبتُ حَتّى هَذَّبَتني التَجارِبُ
وَما الذَنبُ إِلّا العَجزُ يَركَبُهُ الفَتى
وَما ذَنبُهُ إِن حارَبَتهُ المَطالِبُ