الديوان » مصر » محمد عيد إبراهيم » النوم على جناح المريد

(لوحة)
رجلٌ شبيهٌ بعصفورٍ، خلفهُ ثعلبٌ يتقلّبُ من الضحكِ.
وامرأةٌ تميلُ كأنْ خلفَها ريحٌ صافرةٌ،
لكن تبيّنَ أنهُ ضبعٌ سَحِيمٌ.
والاثنان في مشهدٍ جبليٍّ، لكأنهُ غابةٌ قاحلةٌ
مقطوعٌ دابرُها، تحتَ سَماءٍ كلها كائناتٌ
حولَها أسلاكٌ شائكةٌ، ضِمنها طيرٌ يتخفّى
من صوتهِ، وسطَ أعشاشٍ تطيرُ،
كتلكَ التي في القلبِ، تحتَ القلبِ،
بحنانٍ على شكلِ فمٍ أنثويٍّ ثَخينٍ
وهو يطعَمُ طرفَ اللسانِ، بصوتٍ بُلبليٍّ
فيقومُ قائمٌ، وينامُ نائمٌ...
ربما حانَت "الآخرةُ":
رَشَاشٌ حولَ هيكلٍ
فوقَهُ راياتٌ وأحلامٌ تولّي وجهَها
نحو أرضٍ سَبْخةٍ، وفراغٌ أبيضُ الروحِ
ملؤهُ شبحٌ كعِفريتٍ متطاولٍ، أو دجاجةٍ
كالطَودِ، وعجيبٌ أن الشبحَ شفّافٌ،
كلهُ عالمٌ ما ورائيٌّ:
لبوةٌ تعتصرُ غزالاً من مَبسَمِ الرقبةِ،
أعزلُ في قاربٍ، خلفهُ قِردٌ، ويمضي قُدُماً،
غريقٌ رافعٌ يدهُ إلى الأعزلِ، وكأنهُ لا يراهُ،
ثمةَ ثَورٌ يلهو وراءَ عصافيرَ، ومِحراثٌ عاطلٌ بالأرضِ،
وفي الظَّهرِ كتاباتٌ دقيقةٌ، من قبيلِ:
ــــــ "نحتسي دمَهُ بمِلعَقةٍ"،
ـــــــ "انتصَرتُ على اسمي"،
ــــــــ "يبدو الذي أنا ذاكرٌ "،
ـــــــ "الجسمُ نقطةُ صِفرِ العالمِ"،
ـــــــ "بدنكَ مَعبدٌ، فتمتّعْ بمَطِيتكَ"،
ــــــــ "بَظْرُ الشِعرِ، كالتَمرةِ اليابسةِ"
ـــــــــ "سأخلو إلى بومةِ الفنّ، بعدما أغتالُ ملاكي الحارسَ"، إلخ إلخ
نرى الرجلَ، أخيراً، وهو يحملُ جثةَ المرأةِ،
كصليبِ الحياةِ،
ونَمنَماتٌ من الخَلقِ تبكي،
ثم طريقٌ إلى نهدٍ مغَبَّشٍ بالنَمَشِ، عليهِ طاقيةٌ من ثلجٍ،
بصورةِ حيوانٍ قديمٍ، رقبتهُ في سديمٍ
لكن بجِسمٍ مُمدَّدٍ مَسحوبٍ كمَن يجثمُ،
وغريبٌ كائنٌ بمربّعٍ من نورٍ، يحملُ
وجهَهُ بيدَيهِ، فهو أضعافُ جِسمهِ، وينادي:
... لن تخرجَ حياً!

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد عيد إبراهيم

avatar

محمد عيد إبراهيم حساب موثق

مصر

poet-mohamed-eid-ibrahim@

10

قصيدة

217

متابعين

شاعر ومترجم مصري، مواليد 1955م، القاهرة، خريج جامعة القاهرة، كلية الإعلام قسم الصحافة 1978م. ترجمت أشعاره إلى أكثر من لغة عالمية. أنشأ سلسلة "آفاق الترجمة" في هيئة قصور الثقافة بمصر ...

المزيد عن محمد عيد إبراهيم

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة