الديوان » مصر » محمود غنيم » على الأعراف

عدد الابيات : 54

طباعة

ما للكنانةِ بعد طول مَطافِ

وقفَتْ سفينتُها على الأعرافِ؟

ولقد تكشَّف الأمورُ، وأمرُها

داجي الغياهبِ، حالكُ الأسْدافِ

قالوا: السلامُ، فقلت: دونَ سلامِكم

وقعُ الصوارمُ والقَنا الرَّعَّافِ

والله ما سادَ السلامُ بعالَمٍ

حُرِمَ الضعيفُ به من الإنصافِ

إنَّ الذين وَلُوا السلامَ، قَضَوْا بما

يدعُ السلامَ مزعزَعَ الأكنَاف

حَكَموا، ففاحت من بوادر حُكمهم

ريحُ الدَّم الفوَّار للمسْتاف

طَرَحُوا القضيَّةَ في السِّلال، فل تُرَى

يومَ القيامة يومَ الاستئناف؟

قل للأُلى طالَ التداولُ بينهم:

ليس الصباحُ على البصيرِ بخاف

فيم التداولُ؟ إن قُرْصَ الشمس لا

يحتاج ناظُرُهُ إلى كشَّاف

خُدعَتْ بمعسول الوعود ممالِكٌ

لم تجن غيرَ مرارة الإخلاف

هل كان ميثاقُ المحيط روايةً

وهميَّةً محبوكةَ الأطراف؟

كشفَتْ قضيةُ مصرَ ثوبَ ريائهم

يا للرياء وثوبِه الشَّفَّاف!

حلفاؤنا الأحرارُ لما نَكَّلُوا

بخصومهم؛ مالوا على الأحْلاف

سبعون عامًا في احتلالٍ دائمٍ

يا لَلْكنانِة من سنينَ عِجَاف!

ضيفٌ ألمَّ بها؛ فأصبح ربَّها

ثم استباحَ كرامةَ المِضْياف

قالوا: استقلَّ النيل، والمحتلُّ في

واديه محمولٌ على الأكتاف

ن الإسارَ له مذاقٌ واحدٌ

ولوَ أنَّه متعدِّدُ الأوصاف

لسنا بأحرارٍ لعمري ما بدا

لوجوههم طيفٌ من الأطياف

أبني أبينا في الجنوبِ، تحيةً

كالزهر كُلِّلَ بالندى الرفَّاف

في مصرَ عتْرتكُم، وما في غيرها

من عترةٍ لكمو، ولا أسلاف

النيل ألَّفَ بيننا بنميره

كتألف النُّدَمَاءِ حَولَ سُلاف

أَخَوَا رَضَاع؛ ليس يفصل بيننا

في الوضع غيرُ شريعة الإجحاف

لا يخدعنَّكم الدُّهاةُ بزائفٍ

من قولهم، عذبِ المذاق، زُعاف

الأجنبُّي بأرضنا وبأرضكم

كالغيم في الجوِّ الطليقِ الصافي

إنَّ الذي تبع الدخيل منوَّمٌ

في الصحو، مسلوبُ الإرادة، غاف

إنْ غرَّةُ كرمُ الدخيل، فطالما

ذُبحَ الفصيلُ بمدية العلاَّف

ضُمُّوا الصفوفَ إلى الصفوف، وأرهِفوا

بيضَ العزائم أيَّما إرهاف

إن الأمانِيَ كالغواني؛ دأبُها

ألاَّ تلينَ لخاملينَ ضِعاف

لا ينفُذُ الحقُّ الصريحُ بنفسه

كلاَّ، ولا عدلُ القُضاة بكاف

الحقُّ يُعوِزُهُ مُحقٌّ ساهرٌ

كالسيف تُعْوِزُهُ يدُ السَّيَّاف

ولقد تألبَت الخطوبُ على الحمى

وبنوه رهنُ تناحرٍ وخِلاف

ما ضرَّ لو نسىَ الجميعُ نفوسَهم

فيعودَ صفوُ الودِّ بعدَ تجاف!

شتَّى فئاتٍ يهدفُون لغايةٍ

فكأنهم سِفْرٌ بألفِ غِلاف

هتفوا لزيد بالحياة وخالدٍ

لكنْ وقفتُ على الجلاء هُتافي!

بطلَ الجلاء، سَقَتْ ضريحَك ديمةٌ

تسقي الرياض بهاطلٍ وكَّاف!

درجتْ عليك الأربعونَ، ولم تزلْ

من كل قلب عالقًا بشَغاف

لك سيرةٌ يتلو الشبابُ فصولَها

كالآي من «ياسينَ»، و«الأحقاف»

سُوَرٌ نُرَتِّلها فتشعلُ في الدما

ما تُشعل النيرانُ في الألياف

قفْ بالفلاة، وقل: هنا الكنز الذي

دفنوه بين جنادلٍ وفياف

قفْ بِالفلاة، وقل: هنا فردٌ إذا

قِيسَ الرجالُ، يُقاسُ بالآلاف

حملَ الأمانةَ وحدَهُ، فكأنه

من نفسه في فيْلقٍ زحَّاف

ما ضر أعظُمَهُ تواضعُ قبره

فالدرُّ درٌّ، وهْوَ في الأصْداف

يا سيدَ الشهداءِ، غرسُك لم نَزَلْ

نَسقيه من دمنا ليومِ قِطاف

وتُراثُك الوطنيُّ في يد معشرٍ

لا واهنٍ عزمًا، ولا وقَّاف

نفرٌ من الأشرافِ إن جدَّ الحمى

في البحث عن نفرٍ من الأشراف

رجَعُوا إلى أعراقهم؛ فتجمعوا

بعد الخلاف تجمُّعَ الأُلاَّف

من كلِّ باذلِ نفسِه، أو مالِه

للنيل، مقتنعٍ بعيشِ كَفَاف

ما أنكروا حقًّا، ولا إن جادلوا

في باطل لجئوا إلى الإسفاف

لا الحكمُ طأطَأَ من رءوسهمو، ولا

لانت قناتُهمو لغمز ثقاف

لا تستخفُّ الحادثاتُ حلومَهم

ويقابلون الموتَ باستخفاف

قالوا: معاهدةُ الفَخارِ، وقلتمو:

داءٌ عضالٌ، لا دواءٌ شاف

حتى إذا لاح الصباحُ لناظرٍ

شَهدُوا لكم بإصابة الأَهداف

أدركتمو غيبَ الأمور؛ كأنكم

تتلونها من صفحة العَرَّاف

وَوَفَيْتُمُو لبلادكم بالعهد في

زمنٍ يقلُّ به الأمينُ الوافي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمود غنيم

avatar

محمود غنيم حساب موثق

مصر

poet-mahmoud-ghoneim@

82

قصيدة

373

متابعين

توجد روايتان عن مولد الشاعر: محمود غنيم الاولى أنه ولد في ١٩٠١م،والثانية أنه ولد في 1902م،وقد ولد بقرية مليج في محافظة المنوفية. ويعد واحد من أبرز الشعراء العرب في جيله، وهو صاحب ...

المزيد عن محمود غنيم

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة