الديوان » مصر » محمد الهمشري » تستطيب الجلوس في ظل أيك

عدد الابيات : 56

طباعة

تَستَطيبُ الجُلوسَ في ظِلِّ أَيكٍ

رَفرَفَ الطَيرُ فَوقَهُ أَسرابا

يَتَغَنّى بَينَ الثِمارُ بِلَحنٍ

هَل سَمِعتَ القِيانَ غَنَّت طِرابا

مِن وَحيدَينِ يَسجَعانِ سُروراً

وَشَجِيِّينِ يَشدُوانِ اِنتِحابا

وَجَرى الماءُ في الغَديرِ رَحيقا

وَجَرَت فَوقَهُ الزُهورُ حِبابا

جَنَّةٌ صاغَها الإِلهُ مِنَ السِح

رِ فَفيها صَبابَةُ السُعَداءِ

نورُها مِن وَشائِعٍ مِن هَواءٍ

فَهيَ مِنهُ في رِقِّهِ القَمَراءِ

وَتَغَنّي الأَطيارِ فيها اِصطِحابٌ

فَصَباها مِن عَبقَرِيِّ الغِناءِ

مِن خَيالِ الأَشعارِ قَد صاغَها اللَ

هُ فَفيها رَوائِعُ الشُعَراءِ

سَتَرى اِفرَليزِ تَجري عَلى العُش

بِ وَتَهفو إِلى شِراعِ المَراكِب

وَنِفاتيسَ في ضَفائِرِها الصُف

رِ تُغني تَحتَ الثُلوجِ الأَشاهِب

وَعَذارى اليَنبوعِ تَعزِفُ موسي

قى رَبيعٍ فَوقَ الضِفافِ الشَواعِب

سَوفَ تَلقى هُناكَ كُلَّ نَعيمٍ

وَتَقَّضي فيها جَميعَ المَآرِب

أَمطَرَتكِ الرَحماتُ يا رَبَّةَ الشِع

رِ وَجادَتكِ فائِضاتُ اليَمينِ

كُنتِ سَلوايَ في الحَياةِ وَفي المَو

تِ أَراكِ عَلى دُجاهَ خَدَّيني

ما أَرى تَزمَعينَ بَعدُ رَحيلا

رَبَّةَ الشِعرَ وَيكِ لا تَترُكيني

آيَةً تَذهَبينَ في ذلِكَ المَو

تِ وَلكِن هَيا خُذيني خُذيني

شانُ نَفسي وَذاكَ فِيَّ غَرامٌ

أَن تُلاقي الخُطوبَ وَالأَهوالا

اِقتَبَل أَنتَ ناعِماً وَتَفَكَه

في جِنانٍ طابَت جَنىً وَظِلالا

سَوفَ آتيكَ بِالَّذي قَد رَآهُ

فَوقَ شَطِّ الأَعرافِ فَاِهدَأ بالا

إِنَّني سَوفَ أَلتَقي بِمَنايا

تَصرَعُ الريحَ تَنسِفُ الأَجالا

آهٍ يا طائِفَ الخَيالِ تَعالَ

وَاِبقَ جَنبي وَلا تُغامِر وَحدَك

كَيفَ تَلقى الرَدى وَأَنتَ ضَعيفٌ

وَسِهامُ المَنونِ يَقصُدنَ قَصدَك

وَنَدِيُّ الأَنوارِ يَلفَحُ وَجهَك

وَالنَسيمُ العَليلُ يَنسِلُ شَعرَك

فَإِذا غالَكَ الفَناءُ بِسَهمِ

كَيفَ أَرضى الفِردَوسَ داراً بَعدَك

قَرّ نَفساً فَإِنَّني لا أُبالي

بِشَعوبٍ وَلَستُ أَخشى الحِماما

أَنا في روحِها الكَريهَةُ روحٌ

لا تُلاقي المَنونَ إِلّا سَلاما

أَنا كَالبارِقِ السَماوِيِّ نورٌ

لا يَني في مُضِيِّهِ يَتَرامى

هُوَ يَبدو مِن حَيثُ يَحسِبُهُ النا

سُ تَعاطى مِنَ المَنِيَّةِ جاما

هاكَ فُلكي عَلى الدُجى يَتَراءى

مُستَضاءً كَالكَوكَبِ اللَماحِ

بَهرَ المَوتَ نورُهُ فَهُوَ أَعشى

يَتَحاشى مِن خَطفِهِ بِالراحِ

يومِضُ اللَيلُ بِالسَنا مُستَطاراً

في اِصفِرارٍ يَحكي اِصفِرارِ الأَقاحى

صَنَعَتهُ إِلهَةُ الشِعرَ كيما

تَتَخَطّى بِهِ شِباكَ الرِياحِ

فَاِصطَحِبي إِذنَ عَلَيهِ وَهَيّا

فَوقَ هَولِ الفَناءِ نَمضي سَوِيّا

فَلَقَد تَطَبّيكَ رُؤيا المَنايا

وَتَراها حُسناً إِلَيكَ صَفِيّا

كُنتَ طِفلاً عَلى المَشيبِ لَعوباً

وَمَشيباً عَلى الصِبا كُنَتِيّا

تَستَمِدُّ الحَياةَ مِن نورِكِ البا

لي وَتَهفو إِلى سَناهُ شَجِيّا

لَم تَكُن غَيرَ طائِفٍ مِن ضِياءٍ

قَد طَواهُ بِهِ ظَلامٌ مُجنَح

حَظُّهُ مِن حَياتِهِ ما رَآهُ

مِن تَهاويلِ جَوِّهِ وَهوَ يَسبَح

فَهُوَ مِن ذِكرِها الحَبيبِ مَطافٌ

لِرُؤى في ضِيائِهِ التِبرِ تَلمَح

ذُكراتٌ يَرتادَهُنَّ لِقاءً

مُعقِباً في الخَيالِ بَعداً مُبَرِّح

وَنُهَيرُ مُرَقرَقٍ كَنَفَتهُ

غابَةٌ بَينَ دَغلِها يَنسابُ

بَسَطَت فَوقَ مائِهِ العَذبِ ظِلّاً

تَحتَ عَطفِ الأَمواجِ لا يَنجابُ

حَجَبَتُهُ عَنِ العُيونِ طَويلاً

وَهَداها لَهُ الصَفاءُ المُطابُ

سَحرَ العالَمينَ مِنهُ رَحيقٌ

فَإِذا هُم مِن صَفوِهِ شُرّابُ

تَطلُبُ السَعدَ وَهوَ مِنكَ قَريبٌ

تَدَّعي الحُزنَ وَهوَ مِنكَ بَعيدُ

قَد طَوَيتَ الحَياةَ تَجهَدُ فيها

لَيتَ شِعري فَهَل جَدا المَجهودُ

تَنفَحُ الناسَ مِن شَذى زَنبَقِ النو

دِ وَهُم في كَرى الحَياةِ رُقودُ

قَد أَضَعتَ الحَياةَ كُلَّ ضَياعٍ

في حُطامٍ فانٍ هُوَ التَخليدُ

يا خَيالي ماذا يَطوفُ بِقَلبي

يا خَيالي ماذا يُسارِقُ أُذُني

أَيُّ شَيءٍ أَحُسُّ أَيُّ دَبيبٍ

مُستَلِذٍ يُخَدِّرُ الروحَ مِنّي

إِنَّهُ أَرغَنُ الفَناءِ يُغني

وَيُعيدُ الحَياةَ في مِثلِ لَحنِ

جَهورِيُّ المَوجاتِ تَنفُخُ فيهِ

مُسمِعاتٌ يَفُضنَ مِن كُلِّ فَنِّ

هاكَ لَحنَ الجَمالِ هاكَ صَداهُ

هاكَ لحنَ الهَوى وَلَحنَ التَفاني

هاكَ لَحنَ الأَسى وَلَحنَ التَأَسّي

هاكَ لَحنَ الآمالِ لَحنَ الأَماني

هاكَ لَحنَ الصِبا وَلَحنَ التَصابي

هاكَ لَحنَ المَشيبِ وَالحِرمانِ

هاكَ كُلَّ الحَياةِ مَرَّت كَلَحنٍ

وَصَداها يَعِجُّ في الآذانِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد الهمشري

avatar

محمد الهمشري حساب موثق

مصر

poet-al-hamshari@

60

قصيدة

237

متابعين

محمد بن عثمان الهمشري. متأدب له شعر، تركي الأصل، مصري المولد والمنشأ والوفاة ، ولد برأس البر (مصر)، ونشأ في القبلاوين، وتعلم بالمنصورة، ثم بكلية الآداب بالقاهرة، وتذوق الأدب الإنكليزي ...

المزيد عن محمد الهمشري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة