الديوان » مصر » محمد الهمشري » أشرقي كالصبح غراء الجبين

عدد الابيات : 39

طباعة

أَشرِقي كَالصُبحِ غَرّاءَ الجَبين

وَاِنشُري نورَكِ يَهدي العالَمين

وَاِطلُعي في لَيلِ حُزني كَوكَباً

تَعصِميني مِن ضَلالِ العاشِقين

وَاِطرَحي في قَفرِ عُمري زَهرَةً

عَلَّها تَنمو وَتَزكو بَعدَ حين

وَاِبسِمي تَبسُم لَنا بيضُ المُنى

وَاِضحَكي تَضحَك لَنا غُرُّ السِنين

ها هُوَ اللَيلُ كَما كانَ بَدا

يَحمِلُ الحُزنَ لِقَلبي وَالحَنين

هَيكَلُ الأَحزانِ في مَذبَحِهِ

قَرَّبَ العُشّاقَ قُربانَ العُيون

رَتَّل الشَمّاسُ فيهِ لَحنَهُ

وَصَدى تَرتيلَهُ هذي الشُجون

عِطرُهُ أَحزانُ أَزهارِ الرُبا

وَنَداهُ عَبَراتُ البائِسينَ

وَسَرِيِّ النَسمِ في أَحشائِهِ

مُهُجٌ ذابَت وَأَرواحٌ فَنين

كُلُّ شَيءٍ هانَ في شَرعِ الهَوى

يا مَلاكي وَالهَوى لَيسَ يَهون

لَم يَرَ اللَيلُ سِوى بِنتَ هَوىً

قَرَأَت ما سَتُعاني في الجَبين

لَبِسَت في بِدئِهِ ثَوبَ الهَوى

وَبِأُخراهُ ثِيابَ النادِمين

وَعَميدٌ باتَ مَطوِيَّ الحَشا

في سُكونِ اللَيلِ مَبحوحَ الأَنين

قامَ فيهِ مِثلَ طَيفٍ غابِرِ

وَكَأَنَّ اللَيلَ مِحرابُ القُرون

وَمُغَنٍّ غَلَبَ الحُزنَ عَلى

وَتَرِ اللَهوِ لَدَيهِ وَالمَجون

لَيسَ يَدري فِكرُهُ ما لَحنُهُ

وَهوَ رَجعُ السِحرِ في ماضٍ شُطون

وَأَليفٌ سامَرَ اللَيلَ عَلى

ذِكرِ عَهدٍ مِن عُهودِ الغائِبين

كُلُّهُم خَفَّ وَلَم تَبقَ سِوى

ذِكرَياتٍ أَرعَشَت أُفقَ الجُفون

أَيُّها اللَيلُ أَتَينا نَشتَكي

فَاِستَمِع شَكوى الحَزانى المُتعَبين

هدَّنا الحُزنُ وَأَضنانا الأَسى

وَبَرانا الوَجدُ في دُنيا الشُجون

قَد شَكَوناكَ وَجِئنا نَشتَكي

لَكَ شَيئاً في خَيالِ الذاهِلين

إِنَّني يا لَيلُ أَحكي غُنوَةً

فَنَيِت فيكَ عَلى مَرِّ السِنين

وَاِستَحالَت في البَلى قُبَّرَةً

تَتَغَنّى في دُجى وادي المَنون

إِنَّني يا لَيلُ أَحكي حُزمَةً

مِن شُعاعٍ في سَماءِ الحالِمين

ضَمَّها نَحوَكَ فِكرٌ هائِلٌ

أَزعَجَ الأَربابَ بَينَ الثائِرين

وَاِستَحالَت عِندَها مِن غَضَبٍ

زَهرَةً في عالَمٍ غَيرَ مُبين

تَنفَحُ المَوتَ وَتُدلي عودَها

نَحوَ أَشباحِ المَنايا العابِرين

إِنَّني عاطِفَةٌ قَد غالَها

مِنكَ فِكرٌ طَيِّهُ المَوتُ دَفين

حاوَلَت تَعرِفُ أَسرارَ الأَسى

مِنكَ يا لَيلُ وَأَسرارَ الأَنين

فَاِستَحالَت جَدوَلاً تَعبُرهُ

فَزَعاتُ المَوتِ لَيلاً في سَفين

هذِهِ أُغنِيَتي رَتَّلتُها

لَكِ يا دُنياي في دَيرِ السُكون

لَحنَها أَنتِ وَحُزني وَقعُها

وَنَذيرُ المَوتِ بَعضُ السامِعين

لا تَلومي ما بِها مِن حَزنٍ

إِنَّما الأَحزانُ موسيقى الحَزين

أَعذَبُ الأَلحانِ لَحنٌ أُفرِغَت

فيهِ أَناتُ الأَسى طَيَّ الحَنين

عانِقيني في الدُجى اِقتَرِبي

إِنَّني أَفزَعُ مِمّا تَفزَعين

قَرِّبي خَدَّكِ ضُمّيني إِلى

صَدرِكِ الحاني اِلثَمي هذا الجَبين

اِترُكيني فيكِ أَفنى مِثلَما

فَنِيَت في اللَهِ روحُ الناسِكين

إِنَّما نَحنُ كَركَبٍ ضَلَّ في

تيهِ صَحراءٍ بِقَومٍ تائِهين

قَد نَسينا كُلَّ ما كانَ لَنا

وَتَرَكنا في غَدٍ ما سَيَكون

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد الهمشري

avatar

محمد الهمشري حساب موثق

مصر

poet-al-hamshari@

60

قصيدة

243

متابعين

محمد بن عثمان الهمشري. متأدب له شعر، تركي الأصل، مصري المولد والمنشأ والوفاة ، ولد برأس البر (مصر)، ونشأ في القبلاوين، وتعلم بالمنصورة، ثم بكلية الآداب بالقاهرة، وتذوق الأدب الإنكليزي ...

المزيد عن محمد الهمشري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة