الديوان » سوريا » مصطفى خضر » قصيدة اللعب

للفتى أن يلعبَ الآنَ كثيراً أو قليلاً..
وعليهِ، وحدهُ، أن يهتكَ السرَّ،
وأن يدخلَ في تجربةٍ أولى شهيداً أو قتيلاً..
فانتظر وقتاً قصيراً أو طويلاً
قبلَ أن تُختتم اللعبةُ بالغشِ،
وأن ترمي بالأوراقِ أيدي اللاعبينْ
واقرعِ الطبلةَ، وليتحدِ الطبالُ بالطبلةِ،
ولتسمعْ صراخاً وغناءً وهتافاً وعويلاً..
وابتدىءْ بالسكر تلكَ البرهةَ المنتظرهْ
قبل أن يمتزجَ الخمار بالكرمةِ، والروحُ بجسمٍ تستعينْ!
***
للفتى أن يلعبَ الآنَ، ويهزأْ..
كلُّ ما يطمسُ معناهُ مجزأْ
ينتهي إما وضيعاً أو نبيلاً
والفتى هُشّمَ مثلَ الخبزِ،
إذْ تقطعهُ الأيدي على مائدةٍ
يحتفلُ الجمعُ بما تحملهُ من خمرةٍ جفتْ،
ومن طعمِ ثمارٍ فسدتْ، أو من مياهٍ عكرهْ!
والفتى يصحو على خطوِ إناث من رمادٍ،
يتعرينَ، ويكشفنَ حجاباً مستحيلاً...
***
أهو شيءٌ يتلاشى، يتوهجْ
رغبةٌ أم رعدةٌ في اللحمِ، واللعبةُ تبدأْ..
يقظةٌ أم لا مبالاةٌ، وعجزٌ أم قنوطٌ؟
جمهراتٌ تنتهي، تكتمُ، تحلجْ...
وفئاتٌ وقوى تصعدُ، تهوي، تتأججْ..
والفتى بين إشارات غيابٍ وعباراتِ غيابٍ
يتخفى، يتجلى، يتسلى، يتفرجْ!
لمن الإيقاعُ؟ أينَ الحركهْ؟
إنها جثتنا الباقيةُ المشتركهْ
وعلى الأرضِ سلامٌ، بركهْ...
فمنِ العاشقُ والمعشوقُ والعشقُ المتوَّجْ؟
ومن اللاعبُ؟ هل كانَ ضعيفاً وهزيلاً؟
تنتهي اللعبةُ بالغشِ
إذا ما ابتدأتْ بالغشِّ أحياناً،
وهذي كائناتٌ وشخوصٌ من ورقْ
غسقٌ يرمي بها في لعبةٍ طالتْ، ويذروها غسقْ!
***
للفتى أن يضحكَ الآنَ كثيراً أو قليلاً
وعليهِ الآن أن يفرحَ بالوقتِ،
وما يلقحهُ دهرٌ، وينتجْ!
للفتى أن يتخفى فارغاً، منفصلاً، منقسماً،
منتفخاً، رثاً، شحيحاً وضئيلاً..
كانتِ القوةُ في كفيهِ، والشهوةُ في عينيهِ،
والأرضُ أفاقتْ مثقلهْ
تنحني كالسنبلهْ
ينحني فيها ترابٌ وبناتٌ وهواءٌ،
ينحني ماءٌ، فضاءٌ، حيوانْ..
ينحني العالمُ إذْ أنجبهُ عشقٌ عميمٌ لا نهائيٌّ، ويبرأْ..
كلُّ زوجينِ عناقٌ في لباسِ الدمِ، والفطرةُ تنشأْ
كلُّ زوجينِ معاً يتحدانْ
والفتى يحلمُ، والأزواجُ من كلّ مكانْ...
ما الذي يقرؤهُ، إذ قيلَ: اقرأْ!
ما الذي يجعلُ من حلمٍ ترابيٍ دليلا؟
كلُّ ما قيلَ، وما يُفعلُ.. هل كانَ دخيلا؟
قصيدة اللّعب
***
للفتى أن يلعبَ الآنَ كثيراً أو قليلا!
من يسمي كل شيءٍ باسمهِ؟
هذا حضورٌ وثنيّْ
كلُّ وجه زائفِ فيهِ.. متى كانَ أصيلا؟
زخرفٌ، نقشٌ، طلاءٌ، وغلافٌ بدويّْ..
فَمَنِ الزيتُ أو الماءُ؟
من التربةُ والينبوعُ والغيمةُ والعنقودُ،
والفصلُ الذي كانَ جميلاً وبخيلا..
***
للفتى أن يتغيرْ!
وليسمّ هذه الضوضاءَ صمتاً،
وليسمّ الضجةَ الأخرى هديلاً أو صهيلا!
وله أن يمدحَ الثروةَ والسلطةَ والنثرَ، ويسخرْ
وله أن يضحكَ الآنَ من الشِّعر،
ومن نصٍ قديمٍ وحديثٍ ومكررْ!
ولهُ أن يحزنَ الآن كينبوعٍ نما في القفرِ،
ماأسقى تراباً أو نخيلا..
ولهُ أن يصمتَ الآن كمثلِ النايِ،
إذ ضاقت بهِ روحُ المغنّي،
واكتفى بالصمتِ والشيءِ المقدرْ!
ويرى في برهةٍ حلَّتْ بديلا..
***
كلُّ ما كانَ جليلاً ربما لم يكنِ الآنَ جليلا..
تمتِ اللعبةُ، والوقتُ تأخرْ!
للفتى أن يلعبَ الآن كثيراً أو قليلا
كلُّ شيء قيلَ من قبلُ يقالُ الآنَ!
فأصبرْ يا فتى صبراً جميلا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن مصطفى خضر

avatar

مصطفى خضر حساب موثق

سوريا

poet-mustafa-kheder@

13

قصيدة

69

متابعين

مصطفى عباس خضر, شاعر وباحث سوري ،ولد عام 1944 في بولص – سورية, ولد في إحدى قرى حماة ثم انتقل مع أسرته إلى مدينة حمص حيث أنهى تعليمه الابتدائي والإعدادي ...

المزيد عن مصطفى خضر

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة