الديوان » لبنان » جبران خليل جبران » غلب الموت فالحياة ثكول

عدد الابيات : 101

طباعة

غَلَبَ المَوْتُ فَالْحَيَاةُ ثَكُولُ

مَا خَلاَ مِنْكَ قَلْبُهَا المَشْغُولُ

فِي الْعُبَابِ الْعرِيضِ مِنْهَا خُفُوقٌ

مَوْجُهُ آخِرَ المَدَى يَسْتَطِيلُ

وَإِلَى الضَّعْفِ قُوَّةُ الْبَأْسِ آلَتْ

بَعْدَ أَنْ نَاصَرَتْهُ فَهْيَ خَذُولُ

سَادَ فِي مَوْضِعِ الحَرَاكِ سُكونٌ

عَادَ فِيهِ بِالخَيْبَةِ التَّأْمِيلُ

وَتَوَارَتْ فِي الْغَيْبِ زُهْرُ المَعَالِي

وَتَدَاعَى التَّشْيِيدُ وَالتَّأْثيلُ

أَسَفاً أَنْ يَبِيتَ مُغْتَمَداً فِي الترْ

بِ سَيْفُ العَزِيمَةِ المَسْلولُ

وَإِذَا مَا قَضَى هُمَامٌ وَإِنْ طَا

لَتْ سِنُوهُ فَفِي الرَّدَى تَعْجِيلُ

مِصْرُ تَبْكِيكَ وَالشَّآمُ جَزُوعٌ

لَيْسَ بِدْعاً مَا الرَّاحِلُونَ شُكُولُ

بَيْنَ مَيْتَيْنِ مِنْ أُولِي الْيُسْرِ

قَدْ يَبْلُغُ أَقْصَى غَايَاتِهِ التَّفْضِيلُ

ذَاكَ يَمْضِي وَلاَ يُحَيَّى وَهَذَا

لَيْسَ يَكْفِي مُؤَبِّنِيهِ العَوِيلُ

أَعَجِيبٌ وَأَنْتَ نَادِرَةُ القَطْرَيْنِ

أَنَّ النفُوسَ حُزْناً تَسِيلُ

هُوَ أَمْرٌ لِمَنْ بَكَى فِيهِ عُذْرٌ

إِنَّمَا الصَّبْرُ فِي سِوَاهُ جَمِيلُ

ضَرَبَ الضَّربَةَ الَّتِي هَوَّنَتْ

كُلَّ شَكَاةٍ وَأَخْرَسَتْ مَنْ يَقُولُ

فَلْيَدرْ فِي مَدَارِهِ الفِكْرُ حَيْرَا

نَ وَيجْمدْ بِالنَّاظِرينَ الذُّهولُ

أَي نَوْحٍ يَفِي بِحَقِّ امْرِيءٍ كَا

نَ عَلَيْهِ لأُمَّةٍ تَعْوِيلُ

أَرَأَيْتُمْ سَيْرَ السَّرَاةِ بِتَابو

تٍ عَلَيْهِ عَمِيدُهمْ مَحْمولُ

وَاحْتِمَالِ الْعفَاةِ نَعْشَ أَبِيهِمْ

موشِكاً أَنْ يَسْعَى بِهِ التَّقْبِيلُ

مَا دَهَى المَحْمَدَاتِ يَوْمَ ثَوَى

بِالْقَاعِ ذَاكَ المُيَمَّمُ المَسْؤُولُ

أَصْبَحَ الثَّغْرُ فِيهِ بَعْدَ ابْتِسَامٍ

وَهْوَ قَلْبٌ إِلى الأَسَىَ مَوْكولُ

وَجَرَى النِّيلُ لاَ يُحَارِيهِ بَعْدَ

اليَوْمِ فِي فَيْضِهِ أَخُوهُ النَّيلُ

يَا سَمِيِّي وَهَكَذَا كُنْتَ تَدْعُو

نِي وَأَدْعُوكَ وَالْكَرِيمُ وَصولُ

كُلُّ وُدٍ يَدُولُ لَكِنَّ وُدِّي

لَكَ مَا دُمْتُ ثَابِتٌ لاَ يَدُولُ

أَنَا مَنْ إِنْ دَعَتْ إِليْكَ حُقُوقٌ

مَا تَوَانَى وَإِنَّهُ لَعَلِيلُ

وَقَد وَفَدْنَا وَهَؤُلاَءِ هُمُ الصَّحْبُ

وَهَذَا النَّادِي فَايْنَ خَلِيلُ

أَيْنَ تِلْكَ الشَّمَائِلُ البَارِعاتُ الظْرفِ

أَيْنَ الحَدِيثُ وَهْوَ الشَّمُولُ

أَيْنَ تِلْكَ الأْلطَافُ وَالشِّيَمُ الحُسْنَى

جَلَتْهَا وَسَلْسَلَتْهَا الأُصُولُ

أَيْنَ ذَاكَ البَهَاءُ وَالطَّلْعَةُ الْغَرَّا

ءُ وَالرَّوْنَقُ الَّذِي لاَ يَحُولُ

أَيْنَ مَنْ فِي أَسِرَّةِ الوَجْهِ مِنْهُ

لِمَعَانِي فُؤَادِهِ تَمْثِيلُ

يَلْبسُ اللِّبْسَةَ البَدِيعَةَ لاَ

يخْتَالُ أَمَّا مَكَانَها فَيْخِيلُ

زَاهِياً عِزَّةً وَفِي الحقِّ أَنْ يَعْتَزَّ

مَنْ تَقْصُرُ الوَرَى وَيطُولُ

مَالَتِ السِّنُّ بِاللِّدَاتِ وَما كَا

نَ سِوَى السَّمْهَرِيِّ حِين يَمِيلُ

صَارَ شَيْخا وَفِي العُيُونِ فَتًى

غَضٌّ يُرَى بِالظُّنُونِ فِيهِ ذُبُولُ

طَالَ عَدُّ السِّنِينَ لَكِنَّهُ ظَلَّ

وَمَا فِي حَالٍ لَهُ تَبْدِيلُ

عَزْمُهُ عَزْمُهُ فَإِزْماعُهُ الإِنْفَاذُ

وَالبَدْءُ بِالمَسِيرِ الوُصُولُ

كُلَّ يَوْمٍ لَهُ يُجَددُ سُولٌ

فِي المَعَالِي وَلاَ يُخَيَّبُ سُولُ

يَبْلُغُ القَصْدَ بِالمُحَاوَلَةِ المُثْلَى

وَمِنْ دُونِهِ صِعَابٌ تَحُولُ

يَجِدُ الحَلَّ فِي المَعاضِلِ مَيْسُو

راً وقَدْ أَعْيَتِ الثِّقَاتِ الحُلُولُ

كَمْ لَهُ فِي النِّضَالِ وَقْفَةُ لَيْثٍ

بَاءَ مِنْهَا وخَضْمُهُ مَنْضُولُ

يَومُهَا يوْمُهَا وَلِلسَّعْدِ فِيهِ

غُرَرٌ ذَاتُ رَوْعَةٍ وَحُجُولُ

وَعَنِ البِرِّ مِنْ خَلِيلٍ فَحَدِّثْ

يَوْمَ لاَ يَعْرِفُ الخَلِيلَ الخَلِيلُ

وَعَنِ الرِّفْقِ بِالحَرِيبِ وَعَنْ عَوْ

لِ اليَتِيمِ الغَرِيبِ فِيمَنْ يَعُولُ

وَعَنِ الدَّأْبِ فِي مُوَاطِنِهِ حَتَّى

لَيغْدُو فِي المُمْكِنِ المُسْتَحِيلُ

تِلكَ آياتُ فَضْلِهِ إِذْ لَهُ

التَّقْدِيمُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالتَّبْجِيلُ

وَالوَجَاهَاتُ لاَ تَكُونُ وَجَاهَا

تٍ صِحَاحاً حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ

هَلْ سِجِلٌّ لِلْفَخْرِ إِلاَّ وَفِيهِ

لاسْمِهِ فِي افْتِتَاحِهِ تَسْجِيلُ

منَحَتهُ المُلُوكُ أَلقَابَهَا

العُلْيَا وَفِي قَدْرِهِ لَهَا تَأْهِيلُ

مِنَحٌ كُرِّرَتْ فَسَرَّتْ كَمَا كُرِّ

رَ فِي المَسْمَعِ النَّشِيدُ الجَمِيلُ

أَيُّ مَجْدٍ لِمِثْلِهِ فَوْقَ هَذَا

بَيْنَ قَوْمٍ كَقَوْمِهِ مَأْمُولُ

أَدْرَكَ المُنْتَهَى وَمَنْزِلَتَاهُ

شَرَفٌ بَاذِخٌ وَجَاهٌ أَثِيلُ

مَادِدِ الأُفْقَ أَيهَا البَحْرُ وَاسْطَعْ

أَيُّهَا البَدْرُ وَاسْتَفِضْ يَا نِيلُ

وَاعْتَزِزْ أَيَّهَا الغَمَامُ المُعَلَّى

وَاهْتَزِزْ أَيُّهَا الحُسَامُ الصَّقيلُ

كُلُّ شَيءٍ يُزْهى بِآيَاتِهِ الحُسْنَى

فَكَيفَ المُخَيَّرُ المَسؤُولُ

طَرَبٌ أَنَّكَ الهُمَامُ المُرَجَّى

نَشْوَةٌ أَنَّكَ القَؤولَ الفَعُولُ

بَعْضُ هَذَا وَلاِبْنِ آدَمَ أَنْ يَغْتَرَّ

مَا الشَّأْنُ وَهْو هَذَا ضَئِيلُ

لَكِنِ النْفسُ آثَرَتْ لَكَ أُنْساً

فِي السَّجَايَا لَهَا بِهِ تَكْمِيلُ

فَتَوَاضَعْ للهِ شُكْراً عَلَى أَنَّكَ

فَرْدٌ فِي الجِيلِ يَفْدِيهِ جِيلُ

وَعَلَى أَنَّ جَوهَرَ الأُنْسِ لَمَّا

حَلَّ فِي الإِنْسِ كَانَ فِيكَ الحُلُولُ

كُلُّ دِينٍ قِوَامُهُ بِرَسُولٍ

وَلِكُلٍ مِنَ السَّجَايَا رَسُولُ

أَنْتَ أَنْتَ النَّبِيلُ لاَ يَدَّعِي مَا

لَيْسَ فِيهِ مَا كُلُّ مُثْرٍ نَيِبلُ

أَنْتَ فِي كُلِّ حَلْبَةٍ صَاحِبُ السَّبْقِ

وَقَدْ تَعْرِفُ الكُمَاةَ الخُبُولُ

فِي مَدَى جُودِكَ الصَّوَافِنُ تَجْرِي

وَثَنَاءٌ عَلَيْكَ مِنْهَا الصَّهِيلُ

إِنَّ فِي صَهْوَةِ الجِيَادِ لَعِزّاً

صَائِناً لِلنُّفُوسِ مِمَّا يُذِيلُ

مَنْصِبٌ حُفَّ بِالمَخَاطِرِ لَكِنْ

قَلَّمَا مُسْتَقِلُّهُ يَسْتَقِيلُ

هَاضَ عَظْمِي وَمَا تَرِحْتُ عَلَى العِلاَّ

تِ مُنْذُ الصِّبَا إِلَيْهِ أَمِيلُ

يَا أَخَاً الرَّأْيِ لاَ يَطِيشُ إِذَا طَا

شَ لِحِرْصٍ فِي النَّفْسِ رَأْيٌ أَصِيلُ

مَا اتْخَذْتَ الثَّرَاءَ إِلاَّ سَبِيلاً

لِدِرَاكِ العُلَى وَنِعْمَ السَّبِيلُ

لاَ كَرَهْطٍ فِي زَعْمِهِمْ أَنَّ أَسْمَى

غَايَةٍ لِلْفَتَى هيَ التَّموِيلُ

لُعِن المالُ أَوْ يُكَفِّرَ عَنْهُ

سَبْبُ مَنْ يقْتَنِيهِ وَالتَّنْويِلُ

كَيْف بِالثْرْوةِ ابتَنَاها لِرهطٍ

شُحُّهُم والخِدَاعُ والتَّطْفِيلُ

نَكبةُ الشَّرْقِ مُحْدِثونَ حَقِيقو

نَ بِأَنْ تَرجَح الدّبى وَيَشِيلُو

كُل جَمْعٍ مِنْهُمُ فِدى وَاحِدٍ

يَنْفَعُ وَالفَضْلُ أَيْنَ مِنْهُ الفُضُولُ

لَيْتَ قَومِي لَهُمْ قلُوبٌ جرِيئَا

تٌ عَلَى ما تَدْعُو إِلَيهِ العُقُولُ

لَمْ يكُونُوا إِذَنْ وَأَسقَطهُمْ أَرْ

فَعُهمْ وَالسمُوُّ فِيهِم سُفولُ

وَغَرِيبُ الأَلقَابِ فِيهِم كَثِيرٌ

وَرحِيبُ الجَنَابِ فِيهِم قَلِيلُ

وَالأجَلُّ الأجَلُّ مِنْهُم زَرِيٌّ

وَالأعَزُّ الأعزُّ مِنهُم ذَلِيلُ

قَد مَضَى لاَ أَعادَهُ اللهُ عصْرٌ

عُبِدَت فِيهِ لِلنُّضَّارِ العُجُولُ

خصَّ بِالقَدْرِ صَاحِبُ الوَفْرِ حَتَّى

وَهْوَ لِلصْخْرِ بِالجَفَاف مَثيلُ

أَخَذَ النَّاسُ بِالتَّيَقُّظِ لِلوَا

جِبِ فَلْيَتَّعِظْ وَيصْحُ الغَفُولُ

تَقْتَضِي الثَّرْوَةُ الزَّكَاةَ فَمَنْ جَا

دَ فَرَأْسٌ وَالمُمْسِكُونَ ذُيُولُ

بَطَلَ الزورُ فَالغَبِيُّ غَبِيٌّ

رَغْمَ نَقْدَيهِ وَالجَهُولُ جَهُولُ

وَاخْتِلاَسُ التَّبْجِيلِ فِي غَيْرِ شَيءٍ

عَادَ ذَنْباً لَهٍ عِقَابٌ ثَقِيلُ

إِنَّ مَن أَفْسَدَ النِّظَامَ وَمَنْ ها

جَ عَلَيْهِ الطَّغَامَ لَهُوَ البَخِيلُ

وَأَحطُّ الشُّعُوبِ ذَاكَ الَّذِي

يُعْذَرُ فِيهِ المُقَتِّرُ المَرْذُولُ

قِيلَ خَيَّاطُ يَبْتَغِي الحَمْدَ أَجْراً

آفَةُ المَأْثُرَاتِ هَذَا القِيلُ

كلُّ نَوْعٍ مِنَ العَطَاءِ لَهُ حُسْنٌ

وَخَيْرٌ أَلاَّ يُذَاعَ الجَميلُ

لَكِنِ الشُّكْرُ وَاجِبٌ وَفَسَادٌ

فِي مَعَانِيهِ ذَلِكَ التَّأوِيلُ

أَوَ مَا صَحَّ أَنْ فِي كُلِّ عَصرٍ

أَنْذَرَ النَّاسِ مُحْسِنٌ مَجْهُولُ

سُدَّ مَا اسطَعْتَ مِنْ مَفَاقِرَ وامْنَعْ

عِرْضَ حُرٍّ سِتَارُهُ مَسْدُولُ

وأْسُ جُرْحِ المِسْكِينِ وَامْسَحْ قَذَاهُ

أَنَا بِالحَمْدِ مَا اشْتَهَيْتَ كَفِيلُ

قَدْ تَقَاضَى اللهُ الثْنَاءَ مِنَ

العَبْدِ فَمَاذَا يَقُولُ فِيهِ العَذُولُ

وَلِمَاذَا نَفْخ المَلاَئِكِ فِي الصُّو

رِ وَفِيمَ التَّسْبِيحُ وَالتَّرْتِيلُ

أَتُرَى كَانَ خَالِقُ الخَلْقِ مِمَّنْ

يَسْتَخِفُّ التَّزْمِيرُ وَالتَّطْبِيلُ

سُنَّةُ سنَّهَا يُرِيدُ هُدَى الخَلْقِ

بِهَا وَاخْتِلاقُهَا تَضلِيلُ

عُدْ إِلى اللهِ يَا خَلِيلُ فَمَا

يَنْتَقِصُ الشُّكْرَ عِنْدَه تَعْلِيلُ

قَدْ تَبَدَّلَتَ بِالفَنَاءِ خُلُوداً

فِي نَعِيمٍ وَحُبَّ ذَاكَ البَدِيلُ

فَعَزَاءً يَا أُمَّةً غَابَ عَنْهَا

وَجْهُهَا السَّمْحُ وَالرَّئِيسُ الجَلِيلُ

وَعَزَاءً يَا خَيْرَ زَوْجٍ شَجَاهَا

بَاقِيَ العُمْرِ أَنْ يَبِينَ الخَلِيلُ

وَعَزَاءً يَا فَاقِدَيْ خَيْرَ صِنْوٍ

لَكُمَا بَعْدَهُ البَقَاءُ الطَّوِيلُ

وَعَزَاءً يَا صَحْبَهُ فِي أَخٍ قَدَّ

مْتُمُوهُ وَكَانَ نَعْمَ الزَّمِيلُ

وعَلَيْكَ السَّلاَمُ فِي الرَّمْسِ وَالرَّ

حْمَةُ يَهْمِي بِهَا سَحَابٌ هَطِولُ

لَوْ تَدُومْ الأحْيَاءُ مِنْ أَجْلِ فَضْلٍ

دُمْتَ لَكِنْ كُلُّ حَيٍّ يَزُولُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جبران خليل جبران

avatar

جبران خليل جبران حساب موثق

لبنان

poet-khalil-gibran@

1076

قصيدة

723

متابعين

جبران خليل جبران فيلسوف وشاعر وكاتب ورسام لبناني أمريكي، ولد في 6 يناير 1883 في بلدة بشري شمال لبنان حين كانت تابعة لمتصرفية جبل لبنان العثمانية. توفي في نيويورك 10 ...

المزيد عن جبران خليل جبران

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة