الديوان » لبنان » جبران خليل جبران » عاد عهد المدير في اعين الناس

عدد الابيات : 106

طباعة

عاد عهد المدير في اعين الناس

حميدا وأقصر اللوام

وتقضى بغي البغاة عليهم

وتقضى الاعنات والإرغام

ساسهم ماهر بعدل فأنسى

ما جناه الجهال والظلام

لا يرى جانف إليه سبيلا

ويراها الحريب والمستضام

جانب الرفق منه دان

ولكنج انب الحق عنده لا يرام

ثبتت فيه خالدات المعاني

وانتفى ما أعارهن الرغام

فله والشخوص تطوى نشور

وله والسنون تفنى دوام

نصف في الرجال سمح المحيا

لا يطول الانداد منه القوام

غير سبط اليدين إلا إذا ما

عني الفضل منه والإنعام

حسن السمت والسجية في كل

نبيل مرآتها الهندام

في اساريره لمن يجتليها

يتراءى الذكاء والإقدام

مطمئن بنفسه وإليها

رابط الجأش والصروف ضخام

ابتلك الحياة والعجب الماليء

أقسامها يحيط كلام

بدئت نهضة البلاد وفياه

من سماء الرجاء برق يشام

لا وذكراه إنها لشعاع

ليس يغشاه في النفوس قتام

هي ذكرى بمثلها العزة

القعساء في كل أمة تستدام

وعلى قدر ما تجددها الأقوام

تقوى وتمجد الاقفوام

تكرم اليوم مصر من مات

في عقبى جهاد وحقه الإكرام

يوم فخر شهدتموه فما غاب

به نيلها ولا الأهرام

ذلك الراحل الذي شفه من

همها فوق ما يشف السقام

وقضى في تحول الحال ثبتا

لم يحل عهده لها والذمام

طالعوا رسمه الجميل وفيه

كل زاه من الحلى يستام

فهو يرنو كأنه عاد حيا

يملأ العين وجهه البسام

أي شكر من الذين تولوا

أن يبشوا الى الذين أقاموا

أي شكر من الذين تولوا

أن يبثوا إلى الذين أقاموا

من لشعري بأ يمثله أبقى

على الدهر من مثال يقام

كيف أضحى على الحداثة في ذلك

وهو المدرب العلام

يفتق الحيلة الذكاء ويبدي

فضل تلك الأدارة الاستخدام

ومع الصبر والعزيمة تخضر

الموامي ويستدر الجهام

زال ذاك الديوان بعد وفاء الدين

وانفض شمله المتلام

فخلا ماهر وما زال فيه

تحت ماء العود النضير ضرام

كان لا يألف القرار وبالإغماد

يصدى ويصدأ الصمصام

فاستمد الهدى ليأتنف السير

وطال التفكير والإنعام

فهواه هوى البلاد ومن هام

رأى الغيب قلبه المستهام

والمحب الابر من قاده وحي

هواه ولم يقده الزمام

نشأت في الحمى نقابة خير

لسراة البلاد فيها انتظام

تبذل النفس والنفيس احتسابا

خالصا واملرام نعم المرام

ما عناها إلا السواد الذي يشقى

ومن حظ غيره الإنعام

ألسواد الذي يقوم على الأرض

واقرانه هي الانعام

تتوخى له النصيحة والرشد

وتحمي ضعافه أن يضاموا

جمعت شملها وقدم فيالجمع

كريم مقدموه كرام

حمل العبء ماهر وهو من يحسن

تدبير كل أمر يسام

إن أريد الضياء فهو شهاب

أو أريد المضاء فهو حسام

فأرانا كيف التعاون والركنان

فيه نزاهة ووئام

وارانا كيف الصراحة والصدق

وكيف الإتقان والإحكام

وأرانا ما يعمر الصبر

والإيمان مما يدك الاستسلام

وأرانا أن الزعامة ضرب

من إخاء لا سائم ومسام

والجماعات إخوة وفخار

للمولين أنهم خدام

ثم كان اليوم الذي ندبته

مصر فيه والأمر أمر جسام

رب يوم بين المنى والمنايا

كان أحجى في مثله الإحجام

موقف عدت الوزارة وزرا

فيه والمنذرات سحب ركام

غير أن التأثيم قد يخطيء المرمى

إلى حيث لا يكون أُام

ومن النقض فيالتجارب ما يصلحه

في العواقب الإقبرام

فانبرى ماهر ينافح عن رأي

وإن جل دونه ما يسام

في رفاق جدوا فجادت عليههم

بالذي لم تجد به الأيام

مهد الشوط آخرون ومنهم

كان في آخر المدى الاقتحام

ملك مصر القديم عاد جديدا

مستتبا جلاله والنظام

وبناء الدستور رد وطيدا

مستقرا عماده والدعام

دع سوى هذه البداءة مما

كان فيه التعقيب والإتمام

بفتوح ترد في كل يوم

من حقوق ما ضيعت أعوام

رجعت بسطة الاجانب قبضا

واستقرت في أهلها الاحكام

ولريب الزمان يعتد ما يعتده

للطوارئ الاحزام

إنما القصد عاصم من مزلات

كبار تزلها الاقدام

قل لمن يزدري الحطا من الاخطار

ما لا يصون إلا الحطام

كيف يرجى مع الخصاص أمن

لامرئ من هوانها واعتصام

ومن القصد صحة الجسم هل تسلم

إلا بالحيطة الأجسام

إن بقيا الفتى على الجسم والبقيا

على المال في الخلال تؤام

تلك حال رشيدة كان يؤتم

بها مصطفى ونعم الامام

نزهتها عن كل ذام أياديه

الحميدات والمساعي الجسام

سل به تدر كيف تقطع أسباب

التعادي وتوصل الأرحام

وتعان المحصنات الأيامى

وتعال العفاة والأيتام

إن يخب سائل فما خاب يوما

في ذراه المؤمل المعتام

أأريكم ما كان ينفق فيه

وقته حين يستطاب الجمام

تلك آيات من فقدنا وما دونت

منها هو اللباب العظام

صدرت عن خلال نفس جدير

كنهها أن يماط عنه اللثام

نفس حر أخلاقه نسق تصدق

فيها الهواء والوغام

ما بها نبوة على أنه الوادع

آنا وآنا الضرغام

كان في نفسه عظيما فما يزهيه

من حيث جاءه الإعظام

لا يرى منه في السجايا

وفي الآداب إلا توافق وانسجام

كلما زيد رتبة أو وساما

لم تفرحة رتبة أو وسام

إن سيف الجهاد وهو عتاد

لا يجلي وقد يحلي الكهام

حكم العقل في تصرفه فهو

الملاك المتين وهو القوام

وتجافى السير المريب فلم يلحق

بأطراف ظله الاتهام

يتقي الحادثات من قبل

أن تحدث والظن بعضه إلهام

بين تثبت الحقائق فيه

ناصعات وتنتفي الوهام

من يكون الجليس يصغي إليه

سامعوه وللووه ابتسام

طرفة من تنادر مستحب

إثر أخرى والبادرات سجام

من خطيب يشفى أوام بما يلقي

ويذكو إلى السماع أوام

نبرات كأنها زأرات

ولحون كأنها أنغام

كل عمر إلى ختام ولكن

راع فيك القلوب هذا الختام

أي سهم رميت في صدر ولهى

بك كان ترد عنها السهام

ذات صون وعصمة لم ينلها

فيحماك الأذى ولا الإيلام

من رواعي الذمام ما دام في القلب

ذماء وفي الوفاء ذمام

غير هذي النوى وما أعقبته

كل حال عداك فيها الذام

جارك الله والثواب جليل

فامض يا مصطفى عليك السلام

هذه كتبه يعود إليها

وهي أزكى ما تثمر الأقلام

أين منها النديم والخمر العابق

طيبا وأين منها المدام

يكشف العيش عن مباهجه فيها

وتسلى الشجون والآلآم

وتناجى بما يسر ويسجي

يقظات الأفكار والاحلام

غير كأن المطالعات على التثقيف

عون وليس فيها التمام

وابتغاء التمام كان يجوب الأرض

ذاك المهذب الهمام

طاف ما طاف تحت كل سماء

عائدا كلما تلا العام عام

ليس في أمة غريبا وما من

لغة ما له بها إلمام

يستفيد الطريف من كل فن

ولمصر مما جناه اغتنام

أيها النازح الذي خلف اسما

أكبرته فيا لمشرقين الأنام

من يكون الأديب بعدك لا إغراب

في قوله ولا إعجام

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جبران خليل جبران

avatar

جبران خليل جبران حساب موثق

لبنان

poet-khalil-gibran@

1076

قصيدة

729

متابعين

جبران خليل جبران فيلسوف وشاعر وكاتب ورسام لبناني أمريكي، ولد في 6 يناير 1883 في بلدة بشري شمال لبنان حين كانت تابعة لمتصرفية جبل لبنان العثمانية. توفي في نيويورك 10 ...

المزيد عن جبران خليل جبران

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة