الديوان » السعودية » عبدالله الفيفي » مكاشفات أخيرة في مهب الليل

عدد الابيات : 54

طباعة

أَطْفِئْ سُؤالَكَ ؛ موجُ الليلِ مُعْتَكِرُ

والفجرُ مرتَهَنٌ ، والوقتُ مُحْتَكَرُ!

والريحُ تشكو،يطير الشَّجْوُ أَغْرِبَةً

تطوي الفضاءَ،وسالَ النجمُ والقَمَرُ!

أَطْفِئْ سُؤالَكَ؛ ما في الشكِّ من أُفُقٍ

إلى المسيرِ،ولا في الظَّنِّ مُخْتَبَرُ!

هذا المَواتُ تنامَى في محاجرنا

حتى تناهَى بنا في عُمْرِهِ العُمُرُ!

يَسْتَفُّ في هبواتِ الصَّحْوِ قهوتَنا

كما يُسَفُّ بمتنِ القَفْرَةِ الأثَرُ!

يَدُقُّ فينا عمودَ البيتِ، من يدنا

يبعثرُ الشمسَ، والآماسَ يَأتَسِرُ!

أكلَّما اعشوشبَ العُودُ الحريرُ شَذًى

في الأغنياتِ تداعتْ عندكَ الذِّكَرُ؟!

فاستعبرتْكَ غضًا،يهمي الحروفَ،على

جرحِ الغزالِ ودربٍ خاذلٍ تَزِرُ!

على النخيلِ، تبكِّي كَفَّ غارسِها ،

تغرَّبَتْ حِقَبًا، واجتثَّها الصَّبِرُ!

ما شَلَّ كفَّكَ في أقصَى مغارسِها

قد شَلَّ قلبكَ.. والدنيا هوًى غِيَرُ!

ماذا تريدُ، ولونُ الصِّدْقِ منخطفٌ

في ناظريكَ، ولونُ الكِذْبِ مزدهِرُ؟!

ماذا تريدُ، مزاجُ الحِبْرِ أسئلةٌ

غَرْثَى، وأجوبةٌ كالقَحْطِ ينتشِرُ؟!

ماذا تريدُ، مزاجُ الحِبْرِ لا لغةٌ

من الحياةِ، ولا دِيْمُ الحَيَا مطَرُ؟!

يا مَنْ إذا أقرأتْكَ الريحُ يوسُفَها

أطبقْتَ فوقَ كتابِ الصَّدرِ تَدَّكِرُ!

أطبقْتَ فوق شِفاهِ البئرِ تشربني؛

ماءُ الطَّوَايَا دمي ، يصفو ويَنْكَدِرُ!

ماذا تريدُ، وكلُّ الصافنات لها،

من نخوةِ الخيلِ، ما يا أنتَ لا تَفِرُ؟!

أَمِطْ قِناعَكَ ثمّ احْلُمْ بما خَبَأَتْ

لكَ العُذُوقُ من اللذاتِ تَبْتَدِرُ!

واقرأْ قضاءَكَ يا من كل جارحةٍ

فيكَ استدارتْ على ليلٍ بها الدُّسُرُ!

أنتَ القضاءُكَ ما نامتْ لهُ مُثُلٌ،

على التِّراتِ ، ولا عَيَّتْ بهِ البُكَرُ!

كم ذا تُطابعُ فيكَ الجُزْرُ جَازِرَها؟!

هلاَّ تَطَابَعُ فيما بينكَ الجُزُرُ؟‍‍!

مسراكَ يحملُ في تابوتِهِ صُوَراً،

خُضْرَ الهَوَى،عُرُبًا، يا حبّذا الصُّوَرُ!

تبكيكَ في سِرِّها، حَيًّا ومَيِّتَةً :

عارٌ عليكَ دمي والسمعُ والبَصَرُ!

روحُ الشهيدِ تُرَى غيداءَ فاتنةً

وروحُكَ السَّمْجُ يبقَى فيكَ ينْتَحِرُ!

لا في الحياة يُعَدُّ، إنْ شَبَا خَبَرُ

على الشِّفاهِ،ولا في الموتِ يُعْتَبَرُ!

أعْجَزْتَ وصْفَكَ:ماذا أنتَ في سَفَرٍ

تُبْنَى عليكَ لهُ من عَظْمِكَ الجُسُرُ؟!

وأنتَ في شِيَةِ الثاوينَ منتفشًا

نَفْشَ الحُبارَى جَنَاحًا هَدَّهُ الذُّعُرُ!

إنْ صال بازٌ على أُمِّ البُغَاثِ ، نَزَا

فرخُ البُغاثِ على الأفراخِ يَنْتَسِرُ!

أو جارَ رَبُّ الجِوَارِ الغَصْبِ في بَلَدٍ،

سَرَى الهُمَامُ على الجاراتِ يَثْتَئِرُ!

ما هان يومًا على الدنيا وآهلِها

كمنْ يهونُ وفيه الأرضُ والبَشَرُ!

ولا استراحَ على رَأْدِ الزمانِ ضُحًى

من استراحَ وسارتْ دونهُ السِّيَرُ!

أعربْ لهاتَكَ أو أعْجِمْ، فقد هرمتْ

كلُّ القناديلِ، لا زيتٌ ولا شَرَرُ!

لا النثرُ يَبْعَثُ في الأجداثِ منتفضًا

من التراب، ولا ذا الشِّعْرُ والعِبَرُ!

عَمِّدْ لسانكَ، أو حَرِّرْ، فما لغةٌ

عادتْ لها شِيَمُ الأعرابِ تَنكسِرُ!

لا تلتفتْ أبداً؛ قِطْعُ السُّرَى حَجَرٌ،

يَحْصبْكَ منهُ لسانٌ، أو يُصِبْ نَظَرُ!

حاصرْ حصانَكَ،لا هان الخيولُ! غداً

يأتيكَ دورُكَ ؛ فالجزّارُ ينتظِرُ!

لكنَّ..ها ثورةُ التكوينِ في جسدي،

كم تستفيقُ، وتعلو حولها السُّوَرُ!

أليس منكَ لنا حُلْمٌ يصافِحُنا،

إلاّ الفَناءُ ، وإلاّ النَّوْحُ والكَدَرُ؟!

كُلُّ الهزائمِ، في أَوْهَى بيارقِها،

هزيمةُ الذاتِ ، ما دارتْ بها الفِكَرُ!

ماذا تقول.. متى؟.. مَلَّ القصيدُ،وما

عاد الطريقُ على التَّسْيارِ يَصْطَبِرُ!

هذا خطابُكَ في الصيفِ العتيقِِ، لكَمْ

صافتْ سنابلُ ليلٍ مِلْؤُها تَتَرُ!

يا حاديَ العِيْسِ..هذي عِيْسُنا بَلِيَتْ

من الدُّوَارِ على الأَعْصَارِ تعتصرُ!

يا حاديَ العِيْسِ..إنِّي لا أَرَى!،وأَرَى

في صوتكَ الآلَ، يَطْفُو ثمّ يَنْحَدِرُ!

ماذا تقول تُرَى : "إنّ المَدَى زَبَدٌ،

والدربُ مبتسمٌ، والغيثُ مُنهمِرُ؟!"

ماذا أقولُ أَنَا : " إنّ السيوفَ دمٌ،

والعِرْضُ لؤلؤةٌ،والجيشُ منتصرُ؟!"

ماذا أقولُ هنا ، إنْ شئتَ قلتُ إذن :

"لن يأتيَ الدَّوْرُ والجزّارُ يحتضرُ" ..

لكنَّ من خلفهِ أَلْفًا على كَتِفي ؛

ما دُمْتَ نحنُ فما للجزرِ مزدجَرُ!

لَمْلِمْ شتاتكَ؛ وجهُ الليلِ معتكِرُ،

والصُّبْحُ مُرْتَهَنٌ،والوقتُ مُحْتَكَرُ!

واقرأْ قضاءَكَ يا مَنْ كلُّ جارحةٍ

فيك استطارتْ على فجرٍ بها الدُّسُرُ!

قد هان جِدًّا على الدنيا آهلها

من هان يومًا وفيه الأرضُ والبَشَرُ!

قُمْ فالتقطْكَ ،فتًى، واضربْ سبيلَكَ. قُمْ!

نَوْءُ السِّنين بنَوْضِ الشَّوْقِ يَسْتَعِرُ!

قُمْ فالتقطْكَ؛ أساطير الرؤى التحمتْ

بنافِرِ الدَّمِ: تَرْفُوْهُ ويَشْتَجِرُ!

قُمْ،أيها الماردُ،استخرجْ خُطاكَ،وقلْ:

"في وجهِ هذا السوادِ البحرُ والسَّفَرُ!"

يا قُرْطُبيات ما يأتي ، أَتَيْتُ غَداً،

ولم أَجِدْكِ، سآتيْ والهَوَى بَصَرُ!

يا أيها المسجدُ الأقصَى: السلامُ دَنَا؛

فادخلْ، عليكَ سلامُ الله، يا عُمَرُ!

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبدالله الفيفي

avatar

عبدالله الفيفي حساب موثق

السعودية

poet-abdullah-alfaify@

8

قصيدة

81

متابعين

أ.د/ عبدالله بن أحمد الفيفي. ‏شاعر وروائي سعودي من مواليد عام 1963م بمحافظة فيفاء التي تقع بجنوب المملكة العربية السعودية. أستاذ بجامعة الملك سعود. عضو مجلس الشورى 12سنة. 5 دواوين شعرية، ...

المزيد عن عبدالله الفيفي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة