عدد الابيات : 54

طباعة

مَوْجٌ على مَوْجِ الهَوَى يَتَكَسَّرُ

ومدًى يسافرُ في مَدَاهُ ويُبْحِرُ!

والبحرُ أيّامي ، تُخِبُّ خيولُها ،

أسَفاً يروح ، وبهجةً تتمطَّرُ!

كُلُّ الذين رأوكَ في حَدَقِ الصُّوَى

بَصُروا بعشقكَ ، إنما لم يُبصروا!

بَصُروا بأنّ أميرةَ الماءِ التي

وهَبَتْكَ نَوْأَكَ أمْرُها لا يُقْهَرُ!

المغربُ الأقصى على أهدابها

شَرْقٌ، يَزُفُّ جناهُ طَرْفٌ أَحْوَرُ!

من صَقْرَ فوديها إلى عُشْبِ الفَلا

خشْفان ، حفَّهما الفُتونُ الأكبرُ‍ ‍

وعلى نوارس ركبتيها رَفْرَفَتْ

أشواقُ أيّامي، ومَارَ المَرْمرُ!

ولها على أُفُقِ الزمانِ تَوَقُّدٌ

ولها على أُفُقِ المكانِ تَعَثُّرُ

يَتَبَدَّدُ التاريخُ في بيدائها

وإذا أرادتْ ، فهْو عَبْدٌ مُحْضَرُ!

أينعتُ من رغمِ الثَّرَى بمفازتي،

هَتَفَتْ بهِ، فحواهُ فجرٌ أخْضَرُ!

لِتَلُفَّهُ من دفئها بمُطَهَّمٍ

سَعَفُ الأصائلِ ساعِداهُ وتَبْذُرُ

تسهو على وَلَهٍ مشاعلُ وَجْدِها

الصُّوفيّ، أو يصحو الحضورُ المُزْهِرُ

عَرَفَ انهمارَ الدهْرِ من أعطافها

فسقتْهُ، لا يَصْحُو ولا هُوَ يَسْكَرُ!

يا أيها الأنثى التي حملتْ "زما

نَ الوصلِ"، طِفْلاً،أينَ منكِ تَنَكُّرُ؟!

غادرْتني نَهْبَ القصائدِ والرُّؤى

متجاذَبٌ، متداوَلٌ، متبعثرُ

أهمي حنيناً في ثراكِ ، وأنثني ،

من فرط ما بي، هائماً يتفكَّرُ

تلك التي ظمئتْكَ قد أظمتْكَ، والـ

أبدُ انتهى ، والماءُ معنًى مُضْمرُ!

أ فَهكذا عشقيكِ يبقَى جَذْوَةً

في الروحِ ، تخبو تارةً أو تَظْهَرُ؟!

كم قلتُ يوماً ، والهواءُ غلائلٌ

بيْضٌ ، وطار بنا جناحٌ أشْقَرُ:

يا نخلةَ الله التي أثداؤها

رُطَبُ الحياةِ وظِلُّها المُتَهَصِّرُ!

هُزّي بجذعي ، إنني لكِ جائعٌ،

وتساقطي كمَجَرَّةٍ تَتَكَوَّرُ!

أُهْدِيْكِ راياتي، شراعاً من دمي،

وخيوطها من مهجتي تَتَحَدَّرُ!

يَهْنِيْكِ منها خامةٌ من غيمها

ليعيثَ فيها ذا البهاءُ المُبْهِرُ!

وخُذي بأعناقِ الشعاراتِ التي

قَضَمَتْ بجسمي أُمَّةً لا تَشْعُرُ!

هذي فلسطينُ كأطولِ كِذْبَةٍ

تاريخُها عَرَبٌ تقولُ وتَكْفُرُ!

والمسلمون مسابحٌ ومباخِرٌ

أُمَمٌ هنالك كمْ تَنَامُ وتَجْأَرُ!

بغدادُ في "فيلم العروبة" أُحْرِقَتْ

والمُخرجانِ "تَأَمْرُكٌ" و"تَدَوْلُرُ"!

وتَجَشَّأَ الأعرابُ.. أمريكا على

أكتافهمْ بالتْ.. وبانَ المَخْبَرُ!

الراضعون بثديها .. هل فوجئوا؟

فـ"حضارةُ الأبقارِ" منهمْ أَبْقَرُ!

هزّي إليكِ بجذعها ، يلدُ الضحى

طفلين : طفلاً بالأَرُوْمَةِ يجْدُرُ

والآخرُ الطفلُ الذي في خاطري

من ألفِ عامٍ فكرة لا تَكْبُرُ!

يا أنتِ ، يا نحنُ ، وما يبقَى على

كَفِّ الزمانِ بطقسنا ، يا بَيْدَرُ!

أدري بأنكِ في مخاضكِ ، بينما

أهلوكِ حولكِ ، هازئٌ، أو مُنْكِرُ!

أدري بأنك حُرَّةٌ ، وأسيرةٌ ،

ولكِ الجموعُ بأسرها تستأسِرُ!

أدري بإطْراقِ الجوادِ إذا كَبَا

أو باختلاج القلبِ إمّا يُكْسَرُ!

ولقد علمتِ بأنّ قلبكِ دانةٌ ،

أغلى من الأغلى عَلَيَّ ، وأَنْضَرُ!

لكنّ عنوانَ الأنوثةِ مشْمِسٌ ،

أبداً ، وعنوانَ الذّكورة مُقْمِرُ!

عنوانُ لحظيكِ مقاتلُ مهجتي،

لو كان بي غيري ، وبئس تَعَذُّرُ!

تلك التي قتلتْ فؤادكَ أبْدعتْ

قتّالها، ولكلّ آتٍ مَصْدَرُ!

فتحرّري منّي، فمنكِ بدايتي ،

ولتغفري حُبّي ، فمثلُكِ يَغْفِرُ!

لا يقرأ اللغةَ الولودَ سوى الذي

يحيا الأمومةَ،كُلُّ أمٍّ تَصْبِرُ!

وأنا هنا ببياضها متوسِّمٌ

وجْهَ الشُّروقِ ، بسِفْرِهِ مُسْتَبْصِرُ

لا تندمي ، لا تحلمي، واستقبلي

أمسي ، وبابُ الوَعْدِ صُبْحٌ مُثْمِرُ!

تدرين ما قرأتْ أناملُ ساعتي

في وجهكِ الذَّاوي، وبَرْدٌ يَصْفرُ؟

بيتين لفّهما الغموض بهامتي ،

نَعَبَا ، وهذا الكونُ ليلٌ مُغْدِرُ:

"إنْ لم يكن لكَ منكَ طِبٌّ في الهوى

فطبيبكَ الموتُ الذي لا تَحْذَرُ!

لولا دماء الموتِ في مُهَجِ الحيا

ما أَخْصَبَ الماءُ المواتُ المقفرُ!"

يا غيمةَ الفصلِ الأخيرِ، تمهّلي

فشفاهُنا من حلمتيكِ الكَوْثَرُ!

تتفتّتُ الذكرى الحرونُ براحتي

فأشمّ منها أنجماً تتحَرَّرُ!

غَزَلَتْ بُرادةَ ذكرياتي غادةً

ضوئيةً، تنهارُ فيها الأعْصُرُ!

تنتابني ريّانةً بجموحها

لتروح مني ثورةً أو تُبْكِرُ

سأظلّ أرنو ظامئاً لجَهَامِها،

لا مقشعاً عنّي ، ولا هُوَ يُمْطِرُ!

قَدَري أحبّكِ أنتِ، يا فتّانتي،

من ذا على قَدَرِ المَحَبةِ يَقْدِرُ!

كمكالفَراش نموتُ في أضدادنا!

والحُبُّ بعدَ عداوةٍ هُوَ أَشْعَرُ!

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبدالله الفيفي

avatar

عبدالله الفيفي حساب موثق

السعودية

poet-abdullah-alfaify@

8

قصيدة

78

متابعين

أ.د/ عبدالله بن أحمد الفيفي. ‏شاعر وروائي سعودي من مواليد عام 1963م بمحافظة فيفاء التي تقع بجنوب المملكة العربية السعودية. أستاذ بجامعة الملك سعود. عضو مجلس الشورى 12سنة. 5 دواوين شعرية، ...

المزيد عن عبدالله الفيفي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة