هذا ليس بطرًا مني، بل إنصافًا لها…
الأب يوسف جزراوي
———————————
قلتُ لتلكَ البلاد الّتي جُبلت مِن تُربتها/مِن أيّ فردوسٍ طُردكِ الإله حتّى تهبطين في وجداني واعشعش في أعماقكِ؟
قد يعرف القُرّاء أن لي مرجعيتي الكنسيّة/ بيدَ أنّي أداري عنهم أنّها ملهمتي ومرجعيتي الأدبيّة…
لا أريدُ أن أعرف شيئًا آخر عنها/ ليس لأنَّ لا غُبار عليها/ بل لكي أنظِّمها شِعرًّا حرًّا أشبه ما يكون بنصٍ مُقدّسٍ!.
تلكَ البلادُ الّتي لطالما تعودت على مناداتي باسمي الأدبي والكهنوتي/باتت تتعوذ مِن ذكر أسمي!/ربّما لأنّي أتفقّدني بها أو لأنّها تتذكّرني بما كتبته لها/ أو في هجرتي الأخيرة عنها/لم أكن مُكرها بل مُضطرّا على الاصغاء لمناداتها/فكنتُ أتمالكُ نفسي واتحامل على صهيل روحها!/ولعلَّ في مظاهراتِها عليّ واحتجاجاتها /لطالما وقف على طرف لِساني طواعيّة أسمها/ولأنَّ “ أبو الطبع لا يجوز مِن طبعه”/قلتُ حسنًا وِلمَ لا أحقق لها مرادها/بعد ان قالت: هذا كفي فأينَ قلمكَ لتترك لي توقيعًا…؟/كتبتُ ووقعتُ على كفّها/بعد أن حذرتها من ان تضع كفّها على خدها/لئلا يقرأ العامة ما كتبته لها وعنها في وجنتها!/وعلى الرغمِ أنّي لستُ تاجرًا / قررت المتاجرة في معارضِ الكتبِ فيها/فهذه المرّة لن أكتب أسمي على الغلافِ/ وإنما ساحجبني بها/ فحقوق التأليف لا تعود لي بل لها/ ليس لأنّها مُلهمتي وحسبها/ وانما لكوني الأب الضال شعرًا عنها/فإن كانٓ مِن حقّها عليَّ أن أكتب شهادتي المجروحة بها/ولكن أليسَ حقّا مِن حقوقي عليها ان تقرأ لي كغيرها ما كتبته إلبها/تلك التي ضقتُ عسلها ومرها/ ووقف في بقايا أفيائها وضوء شموسها/ عسى أن يغفر القرّاء لتلكَ البلاد المليحة الّتي أخذتني مني لها /أنا المخلوع مِن أرضها/رغم أني ما عدتُ أكتبُ سوى عن مزاياها…
لكنّها كُلّما تمادت بالمناشداتِ: ما عدتُ أملكُ/ أجدني أغضّ النّظر عنها بالقولِ :هذه مُشكلتها/ وسرعان ما اتلف يومياتي عنها/ فافتش عني فيها/ ومنذ متى شكت الكلمة كاتبها؟!.