وجهٌ تلألأ في الدجى واستبشرَتْهُ الأنجم

وبه التجلّي يستفيقُ القلبُ إن هو يَسأمُ

يا من تراءى في الدُّجى فازّينَتْهُ الأزهرُ

ما بين طُهرِ جبينهِ والوجناتِ تبسِمُ

خدٌ تألقَ كالسَّنا فيهِ الهوى يتناثرُ

واللّونُ صبغتُهُ الدماءُ وحبه يتكرمُ

وفمٌ كأنّ رضابهُ من شهدهِ يتقطّرُ

إن ناطقٌ بالقولِ أو صامتٌ، فذاك الملهمُ

أسنانُهُ نظمُ الدُّرَرْ، والنُّطقُ لحنٌ يُسحرُ

ونُهى العقولِ على لسانِ حديثهِ تتعلَّمُ

والعنقُ الميّادُ في نُسْكِ الجمالِ يُعذِّرُ

ما بينهُ والصدرِ فِتنةُ من يراها يُحْرَمُ

والصدرُ إن برزَ الهوى في سِحرهِ يتعثَّرُ

مرآهُ بحرٌ، والقلوبُ على ضفافِه تُحطَّمُ

والخصرُ إن مالتْ بهِ رقةُ القوام تُصوَّرُ

فترى التمايلَ في الحياءِ كأنّهُ لا يُلْزِمُ

وإذا مشتْ فكأنها في مشيها تتأخرُ

وترى الحروفَ من الخطى ، تتُقَدَّمُ

والكفُّ إن صافَحْتَهُ في لمسهِ تتأثرُ

لينٌ يُرَقْرِقُ في الشعورِ كأنّهُ لا يُؤلمُ

والنّحرُ إن لاحَ الضياءُ على بياضِ يُبهرُ

شمسٌ تنامُ على الرُّبا، في نورِها يتنعَّمُ

والبطنُ محفوفٌ بنحتِ فنٍ تسَّحرُ

نقشٌ تُجلّى فيهِ آياتُ الهوى يتكلَمُ

والساقُ إن سارتْ بهِ هال الوصالِ مسْطَرُ

قافيةَ الخطواتِ، حتى الشعرُ منها يُنظِمُ

والرِّجلُ إن داستْ على أرضِ الهواءْ لا تشعرُ

تمشي، فتخجلُ من خطاها الأرضُ وهيَ تكرِمُ

يا فتنةً نطقتْ ملامحُها، وما هي تُنظرُ

أنّ الجمالَ إذا تجسَّدَ فيكِ، فذاكَ مُسلَّمُ

ما للحسانِ إذا بدَونَ كأنّهنَّ الجوهرُ

والحسنُ في كلِّ الجوارحِ، لا يزالُ مُقيّمُ

لكنْ جمالُ الروحِ في أعماقهِ يتحرّرُ

لا يُستمالُ ولا يزولُ، ولا يُباعُ ويُقْسَمُ

هو نَورُهُ في كلِّ قلبٍ بالهدى يتنوّرُ

وإذا أشارَ إلى المدى، فالكونُ أجمعُ يَفْهَمُ

هو طُهرُهُ سرُّ العفافِ، في الدنا يتطوّرُ

وبه يُرى وجهُ الحقيقةِ في النفوسِ ويُعلَمُ

ما كلُّ من زانَ الجمالُ لهُ القلوبَ تُسخَّرُ

إنّ الجمالَ جمالُ نفسٍ، لا خدودٍ تُرسَمُ

فارفعْ بصرّك للمعاني إنْ أردتَ فتبصُرُ

فالعينُ تخدعُ، والصفا في الروحِ لا يتوهَّمُ