الديوان » لبنان » فؤاد بليبل » سمعت بأذني ما تكذبه نفسي

عدد الابيات : 33

طباعة

سَمِعتُ بِأُذني ما تُكَذِّبُهُ نَفسي

وَشِمتُ بِعَيني ما يُغالِطُهُ حِسّي

تَجَسَّمَ طَيفُ الشَكِّ حَتّى لَو اِنَّني

تَلَمَّستُهُ بِالكَفِّ هانَ عَلى اللَمسِ

أُصِبتُ بِداءٍ دونَهُ المَسُّ وَالضَنى

وَما بِيَ مِن داءٍ وَما بِيَ مِن مَسِّ

رَأَيتُ أُموراً في هَواكِ مُريبَةً

فَأَدرَكتُ مِنها ما دَعاني إِلى اليَأسِ

وَهَبتُ لَكِ القَلبَ الثَمينَ فَبِعتِهِ

لِأَوَّلِ مَن وافاكِ بِالثَمَنِ البَخسِ

وَبِتُّ كَأَنّي مِن هَواكِ بِمَأتَمٍ

وَبِتّ مِنَ السَلوى كَأَنَّكِ في عُرسِ

أَوَجداً وَلا وَجدٌ لَدَيكِ وَلا هَوى

وَحُبّاً وَإِخلاصاً وَأَنتَ عَلى العَكسِ

أَتَنسَينَ إِحساني إِلَيكِ فَإِن أُسِئ

إِلَيكِ بِلا عَمدٍ ذَكَرتِ فَلَم تَنسي

إِذا صَفِرَت كَفّي قَسَوتِ فَلَم تَفي

وَإِن مُلِئَت كَفّي وَفَيتِ فَلَم تَقسي

فَما أَكثَرَ الأَحبابَ في ساعَةِ الغِنى

وَما أَندَرَ الأَصحابَ في ساعَةِ البُؤسِ

وَقَد كُنتُ كَالأَعمى أُكَذِّبُ ما أَرى

وَأَخلِطُ ما بَينَ الحَقيقَةِ وَاللَبسِ

وَأُنكِرُ حيناً ما أَعي وَأُقِرُّهُ

وَأَغدو عَلى بَعضِ الظُنونِ وَلا أُمسي

وَأَهجُرُ حَتّى لا تَزاوُرَ بَينَنا

فَيَدفَعُني ضَعفي وَيَردَعُني يَأسي

وَكُنتُ إِذا ما شَفَّني الوَجدُ وَالأَسى

وَضاقَت بِيَ الدُنيا لَجَأتُ إِلى الكَأسِ

أُعاقِرُها صَهباءَ لا تَعرِفُ الشَجا

تَلَألَأُ مِثلَ الدُرِّ في القَدَحِ الوَرسي

مُشَعشَعَةً تَطفو عَلى جَنَباتِها

نُجومٌ نَماها الكَرمُ مِن ناضِرِ الغَرسِ

إِذا أَفَلَت في جَوفِ مَن يَحتَسونَها

أَدالَت لَهُم مِن طالِعِ الشُؤمِ وَالنَحسِ

أُسائِلُها بَعضَ العَزاءِ لَعَلَّها

تُفَرِّجُ كَربي أَو تُخَفِّفُ مِن تَعسي

لَعَمرُكِ كَم طافَت بِرَأسي وَساوِسٌ

بَسمتِ فَأَقصاها اِبتِسامُكِ مِن رَأسي

وَكَم مَرَّةٍ أَعرَضتُ عَنكِ عَلى جَوىً

فَزالَ وَعدنا فَاِلتَقَينا عَلى أُنسِ

وَأَقسَمتُ لا أَرعى لِعَهدِكِ مَوثِقاً

فَأَلفَيتُني أَرعى لِعَهدِكِ مِن أَمسِ

وَلَمّا تَجَلّى الشَكُّ في أُفقِ الهَوى

وَأَشرَقَ نورُ الحَقِّ مِن ظُلمَةِ الحَدسِ

وَلاحَ لِعَيني مِن خِداعِكِ ما اِختَفَى

وَكُنتُ عَمِيّاً عَن طَبائِعِكِ الشُمسِ

تَيَقَّنتُ أَنّي لا مَحالَةَ هالِكٌ

إِذا أَنا لَم أَربَأ بِنَفسي عَنِ الرِجسِ

فَوَدَّعتُ أَحلامَ الهَوى وَغُرورَهُ

وَشَيَّعتُ أَوهامَ الشَبابِ إِلى الرَمسِ

وَأَطلَقتُ قَلبي مِن إِسارِكِ مُعرِضاً

وَقُلتُ لَهُ يا قَلبُ فِرَّ مِنَ الحَبسِ

فَلا خَيرَ في حُبٍّ يُباعُ وَيُشتَرى

يَحومُ عَلَيهِ كلُّ ذي سَفَهٍ جِبسِ

لَقَد غَربَت شَمسي إِلى غَيرِ مَطلَعٍ

فَماذا أُرَجّي بَعدَ ما غَربَت شَمسي

وَقَفتُ عَلى ماضي هَواها كَأَنّني

وَقَفتُ مِنَ الدُنيا عَلى طَلَلٍ دَرسِ

أُسَرِّحُ طَرفي لا أَرى ما يهيجُني

وَأُرهِفُ سَمعي لا أَعي فيهِ مِن هَمسِ

يَلوحُ كَبَحرٍ ما لَهُ مِن شَواطِئٍ

تَمُرُّ بِهِ فُلكُ الغَرامِ فَلا تُرسي

نَبَذتُ الهَوى حَتّى بَرِئتُ مِنَ الهَوى

فَكَيفَ أُبالي بَعدَ بُرئِيَ بِالنَكسِ

سَأَسحَقُ قَلبي إِن هَفا لِوِصالِها

وَأَقتُلُ نَفسي إِن هَفَت نَحوَها نَفسي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن فؤاد بليبل

avatar

فؤاد بليبل حساب موثق

لبنان

poet-Fouad_Blaibel@

15

قصيدة

1

متابعين

فؤاد بن الشيخ عبد الله بليبل الميلاد والنشأة وُلد فؤاد بليبل في نوفمبر 1911م بكوم حمادة، مديرية البحيرة، مصر، لأُسرة من أصل لبناني تعود جذورها إلى بلدة بكفيا في جبل لبنان. نشأ ...

المزيد عن فؤاد بليبل

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة