دعْ الهوى، فالدهرُ وجهٌ متعبُ

ولكلّ حيّ في الحياةِ مَذْهَبُ

يا صاحِ، إنّ الدّرَس أبلغُ واعظٍ

يُبدي لكَ المعنى وإنْ لم يخطبُ

يا من تنوّع في الحياةِ دروبَهُ

خذْ من وصايا ناصح لا يَكذِبُ

وتمسَّكِ العقلَ الرشيدَ فإنّهُ

نورُ الدُّجى، ومصيرُ مَن يتأدب

لا تغتراً بزخرف قد زُيِّنَتْ

فالحُسنُ يفتن مَن إليه يُطربُ

واخترْ طريقَ الحقِّ واصبرْ إنّهُ

دربٌ بهِ الإشراقُ عاليْ المرتبُ

وارفقْ بنفسِكَ إنْ بدا لكَ ناصحٌ

فالصدقُ في النُّصحِ الحكيمُ الأقربُ

واخضعْ لربّكَ في السرائرِ مؤمناً

فاللهُ يعلمُ ما تُسرُّ وتَكتُبُ

إن الكريمَ بفضلِهِ متسامحٌ

والحرُّ يصفح حين يَقدرُ يَضَرِبُ

وارحمْ إذا مَلَكْتَ، فالعفوُ ارتقى

بالناسِ حتى صارَ فضلا يُطلَبُ

واسلكْ سُبُلْ أهلِ التُّقىِ إنَّهمُ

كالغيثِ يُحيي الأرضَ إنْ هوَ يسكبُ

وإذا خشيتَ الظلمَ يوماً فاعتصِمْ

بالعدلِ، فهوَ لذِي القلوبِ مُهذِّبُ

وإذا رزقتَ فكنْ شكوراً، فالذي

ينسى العطايا طبعهُ لا يصحبُ

وإذا ابتُليتَ فذا احتسابُك نعمةٌ

فاللهُ يرفَعُ من يراهُ مناسِبُ

واعلمْ بأنَّ الوقتَ أغلى ما مضى

لا يُشترى بالعُمرِ إنْ هوَ يُذهَبُ

وإذا صدقتَ فكلُّ خيرٍ تابعٌ

فالصِّدقُ تاجٌ بالبيانِ مُذَهَّبُ

لا تستعنْ بالناسِ في أمر بدا

إلَّا بعونِ اللهِ فهوَ الواهبُ

واحذرْ بطانةَ سوءِ قوم إنّها

سُمُّ القلوبِ ومَن يُطاوعْ يُسحَبُ

واجعلْ وقاركَ كالنجومِ سُموُّها

عالً، ولكنْ نورُها لا يُحجبُ

وإذا رأيتَ الناسَ غيَّرتِ الوفاء

فتمسَّكِ الأخلاقَ، لا تتقلَبُ

هذي وصايا من حريص ناصح

قد ذاقَ دهرا وارتوى ومجرِّبُ

فخذِ النصيحةَ واتركِ اللهوَ الذي

عمَّ القلوبَ، فصار فيهِ مرَحِّبُ