الديوان » مصر » محمد عثمان جلال » كل امرئ مصبح في أهله

عدد الابيات : 35

طباعة

كُلُّ امرئٍ مصبحٌ في أَهلِهِ

وَالمَوت أَدنى مِن شِراكِ نَعله

وَعاقِلٌ من كانَ شَخص حينِهِ

ممثَّلاً ما دامَ نُصبَ عَينِهِ

لا سِيَّما إِن بلغ المَشيبا

وَكانَ يَومُ مَوتِهِ قَريبا

فَكُلُّ لَمحَةٍ مَضَت مِن عُمره

تذكُرهُ بِلحده وَقَبرِهِ

وَلَم يَكُن يُغنيه مالٌ وَنشب

وَلا يَقيهِ وَزَرٌ وَلا نَسَب

وَلا جَمالٌ لا وَلا مروَّه

وَلا شَبابٌ لا وَلا فتوَّه

كُل الأَنام عِندَه مُقيَّده

لَم تَحمِها برُوجُها المشيَّده

وَإِنَّما الغُرور طبع العالمِ

إِذ يَطلُبون طُول عَيش دائمِ

قَد سقت عَنهُم لَكُم حِكايَه

تُبَيِّنُ الرُشدَ مِن الغوايه

شَيخٌ أَتاه المَوت وَهوَ في سِنه

وَكانَ عاشَ قَبلُ تسعينَ سَنَه

وَمُذ رَآه قامَ مِن نُعاسهِ

وَطارَ فَوراً عَقله مِن راسه

وَقالَ يا موت عَلامَ تفجَأُ

أَلَيسَ لي في الناس مِنكَ مَلجَأُ

ما ضَرَّ لَو أَبقَيتَني يَومين

أنظر حالي وَأسدُّ ديني

يا مَوت لم مِن قَبلُ ما أَخبَرتا

وَلم أَزعجتَ َما صَبَرتا

إِصبر قَليلاً يا أَخي فَزوجَتي

تريد أَن آخذها بِصحبتي

لَم يَبقَ إِلّا أَن أَشوف اِبنَ ابني

وَغُرفَةً فَوقَ السُطوح أَبني

إِصبر عَلَيَّ يا أَخي ما أَعجَلك

قالَ لَهُ المَوت أَخي ما أَغفَلَك

يَا أَيُّها الشَيخ الكَبير الفاني

قُم وَاِندَرج في حُلَّة الأَكفان

تَزعم أَني اليَوم قَد فَجأتُك

وَأَنَّني مِن غَير صَبر جئتُك

أَلَم تَعِش تسعينَ عاماً قَد مَضَت

وَكُلها في الغَيِّ وَاللَهو اِنقَضَت

قُل لي مَن في مصرَ عاشَ مِثلك

مَن الَّذي خُلِّدَ فيها قَبلَك

تَبغي نَذيراً وَأَتاكَ ألف

مَضبوطَةً ما صح فيها خلفُ

الشَيب وَالضَعف وَفَقد الحس

وَقلةُ الهَضم وَضيق النَفس

وَكُلُّ شَيء فيكَ قَلَّ نَفعه

وَالزَرع قَد صافَ وَآن قَطعه

عَلام يا مسكين تِلكَ الحَسرَه

وَكَيفَ تَرجو نصرةً مِن كَسرَه

في ظُلمة القَبر عفت أَقرانك

وَالآن هم تَحتَ الثَرى جيرانك

فَقُم بِنا ندركهم سَويّه

وَلا تَعد تَحتّج بِالوَصيّه

إِن الَّذي عمر فيها عُمرك

لَيسَ عَلى هَواه فيها يُترَك

بَل هُوَ كَالضَيف الَّذي أَقاما

يَومين في دارٍ وَإِلّا عاما

في بكرةِ الرَحيلِ يُبدي شُكرَهُ

لِصاحب الدار الَّذي قَد بَرّهُ

وَيَنثَني بِخفةٍ لا بِثقل

يَا أيُّها الشَيخ تَفَضَّل بِالعَجَل

وَاِنظُر إِلى الصِغار كَيفَ ماتَت

وَغادَرَت شَبابها وَفاتَت

كَذاكَ في الحَرب وَفي القِتال

تجندلُ الشُبان وَالأَبطال

وَاِعلَم بِأَن النَفسَ لا تَهونُ

وَعِندها تُستصعبُ المنونُ

وَأَحرَصُ الناسِ عَلى الحَياةِ

أَقربهم عُمراً إِلى المَماتِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد عثمان جلال

avatar

محمد عثمان جلال

مصر

poet-Mohammad_Othman_Jalal@

156

قصيدة

3

الاقتباسات

2

متابعين

محمد عثمان جلال: المترجم الأديب والشاعر المصري رائد التعريب والمسرح النشأة والتعليم وُلِد محمد بن عثمان بن يوسف الحسني الجلالي الونائي عام ١٨٢٨م في قرية "ونا القيس" (أو "ونا القس") بمركز الواسطى ...

المزيد عن محمد عثمان جلال

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة