الديوان » مصر » محمد عبد المطلب » سلوا جفن عيني ماله بات ينزف

عدد الابيات : 57

طباعة

سَلوا جفنَ عيني ماله بات يَنزفُ

وعهدي به إن سُمتُه الدمعَ يأنفُ

ويا رُبَّ همٍّ يملك النفسَ بالأسى

ويعدو على العينِ الجمودُ فتذرفُ

وما أنا، ما دمعي، وفي مصرَ أنَّةٌ

بها الطيرُ نوحٌ، والغمائمُ وُكَّفُ

بكين غريباً طرَّح البَينُ دارهُ

فلا العَودُ مأمولٌ، ولا الدارُ تُعرفُ

وما أنكرتْ مصرُ ابنَها فنبتْ بهِ

ولكنه دهرٌ على الحرِّ يُجنِفُ

ثوى غربةً بعد المعادِ قرارُها

فيا طولَ ما يستشرفُ المتشوِّفُ

وكنا حسبنا شُقَّةَ البَينِ تنطوي

فَيأوي إلى مِرباعهِ المُلتصيِّفُ

وأطمأنا في الملتقى لمعُ بارقٍ

من السِّلمِ في ليلِ الحوادثِ يخطفُ

فلم نرَ سلماً ينتهي النأيُ عندها

بناءٍ، ولا حتمُ الرَّدى يتخلَّفُ

بعيني من نادى مناديه للنوى

فودَّع لا يأني، ولا يتوقَّفُ

يُدافعُ آلاماً تياسرن قلبَهُ

لها حُرَقٌ تُدمى القلوبَ فتنطُفُ

ففي قلبه مما دهى النيلَ زفرةٌ

يكاد لها من تحته البحرُ ينشفُ

وفي عينه من لوعة البَينِ عَبرةٌ

يكفكفها كبراً، فلا تتكفكفُ

وفي نفسه عتبى على البلدِ الذي

قسا أهله جهلاً عليه وأجنفوا

برِمْتِ بنا يا مصرُ لا عن جنايةٍ

يُعَنَّى عليها جارمٌ أو يُعنَّفُ

وكيف تناست مصرُ حُسنَ بلائنا

إذ الدهرُ ألوى والحوادثُ تعصفُ

مواقفُنا يا أمَّ فيكِ شهودُها

تؤيدُنا يوم العتاب وتُنصِفُ

رويدَكِ نفساً أنكرت فعلَ قومِها

بذي حدبٍ يُسى عليه فيرأفُ

على رغمِ قومي ما لقيتُ، وإنما

هو الدهرُ في أحكامِه يتعسَّفُ

سلامٌ على قومي، وداعاً بني أبي

وللنيلِ ما ألقى، وما أتكلفُ

ويا موقفَ التوديع، هل تُسعدُ المنى

فيجمعُنا يومٌ بمصرَ وموقفُ؟

أخافُ المنايا أن يَكُنَّ رواصداً

وما ليَ من أسبابِها أتخوَّفُ

تُحدّثني طيرٌ جرينَ بوارحاً

بأن المطايا بي إلى الموتِ تزحفُ

ويَحزنني وردُ المنايا، ولم تزل

بلادي تحبو في الإِسارِ وترسُفُ

حُرِمْ علينا أرضُها وسماؤها

أليّةَ من لا يمتري حينَ يحلفُ

ويا فُلكُ باسمِ اللَهِ مجراكِ أَقلعي

فإما الرَّدى أو يُنصفِ النيلُ مُنصفُ

فما كان إلا أن طوى البحرَ والثرى

وحجَّبه سترٌ من الغيبِ مُسجَفُ

فدونَ تلاقينا ليالٍ وأشهرٌ

وبين ديارينا جبالٌ وصفصفُ

هنالك ألقى في بني الغربِ رحلهُ

على هِمَّةٍ من همِّها الدهرُ يكلَفُ

بعيدُ المرامي لا تَهُدُّ صفاتِهُ

عوادٍ، إذا صبَّت على الإِلبِ تحرَفُ

تُقَذِّفُه في زاخرِ البأسِ هِمَّةٌ

جديرٌ بها الليثُ الهصورُ المقذَّفُ

وهيهاتَ أن يَخشى أخو الحقِّ قوةً

سِوى الحقِّ، أو يَعنُو لبأسٍ فيضعفُ

ثوى في بلادِ الغربِ بالنيلِ عاتباً

وفي الغربِ للعاني مرادٌ ومألفُ

يُصرّفُ أحداثَ الليالي غواشماً

وأنيابُها من شدةِ البأسِ تصرِفُ

فطوراً تراه في جنيفَ لباسُه

على القُرِّ أسمالٌ بهِ يتلفَّفُ

إذا صفرت ما ذاتُ دنياهُ كفُّهُ

تجلّدَ لا يشكو، ولا يتأففُ

ويأوي إلى بيتٍ وطيءٍ عمادهُ

وفي مصرَ يبكيه البناءُ المُطنفُ

ويَكنفُه من فتيةِ النيلِ أنجمٌ

بهم نعتلي هامَ الفخارِ ونَشرفُ

إذا احتدمت للبأسِ نارٌ، فَعِلهَمٌ

على البأسِ ماضٍ ذو غرارين مُرهفُ

وإذن ذُكر المجدُ، فالمجدُ إنما

بذكرهم تلهو القيانُ وتعزفُ

إذا ما انتمى قومٌ لدنيا جدودِهم

نمتهم لعُلياها معدٌّ وخِندفُ

وإن ذكروا أبناء فرعونَ، رجّعت

مناقبَهم وُرقٌ من الفخرِ هُتّفُ

فيا مُسمعَ الأحرارِ من كل أُمّةٍ

مُنى قومهِ، والحرُّ للحرِّ يُنصِفُ

لقد فُجع الفُسطاطُ فيك وأهلُهُ

من الغربِ ناعٍ قام باسمِك يهتفُ

لقد فُجعونا فيك يومَ تباعتْ

رسائلُهم بالموجعاتِ، وأرجفوا

فيا ويحَ يومٍ قالوا فيه غريبُها

على فُرشِ البلوى ببرلينَ مُدنَفُ

بروحي إذ جاء الأطباءُ خُشَّعاً

وقاموا بأكنافِ السريرِ، وطوّفوا

يُعلّله بالقولِ منهم مُبشّرٌ

وتبكي له منهم قلوبٌ وترجُفُ

تجوفه الداءُ العضالُ، وهل نجا

من الموتِ مضنًى داؤه يتجوَّفُ؟

قضى اللَه أن يُسقى فريدٌ بأرضِنا

كؤوساً بالاستسقاءِ للنفسِ تخطفُ

يعزُّ على برلين أن يُغلبَ الرَّدى

عليك بنيها، والرَّدى ليس يُصرَفُ

أطباؤُهُ لو يستطيعُ فداءَهُ

بنو مصرَ، غالوا في الفداءِ وأَسرفوا

قليلٌ عليه لو يُفدّيه قومُهُ

بما جمعوا من تالدٍ أو تطرَّفوا

فليت الليالي سالمت فيه أمةً

براها الأسى من بعدهِ والتلهفُ

عرفنا له بِرَّ الوفيِّ بعهدِها

إذا خانَ قومٌ عهدَ مصرَ، فلم يَفُوا

أفاضَ عليها نفسَه بعد مالِهِ

ومالَ بهم عنها متاعٌ وزُخرفُ

ولولا رجالٌ مؤمنون نَجَوا بها

لراحت بها ريحٌ من الغدرِ زفزفُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد عبد المطلب

avatar

محمد عبد المطلب

مصر

poet-Mohamed-Abdelmuttalib@

129

قصيدة

17

الاقتباسات

3

متابعين

محمد عبد المطلب (1870–1931) م. هو محمد بن عبد المطلب بن واصل بن بكر بن بخيت بن حارس بن فزاع بن علي بن أبي خير الجهني، من عشيرة أبي الخير من ...

المزيد عن محمد عبد المطلب

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة