عدد الابيات : 25
لِأُمِّيَ تَاجُ الْمَجْدِ فَوْقَ الْجَانِحِ
وَمِنْ نُورِهِ يَسْمُو السَّنَا الْمُتَوَارِفِ
لَهَا الْقَلْبُ إِنْ جَاشَتْ هُمُومُ اللَّيَالِي
تُدَاوِي جِرَاحَ الْعُمْرِ بِدَوَاءِ الْكَفِّ
يَفِيضُ حَنَانًا كَالْغَمَامِ إِذَا سَقَى
قُلُوبَ الْبَرَايَا مِنْ سَنَاهُ الْمُرَفْرِفِ
وَكَمْ بَاتَتِ الْأَرْوَاحُ جُوعَى فَأَشْبَعَتْ
بِمَكْرُمِهَا قَلْبًا يَئُودُ مِنَ الْأَسَفِ
وَإِنْ نَالَنِي ضَيْمٌ وَجَفَّتْ دُمُوعُنَا
فَثَغْرُهَا بَسَّامٌ بِنُورٍ مُوَسْوَفِ
وَإِنْ عَصَفَتْ بِي رِيحُ دَهْرِي وَحَاوَلَتْ
تَزُولُ جِبَالُ الصَّبْرِ مِنْ قَلْبِيَ الْأَوْفِ
أَرَى بَسَمَاتِ الْعَطْفِ فِي وَجْهِ زَهْرَةٍ
تُقَدِّسُهَا الْأَرْوَاحُ مِنْ جِيلِ السَّلَفِ
تُظَلِّلُنِي حَنَانًا حَتَّى أَذُوبَ بِظِلِّهَا
وَأَغْفُو عَلَى صَدْرٍ كَمَا طِفْلٌ مُخَفَّفِ
لَهَا كَفُّهَا كَالزَّهْرِ يُرْوِي وَرِيدَنَا
فَإِنْ لَامَسَتْ جُرْحًا تَجَلَّى بِمُصْحَفِ
تُزَفُّ لَهَا الْأَيَّامُ زَهْوًا وَبَهْجَةً
وَفِي يَوْمِهَا نَزْفُ التَّهَانِي بِأَحْرُفِ
فَيَا أُمِّيَا، يَا مَنْجَمَ الطُّهْرِ وَالْهُدَى
وَيَا سِدْرَةَ الْأَحْلَامِ مِنْ دُونِ مُخْلِفِ
حَلَفْتُ بِحُبِّكِ أَنِّيَ الْعَبْدُ فِي الْوَفَا
وَمَا زِلْتُ مَجْنُونًا بِحُبٍّ مُسَيَّفِ
وَإِنْ ضَاقَتِ الدُّنْيَا عَلَيْنَا بِفِتْنَةٍ
فَأَنْتِ لَنَا بَابُ السَّلَامِ الْمُوَصَّفِ
إِذَا رَاحَ يُحْرِقُنِي اللَّيَالِي لِهَجْرِهَا
فَكَيْفَ بِنَفْسِي تَسْتَقِرُّ عَلَى الشَّظَفِ
بِوَجْهِكِ تَسْقُطُ الظُّلُومُ وَغَيُّهَا
وَتَنْجَلِي الْأَيَّامُ مَا بَيْنَ مُعْتَكِفِ
إِلَيْكِ سُطُورُ الشِّعْرِ تَجْرِي فَإِنَّهَا
تُؤَرِّخُ فِي الْأَحْرُفِ حُبًّا مُكَثَّفِ
وَإِنْ قِيلَ فِي الْعُظْمَى فَأَنْتِ مَقَامُهَا
وَأَنْتِ زُمُرُّدُ الْفَخَارِ الْمُحَلَّفِ
وَإِنِّي بِوَعْدِ الْعُمْرِ أُهْدِي فُؤَادِيَا
فَهَلْ تَسْمَعِينَ الْحُبَّ نَبْضًا بِمَوْقِفِ؟
لَقَدْ سَبَقَتْنِي الرِّيحُ فِي بَثِّ خَافِقِي
وَكَيْفَ يَسْبِقُ الْأُفْقَ نَجْمٌ بِمُخْلِفِ؟
يُسَبِّحُ لِلَّهِ الْمَسَاءُ وَضَوْؤُهُ
لَكَ النُّورُ فِي سِفْرِ الْحَيَاةِ الْمُشَرِّفِ
لَئِنْ كَانَ لِي دَيْنٌ فَأَنْتِ وَفَاؤُهُ
وَإِنْ كَانَ لِي حَقٌّ فَأَنْتِ الْمُعَرِّفِ
أَيَا أُمَّنَا، عِيدُكِ الْيَوْمَ فَابْتَهِجِي
وَدُومِي عَلَى الْعَافِيَةِ الْمُتَصَرِّفِ
أُقَبِّلُ تِلْكَ الْيَدَانِ كَيْفَ تَحَمَّلَتْ ثِقَالَ
السُّهَادِ وَضَرْبَ الدُّجَى الْمُجْحِفِ
أَبُوحُ لِهَذَا الْعَالَمِ سِرَّ الْحُبِّ كُلَّهُ
وَأَحْلِفُ أَنِّي لَسْتُ فِيهِ بِمُخْلِفِ
فَيَا لَيْتَ عُمْرِي فِي كَفَّيْكِ مُزْهِرٌ
وَأَحْيَا عَلَى أَعْطَافِكِ الْحُلْمَ يَرْفِفِ
186
قصيدة