تنفست الأيام تعلن بالشكر

ووجه التهاني قد تهلل بالبشر

وهب نسيم القرب بنشرما انطوى

وفاح عبيرا وانثنى طيب النشر

وقد اشرقت تلك الرياض واصبحت

طرابلس الفيحاء باسمة الثغر

وايامها من بعد ما كان اظلمت

بدت غرة تزهو على جبهة الدهر

وجاورها بحران بحر من الندى

وبحر به فلك مسومة تجري

وبالحسن كم ازرت بثغر ربوعها

وسادت بواديها السعيد على مصر

وحازت جمالا بالضياء وبهجة

محلا رفيعا في العلا سامي القدر

ربيع الندى يحيى به الفضل جوده

يقل لديه جعفر خالد الذكر

رفيع الذرى من نسل اكرم والد

وبحر وفاه قد تولد من بحر

وساد بما قد شاد ي افق العلا

من المجد والعلياء والفضل والفخر

ورتبته يعلو السماك محلها

وطائره الميمون يسمو على النسر

له منطق من نحوه الدر يجتلى

ولفظ معانيه البديعة كالسحر

وفاقت على قس فصاحة لفظه

كذاك بسحبان بلاغته تزري

تطابق مدحي فيه مدحا وصورة

فلا غرو ان ابدعت في النظم والنثر

ولا عيب فيه غير ان يمينه

يجود بما فيها ولم يخش من فقر

عطاياه عدا ليس تحصى هباتها

لأن عطاياه تجل عن الحصر

فليس له فعله من مضارع

وفي كل حل لم يزل ماضي الامر

هو البحر الا ان مورده حلا

فحدث وقل ما شئت واحك عن البحر

فقل للذي يشكو من العسر لذ به

فيمناه في عز يجود وفي يسر

فيا واحد العليا لنحوك في الندى

جعلت التفاتي لا لزيد ولا عمرو

ولولاك لي نظم القريض لما حلا

ولا ظهرت تلك المحاسن من شعري

وقلبي كسير صح عندك جبره

فلا بدع ان طابقت كسريَ بالجبر

وبيض فودي اسود الحظ مذ دجا

وكفي غدت صفرا من البيض والصفر

أمولاي عذرا عن تأخر مدحتي

فاني مغرى بالهوى والهوى عذري

فدونكها مني اليك حديقة

موشعة الالفاظ يانعة الزهر

هي الزرد الصافي عليك ولفظها

على عنق الحسناء عقد من الدر

حروف معانيها الحسان بديعة

بدت في سماء المجد كالانجم الزهر

فخذها عروسا ذات حسن يتيمة

وقد برزت تسعى اليك من الخدر

فلا زلت بحرا بالعطا متداركاً

بسيط الايادي وافر الجود بالبر

ودمت مدى الايام ما هبت الصبا

وما حركت عودا على نغم القمري

وفاقت على قس فصاحة لفظه

كذاك بسحبان بلاغته تزري