الديوان » لبنان » عمر تقي الدين الرافعي » ما لارواحنا بلغن التراقي

عدد الابيات : 43

طباعة

ما لِأَروَاحِنا بَلَغنَ التَراقِي  

مِن زَمانٍ مُستَمسِكٍ بِالخَناقِ  

ما أَرى غَيرَ لَسعَةٍ بَعدَ أُخرى  

مِنهُ تَأتي وَلَيسَ مِن تِرياقِ  

ما كَفى الناسَ مِنهُ ضَنكَ مَعاشٍ  

كادَ يُودي بِالكُلِّ مِن إِملاقِ  

ما كَفى الناسَ ما الَّذي حَلَّ فيهِم  

مِن شِقاقٍ أَدّى لِكُلِّ اِفتِراقِ  

ما كَفى الناسَ قَطعُ كُلِّ صِلاتٍ  

بَينَهُم فِي الإِخاءِ وَالأَعراقِ  

لَستَ تَلقى أَخاً بِجَنبِ أَخيهِ  

ظاهِراً باطِناً بِكُلِّ اِتِّفاقِ  

لا وَلا مُخلِصاً وَفِيّاً بِعَهدٍ  

مِن رِفاقٍ تَرعى حُقوقَ الرِفاقِ  

تَعِسَ الحَظُّ إِن عَدِمنا وِفاقاً  

وَفَقَدنا مِنّا دُعاةَ الوِفاقِ  

يا رُبوعَ الفَيحاءِ جادَكِ غَيثٌ  

هاتِنٌ مِن مَحاسِنِ الأَخلاقِ  

قَصَّرَت عَنكِ كُلُّ مِصرٍ بِفَضلٍ  

حُزتِ فيهِ بِالسَبقِ قَصَبَ السِباقِ  

أَنتِ كَالنَجمِ رَفعَةً وَأَتلاقاً  

لا بَرِحتِ فِي رِفعَةٍ وَأَتلاقِ  

ما الَّذي قَد عَراكِ عُوفِيتِ مِمّا  

يَعتَري البَدرَ مِن سِرارِ المَحاقِ  

ما لِنورِ الأَخلاقِ هَل غَشِيَتهُ  

ظُلُماتٌ أَودَت بِكُلِّ خَلاقِ  

أَم عَدَى العَرَبَ عُجمَةٌ أَحرَقَتهم  

يا لَنارٍ تَمتَدُّ فِي الإِحراقِ  

لَيتَ شِعري ماذا عَراكِ وَماذا  

قَد دَهاكِ أَوّاهُ مِمّا تُلاقي  

كَم تُنادي بَيروتُ خَوفَ شِقاقٍ  

يا بَنِيَّ اِحذَروا دُعاةَ الشِقاقِ  

كَيفَ حالي إِذا هَرَقتُم دِماءاً  

فَوقَ صَدري كَمَدمَعي المُهراقِ  

كَيفَ أَنتُم وَما شُفِيتُم صُدوراً  

بَل مَلَأتُم حِجري دَماً وَنِطاقي  

كَيفَ حالُ المَجدِ الرَفيعِ إِذا ما  

خَرَّ ميناهُ مِن رَفيعِ الطِباقِ  

أَتُلبِّي العَلياءُ مِنكُم نِداءً  

إِذا تُنادونَها بِغَيرِ اِشتِياقِ  

وَحَرامٌ عَلَى العُلى أَن تُلبِّي  

دَعوَةً غَيرَ دَعوَةِ العُشّاقِ  

يا بَني أَحمَدٍ جَميعاً تَآخوا  

كَتَآخِي النَهرَينِ وَسَطَ العِراقِ  

وَأَفيقوا مِن سَكرَةٍ وَغُرورٍ  

وَاِسلُكوا نَهجَ كُلِّ شَعبٍ راقِ  

تِلكَ أَوطانُكُم وَأَنتُم بِنُورِها  

فَاِفتَدوها بِأَنفُسِ الأَعلاقِ  

وَاِتَّقوا اللَهَ وَاجهَدوا أَن تُفكّوا  

كُلَّ غِلٍّ يُشَدُّ بِالأَعناقِ  

ضُرِبَت ذِلَّةٌ عَلَيكُم جَميعاً  

بِاِختِلافٍ ما بَينَكُم وَانشِقاقِ  

هاكُمُ لِلخِلافِ أَلفُ مِثالٍ  

لَيسَ لِلائتِلافِ أَدنَى اَنبِثاقِ  

ذاكَ نُصحي أَورَدتُهُ بِمِثالٍ  

حَسَنٍ قَد أَتى بِحُسنِ سِياقِ  

كانَ لي فِي القَضاءِ مَقعَدُ صِدقٍ  

لاِحتِفاظي بِالعَهدِ وَالميثاقِ  

فَرَماني الظَلُومُ مِنهُ بِسَهمٍ  

وَاِنتَحاني مُشَمِّراً عَن ساقِ  

ثُمَّ ظَنَّ السُكوتَ عَنهُ لِإِشفا  

قٍ عَلَيهِ قَد كانَ مِن إِشفاقِ  

رَبَّ جَفنٍ إِطباقُهُ كانَ حِلماً  

فَإِذا اِهتَزَّ هَزَّ سَبعَ الطِباقِ  

وَمَقالٍ حَقٍّ إِذا ما تَجَلّى  

أَخفَقَ البَطلُ أَيَّما إِخفاقِ  

وَيَراعٍ وُقِيتُ وَخزَ يَراعٍ  

فاقَ وَقعَ الحُسامِ وَالمِزراقِ  

كُلُّ هَذا وَالحَمدُ لِلَّهِ عِندي  

لِرُجومٍ كَالنَجمِ فِي الآفاقِ  

كُلُّ هَذا وَلَم أَمِل لاِنتِقامٍ  

بَل تَرَكتُ الجَزا لِيَومِ التَلاقي  

فَلِيَكُ الصَفحُ وَالتَسامُحُ عَمّا  

كانَ مِنكُم مِن فِريةٍ وَاختِلاقِ  

إِن فَعَلتُم هَذا يَكونُ اِتِّفاقٌ  

وَحَياةُ الشُعوبِ بِالاِتِّفاقِ  

يا وُلاةَ الأُمورِ فِي الناسِ عَدلاً  

فَرِضا الخَلقِ فِيهِ وَالخَلّاقِ  

وَسِّدوا الأَمرَ أَهلَهُ لا تُعيروا  

أُذُناً لِلحَسودِ خِدنِ النِفاقِ  

كَرِّموا السَمعَ عَن سَماعِ مَقالِ الز  

زورِ فَالزورُ مِن دَواعي المَحاقِ  

وَأَعيروا المُحِقَّ سَمعاً لِقَولٍ  

قَد تَبَدّى كَالشَمسِ فِي الأَشواقِ  

إِنَّما العَدلُ لِلبِناءِ أَساسٌ  

وَعَلَى العَدلِ ما بُني فَهُوَ باقِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمر تقي الدين الرافعي

avatar

عمر تقي الدين الرافعي

لبنان

poet-Omar-Taqi-al-Din-Al-Rifai@

329

قصيدة

10

الاقتباسات

3

متابعين

عمر تقي الدين بن عبد الغني بن أحمد الرّافعي الطرابلسي (1882 - 1964) م. فقيه وقاضٍ، متصوف نقشبندي، أديب وشاعر لبناني، وُلد في مدينة صنعاء بولاية اليمن العثمانية في 17 أغسطس ...

المزيد عن عمر تقي الدين الرافعي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة