في هدأة ليلٍ عربيّ الطابعْ،
تسكنه المحنُ بهيئةِ أسمالٍ
وسعالٍ أصفرَ ترشقُه
فوقَ الإسفلتِ مصابيحُ الشارعْ،
أنحدرُ من النفقِ المُطفَأ
في فندق باريس ،
لمدينة كازا
حيثُ أعابثُ موجاً يضربُ وقعَ خُطايَ، ولا يهدأْ!
إنْ كنتَ فتيّاً مثلي
فلنقتسمِ الأسمالْ
ولتقحمْ خطوَكَ قبلي
في هذا الدربِ الضالْ
ولنتشردّ
2
إرثي في هذا القدرِ من اللذةِ ملءُ جناحين،
وقيادي سهلٌ
نسرٌ عربيٌّ، صافَ وأشتى في الزمن الضائعْ،
لم يضربْ جنحاً فوق وِهادْ،
يتأمّلُ مشرقَ شَمسِ لم تشرقْ،
ومغيباً، منفضةَ رمادْ
يتحاشى سطحَ البحر، لأن السطحَ مرايا للأفق الساطعْ
يُخفي زمناًَ لا يتلاشى، شأنَ الموج المتدافعْ،
في ساحل كازا .
صرتُ نديمَ الزمن القابع كالأشنات بذاك القاعْ
طيراً نارياً، حتى فاض الشعرُ علي أرداني كالنعناعْ.
أن كنتَ فتيّاً مثلي
فلنقتسم الأسمالْ
ولتُقْحم خطوكَ قبلي
في هذا الدرب الضالْ
ولنتشرّد
إمرأةٌ من كازا ذاقت طعمَ دموعي
رشفتْ قطراتِ ندىً ندّت من أحرفِ شعري الموجوعِ،
فازدادت ظمأً.
شدّت حولَ الخصر ذراعي
واحْتَجلَتْ
بضفائرِ نعناعي،
رقصتْ
حتى ضجّتْ كازا
بسكارى الليلِ
قحابِ الليل،
جياع الليل .
ورقصتُ أنا
حولَ امرأةٍ فَتَنت شعري
بحرارةِ جسدٍ لم يُدفئْ جسداً غيري.
وتعانقنَا،
ما أشهى وقعَ خطاي على رمل الساحلْ:
أصداءُ شباكٍ تخبطُ أسماكاً؟
أم روحٌ تندب حظَّ الجسد الزائلْ
في خُلوة صوفيّ تسكنها الفئران؟
غنّيتُ وحيداً في ليل الميناء
وعند ضحى الميناء أكلتُ وحيداً، في مطعمه الصاخبْ.
مخموراً عدتُ إلي فندق باريس ، ورأسي قبضُ الريحِ.
مزقتُ الشعرَ، ورحتُ أفتشُ عن معنىً لتباريحي:
أأنا مجنون امرأةٍ خطرت لحظةَ نومٍ خاطفْ!
أم ميتٌ، منذ ولدْتُ،
وهذي المرأةُ نعناعٌ فوق ضريحي!
لو عثت فساداً في الكلمات، وبعثرتُ الورقَ التالفْ
في قبو قراءاتي،
وأنستُ لوسواس كانْ،
حتى أمضيتُ العقدَ الأسودَ بين دمي ودمِ الشيطانْ،
هل كنت سأمسك أولَ خيط يوصلني
لامرأةٍ خطَرت……!!
……………………
……………………
هذا الحب جبينٌ بلَّله عَرَقُ الأتعابْ.
أو غصنٌ شفَّ، بطيئاً، عن فجرٍ
في عتمةِ غابْ.
فوزي كريم الطائي (1945 – 17 مايو 2019)
شاعر، ورسام، وصحفي عراقي بارز. وُلد في بغداد عام 1945، وتخرّج في قسم اللغة العربية بكلية الآداب، جامعة بغداد، سنة 1967. عمل مدرسًا ...