وتُهاجرُ
نحوَ حنينِ الثلج!
لا الصحراءُ لهيبُكَ يا وطني بين الجُنْحينِ
ولا هَمساتُ الماءْ!!
من دونِ دليلٍ يُقفرُ من وقْعِ خُطاكَ البحرُ
ويجفُلُ رملُ الصحراءْ.
ويجسُّ الملحُ جروحَكَ، يتهامسُ بينَ الفخِذَين
: أيملكُ ما يُخصِبُ هذا الرحِمَ المعطوبا؟!
هل تُنْجِبُ منه الأرضُ سُلالَتها،
فتُضيءُ بفارِسها الظلماءْ؟!
وتمرُّ ظلالُكَ، تلمسُني، فتُعمِّدُني
وتُعيدُ الجسدَ الهاربَ من رمْضائكَ مصلوبا.
يا وطني الهاربَ خُذني دون هُويّة
كشفَ العرّافُ دمي الكاذِبْ.
أتأبّطُ شراً،
أُبصر، حيثْ مشيتُ، القاتلَ في جَسدي،
وأنا المقْتولْ.
يا وطني الهاربَ خُذني، فأنا مثلكَ هاربْ
عاشرني الحبُّ فضيَّعني،
لكنّي لم أُلقِ الحبلَ علي الغارِبْ،
لم أمسحْ عن عتباتِ البابِ حصى الغائبْ.
يا وطني خُذني، جَمعَ الشرقُ حوافِرَهُ
وتخطّي كل عِنانٍ مخذولْ.
وبكيتُ عليك؛ ومن خللِ الدمع بكيتُ
لأني
لا أجْهلُ أنّ القدمَ العاثر فيكَ
هو القدمُ المهزولْ.
2
مِنْ أينْ
لكَ هذا الحزنُ.
وهذا الفرَسُ الجامحُ في العيْنينْ؟!
منْ أينَ لك الصَبواتُ الخضراء،
يا من غرَّبتَ وضاعتْ
كلُّ عواصمِ خُطواتِكَ بينَ القدمينْ؟!
وتركتُكَ، في حلُمي، ومشيتُ، أمسحُ أذيالي
بغصونِ الفرحة، أتوحّدُ فيها
وركضتُ، ركضتُ
كأنَّ الفرحَ يجاذِبُ أعماقي فيُعرّيها!
كمْ كانَ جميلاً أنْ أمحو
من أثَري الخطوةَ وأفوتُ،
أتنشَّقُ سِحرَ ضياعي، وأغنّي:
يا وطني، الغُربةُ، يا وطني
تمرٌ… ورغيفٌ … وأموتُ .
فوزي كريم الطائي (1945 – 17 مايو 2019)
شاعر، ورسام، وصحفي عراقي بارز. وُلد في بغداد عام 1945، وتخرّج في قسم اللغة العربية بكلية الآداب، جامعة بغداد، سنة 1967. عمل مدرسًا ...