قِفْ يَا فَخَارُ، وَفِي الْقَرِيضِ تَأَهَّبِ

إِنِّي لِفَخْرِ بَيْرُوتَ خِطَّةُ كَاتِبِ

قُمْ يَا فَخَارَ الشِّعْرِ، وَاجْهَرْ مُعْلِنًا

فِي مَوْكِبِ الْأَحْرَارِ جُرْحَ الْكَوَاكِبِ

بَيْرُوتُ مَهْدُ الشَّمْسِ، عَرْشُ مَجْدِهَا

أُمُّ الْمَدَائِنِ فِي الدُّنَا وَالْمَذَاهِبِ

إِنْ كُنْتَ تَفْخَرُ بِالْحُسَامِ وَمَوْقِعٍ

فَالْعِزُّ فِي بَيْرُوتَ يَعْلُو الْمَرَاتِبِ

هُنَا الشُّمُوخُ تَرَاهُ فَوْقَ جَبِينِهَا

وَالنُّورُ يَلْمَعُ فِي الْعُيُونِ النَّوَاصِبِ

يَا زَهْرَةَ الْأَزْمَانِ فِي حُسْنِ الْهَوَى

فِيكِ الْجَمَالُ مُسَافِرٌ كَالْكَوَاكِبِ

وَشَاطِئٌ يَرْوِي لِلْمَدَى حِكَايَةً

وَالْبَدْرُ فِي لَيْلَاكِ أَبْهَى الْمَآرِبِ

وَهَبَكِ الْجَمَالُ سِحْرَهُ مُتَفَرِّدًا

كَتْبُ الْبَدِيعِ مَضْرَبًا لِلْمَرَاتِبِ

يَا دُرَّةً تُشْرِقُ عَلَى كُلِّ الْوَرَى

تُزْجِي الْحَيَاةَ بِفَيْضِ عِطْرٍ وَصَائِبِ

بَيْرُوتُ، يَا مُلْهِمَةَ الصَّبْرِ، الَّتِي

حِينَ النَّوَائِبِ لَمْ تَمَلَّ الْمَصَاعِبِ

ثَارَتْ كَرِيَاحِ الْحَقِّ ضِدَّ عَدُوِّهَا

حَتَّى انْحَنَى الطُّغْيَانُ بَيْنَ الْمَخَالِبِ

دَمْعُكِ يَا بَيْرُوتُ أَغْلَى جَوْهَرٍ

يُهْدِي الْكَرَامَةَ فِي الدُّرُوبِ الْعَجَائِبِ

لَمْ يَنْحَنِ مِنْكِ الْجَبِينُ بِرَغْمِ مَا

جَرَّتْهُ أَيَّامُ الْمَآسِي الْغَوَالِبِ

بَيْرُوتُ، فِيكِ الْمَجْدُ يَكْتُبُ سِفْرَهُ

وَالدَّهْرُ يَقِفُ مُبْهَتًا دُونَ كَاتِبِ

يَا مَنْبَرَ الْأَحْرَارِ، مِنْ كُلِّ الثَّرَى

قَامَتْ بِكِ الدُّنْيَا عَلَى كُلِّ جَانِبِ

فَارْفَعِي الرَّايَاتِ عَالِيَةً، فَمَا

لِلذُّلِّ فِيكِ مَقَامُ سَيْفٍ وَضَارِبِ

بَيْرُوتُ، يَا قَلْعَةَ الْحَضَارَاتِ، الَّتِي

أَعْيَا جَمَالَهَا وَصْفُ أَهْلِ الْمَذَاهِبِ

يَا لَحْنَ أَجْيَالٍ عَلَى مَرِّ الْمُنَى

تُزْرِي بِعُنْفِ الرِّيحِ صَوْتَ النَّوَادِبِ