فِي الْبُعْدِ أَشْرَعَ فِي دَمِي تِيهُ النَّوَى
وَتَفَجَّرَتْ مِنْ غُرْبَتِي الْأَهْوَاءُ
لَا تَسْأَلِينِي كَيْفَ أَحْيَا بَعْدَهُمْ
فِيَّ اشْتَعَلْتُ، وَهَدَّنِي الْإِرْجَاءُ
أَمْشِي، وَكَأَنَّ الْأَرْضَ تَرْفُضُ ظِلَّتِي
حَتَّى الْمَدَى يَشْتَاقُ أَنْ يُفْنَى هَوَاءُ
سَارَةُ، وَيَا وَجَعَ الزَّمَانِ إِذَا غَفَتْ
عَنِّي الْعُيُونُ، وَهَاجَنِي الْإِخْفَاءُ
يَا مَنْ سَرَى مِنْ وَجْهِهَا لَيْلُ الْأَسَى
هَلْ فِي فُؤَادِي غَيْرُكِ الْأَنْوَاءُ؟
نَفْسِي تَذُوبُ إِذَا تَذَكَّرْتِ الْهَوَى
وَتَثُورُ حِينَ تَمُرُّكِ الذِّكْرَاءُ
أَبْكِي، وَكَمْ فِي الدَّمْعِ سِرٌّ خَائِفٌ
وَكَأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ حُزْنَ الْبَكَّاءُ
مَنْ أَنْتِ؟ أَيُّ النَّارِ سُكْنَاكِ الَّتِي
فِيهَا تَضُوعُ فِتْنَتِي وَالضَّاءُ؟
غَابَتْ، فَغَابَ الْكَوْنُ عَنِّي كُلُّهُ
وَكَأَنَّنِي بِجُمُودِهِ أَشْكَاءُ
مَا كُنْتُ أَرْجُو غَيْرَ نَظْرَةِ رَحْمَةٍ
فَإِذَا بِهَا فِي غَيْهَبٍ خَرْسَاءُ
فِي الْبُعْدِ قَامَتْ بَيْنَنَا أَحْقَادُهُمْ
فَتَقَطَّعَتْ مِنْ حُبِّنَا الْأَنْوَاءُ
وَلَقَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكِ مِنْ وَجْدِي دَمًا
فَسَرَى، وَفِيهِ تَوَهُّجٌ وَرَجَاءُ
وَتَلَفَّحَتْ بِي غُرْبَتِي حَتَّى غَدَتْ
جَسَدِيَ الْخَوَاءُ وَدَمْعَهُ الْإِنْشَاءُ
هَلْ تَسْمَعِينَ إِذَا تَنَفَّسْتُ الْأَسَى؟
فِي شَهْقَتِي أَزْفَرَتِ الْأَسْمَاءُ
أَوَاهُ، إِنَّ الْحُبَّ بَاتَ جَحِيمَهُ
أَنِّي أُحِبُّ، وَلَسْتُ فِيهِ أُرَاءُ
تَأْتِينَ فِي وَهْمِي، وَأَصْرُخُ: سَارَةٌ!
فَيَسِيلُ مِنْ صَمْتِي دَمِي، وَيَشَاءُ
وَاللَّهِ مَا فُتِنَ الْحَنِينُ كَفِتْنَتِي
فِيكِ، وَلَا نُسِجَتْ بِهَا الْأَهْوَاءُ
إِنِّي لَأَعْرِفُ فِي الْغِيَابِ نِهَايَتِي
لَكِنَّ فِيهَا يُولَدُ الْإِحْيَاءُ
يَا وَيْحَ قَلْبِي كَمْ تَعَمَّدَ غُصَّةً
كَيْ لَا يُقَالَ: الْحُبُّ فِيهِ شَقَاءُ
سَارَةُ، وَاسْمُكِ حِينَ يَخْطُرُ خَاطِرِي
تَنْسَابُ فِي شِرْيَانِي الزَّفْرَاءُ
1557
قصيدة