الديوان » العصر المملوكي » البوصيري » أمدائح لي فيك أم تسبيح

عدد الابيات : 57

طباعة

أمَدائِحٌ لِي فِيكَ أمْ تَسْبِيحُ

لوْلاكَ ما غَفَرَ الذنوبَ مَدِيحُ

حُدِّثْتُ أنَّ مَدَائِحي فِي المصطفى

كفَّارَةٌ لِيَ وَالحَدِيثُ صَحِيحُ

أرْبِحْ بِمَنْ أهْدَى إليه ثَنَاءَهُ

إنَّ الكريمَ لَرَابِحٌ مَرْبُوحُ

يا نَفْسُ دُونَكِ مَدْح أحْمَدَ إنَّهُ

مِسْكٌ تَمَسَّكَ ريحُهُ والرُّوحُ

وَنَصِيبُكِ الأوْفَى مِنَ الذِّكْرِ الذي

منه العَبيرُ لِسَامِعِيهِ يَفوحُ

إنَّ النبيَّ محمداً مِنْ رَبِّه

كَرَماً بكلِّ فضيلةٍ مَمْنُوحُ

اللَّهُ فَضَّلَهُ وَرَجَّحَ قَدْرَهُ

فَلْيَهْنِهِ التَّفْضيلُ وَالتَّرْجِيحُ

إنْ جاءَ بعْدَ المُرسلينَ فَفَضْلُهُ

مِنْ بعدِه جاءَ المَسيحُ وَنُوحُ

جاؤُوا بِوَحْيهِمُ وَجاءَ بِوَحْيِهِ

فكأنَّه بين الكواكبِ يُوحُ

أنّى يُكَيِّفُها امرؤٌ وَيَحُدُّها

بالقولِ وهْيَ لِذَا الوُجُودِ الرُّوحُ

رَدتْ شهادَتَهُ أناسٌ ما لهمْ

طَعْنٌ عليه بها ولا تَجْرِيحُ

ولقدْ أتى بالبيّناتِ صَحِيحَة

لو أنَّ ناظِرَ مَنْ عصاهُ صحيحُ

عَرَفُوهُ مَعْرِفَةَ اليَقِينِ وأنْكَرُوا

إنَّ الشَّقِيَّ إلى الشقاء جَموحُ

فأَبَادَ مَنْ أبْدَى مُخَالَفَة لهُ

فالسَّيْفُ مِنْ تَعَبِ الخِلافِ قَرِيحُ

وَجَلا ظلامَ الظُّلْمِ لَمَّا أوْمَضَتْ

وَمَضَتْ لديْه صحائفٌ وَصَفيحُ

شيئانِ لا يَنْفِي الضلالَ سِواهُما

نُورٌ مُفاضٌ أوْ دَمٌ مَسْفُوحُ

عَجَباً لَهُم لِم يُنْكِرُونَ نُبُوَّةً

ثَبَتَتْ وَلم يُنْفَخْ بآدَمَ رُوحُ

ما لي اشْتَغَلْتُ بِزَجْرِهِمْ فكأنني

بينَ الطَّوائفِ طارقٌ مَنْبُوحُ

لا تُتْعِبَنَّ بِذِكْرِهِمْ قَلْبَاً غَدا

ولهُ بِذِكْرِ مُحمَّدٍ تَرْوِيحُ

وَانْشُرْ أحاديثَ النَّبيِّ فكلُّ ما

تَرْوِيهِ مِنْ خَبَرِ الحَبيبِ مَليحُ

وَاذكُر مَناقِبَه الَّتي أَلفاظُها

ضَاقَ الفضاءُ بِذِكرِها وَاللوحُ

أَعَجبتَ أنْ غَدَتِ الغمامةُ آيَةً

لِمُحَمَّدٍ يَغْدُو بها وَيَرُوحُ

أو أن أتَتْ سَرْحٌ إليه مُطِيعَةً

فكأَنَّما أتَتِ الرِّياضَ سُرُوحُ

ولِمَنْبَعِ المَاءِ المَعِينِ براحَةٍ

رَاح الحَصَى وَلهُ بها تَسْبيحُ

أوْ أنْ يحِنَّ إليه جِذْعٌ يابِسٌ

شَوْقاً وَيَشْكُو بَثَّهُ وَيَنُوحُ

حتى دَنا منه النبيُّ وَمَنْ دَنا

منه نأَى عَنْ قَلْبِهِ التَّبْريحُ

وَبأنْ يُكَلِّمَهُ الذِّرَاعُ وكيفَ لا

يُفْضِي إليه بِسِرِّهِ وَيَبُوحُ

وَبِأنْ يَرَى الأعْمَى وَتَنْقَلِبَ العَصا

سَيْفاً وَيَحْيا المَيتُ وهْوَ طَرِيحُ

وَبأنْ يُغاثَ الناسَ فيه وقد شكَوْا

مَحْلاً لِوَجْهِ الأرضِ منه كُلُوحُ

وَبأنْ يَفِيضَ لهُ وَيَعْذُبَ مَنْهَلٌ

قَدْ كانَ مُرَّاً ماؤُه المَنْزُوحُ

يا بَرْدَ أَكْبادٍ أصابَ عِطاشَها

ماءٌ بِريق مُحَمَّدٍ مَجْدُوحُ

صَلّى عليه اللَّهُ إنَّ صَلاتَهُ

غَيْثٌ لِعِلَّاتِ الذُّنوبِ مُزِيحُ

أسْرَى الإله بِجِسْمِهِ فكأنهُ

بَطَلٌ عَلَى مَتنِ البُرَاق مُشِيحُ

وَدَنَا فلا يَدُ آمِلٍ مُمْتَدَّةٌ

طَمَعَاً وَلا طَرْفٌ إليهِ طَموحُ

حتى إذا أوْحَى إِلَيهِ اللَّه ما

أَوحى وحانَ إِلى الرُّجوع جُنوحُ

عادَ البُراقُ بهِ وَثَوْبُ أديمِهِ

لَيْلاً بماء حَيائِه مَنْضوحُ

فَذَرُوا شَياطِينَ الأُلى كَفَرُوا به

يُوحُوا إليهم ما عسَى أنْ يُوحوا

تاللَّهِ ما الشُّبُهاتُ مِنْ أَقوالِهِمْ

إِلَّا كما يَتَحَرَّكُ المَذْبُوحُ

كمْ بَيْنَ جِسْمٍ عَدَّلَتْ حَرَكَاته

رُوحٌ وَعُودٍ مَيَّلَتْهُ الرِّيحُ

وَلا النَبيُّ مُحَمَّدٌ وَعُلُومُه

لَمْ يُعْرَفِ التَّحْسِينُ وَالتَّقْبِيحُ

عَقَدَ الإلهُ به الأُمورَ فَلَمْ يَكُنْ

لِسِواهُ إمْسَاكٌ وَلا تَسريحُ

ضَلَّ الَّذينَ تَأَلَّهوا أحبَارهم

ليُحَرِّمُوا وَيُحَلِّلُوا وَيُبِيحُوا

يا أمَّةَ المُختار قَدْ عُوفِيتُمُ

مما ابْتُلُوا وَالمُبْتَلَى مَفضوحُ

فاسْتَبْشِرُوا بِشِرا الإِله وَبَيْعِكمْ

منه فميزانُ الوفاءِ رَجِيحُ

وتَعَوَّضوا ثَمَنَ النُّفوس مِنَ الهدَى

فمِنَ الهُدَى ثَمَنُ النُّفَوسِ رَبِيحُ

يا منْ خَزَائِنُ جُودِهِ مملوءَةٌ

كَرَماً وبابُ عطائِه مَفْتُوحُ

نَدْعُوكَ عَنْ فَقْرٍ إليكَ وحاجَةٍ

وَمَجَالُ فضلِكَ لِلْعُفَاةِ فَسِيحُ

فاصْفَحْ عَنِ العَبْدِ المُسِيءِ تَكَرُّماً

إنَّ الكريمَ عَنِ المُسِيءِ صَفُوحُ

وَاقبلْ رسولَ اللَّهِ عُذرَ مُقَصِّرٍ

هُوَ إنْ قَبِلْتَ بِمَدْحِكَ المَمْدُوحُ

فِي كلِّ وَادٍ مِنْ صِفَاتِكَ هائمٌ

وَبِكلِّ بَحْرٍ مِنْ نَدَاكَ سَبُوحُ

يَرْتاحُ إنْ ذُكِرَ الحِمَى وعَقِيقه

وأراكُه وثُمامُه والشِّيحُ

شَوْقاً إلى حَرَمٍ بَطَيْبَةَ آمِنٍ

طَابَتْ بذلكَ رَوْضَةٌ وضرِيحُ

إني لأرْجُو أنْ تَقَرَّ بِقُرْبِهِ

عَيْني ويُؤْسَى قَلْبِيَ المَجْرُوحُ

فاكْحَلْ بِطيْفٍ منه طَرْفاً جَفْنُه

بِدُمُوعِهِ حتى يَرَاهُ قَرِيحُ

فلقدْ حَباني اللَّهُ فيكَ مَحَبَّةً

قَلبي بها إلا عليكَ شَحِيحُ

دَامَتْ عَلَيك صلاتُه وسلامُه

يَتْلُو غَبُوقَهُمَا لَدَيْكَ صبُوحُ

ما افْتَرَّ ثغْرٌ للأَزاهِرِ أَشْنَب

وانْهَلَّ دَمْعٌ للسَّحَابِ سَفُوحُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن البوصيري

avatar

البوصيري حساب موثق

العصر المملوكي

poet-al-busayri@

59

قصيدة

4

الاقتباسات

377

متابعين

محمد بن سعيد بن حماد الصنهاجي البوصيري، شاعر مصري من أصل أمازيغي، اشتهر بمدائحه النبوية، وُلد عام 1213م في قرية دلاص بمحافظة بني سويف، وتوفي عام 1294م في الإسكندرية.قصيدة البردة: ...

المزيد عن البوصيري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة