الديوان » العصر المملوكي » ابن الأبار البلنسي » ولا ودعوا يوم النوى جارة الحمى

عدد الابيات : 80

طباعة

وَلا وَدّعُوا يَومَ النوَى جارَةَ الحِمَى

وَلا أَطمَعُونِي فِي الوُصولِ إِلَى دَعدِ

وَلا عَلَّلُوا مِن عِلَّةِ البَينِ وَالأَسَى

أَسِير الأَمانِي فِي هَوان مِن القَيدِ

فَيا هَلْ يَلذُّ العَيشُ مِن بَعدِهم وَهَل

تَعودُ الليالِي بِالقَديمِ مِنَ الودِّ

وَهَل تَسمَحُ الأيامُ بِالوَصلِ بَينَنا

وَبَينَ المُنَى أَم لا يَفِي الدَّهرُ بِالعَهدِ

فَمَن لِي وَلَو بِالطيفِ فِي عالَمِ الكَرَى

يُخبرُ عَنْهُم مَا يُقالُ عَلَى هِندِ

أَتَذْكُر دارَ عِزِّها عزَّةَ البَها

فشعش نَفْساً ودُّهَا صادِق الوَعدِ

فَلَيْتَ صَدِيقاً يُنبِئُ الحَيَّ عَنْهُم

بِأَنَّ صدُوقَ الوَجدِ حَدَّثَ بِالعَهدِ

وَمَنْ ليَتيم الدَّهرِ أَصْبَحَ باكِياً

عَلَى ثَدْي أُمّ باكٍ وَهوَ فِي المَهدِ

تَقولُ تَجلَّدْ لا تَمُت كَمَداً لَها

وَصَبْرِي عَنْها حائِرٌ وَهْيَ فِي لَحدِ

فَكَيفَ يَطِيبُ العَيشُ وَالصَّبرُ مَيِّتٌ

وَكَيفَ يُفيدُ العَذْلُ فِي غَمْرَةِ الصَّدِّ

تُوبِخني الأَحْداثُ وَالشَّيْخُ عاذِرِي

عَلَى سَفَهٍ فِي الحلْمِ يَا حَسْرَتِي وَحْدِي

فَكَم أَشْمَتَتْ بِي العِدا مِن عِداتِها

مَوَاعِد عرْقُوب أَخا الطمَعِ المُردِ

وَمَا أَشعَبِي الخِلالِ إِلا كَباسِط

لِيَشرَبَ راحاً بِالإِشارَةِ فِي الوَهدِ

وَكَيفَ بُلوغُ الماءِ وَالكَف رازِم

إِلَى فَم ظامٍ لا يَعبُّ مِنَ العَدِّ

فَواضَيْعَة الأَعمارِ فِي غَيرِ حاصِلٍ

وَيا خَيبَة الأَعمارِ مِن طائِلِ الرفدِ

وَوَاعَجَبِي مِن خُلْفِ وافٍ بِعَهدِهِ

وَمن عَثرَة المَخْدُوعِ لَم يَسلُو بِالرَّدِ

إِذا ما يُنادِي الناسُ قامَ بِلا دُعا

طُفَيْلِيَ أَعراس يخب وَقَدْ يَردِي

تُعَنِّفُهُ الردادِ فِي غَيرِ مَرَّةٍ

وَلا يَنْثَنِي عَنْ بابِهِم ساقِطَ الوَغدِ

فَما حيلَةُ المَخْبولِ مِن أَصلِ خلقِهِ

عَلَى الطمَعِ الفَضَّاحِ وَالسفَه الفنْدِي

أَبَعْدَ امتِحان الدَّهْرِ يَجْمُلُ بِالفَتَى

ركُون إِلَى الأَوهامِ أَو حلم تُرْدِي

وَقَدْ شابَ قَرْنِي وَالشبابُ مُوَدع

وَشَيبتُ قَرْنِي فِي الكُهُولِ وَفِي المُردِ

وَقَد حَكَّنِي الدَّهرُ المُهَذَّب صَرْفه

يؤدِبُني كَالطفْل فِي مَكْتب الجدِّ

وَذَوَّقَنِي بَعْد الحَلاوَةِ قَارِسا

وَمُرّاً وَبَعْد العِزِّ ذُلا علَى فَقدِ

فَأَصبَحْتُ خَلْفَ الأنْس فِي وَحْشِ غُرْبَتِي

أكابِد مَا يَلْقَى بِها الحائِر المكدِي

وَأغرَب شَيء فِي الحِكَايَةِ سُغْتُه

لِتَذْكيرِ نَاس مَا أضل مِن الميدِ

وَكُنْتُ حَسبت التيس مِن سُوء غِرَّتِي

وَشِبْه الخصا بِالضرْعِ عَنْزا عَلَى بُعدِ

فَلَما أقَمت التيس للحَلبِ واستَوى

قَرِيباً مِن القربي تَيقنْتُ بِالضدِ

وَمِن عَجَبِ الأَشياءِ فِي الوَقْتِ طالِح

وَشَاخَ مَعَ الصُّلاحِ لَولاي بِالكَيدِ

أَلَيْسَ مِن البُهتانِ كَوْنُك صالِحاً

وَتَطوِي لِشقِّ الدينِ كَشحا عَلَى حَقدِ

وَمَنْ يَحتَطِب كُل الشظَايَا لِبَيتِهِ

يَجِد فِي زَوَايا البَيْتِ سَقْطا مِن الزندِ

فَمَا عُذْر جَافٍ لا يُبَاكِر فِي الرِّضَى

إِلَى خَيْرِ وَافِ لا يَبِيتُ عَلَى حَردِ

وَكَمْ بتُّ وَالأَفراحُ فِي غُرفَاتِنَا

إِلَى أَن تَجَلى الصُّبح فِي صُورَةِ الخودِ

وَعانَقَتْ أَبكَارُ الحُبور مِن الصفَا

وَبَاكَرَتْ أَقدَاحُ الحُضورِ مِن الوَجْدِ

كَأَن لَمْ يَكُنْ فِي الرَّكبِ حاجِبُ عَينِهِ

وَلا جَاءَ مِن غَرْبِ الهَوَى ناشِر البندِ

وَلا جالَ فِي شَرْقِ الهَوَى مَشْرِق الضحَى

وَلا قالَ فِي ظِلِّ العُلا شامِخ الطَّودِ

وَلا اعْتمَّ فِي صَدْرِ المَجَالِسِ مالِك

وَلا حاتِم الأَضيافِ فِي لَيْلَةِ البَردِ

وَلا قَيْس حُب أَو مَفاخِر دارِم

وَلا قَس لب قَطُّ أَو طَرفة العَبدِ

وَحَسبِيَ مِن ذِكْرِ الفخَارِ عَلَيهِم

بِأَنِّي فِي الأَشهادِ خاتِمَة العَدِّ

فَإِن أَنَّبتنِي سُوقة وَتَعَنَّتَت

عَلي وَظَنت رِيبَةً أَلسنُ النقدِ

فَما عَلِمُوا أَنِّي الجَوادُ بِنَفْسِهِ

وَكَيفَ يَغرّ المالُ عيسَى مِنَ الزُّهدِ

وَلا علم العَميان والفَجْر صادِق

بِأَن الضُّحَى يَمتَد لِلسالِكِ الفَردِ

فَأَيْنَ يَكونُ الباغِي مِن حُر يَومِه

وَأَنَّى يُقِيل الطاغِي فِي قيعٍ جُردِ

فَلا تَعْجَبا مِما انْثَنَى عَطْف حَاسِد

يُكابِرُ كَيْداً وَهوَ كَالقاذِفِ الشهدِ

فَما غَيَّر البَحرَ وَالفُراتَ مزاحِمٌ

عَلَى مَضَض وَالعَذْبُ فِي حَجَرٍ صَلدِ

وَلا ضَار شَمساً أشْرَقَت منكر الضُّحى

وَلا جَحْدُ جافٍ لِلبُدورِ مِن الرُّمدِ

إِذا اتَّسَقَت فِي الفَرْعِ وَالأَصلُ طَيِّبٌ

فُنُونُ النَّدَى وَالطبْعُ شهْدٌ مَعَ الزُّبدِ

فَذاكَ كَمال الفَضْلِ وَالنبْل شاهِد

لِيَقْضِيَ بِالقُسْطَاسِ وَالٍ بِلا كَيدِ

أَتُخزَى بَنو العَبَّاسِ وَالمَجْدُ فيهِمُ

وِرَاثَة جَدّ لا شِراءَ عَن الجدِ

وَتَعلُو بَنُو الأَوباشِ دُونِيَ فِي المَلا

وَلا تَرْعَوِي عَنْ غَيِّها شِيعَة القردِ

وَماذَا عَلَيَّ فِي الحُثالَةِ قادَها

إِلَى حَتفِها المَغرُور بِالبَطلِ الجدِّ

وَفِي خَبَل خَتمُ السُّلافَةِ بِالصَّفَا

وَحَبْلُ الوَفا بِالعَهدِ يَجرِي مَعَ الأَيدِي

وَمَازالت السَّمحاء يَنْهل مزنُها

بِكُلِّ سَبِيل مِنْهُ شرْبٌ لِذي ذودِ

وَقَد تنجِد الأَنْوَاء وَاليَأسُ غالِب

عَلَى أَمَل عَيْشَا مِن الأَزدِ

وَيَنْشَقُ عَن فَجْر مِن الفَرَجِ الدُّجَى

وَيَنْجابُ فِي عَصْر ضَبابُ الهَوي الوَردِ

وَفِي سُوقِ أَربَابِ البَلاغَة وَالنُّهى

سَمِين وَغَث منتَقَى العندِي

وَمن عِنْدِيَاتِ المَرْء حُبلَى وَسَاقِط

وَمِنها السها وَالبَدر فِي نَظَرِ الحدِّ

وَلا يَضْربُ الأَمثالَ إِلا لِجهبذ

حَكِيمُ الأَيادِي فِي قَوافِي الفَتَى الأيدِي

وَمِن عَجَب الأَيامِ فِي كُلِّ مَطلَع

تَلَوُّنُها كَالقَوْل يأتِيكَ بِاللدِ

وَمَا أَحمَد الأَحوالِ إِلا كَقابِض

عَلَى جَرة بِالكَف من ساعد السعدِ

وَعِندَ الجهينِي فِي الحِكايَةِ مخْبر

يَقِينِي كَرَأْيِ العَينِ مِن حازِم الكردِ

تَحَجَّبَ فِي بَيتِ الحُكومَةِ قاسِط

وَوَاكف عَدل فِي القَضا هاتِن الرعدِ

وَلَو عَلِمَ المرتاب مَا يَعقُب الجَفا

لأَرْبابِهِ لاقتَصَّ مِن نَفسِهِ يَفدِي

وَلا صَدَّ عَن بابِ الإِشارَةِ قاسِط

مُفِيض الثنا فِي الأَرضِ كالعارِض الحدِّ

فَأَصبَحَ مِن وَقعِ الهتُون عَلَى الرُّبى

عَزِيزُ بِنَاء الجُدرِ فِي ذِلة الهدِّ

وَقامَ خَطيبُ الجمعِ فِي جامِع الصفَا

عَلَى منبَرِ التمكِينِ يَدعُو إِلَى الرشدِ

فَشابَ لَها قَرن الوَليدِ وَلَم تفد

مَعاقِلُ مَنع دونَها فاتِكُ الأسدِ

هُنالِكَ لا يَنجُو مِن الهَولِ هالِك

تَحصن مِن رَيبِ الحَوادِثِ بِالرَّصدِ

فَيا حَسرَة المَسبُوقِ وَالوَيل لازِب

لِمُنخَدِعٍ مِن فَتكَةِ الأَسَدِ الوَردِ

وَما وزر المَغرور إِلا سَحابَة

تَظَلُّ قَلِيلاً ثُمَّ يضحَى عَلَى وَقدِ

وَقَد تَصدق الأَحلام وَالظن كاذِب

وَلَيسَ كَرَأيِ العَينِ مِن خَبَرٍ عندِي

وَأَجمَل شَيء فِي العُلا عَفو قادِر

عَلَى مُذنب لَم يَقتَرِف زِلة الجَحدِ

وَمن ساوَرَ الضرغام أَصبَح باكِيا

عَلَى فَقدِهِ مَحبُوبه حينَ لا يُجدِي

فَلِلَّهِ دَرّ الطائِي فِي قَولِه وَقَد

أَجادَ وَقاس الجود بِالصاعِ وَالمدِّ

وَإِنِّي لعَبْد الضَّيف ما دامَ ثاوِيا

وَما بِيَ إِلا تِلكَ مِن شِيمِ العَبدِ

فَلا يَطمَع المَخذُول فِي عَفْو ماجِد

إِذا سامَهُ بِالمَكْرِ أَو نَخوَة الندِّ

أَتَرْضَى بِبُخْسِ الفَخرِ فِي مَوقِف النُّهى

وَسوق النُّهَى مَا بَينَ راخ وَمُشْتَدِّ

وَمِن كَرَم الحُرِّ الكَريم دِفاعُهُ

أَكُف الدَّنايا عَن جوارِه كالزَّردِ

فَلا يُحْمدُ الأَكْرامُ بِالصَّبْرِ فِي الرَّدَى

وَلا يُجْلدُ الضّرْغامُ كالكَلبِ بِالقَدِّ

وَمَن قاسَ بِاللَّيْثِ الكَبيرِ أُضَيْبِعا

فَسَوفَ يُريهِ الشّبْل مَا صارَ فِي الفَهْدِ

وَقَد يصْطَلِي المَحمُومُ وَاليَومُ صَائِف

وَلا يَشْعُرُ المَسْمومُ بِالضُّرِّ فِي الصَفْدِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ابن الأبار البلنسي

avatar

ابن الأبار البلنسي حساب موثق

العصر المملوكي

poet-ibn-alabar@

253

قصيدة

1

الاقتباسات

39

متابعين

محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعي البلنسي أبو عبد الله. من أعيان المؤرخين أديب من أهل بلنسية بالأندلس ومولده بها، رحل عنها لما احتلها الإفرنج، واستقر بتونس. فقربه ...

المزيد عن ابن الأبار البلنسي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة